مدونة المعارف

31‏/03‏/2014

القصيدة الناصحة في أمور حياتية دينية ودنيوية للألبيري

منظومة الالبيري. بأداء رائع جدا

تفت فؤادك الأيام فتا

التفاؤل من أخلاق الإسلام

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ثم أما بعد
ففي هذه الأوقات التي تمر بها امتنا الإسلامية وأوطاننا الغالية في الداخل والخارج من فتن متعاقبة وتحديات عصيبة تهدف إلى إحباط نجاح المشروع الاسلامى ووقف تحقيق النهضة المنشودة في بلادنا حيث نرى فى داخل كل بلد مسلم من العقبات والمشكلات الكثيرة والكثيرة التي لا تنتهي والتي يقصد بها عرقلة مسيرة ركب الحرية والاستقرار, فها هي بلدنا مصر نرى ونلاحظ كثرة التحديات التي ورثها الشعب من النظام المستبد البائد سواء كانت تحديات أخلاقية أو اقتصادية أو ثقافية أو سياسية وكذلك ما نراه من محاولات الاعتداءات المتكررة للعدو الصهيوني تجاه إخواننا المستضعفين في فلسطين المباركة مع صمت العالم وتخليه عن نصرة هذه القضية وأيضا ما نراه ويشاهده العالم من المجازر الوحشية التي يقوم بها سفاح سوريا ضد شعبه الأبيّ .كل هذه التحديات قد تدفع بشعور من اليأس والقنوط في نفوس أبناء هذه الأمة فيكون لسان حالهم لا أمل في التغيير ولن يجد الإصلاح له طريقا وسنظل على ما نحن عليه .هذا الشعور إن وجد فهو شعور غير مقبول لأن الأمة الإسلامية ما ينبغي أن يعرف اليأس لها طريقا وإن ديننا الحنيف دين يربى أتباعه على الأمل وعلى النهضة الشاملة قدوتنا في ذلك رسول الله صلى عليه وسلم .
تعالوا بنا لنتعلم ونتذاكر خلق التفاؤل.
ما هو التفاؤل:- تفاءل :تيمّن به ,والفأل قول أو فعل يستبشر به "المعجم الوجيز" أما عن معنى التفاؤل ببساطة فيعنى الأمل ,وهو نظرة مستبشرة نحو الغد وتوقع الأفضل دائما ,وضد التفاؤل :التشاؤم , والتشاؤم هو اليأس والفشل ,فالمتفائل قرينه النجاح أما المتشاءم فقرينه الفشل والعجز ,ورسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من العجز.
الادلة من القران على التفاؤل
وردت آيات كثيرة تحث على التفاؤل وتدعو إليه قال تعالى"فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"18 يوسف. قال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار(فصبري صبر جميل لا يشوّه جماله جزع اليائسين من روح الله القانطين من رحمة الله ولا الشكوى إلى غير الله). "قال كلا إن معي ربى سيهدين "62الشعراء. يعلق الشهيد سيد قطب فيقول ( لكن موسى الذي تلقى الوحي من ربه لا يشك لحظة وملء قلبه ثقة بربه واليقين بعونه والتأكد من النجاة وان كان لا يدرى كيف يكون فهي كائنة والله هو الذي يوجهه ويرعاه ,قال كلا فى شدة توكيد كلا لن نكون مدركين كلا لن نكون هالكين كلا لن نكون مفتونين كلا لن نكون ضائعين).

"لا تحزن إن الله معنا"40التوبة .عن ثابت بن انس أن أبا بكر حدثهم قال: بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار وأقدم المشركون فوق رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أن احدهم رفع قدمه أبصرنا فقال :" يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " وهكذا كان التفاؤل في حياة الصالحين ملازما لهم .
الأدلة من السنة على التفاؤل
عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفال الصالح الكلمة الحسنة )متفق عليه .فالإسلام يرفض التشاؤم لأنه سمت المنهزمين ويدعو الى التفاؤل الحسن لأنه حال المنتصرين . وقال صلى الله عليه وسلم) التفاؤل من الرحمن والتشاؤم من الشيطان ) بل إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن رسالتنا هي رسالة التفاؤل الحسن رسالة التبشير بالخير وليس التنفير رسالة اليسر لا رسالة العسر عن أبى هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (فإنما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا معسرين )البخاري.بل إن الله عز وجل يتعامل مع خلقه على قدر تفاؤلهم وظنهم بالله فمن حسن ظنه بالله واستبشر بالخير وأيقن أن الله يقدّر له الخير كان له من الخير على قدر ظنه بالله ,ومن ظن بالله غير ذلك كان له أيضا على مثل ما ظن به في الله .قال تعالى :في الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بى إن ظن بى خيرا فله وان ظن بى شرا فله "مسلم .وبهذه الأدلة يتبين لنا إن التفاؤل خلق وعبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل بل هو سمت الأنباء والمرسلين والصالحين من أممهم وانه حال المؤمنين وعلى قدر الإيمان يكون التفاؤل فلنحرص على زيادة الإيمان بالله في كل وقت.
من صفات النبي صلى الله عليه وسلم التفاؤل
فمن الصفات النبيلة والأخلاق العظيمة التي تمثلت في سيد الخلق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خلق التفاؤل فلقد كان صلى الله عليه وسلم متفائلا في كل أحواله. في وقت عسره ويسره وسلمه وحربه ولقد ضرب صلى الله عليه وسلم أروع المثل للأمة في حسن الظن بالله والثقة في موعوده ففي أشد الأزمات يبشر المؤمنين بالفتح .
- ففي غزوة الأحزاب حيث تحالف الأحزاب ونقض اليهود للعهود ومحاصرة المدينة من فوق ومن تحت كما ذكر القران"إذ حاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا"ويحاول المنافقون دسّ روح الفتنة والشك وسوء الظن في الله وفى رسوله صلى الله عليه وسلم,وفي هذا الجو المخيف والمسلمون يحفرون الخندق إذا بصخرة تعترض المسلمين فيطلبون رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يتعامل معها فإذا برسول الله يضربها ثلاث ضربات قال إثر الضربة الأولى "الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام والله انى لأبصر قصورها الحمراء الساعة "ثم ضربها الثانية فقال "الله اكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إنى لأبصر قصر المدائن ابيض "ثم ضربها الثالثة وقال "الله اكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة " فبرغم الأزمة التي تمر بالمسلمين إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطلع للفرج الذي يعقب كل ضيق واليسر الذي يعقب كل عسر .انه التفاؤل الذي ما فارق رسول الله في كل حياته وهذا ما ينبغي أن تتعلمه الأمة.
• وهذه هي أّمّنا عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم اشد من يوم احد ؟فقال صلى الله عليه وسلم:"لقد لقيت من قومك ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن كلام فلم يجبني إلى ما أردت فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد اظلتنى فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علىّ ثم قال :يا محمد ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين .فقال صلى الله عليه وسلم:بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا" البخاري. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المتفائلين رغم كثرة العقبات والمحن .فالمؤمن لا يعرف طريق اليأس أو التشاؤم "انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "
• وان المنافقين بكل عصر يسعون بكل ما أوتوا من قوة زائفة إلى أن يدبّوا في الأمة روح التشاؤم والفشل والتنازع حتى يسيطر على عقول الناس اللا أمل ولا تغيير وها نحن نرى هذه الحملات المسعورة من المنافقين وأذيالهم عبر القنوات الخاصة الفضائية التي لا تظهر إلا ما يحزن الناس ويدب فيهم اليأس فإذا ما عرضت موضوعا ركزت على الجوانب السلبية وتجاهلت كل الجوانب الايجابية فتعرض الفتن والشقاق والبغضاء والمكر والخداع لتقول للأمة هذه هي نتيجة الثورة هذه هي ثمرة الحرية لا امن لكم ولا استقرار ولا تقدم ما سلكتم طريق النهضة والاستقرار, ثم تزداد هذه الحملة بضراوة وبغباء غير متناهي لتشويه صورة الإسلاميين وصناع النهضة بل تجاهلهم وإبراز صورة العلمانيين والليبراليين على أنهم هم الوطنيون والمناضلون والخائفون على مصلحة الوطن وأنهم أكثر الناس خبرة بما ينفع الناس .ألا يكف هؤلاء عن هذا السفه الذي لا ينقطع منهم ألا يكف هؤلاء عن التقليل من فكر وذكاء المجتمع إن الشعب قال كلمته عندما ارتضى أن يقود سفينة النهضة للوطن هم أتباع الحركة الإسلامية فليترك هؤلاء المنافقون السفينة لتكمل المسير وليدخلوا جحورهم ولتنفثىء كل أراجيفهم ولتنكمش كل عصاباتهم كما تنكمش القنافذ فان الله أراد للأمة أن تنهض بالإسلام ولا شيء غير الإسلام قادر على نهضة هذه الأمة.


• تفاؤل رغم كثرة العقبات


• نتفاءل رغم ما تمر به مصرنا من أزمات عقبات ونوقن أن الإصلاح والتغيير المنشود هو قدر الله لهذا الوطن وانه سيتحقق لا محالة.


• نتفاءل رغم ما يحاك لأقصانا ومقدساتنا من محاولات للهدم وحملات الاعتقال وسفك لدماء إخواننا في فلسطين وحصار الشعب الفلسطيني في غزة ومحاولة إذلال الأمة في شخص فلسطين فنوقن أنّ نصر الله قريب لأن هذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد.


• نتفاءل رغم المجازر البشعة التي يراها العالم ليل نهار على يد السفاح المارق المدعو بشار فلو كان له قلب حي وعقل واعي لأخذ العبرة ممن سبقوه ممن ظنوا أن ملك البلاد والعباد سيدوم لهم فإذا بالشعوب تنتفض عليهم لتجعلهم صرعى ومسجونين ومطرودين. إن كل نقطة تسفك من دماء إخوتنا في سوريا ستكون لعنة تطارد بشار وأذنابه ستاتى اللحظة التي يتمنى فيها بشار الموت فلا يجده "سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملى لهم إن كيدي متين"44,45القلم


• نتفاءل لان الأمة المتفائلة هي الأمة الناهضة وبمقدار ما يزداد فيها عدد المتفائلين فإنها تسلم من شرور ومهالك كثيرة .
إن امتنا إذا أرادت حقا أن تنهض فما ينبغي أن تفارقها روح التفاؤل والثقة في نصر الله ووعده , أما إذا استسلمت لليأس والقنوط فلن يكون لها في عالم الغد مكانا ولن تستطيع أبدا إن تحقق شيئا من مشروع نهضتها وصدق الله إذ يقول "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" واختم بكلام عظيم من الإمام الشهيد حسن البنا عليه رحمة الله
"أحب أن تعلم يا أخي أننا لسنا يائسين من أنفسنا و أننا نأمل خيرا كثيرا و نعتقد أنه لا يحول بيننا و بين النجاح إلا هذا اليأس ، فإذا قوي الأمل في نفوسنا فسنصل إلى خير كثير إن شاء الله تعالى، لهذا نحن لسنا يائسين ولا يتطرق إلى قلوبنا و الحمد لله.
و كل ما حولنا يبشر بالأمل رغم تشاؤم المتشائمين، إنك إذا دخلت على مريض فوجدته تدرج من كلام إلى صمت ومن حركة إلى سكون شعرت بقرب نهايته و عسر شفائه و استفحال دائه ، فإذا انعكس الأمر وأخذ يتدرج من صمت إلى كلام و من همود إلى حركة شعرت بقرب شفائه و تقدمه في طريق الصحة والعافية. و لقد أتى على هذه الأمم الشرقية حين من الدهر جمدت فيه حتى ملها الجمود وسكنت حتى أعياها السكون و لكنها الآن تغلي غليانا بيقظة شاملة في كل مناحي الحياة، وتضطرم اضطراما بالمشاعر الحية القوية و الأحاسيس العنيفة. و لولا ثقل القيود من جهة والفوضى في التوجيه من جهة أخرى لكان لهذه اليقظة أروع الآثار، و لن تظل هذه القيود قيودا أبد الدهر فإنما الدهر قلب، و ما بين طرفة عين و انتباهتها يغير الله من حال إلى حال، و لن يظل الحائر حائرا فإنما بعد الحيرة هدى و بعد الفوضى استقرار ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ".
اللهم انصرنا إسلامنا واهلك أعدائنا وحرر أقصانا ومقدساتنا واحقن دماء المسلمين في كل مكان وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

للكاتب :
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية .

قصيدة صوت صفير البلبل الاصمعي (من مسلسل ابوجعفر المنصور)

30‏/03‏/2014

كيف تقرأ القرآن الكريم ؟؟؟

ما أجمل التفاؤل وما أروع الأمل بالله سبحانه في كل ما يختص بأمور حياتنا !!!


كم من الأزمات التى تمر بالإنسان ومع التفاؤل ، والرضا بقضاء الله يصبح كل شيئ سهلا وبسيطا، و بالتسلح بقوة الإرادة و التفاؤل و الأمل ، وحث النفس على النشاط و العمل والتقدم الى الأمام ، فإن هذه الأمور مجتمعة تدفع الى النجاح ، وتجعل الحياة أجمل ، فالمتفائل ينظر لجميع الأشياء من حوله ، نظرة إيجابية سواء للحاضر أو المستقبل ،وحتى الماضي ، يجعل منه فقط دروسا وعبرا ليس إلاّ ،

القرآن الكريم كاملا - الجزء الأول - الزين محمد أحمد

28‏/03‏/2014

الفضائيات سماء العصر...

من المفترض في وسائل الإعلام أن تبني الشخصية المسلمة السوية، لكن الواقع المشاهد أنها من أعظم أسباب تنشئة الناس على الدياثة وضعف الغيرة، بما تبثه من مشاهد جنسية فاضحة وإعلانات داعرة، وأغاني ماجنة هابطة، وتلميع للفاسقين والفاسقات، وإبرازهم على أنهم قدوات، حتى غدت المرأة تتغنى أمام زوجها وأبيها وأخيها بحبها للمطرب أو الممثل الفلاني، دون أن يحرك أحد هؤلاء المحارم ساكنًا، بل في بعض اللقاءات الإعلامية مع هؤلاء تتصل المرأة المتزوجة أو الفتاة فتفصح لهذا الفنان عن محبتها له وهيامها به، غير مبالية برد فعل الرجال من أقاربها ربما لأنها على يقين أنهم لن يعترضوا أصلاً. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]

22‏/03‏/2014

فن الإلقاء بكل بساطة واختصار :


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
تنصح الناس بنية صالحة أمر جيد والأجود أن تتمتع بمهارات مهمة بسيطة , أهمها البساطة والاختصار , وهذا من أجمل ما فى نصائح الحبيب عليه الصلاة والسلام وبما أننى من محبى منهج \" ما قل ودل \" فنبدأ بما تريد أيها الحبيب بدون تطويل او تكلف .
1-
• خوف المواجهة :
- سبب الخوف والقلق والتوتر من الإلقاء هو انشغالك وخوفك من تقييم الناس لك .
- الذى عليك أن تنشغل بالتخطيط ودقة معلوماتك والمهارات التى ستستعملها .
- القلق البسيط لا ضرر منه فهو يزيد انتباهك لكن عندما يزيد فهو يُنسيك ما تريد قول .
- من ضمن أسباب الخوف هو الخوف من عدم وجود كلام تقوله فليس معك غير الأدلة التى ستستشهد بها .
- الحواشي التي حول الآيات والأحاديث ستعرف كيف تضعها عندما نتكلم عن كيفية تحضير الموضوع .

• في المقدمة :
- تدخل في الموضوع مباشرة بدون مقدمات طويلة وكثرة تكلف .
- نجاح الكلمة أو الخطبة من نجاح المقدمة , أى الدخلة القوية المؤثرة .
- تبدأ المقدمة بموقف مؤثر قصير يدل على ما تريد أن تتكلم فيه بعد ذلك .
- ممكن تبدأ المقدمة بالآتى
[ آية – حديث – قصة قصيرة – خبر مثير – سؤال للجمهور ] .
- أفضل ما تبدأ به – فى نظرى وتجربتى – هو الموقف المؤثر القصير .


2-
• وأنت تتكلم مع الناس [ فن الإلقاء ] .
- وأنت تتكلم كُن على طبيعتك [ أى كما تتكلم مع أى صديق لك بكل بساطة وبدون تكلف ] .
- لا تٌقلد أحداً من الدعاة فالناس يكرهون ذلك .
- كلامك فصل واضح أى لا يكن سريعاً فتأكل أواخر بعض الكلمات ولا يكن بطيئاً مملاً .
- قم بتوزيع النظر على الجهات التي يجلس فيها الناس ولا تنظر لجهة واحدة .
- لا تُكثر من الكلام عن سلبيات الناس والواقع والمجتمع فهذه طريقة سلبية منتشرة عند الخطباء تزيد الاحباط لدى الناس .
- استخدم لغة الجسد وإشارة يدك بدون إفراط .
- لا تُشر للناس وأنت تقول كلمة \أنت \فى معرض الذم وتشير بها فى معرض المدح .
- تغيير نبرة الصوت ضرورى خلال كلامك فلا تستمر على نبرة واحدة .
- تعلم فن الوقفات , تقف قبل الكلمة أو الجملة المؤثرة أو بعدها ليتأملها المستمع لكن بدون إفراط .
- تضغط على بعض الكلمات المؤثرة وأنت تنطقها .
- فى نهاية كلامك تختصر عناصرك التى تكلمت فيها ثم تختم كلامك بجملة مختصرة مؤثرة تثبت فى ذهن المستمع .

• تحضير الموضوع
- اختر موضوع مناسب لجمهورك [ واحد بيتكلم عن فضل الوالدين فى ملجأ أيتام !! ] .
- لابد لموضوعك أن يكون محدد فى نقاط أو عناصر فى ذهنك .
- يساعدك على تحديد عناصر أى موضوع أن تستخدم كلمات معينة مثل [ لماذا – كيف – فوائد – أضرار ] .

3-
مثال :
كيف تتخلص من همومك أو ذنوبك أو الكسل أو ... أو ... الخ .
لماذا تأخر النصر ؟ لماذا قال يوسف عليه السلام لأبيه ؟! ولم يقل لأمه أو عمه أو ... ؟!!
فوائد المداومة العمل الصالح ... فوائد قيام الليل ... فوائد مجالسة الصالحين ...
أضرار التدخين لكن مع ذكر وسائل عملية واقعية للتخلص منه .. أضرار الغيبة والنميمة ... وهكذا .


• الحواشى
كيف تجد كلام تقوله غير الآيات والأحاديث التى معك ؟ وكيف ومتى تذكر الآية أو الحديث لأن الرهبة تحتاج لكلام قمت بتحضيره سابقاً وخصوصاً فى البداية ؟
الجواب : قبل أن تذكر الآية تشرحها ثم تذكرها وكذلك الحديث وهذا مثال وأنت تتكلم عن خطر اللسان والكلام :
قوله تعالى {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء : 53] ...
تشرح تقول مثلاً :
ومما يوضح خطر اللسان أيها الأحبة أن الله عز وجل أمرنا أن نختار الكلام الذى نقوله قبل قوله , بل من الكلام ما هو حسن وما هو احسن فأمرنا أن نقول الأحسن لأن الشيطان ينتظر خروج الكلمة من أخيك فيوسوس لك أنه يريد كذا وكذا من السوء ونحن نعلم عداوة الشيطان للإنسان من قديم الزمن وهذا واضح فى قوله تعالى وتذكر الآية :
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء : 53] ...

مثال فى شرح حديث :
نحن فى زمان فتن وكثُر الكلام وفى وسط ظلمات الفتن كلنا يبحث عن النجاة وأمر النجاة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بخطر الكلام أيها الأحبة الكرام وهذا يوضحه الحديث عندما ذهب الصحابى الجليل عقبة بن عامر يسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فقال عقبة رضى الله عنه : [ يا رسول الله ما النجاة ؟ قال عليه الصلاة والسلام : \" أمسك عليك لسانك \" ] ..

• الاختصار [ السُنة المفقودة ] .
- خير الكلام ما قَل ودل \" فلا يكفى أن يكون قليل بل لابد أن يدل \" .
- شخص كلامه كثير فهو واحد من إثنين [ 1- مش عارف عاوز يقول إيه ... 2- عنده شهوة الكلام ] .
- الكلام عندما يكثر يُنسى بعضه بعضاً \" ما قل وكفى خير مما كثُر وألهى , أى ألهى عن المقصود من الكلام أصلاً \" .
- أخر وأهم نصيحة \" تدعوا لتحصل على الأجر تنشط وتستمر , لكن تدعوا ليستجيب الناس يصيبك الإحباط \" .
- أسأل الله عز وجل أن يرضى عنك فإن لم يرض عنك فليعفوا عنك , قل آمـــيـــــن .

منقول من موقع صيد الفوائد للفائد.
الكاتب :هانى عرفة .. مصر بتصرف يسير 

الدرس الرابع التدرج في طلب العلم للشيخ راشد الزهراني

عنوان الخطبة يوم الام أ - د.عصام البشير

لقاء الجمعة مع الشيخ راشد الزهراني.

الشيخ بكر أبو زيد والشيخ صالح الأطرم رحمهما الله في مناقشة رسالة دكتوراة...

21‏/03‏/2014

ما هي السبع الموبقات، وهل صاحبها يدخل النار؟

السبع الموبقات بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) أعظمها الشرك وهو المهلك الذي ليس معه رجاء، إذا مات عليه الإنسان فله النار مخلداً فيها أبد الآباد قال تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) والسحر من الشرك؛ لأنه عبادة للجن واستعانة بالجن في إضلال الناس، والساحر هو الذي يتعاطى ما يضر الناس بواسطة الجن وعبادتهم من دون الله فتارة، يتعاطى ما يضرهم من أقوال وأعمال ونفث في العقد وتارة بالتخييل حتى يرى الشيء على غير ما هو عليه كما قال في حق سحرة فرعون يقول سبحانه: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)، وقال في حقهم: (فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) فالساحر تارة يعمل أشياء تضر الناس بواسطة الجن وعبادتهم من دون الله من أقوال وأعمال ونفث في العقد كما قال تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، وتارة بالتخييل حتى يرى الأمور على غير ما هي عليه فيرى الحبل حية ويرى العصا حية ويرى الحجر بيضة، ويرى الإنسان على غير ما هو عليه، وما أشبه ذلك فهو من جملة الكفرة والواجب على ولي الأمر ولي أمر المسلمين وأمير المسلمين متى ثبت السحر عند الحاكم وجب قتله، متى ثبت السحر عند المحكمة وجب قتل الساحر ولا يستتاب بل يقتل لأن شره عظيم، وقد ثبت عن عمر - رضي الله عنه - عن أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أنه كتب إلى أمرائه في الشام وغيره أن يقتلوا كل ساحر وكل ساحرة لعظم شرهم وخطرهم، أما قتل النفس التي حرم الله فذلك جريمة عظيمة يقول الله فيها: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) قتل النفوس من أعظم الجرائم؛ لكنها كبيرة دون الشرك، من جنس المعاصي التي هي كبيرة كالزنا والسرقة ونحو ذلك، ليس بكافر إلا أن يستحل ذلك ولهذا قال في حقه سبحانه: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) خالداً فيها إن استحل ذلك، وإن لم يستحل فهو خلود مؤقت له نهاية خلود أهل المعاصي خلود مؤقت له نهاية أما خلود الكفار فليس له نهاية يقول - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق) القتل بالحق زاني محصن يرجم، إنسان قتل نفساً بغير حق وهو مكافئ له يقتل، وجد ما يوجب قتله يقتل كقطع الطريق الذي يقطع الطريق، يعني يتعرض للناس بأخذ أموالهم في الطرقات أو ضربهم أو قتلهم يقتل لشره وعظم شره. الرابع: أكل الربا، يتعاطى الربا المحرم الذي حرمه الله وقال فيه جل وعلا: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ) فأكل الربا من الكبائر، فالواجب الحذر منه، والربا أنواع: ربا نسيئة وربا فضل ربا، فضل مثل بيع الدرهم بالدرهمين، صاع من الحنطة بصاعين من الحنطة، هذا ربا فضل، صاع من الرز بصاعين من الرز، يعني من جنسه هذا ربا فضل لا يجوز، ربا النسيئة: مثل يبيع صاع من الحنطة بصاعين من الشعير مؤقت بعد يوم بعد يومين يعني ما يقبض إلا بعد المجلس هذا ربا نسيئة يبيع مائة دولار بمائة جنيه أو بعشرة جنيهات في غير المجلس ما تقبض في المجلس هذا يسمى ربا النسيئة، يبيع مثلاً صاع بر بصاعين شعير من غير تقابض، فهذا يسمى ربا نسيئة أو يبيع مثلاً عشرة دولارات بعشرين دولار إلى أجل هذا ربا نسيئة......أيضاً هذا ربا وهو من أكبر الكبائر. والخامس: أكل مال اليتيم وهو الذي مات أبوه وهو صغير دون البلوغ يسمى يتيم الواجب الإحسان إليه وحفظ ماله وتنميته، والإصلاح فيه فالذي يفسد مال اليتيم ويأكل ماله بغير حق في هذا وعيد شديد؛ لأنه ضعيف يتعدى عليه ويأكل ماله هذا متوعد بهذا الوعيد الشديد وليس بكافر لكنه عاصي إذا لم يستحل ذلك. السادس: التولي يوم الزحف عندما يلتقي المسلمون بالكفار ينهزم يخلي إخوانه يوم الزحف يوم زحف الكفار على المسلمين أو زحف المسلمين على الكفار الذي ينهزم ويترك إخوانه متوعد بهذا الوعيد الشديد:(إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ) إلا إذا تأخر ليستعد وليحضر سلاحه يلبس درعه الاستعداد للقتال، يعني هذا لا يضر أو منتقل من فئة إلى فئة ينتقل من صف إلى صف أو من جماعة إلى جماعة لمكيدة العدو. السابع: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات، الذي يقذف بالمحصنات وهو من أطلق بالزنا يقول فلانة زانية فلانة تدعو إلى الزنا وهو كاذب هذا من السبع الموبقات، يستحق جلد ثمانين جلدة كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) قذف المحصنات كبيرة من الكبائر، وهكذا المحصن من الرجال لكن لما كان الغالب قذف النساء جاء الحديث للنساء، وإلا إذا قذف المحصن من الرجال قال أنه يزني فعليه أن يأتي بأربعة شهداء، وإلا يجلد بثمانين جلدة، هذه السبع الموبقات يعني المهلكات لشدة خبثها نسأل الله العافية.

الشيخ حسين المؤيد في لقاء الجمعة مع عبدالله المديفر - سر إنتقال الشيخ من...

شواهد الشعر 03 - تفسير ابن عباس و المختارات الشعرية

19‏/03‏/2014

يا حافظ القرآن | محمد المقيط ...

هذه القصيدة في الرضا ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور عصام البشير صوتا وصورة تم نشرالفيديو في هذه المدونة وهذا نص القصيدة ...

عـلَّـمـتـنـي الحياةُ أن أتلقّى كـلَّ ألـوانـهـا رضـاً وقبولا
ورأيـتُ الـرِّضـا يـخفِّف أثقالـي ويُـلقي على المآسي سُدولا
والـذي أُلـهـم الـرِّضا لا تراهُ أبـدَ الـدهـر حـاسداً أو عَذولا
أنـا راضٍ بـكـل مـا كتب الله ومُـزْجٍ إلـيـه حَـمْـداً جَزيلا
أنـا راضٍ بـكل صِنفٍ من الناسِ لـئـيـمـاً ألـفيتُه أو نبيلا
لـسـتُ أخـشـى من اللئيم أذاه لا، ولـن أسـألَ الـنـبيلَ فتيلا
فـسـح الله فـي فـؤادي فلا أرضـى مـن الحبِّ والوداد بديلا
فـي فـؤادي لـكل ضيف مكان فـكُـنِ الـضيفَ مؤنساً أوثقيلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان أو يـراه عـلـى الـنِّفاق دليلا
فـالـرضا نعمةٌ من الله لم يســعـد بـهـا في العباد إلا القليلا
والـرضـا آيـةُ البراءة والإيــمـان بالله نـاصـراً ووكـيلا
                             * * *
عـلـمـتني الحياةُ أنَّ لها طعـمَـيـن، مُـراً، وسائغاً معسولا
فـتـعـوَّدتُ حـالَـتَـيْها قريراً وألـفـتُ الـتـغـيير والتبديلا
أيـهـا الـناس كلُّنا شاربُ الكأسَـيـن إنْ عـلقماً وإنْ سلسبيلا
نـحـن كالرّوض نُضْرة وذُبولا نـحـن كـالـنَّجم مَطلعَاً وأُفولا
نـحـن كـالـريح ثورة وسكوناً نـحـن كالمُزن مُمسكاً وهطولا
نـحـن كـالـظنِّ صادقاً وكذوباً نـحـن كـالحظِّ منصفاً وخذولا
                             * * *
قـد تـسـرِّي الحياةُ عني فتبدي سـخـريـاتِ الورى قَبيلاً قَبيلا
فـأراهـا مـواعـظـاً ودروساً ويـراهـا سـواي خَـطْباً جليلا
أمـعـن الناس في مخادعة النّفــسِ وضـلُّـوا بصائراً وعقولا
عـبـدوا الـجاه والنُّضار وعَيناً مـن عـيـون المَهَا وخدّاً أسيلا
الأديـب الـضـعيف جاهاً ومالاً لـيـس إلا مـثـرثـراً مخبولا
والـعـتـلُّ الـقويُّ جاهاً ومالاً هـو أهـدى هُـدَى وأقـومُ قيلا
وإذا غـادة تـجـلّـت عـليهم خـشـعـوا أو تـبـتّلوا تبتيلا
وتَـلـوا سـورة الـهـيام وغنّوهـا وعـافـوا القرآن والإنجيلا
لا يـريـدون آجلاً من ثواب الله إنَّ الإنـسـان كـان عـجـولا
فـتـنـة عـمّـت المدينة والقريـةَ لـم تَـعْـفِ فتية أو كهولا
وإذا مـا انـبـريتَ للوعظ قالوا لـسـتَ ربـاً ولا بُعثتَ رسولا
أرأيـت الـذي يـكـذِّب بـالديـن ولا يـرهب الحساب الثقيلا
                       * * *
أكـثـرُ الناس يحكمون على الناس وهـيـهات أن يكونوا عدولا
فـلـكـم لـقَّـبوا البخيل كريماً ولـكـم لـقَّـبـوا الكريم بخيلا
ولـكـم أعـطَـوا الملحَّ فأغنَوا ولـكـم أهملوا العفيفَ الخجولا
ربَّ عـذراء حـرّة وصــموها وبـغـيٍّ قـد صـوّروها بتولا
وقـطـيـعِ الـيدين ظلماً ولصٍ أشـبـع الـنـاس كـفَّه تقبيلا
وسـجـيـنٍ صَـبُّوا عليه نكالاً وسـجـيـنٍ مـدلّـلٍ تـدلـيلا
جُـلُّ مـن قـلَّـد الـفرنجة منا قـد أسـاء الـتـقـليد والتمثيلا
فـأخـذنـا الخبيث منهم ولم نق بـسِ مـن الـطـيّبات إلا قليلا
يـوم سـنَّ الـفرنج كذبةَ إبريــلَ غـدا كـل عُـمْـرنا إبريلا
نـشـروا الرجس مجملاً فنشرناهُ كـتـابـاً مـفـصَّلاً تفصيلا
                          * * *
عـلـمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْــلٌ فـمـن ذا الذي يردُّ السيولا
ثـم قالت: والخير في الكون باقٍ بـل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا
إنْ تـرَ الـشـرَ مستفيضاً فهوِّن لا يـحـبُّ الله الـيئوس الملولا
ويـطول الصراع بين النقيضَيــنِ ويَـطوي الزمانُ جيلاً فجيلا
وتـظـلُّ الأيـام تعرض لونَيْـهـا عـلى الناس بُكرةً وأصيلا
فـذلـيـلٌ بالأمس صار عزيزاً وعـزيـزٌ بـالأمس صار ذليلا
ولـقـد يـنـهض العليلُ سليماً ولـقـد يـسـقـطُ السليمُ عليلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمــرِ وشـبـعانَ يستحثُّ الرحيلا
وتـظـلُّ الأرحـامُ تـدفع قابيـلاً فـيُـردي بـبـغـيـه هابيلا
ونـشـيـد الـسـلام يتلوه سفّاحـون سَـنُّوا الخراب والتقتيلا
وحـقـوق الإنـسان لوحة رسّامٍ أجـاد الـتـزويـر والتضليلا
صـورٌ مـا سرحتُ بالعين فيها وبـفـكـري إلا خشيتُ الذهولا
                      * * *
قال صحبي: نراك تشكو جروحاً أيـن لـحن الرضا رخيماً جميلا
قـلـت أما جروح نفسي فقد عوَّدْتُـهـا بَـلـسَـمَ الرضا لتزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي لـيـس إلا الـتقاعسَ المرذولا
لـسـتُ أرضـى لأمـة أنبتتني خُـلُـقـاً شـائـهاً وقَدْراً ضئيلا
لـسـتُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً لـسـتُ أرضى تخاذلاً أو خمولا
أنـا أبـغي لها الكرامة والمجــدَ وسـيـفـاً على العدا مسلولا
عـلـمـتني الحياة أني إن عشــتُ لـنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا
عـلـمـتـنـي الحياةُ أنيَ مهما أتـعـلَّـمْ فـلا أزالُ جَهولا


18‏/03‏/2014

سلبية الزوج او الزوجة | البيوت الآمنة

قصيدة الرضا إلقاء د عصام البشير

ظاهرة العنف - خطبة - أ.د. عصام البشير

حكم قول ما شاء الله و شئت الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف

16‏/03‏/2014

النفاق أساس الشر ....


عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خَصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمِنَ خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه.

النفاق أساس الشر. وهو أن يظهر الخير، ويبطن الشر. هذا الحدُّ يدخل فيه النفاق الأكبر الاعتقادي، الذي يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر. وهذا النوع مُخرج من الدين بالكلية، وصاحبه في الدَّرْك الأسفل من النار. وقد وصف الله هؤلاء المنافقين بصفات الشر كلها: من الكفر، وعدم الإيمان، والاستهزاء بالدين وأهله، والسخرية منهم، والميل بالكلية إلى أعداء الدين؛ لمشاركتهم لهم في عداوة دين الإسلام. وهم موجودون في كل زمان، ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه المادية والإلحاد والإباحية.



والمقصود هنا: القسم الثاني من النفاق الذي ذكر في هذا الحديث فهذا النفاق العملي – وإن كان لا يخرج من الدين بالكلية – فإن دهليز الكفر، ومن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربع فقد اجتمع فيه الشر، وخلصت فيه نعوت المنافقين، فإن الصدق، والقيام بالأمانات، والوفاء بالعهود، والورع عن حقوق الخلق هي جماع الخير، ومن أخص أوصاف المؤمنين. فمن فقد واحدة منها فقد هدم فرضاً من فروض الإسلام والإيمان، فكيف بجميعها؟.


فالكذب في الحديث يشمل الحديث عن الله والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كذب عليه معتمداً فليتبوأ مقعده من النار ) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} يشمل الحديث عما يخبر به من الوقائع الكلية والجزئية. فمن كان هذا شأنه فقد شارك المنافقين في أخص صفاتهم، وهي الكذب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم  : "إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"


ومن كان إذا ائتمن على الأموال والحقوق والأسرار خانها، ولم يقم بأمانته، فأين إيمانه؟ وأين حقيقة إسلامه؟

وكذلك من ينكث العهود التي بينه وبين الله، والعهود التي بينه وبين الخلق متصف بصفة خبيثة من صفات المنافقين.

وكذلك من لا يتورع عن أموال الخلق وحقوقهم، ويغتنم فرصها، ويخاصم فيها بالباطل ليثبت باطلاً، أو يدفع حقاً. فهذه الصفات لا تكاد تجتمع في شخص ومعه من الإيمان ما يجزي أو يكفي، فإنها تنافي الإيمان أشد المنافاة.


واعلم أن من أصول أهل السنة والجماعة: أنه قد يجتمع في العبد خصال خير وخصال شر، وخصال إيمان وخصال كفر أو نفاق. ويستحق من الثواب والعقاب بحسب ما قام به من موجبات ذلك وقد دلّ على هذا الأصل نصوص كثيرة من الكتاب والسنة. فيجب العمل بكل النصوص، وتصديقها كلها. وعلينا أن نتبرأ من مذهب الخوارج الذين يدفعون ما جاءت به النصوص: من بقاء الإيمان وبقاء الدين، ولو فعل الإنسان من المعاصي ما فعل، إذا لم يفعل شيئاً من المنكرات التي تخرج صاحبها من الإيمان. فالخوارج يدفعون ذلك كله، ويرون من فعل شيئاً من الكبائر ومن خصال الكفر أو خصال النفاق خارجاً من الدين، مخلداً في النار. وهذا مذهب باطل بالكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة.

ءآخر التطوارات في المشهد السوداني

الخرطوم 16 مارس 2014- إتفق الرئيس السوداني عمر البشير مع زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض د حسن الترابي في أول لقاء رسمى بين الرجلين بعد قطيعة إمتدت"15" عاما , على تسريع خطوات الحوار الذي دعا له الرئيس البشير ، وعدم اقصاء أي من القوي السياسية المعارضة والمسلحة وأن يترك للمتحاوريين تحديد الاجندة والسقف الزمني واليات الحوار .
البشير والترابى يجتمعان بعد قطيعة لعقد ونصف من الزمان
ويعد لقاء البشير الترابي الاول من نوعه منذ أن اقدم الرئيس السوداني عمر البشير في العام 1999م على حل البرلمان الذي كان يترأسه الترابي وتكوين الاخير لحزب سياسي معارض كان الاكثر حدة ومخاشنة ضد نظام البشير ورفضا لأي حوار معه .
وقال نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي بشير ادم رحمة في تصريحات صحفية عقب اللقاء الذي عقد ليل الجمعة ببيت الضيافة بالخرطوم أنهم طالبوا خلال اللقاء بأن تكون الدعوة مفتوحة لكافة القوى السياسية وحاملي السلاح والشخصيات الوطنية المستقلة بجانب منظمات المجتمع المدني على أن يترك قضايا تحديد الاجندة ومواصفات الحوار للقاء يضم كافة تلك الفئات.
وبرر رحمة إستجابتهم لدعوة الحوار ولقاء البشير رغم معارضتهم للنظام بانه محاولة لمواجهة المخاطر التي تحدق بالبلاد واضاف" ونحن من خلال قراءتنا للوضع داخليا وإقليما وقفنا على حجم تلك المخاطر.
وحذر من فشل الاطراف السودانية في الوصول لاتفاق بشأن الحوار وأضاف" اذا فشلنا نكون أجرمنا في حق السودان وأجيال المستقبل ".

و قال القيادي في المؤتمر الوطني الحاكم د مصطفى عثمان إسماعيل إن إجتماع البشير الترابي أكد على ملكية القوى السياسية للحوار وأن يترك لها الاتفاق على تحديد السقف الزمني وموعد إنطلاقه والاجندة وهياكلة دون إملاء أي طرف لرؤاه .

الشيخ محمود خليل الحصرى سورة البقرة تسجيل الاذاعة.wmv

13‏/03‏/2014

أهمية الصبر في الدعوة إلى الله تعالى


أهمية الصبر في الدعوة إلى الله تعالى

الصبر في الدعوة إلى الله تعالى من أهم المهمات ,ومن أعظم
الواجبات على
الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى ,والصبر وإن كان واجبًا
بأنواعه على كل
مسلم ,فإنه على الدعاة إلى الله من باب أولى وأولى ؛
ولهذا أمر الله به
إمام الدعاة وقدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
تعالى:{وَاصْبِرْ
وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ
فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ *إ ِنَّ اللَّهَ مَعَ
الَّذِينَ اتَّقَوْا
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}(1),وقال تعالى :{فَاصْبِرْ
كَمَا صَبَرَ
أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ
لَهُمْ}(2),وقال
تعالى :{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
فَصَبَرُوا عَلَى مَا
كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا
مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ
الْمُرْسَلِينَ}
(3),فهذا سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم قد أمره الله
بالصبر وأتباعه من باب أولى .
والله عز وجل قد أوضح للناس أنه لابد من الابتلاء
,والاختبار ,والامتحان
لعباده وخاصة الدعاة إلى الله تعالى ؛ ليظهر الصادق من
الكاذب ,والمؤمن
من المنافق ,والصابر من غيره وهذه سنة الله في خلقه ,قال
سبحانه : {الم *
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا
آَمَنَّا وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ}(4),وقال عز وجل :{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ
الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ}(5).

وقال عليه الصلاة والسلام : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم
الأمثل فالأمثل
يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبًا اشتد
بلاؤه ...)(6),وقد
ذم الله عز وجل من لم يصبر على الأذى من أجل الدعوة إلى
الله فقال
سبحانه :{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا
بِاللَّهِ فَإِذَا
أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ
كَعَذَابِ اللَّهِ }
(7) ,ولهذا قال سبحانه :{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
قَبْلِكُمْ
مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا
حَتَّى يَقُولَ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ
اللَّهِ أَلَا
إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}(8) ,وقال تعالى :{مَا كَانَ
اللَّهُ
لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ
حَتَّى يَمِيزَ
الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}(9).

* وتبرز أهمية الصبر في الدعوة إلى الله عز وجل في عدة أمور
منها:-
1/ إن الابتلاء للدعاة إلى الله تعالى لا بد منه فلو سلم
أحد من الأذى
لسلم رسل الله عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم إمامهم
محمد بن عبد الله
عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام فقد أوذوا فصبروا
,وجاهدوا حتى نصرهم
الله على أعداء الدعوة إلى الله تعالى ,ولاشك أن كل داعية
مخلص يصيبه
الأذى وإن سلم أحد فذلك من أندر النوادر .
2/ الصبر يحتاجه الداعية إلى الله في دعوته في ثلاثة
أحوال:
أ- قبل الدعوة بتصحيح النية والإخلاص ,وتجنب دواعي
الرياء والسمعة وعقد
العزم على الوفاء بالواجب.
ب/ أثناء الدعوة ,فيلازم الصبر عن دواعي التقصير
والتفريط ,ويلازم
الصبرعلى استصحاب ذكر النية وعلى حضور القلب بين يدي
الله تعالى ولا
ينساه في أمره.
جـ/ بعد الدعوة وذلك من وجوه:

* أن يصبر نفسه عن الإتيان بما يبطل عمله ,فليس الشأن
الإتيان
بالطاعة ,وإنما الشأن في حفظها مما يبطلها.
* أن يصبر عن رؤيتها والعجب بها , والتكبر,والتعظم بها .
* أن يصبر عن نقلها من ديوان السر إلى ديوان العلانية ,فإن
العبد يعمل
العمل سرًا بينه وبين الله سبحانه فيكتب في ديوان السر
,فإن تحدث به نقل
إلى ديوان العلانية. (10).

3/ الصبر في الدعوة إلى الله عز وجل بمثابة الرأس من الجسد
,فلا دعوة لمن
لا صبر له كما أنه لا جسد لمن لا رأس له ,ولهذا قال ابن
القيم - رحمه
الله تعالى - : " الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد
ولا إيمان لمن
لا صبر له كما أنه لا جسد لمن لا رأس له" (11) ,فإذا كان ذلك
في الإيمان
فالصبر في الدعوة إلى الله من باب أولى.
4/ الصبر في الدعوة إلى الله تعالى من أعظم أركان السعادة
الأربعة قال
سبحانه وتعالى : {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ
لَفِي خُسْرٍ *
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(12) , كما قال ذلك
سماحة العلامة
ابن باز رحمه الله تعالى .
5/ الصبر من أعظم أركان الخُلق الحسن الذي يحتاجه كل مسلم
عامة وكل داعية
إلى الله خاصة وقد أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم رحمه
الله تعالى .(13)
6/ الصبر في الدعوة إلى الله من أهم المهمات ؛ولهذا ذكر
الله-عز وجل- في
القرآن الكريم في نحو تسعين موضعاً كما قاله الإمام
أحمد. (14)



7/ الصبر في الدعوة إلى الله عز وجل من أعظم القربات ومن
أجل الهبات ولم
أعلم-على قلة علمي-أن هناك شيئاً غير الصبر يُجازى ويثاب
عليه العبد بغير
حساب قال عز وجل{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُم بِغَيْرِ
حِسَابٍ} (15),اللهم إلا الصيام فإن الصيام من الصبر.



8/ الدعوة إلى الله سبيلها طويل تحف به المتاعب والآلام ؛
لأن الدعاة إلى
الله يطلبون من الناس أن يتركوا أهواءهم وشهواتهم التي
لا يرضاها الله عز
وجل وينقادوا لأوامر الله , ويقفوا عند حدوده, ويعملوا
بشرائعه التي
شرع , فيتخذ أعداء الدعوة من هذه الدعوة عدواً يحاربونه
بكل سلاح وأمام
هذه القوة لا يجد الدعاة مفراً من الاعتصام باليقين
والصبر ؛ لأن الصبر
سيف لا ينبو ومطية لا تكبو, ونور لا يخبو.
9/ الصبر في مقام الدعوة إلى الله تعالى هو وصف الأنبياء
والمرسلين صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين, وعليه مدار نجاح دعوتهم إلى
الله تعالى, ولا
شك أن الداعية إذا فقد الصبر كان كمن يريد السفر في بحر
لجي بغير
مركب{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا
يَسْتَخِفَّنَّكَ
الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}(16),ولهذا أوصى به الحكماء من
أتباع
الأنبياء , فهذا لقمان الحكيم عندما أوصى ابنه بالأمر
بالمعروف والنهي عن
المنكر قرن ذلك بالصبر{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ
وَأْمُرْ
بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ
عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}(17),فهو عندما أمره
بتكميل نفسه
بطاعة الله أمره أن يكمٌل غيره وأن يصبر على ما ينزل به
من الشدائد
والابتلاء.
10/ الداعية إلى الله عز وجل لا يكون قدوة في الخير مطلقاً
إلا بالصبر
والثبات عليه كما قال سبحانه في صفات عباد الرحمن

:{
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }(18),وهذه الإِمامة في الدين لا
تحصل قطعاً إلا 
بالصبر , فقد جعل الله الإِمامة في الدين موروثة بالصبر
واليقين{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}(19),فإن الدين كله علم بالحق وعمل به
والعمل به لا بد فيه من صبر , والداعية لا بد له من أن يعلم الحق ويعمل به حتى يقوم بالدعوة , ولا يقوم بالدعوة إلا بالصبر على
ما أصابه.
11/ الصبر ينتصر به الداعية على عدوه-مع الأخذ بالأسباب-
من الكفار والمنافقين , والمعاندين, وعلى من ظلمه من المسلمين ولصاحبه تكون العاقبة
الحميدة , قال عز وجل:{وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (20) ,وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ
مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(21), وحكى الله عن يوسف عليه الصلاة
والسلام قوله وبأي شيء نال النصر والتمكين فقال لإخوته حينما سألوه
{قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ
يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي
قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ
وَيِصْبِرْ فَإِنَّ
اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}(22) ,ولابد
بعون الله تعالى
وتوفيقه من النصر للداعية المتقي الصابر العامل بما
أمره ربه, ومن ذلك
الأخذ بجميع الأسباب المشروعة {وَاصْبِرْ فَإِنَّ
اللّهَ لاَ يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}(23).
12/ الصبر من أهم المهمات للداعية؛ لأنه لا يكون داعية
موفقاً إلا إذا
كان صابراً على دعوته وما يدعو إليه , صابراً على ما
يعترض دعوته من
معارضات , صابراً على ما يعترضه من أذى.
13/ الصبر يشتمل على أكثر مكارم الأخلاق , فيدخل فيه
الحلم؛ فإنه صبر عن
دواعي الانتقام عند الغضب, والأناة: صبر عن إجابة دواعي
العجلة, والعفو
والصفح صبر عن إجابة دواعي الانتقام, والجود والكرم صبر
عن إجابة دواعي
الإمساك , والكيس: صبر عن إجابة دواعي الكسل والخمول ,
والعدل صبر إذا
تعلق بالتسوية بين المتماثلين , وسعة الصدر صبر عن الضجر
, والكتمان وحفظ
السر صبر عن أظهار ما لا يحسن إظهاره , والشجاعة صبر عن
إجابة دواعي
الفرار, وهذا يدل على أهمية الصبر في الدعوة إلى الله
تعالى وأن الداعية
لا يسعه أن يستغنى عنه في جميع أحواله.



14/ الصبر نصف الإيمان: فالإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر
قال تعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}
(24),وقال صلى
الله عليه وسلم عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس
ذلك لأحد إلا
للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته
ضراء صبر فكان
خيراً له...). (25)
15/ الصبر سبب حصول كل كمال فأكمل الخلق أصبرهم؛ لأن كمال
الصبر بالعزيمة
والثبات فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص, ومن كان له عزيمة
ولكن لا ثبات له
عليها فهو ناقص , فإذا انضم الثبات إلى العزيمة أثمر كل
مقام شريف وحالٍ
كامل, ولهذا يُروَى " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر
والعزيمة على
الرشد " (26) , وشجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق
الصبر .
16/ الصبر يجعل الداعية إلى الله عز وجل يضبط نفسه عن أمور
لابد له من
الابتعاد عنها ومنها: ضبط النفس عن الاندفاع بعوامل
الضجر, والجزع,
والسأم, والملل, والعجلة, والرعونة, والغضب, والطيش,
والخوف, والطمع,
والأهواء, والشهوات, وبالصبر يتمكن الداعية أن يضع
الأشياء مواضعها
ويتصرف في الأمور بعقل واتزان , وينفذ ما يريد من تصرف في
الزمن المناسب
بالطريقة المناسبة الحكيمة, وعلى الوجه المناسب, بخلاف
عدم الصبر الذي
يوقع في التسرع والعجلة, فيضع الداعية الأشياء في غير
مواضعها, ويتصرف
فيخطئ في تحديد الزمان, ويسئ في طريقة التنفيذ, وربما
يكون صاحب حق فيكون
مفسداً, ولو أنه اعتصم بالصبر لسلم من ذلك كله بإذن الله
تعالى
(27) ,وبهذا يتضح أن الصبر ضروري للداعية يسلح به ويتصف به
في محاور
ثلاثة: الصبر على طاعة الله والدعوة إليه , والصبر عن
محارم الله ,
والصبر على أقدار الله المؤلمة, وكل هذه المحاور الثلاثة
لها ارتباط وثيق
بوظيفة الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأنها تجعل الداعية قدوة
حسنة لغيره من
الناس. (28)



17/ الصبر ذو مقام كريم وخلق عظيم ؛ ولهذا قرنه الله
بالقيم العليا في
الإسلام, ومن هذه القيم التى قرنه بها ما يأتي :

* قرنه باليقين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}(29).

* وربطه الله تعالى بالشكر في أربع سور{ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ
لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (30) .

* وجمعه مع التوكل {الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى
رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ } (31) .

* وقرنه بالصلاة {اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ
وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ} (32) .

* وقرنه بالتسبيح ولاستغفار {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ
تَقُومُ} (33).

* وجمعه مع الجهاد {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ
هَاجَرُواْ مِن
بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ
إِنَّ رَبَّكَ مِن
بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}(34) .

* وربطه بالتقوى { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ
فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ
عَزْمِ الأُمُورِ}(35).

* وربطه بالحق {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ} (36).

* وقرنه بالرحمة { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
وَتَوَاصَوْا
بِالْمَرْحَمَةِ} (37) .



18/ رتب الله تعالى خيرات الدنيا والآخرة على الصبر ومن
ذلك:

* معية الله مع الصابرين {إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ} (38) .

* محبة الله للصابرين {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
(39) .

* صلوات الله ورحمته على الصابرين { وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ
إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ
رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }(40) .

* ضمان النصر والمداد للصابرين {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ
وَتَتَّقُواْ
وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُم بِخَمْسَةِ
آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ*وَمَا
جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ
بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا
النَّصْرُ إِلاَّ
مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}(41).

* الحفظ من كيد الأعداء {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ
تَسُؤْهُمْ وَإِن
تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن
تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ
لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا } (42).

* استحقاق دخول الجنة {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ
الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا
وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}(43).

وهذه الفضائل قليل من كثير , ولله در القائل :

الصبر مثل اسمه مرٌ مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل

11‏/03‏/2014

الولاء والبراء

الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم، هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين، وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك، ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم، فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير، كما قال الله عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46]، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة، ولقوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، فلا يتعدى عليهم ولا يظلمهم مع بغضهم ومعاداتهم في الله، ويشرع له أن يدعوهم إلى الله، ويعلمهم ويرشدهم إلى الحق لعل الله يهديهم بأسبابه إلى طريق الصواب، ولا مانع من الصدقة عليهم والإحسان إليهم لقول الله عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، ولما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن تصل أمها وهي كافرة في حال الهدنة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على الحديبية.

المرجع : http://ar.islamway.net/fatwa/45805?ref=w-new

08‏/03‏/2014

لماذا الدعوة إلى توجيه العلوم والمعارف توجيهاً إسلامياً ؟


بسم الله الرحمن الرحيم  


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فتأتي الدعوة إلى التوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف استجابةً لحاجة البشرية المُلحة في وقتنا الحاضر إلى إعادة النظر في مختلف العلوم والمعارف المُعاصرة من الناحية المنهجية التي تفتقر إلى التوجه الإسلامي الصحيح الذي لا بد منه ، ولا غنى عنه لتصحيح مسار هذه العلوم ، وتحقيق أهدافها المنشودة لاسيما وأن معظم المناهج التعليمية في عالمنا الإسلامي تعتمد اعتماداً كلياً على معطيات ومسلمات الفكر الغربي المعاصر المستمد من الحضارة الغربية المعاصرة ؛ وهو فكرٌ حضاري تغلب عليه صفة " العَلْمَنة " التي نفذت إلى صميم نظامنا التعليمي ، وأحدثت الشرخ الكبير الذي عزل علوم الدنيا عن علوم الدين ، وأفسد الإطار القيمي ، والأخلاقي ، والروحي ، الذي كان يحكم ويُرشد نشاطنا التعليمي كله . وعلى الرغم من أن الحضارة الغربية المُعاصرة قد أحرزت تقدماً حضارياً لافتاً للنظر في بعض الجوانب العلمية المعاصرة ، الأمر الذي ترتب عليه أن تكون رائدةً في هذا الجانب وحده ؛ إلا أن هناك جوانب أُخرى على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية لم تتمكن حضارة الغرب من مجرد الاقتراب منها ؛ وعلى رأسها الجوانب العقدية التي تفتقر إليها تلك الحضارة بصورةٍ لافتةٍ للنظر . 

وهذا يعني أن الغاية المنشودة من عملية التوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف العلمية والأدبية والتربوية تتمثل في العمل على تخليصها و تنقيتها من مختلف التصورات المادية والإلحادية المنتشرة في الغرب ، والمبنية على وجهات النظر الفلسفية البشرية القاصرة ، وإخضاعها بالكلية لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، وقيمه ، وضوابطه ، وتوجيهاته ، وآدابه النابعة من الأصول والمصادر الإسلامية الأصيلة المتمثلة في ( القرآن الكريم ، والسُّنة النبوية المطهرة ) ؛ بحيث تستمد منها مفاهيمها الأساسية ومنطلقاتها الرئيسة .مع مراعاة أن تكون عملية التوجيه مواكبةً لظروف العصر ومتغيراته ؛ وملائمةً لتحقيق مصالح البشرية المختلفة في كل زمانٍ ومكان . إلا أن هناك سؤالاً يفرض نفسه قائلاً : ما هي العلوم والمعارف التي تحتاج إلى توجيهٍ إسلامي ؟

وهنا تأتي الإجابة لتوضح أن هناك تصنيفاً مبدئياً معروفاً للعلوم والمعارف يُقسِّم موضوعات مباحث هذه المعارف والعلوم إلى : 
* العلوم الشرعية : مثل علوم العقيدة وأصولها ، والفقه وأصوله ، والقرآن وعلومه ، والحديث وعلومه ..إلخ .
* العلوم الإنسانية والاجتماعية : مثل الاجتماع ، والاقتصاد ، والسياسة ، والنفس ، والفلسفة ، والأدب ، والفنون ..إلخ .
* العلوم الطبيعية : مثل علوم الفيزياء ، والكيمياء ، والفلك ، وطبقات الأرض ، والهندسة ، والرياضيات ، .. إلخ .

إذا ما سلمنا بصحة هذا التصنيف واعتمدناه فإن الحاجة إلى عملية توجيه العلوم والمعارف تختلف - ولا شك - باختلاف هذه الأقسام الثلاثة ؛ إذ أن العلوم الشرعية لا تحتاج إلى عملية التوجيه ؛ لأنها تشتمل في أصلها على المصدر والمقياس الذي سيتم من خلاله توجيه بقية العلوم والمعارف الأخرى . في حين تأتي العلوم الإنسانية والاجتماعية وما في حكمها في حاجةٍ ماسةٍ وضروريةٍ إلى عملية التوجيه الإسلامي ؛ لأن موضوعها الرئيس ومحور ارتكازها يتمثل في النفس الإنسانية على المستويين الفردي والاجتماعي . وهي شديدة التأثر بالظروف والعوامل الحياتية وما فيها من تجارب وخبراتٍ زمانيةٍ ومكانية ؛ إضافةً إلى تأثرها بمختلف الفلسفات البشرية ، وما تشتمل عليه من الآراء والأفكار ووجهات النظر المتباينة ؛ فكان من الضروري أن تخضع هذه العلوم وما في حكمها لعملية التوجيه الإسلامي للعلوم حتى تضبط اختلافها وتُصحح مسارها .

أما العلوم الطبيعية فتأتي في المرتبة التالية للعلوم الإنسانية والاجتماعية إن لم تتساو معها في الحاجة إلى عملية التوجيه الإسلامي ، فعلى الرغم من أنها تعتمد في الأساس على مجموعةٍ من الحقائق والقوانين العلمية التي لا نزاع فيها ، ولا خلاف حولها بين الناس ؛ إلا أنها في حاجةٍ ماسةٍ وضروريةٍ وهامةٍ لعملية التوجيه لتُركز على ضبط هذه الحقائق العلمية ، وحُسن توظيفها ، وتسخيرها علمياً وعملياً لما جاءت به تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وخدمة للمصالح الإنسانية سواءً على مستوى الفرد أو الجماعة ؛ حتى تكون – بإذن الله – نافعةً ومفيدةً لا ضارةً ومدمرة . 

كيفية تحقيق عملية التوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف ؟
كثيرةٌ هي المقترحات والتوصيات التي يمكن أن تُسهم إسهاماً فاعلاً في تحقيق عملية التوجيه الإسلامي للعلوم ، وبخاصة متى تم تنفيذها والعمل بموجبها . وكثيرون هم القادرون على الإسهام المباشر في هذه العملية الحيوية في مختلف المجالات والميادين سواءً على مستوى الأفراد أو الجماعات في مختلف مرافق ومؤسسات المجتمع المسلم التي تتكامل أدوارها معاً لتحقيق عملية التوجيه المطلوبة ؛ إلا أن أبرز الجهات التي لا يُمكن إغفال دورها في هذا الشأن هي المؤسسات العلمية والتعليمية وبخاصةٍ الجامعات ، والمعاهد ، ومراكز البحث العلمي التي يقع عليها الجزء الأكبـر من هذه المهمة العظيمة ؛ لأنها تزخر بكثيـرٍ من الطاقات البشرية الفاعلة ؛ المتمثلة في العُلماء ، والمفكرين ، والأساتذة ، والباحثين ، وطلبة العلم ، والدعاة وغيرهم من الغيورين الذين عليهم أن يحتسبوا هذا العمل الجليل عند الله تعالى ، وأن يحرصوا على توظيف طاقاتهم ، وإمكاناتهم ، ومواهبهم بشكلٍ فاعلٍ ومنظمٍ لخدمة هذه العملية بصورةٍ يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المقصودة ، والغايات المنشودة ؛ لإعادة بناء الأمة المسلمة وتصحيح مسارها . 
والخلاصة أننا بحاجةٍ ماسةٍ إلى عملية التوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف حتى تتمكن الأمة بذلك من العودة إلى ذاتها ، وبناء هويتها المميزة التي تُمكنها من الانطلاق مرةً أخرى إلى بناء حضارة الأمة المسلمة التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها خير أُمةٍ أُخرجت للناس . والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والسداد ، والهداية والرشاد والحمد لله رب العباد .




المرجع : http://www.saaid.org/Doat/arrad/15.htm


07‏/03‏/2014

الشيخ عبدالله المصلح في لقاء الجمعة مع عبدالله المديفر - الإعجاز في القرآن

02 كتاب الطهارة من المحرر في الحديث لابن عبدالهادي شرح الشيخ/د.عثمان الخميس

بلا حدود مع مستشار الرئيس مرسي يحيى حامد الحلقة الثانية

القرآن الكريم تلاوة 62 سورة بصوت الشيخ محمد البراك

05‏/03‏/2014

الصداقة الحقيقية .flv

طلب العلم :


إن طلب العلم لا غنى عنه لأي شاب يريد عبادة ربه تبارك وتعالى والاستقامة على دينه ، فضلاً عمن يريد الدعوة لدين الله.
ولقد كان شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يدركون أهمية العلم وفضله، بل وضرورته، ولذا حفظت لنا سيرهم المواقف العديدة من حرصهم على العلم وعنايتهم به، وهي مواقف يصعب استقصاؤها، لكني أشير إلى أهم ما وقفت عليه من خلال المظاهر الآتية:

المبادرة والحرص على التعلم والسماع :
فها هو أحد شباب الصحابة وهو عبد الله بن الحارث - رضي الله عنه - يقول: أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: "لا يبول أحدكم مستقبل القبلة" وأنا أول من حدث الناس بذلك. [رواه أحمد 17717، 17718].
إنها صورة من صور المبادرة في سماع العلم وتبليغه، وهو حين يكون أول سامع وأول مبلغ فلم يكن ذاك في مجتمع غافل بعيد عن العلم والعناية به، بل في مجتمع العلم والعلماء.
وكان عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - وهو من صغار الصحابة حريصاً على تلقي العلم، فكان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع وأهَّله ذلك لإمامتهم، كما سبق قبل قليل في حفظ القرآن.
ويحكي لنا أحدهم وهو عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب بضعاً وعشرين مرة، أو بضع عشرة مرة: (قل يا أيها الكافرون). و (قل هو الله أحد)". [رواه أحمد 2/ 58 5214].
وفي إحدى روايات الحديث يقول: "رأيت رسول الله..".
إن هذا الاستقصاء والحرص دليل على مبلغ العناية بالتعلم، وحين ندرك أن ذلك كان في صلاة النافلة، وفي قراءة سرية نعلم مبلغ الجهد الذي بذله - رضي الله عنهما - في تتبع ذلك.
ولهذا كانوا يحرصون على تتبع أحواله صلى الله عليه وسلّم كما حكى زيد بن خالد - رضي الله عنه - إذ قال: "لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم الليلة، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة". [رواه مسلم 765].

حفظ العلم :
إن هذا الحرص على التحصيل والتعلم لم يكن شعوراً داخلياً فحسب بل نتج عنه التحصيل والحفظ والإدراك.
وهذه شهادة من عمران بن حصين - رضي الله عنه - في الحفظ لأبي قتادة في حديثه الطويل؛ إذ حدث أحد الرواة عنه وهو عبد الله بن رباح فقال: إني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع إذ قال عمران بن حصين: انظر أيها الفتى كيف تحدث فإني أحد الركب تلك الليلة قال: قلت فأنت أعلم بالحديث، فقال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار، قال: حدث فأنتم أعلم بحديثكم قال فحدثت القوم فقال عمران: "لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدا حفظه كما حفظته". [رواه مسلم 681].
والنعمان بن بشير - رضي الله عنه - يذكر عن نفسه أنه حفظ ما لم يحفظه غيره إذ يقول: "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة - العشاء - ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصليها لسقوط القمر لثالثة - غياب القمر ليلة الثالث من الشهر -". [رواه الترمذي 165، والنسائي 528، وأبو داود 419].

تخصيصه صلى الله عليه وسلّم لهم بالوصية والتعليم :
ومادام هؤلاء بهذا القدر من الحرص على العلم، والإقبال عليه والشغف به فقد عني صلى الله عليه وسلّم بتعليمهم؛ فتحفل السنة النبوية بالعديد من المواقف التعليمية التي يخص فيها صلى الله عليه وسلّم أحداً من هؤلاء بوصية أو موعظة أو تعليم حكمة، ومن ذلك:
تعليمه صلى الله عليه وسلّم لمعاذ - رضي الله عنه - مسألة من أعظم المسائل في التوحيد فيقول - رضي الله عنه -: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلّم على حمار يقال عفير، فقال: "يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟" قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً". [رواه البخاري 2856، ومسلم 30].
ولعظم شأن هذا الحديث لا يجد من صنف أو تحدث في توحيد الله مناصاً من إيراده والاستشهاد به.
ومرة أخرى يعلم صلى الله عليه وسلّم معاذاً - رضي الله عنه - باباً من أبواب الخير فيقول له: "ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟" قال: وما هو؟ قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله". [رواه أحمد 22057].
ويوصي صلى الله عليه وسلّم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وصية بالغة عظيمة، يرويها لنا بنفسه فيقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". [رواه البخاري 6416].
ومن ذلك تعليمه صلى الله عليه وسلّم للحسن - رضي الله عنه - دعاء القنوت. فيقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت". [رواه الترمذي 464، والنسائي 1745، وأبو داود 1425، وابن ماجه 1178].
وعلَّمَ البراءَ بن عازب - رضي الله عنه - دعاءً للنوم فقال: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به. قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلّم فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت". [رواه البخاري 247، ومسلم 2710].
وروى شداد بن أوس - رضي الله عنه - حديث سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" قال: "ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة". [رواه البخاري 6306، والحديث يدل على قيمة تلقي العلم عن أهله، فمن كان أستاذه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه].
وفي رواية للترمذي أنه صلى الله عليه وسلّم قال له: "ألا أدلك على سيد الاستغفار؟". [رواه الترمذي 3393].
إن كثيراً ممن يقرأ هذه النصوص يدرك منها حرص النبي صلى الله عليه وسلّم على تعليم أصحابه، وهو معنى صحيح بلا شك.
لكنها تدل بالإضافة إلى ذلك على حرص الشباب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم على التعلم وطلب العلم، فالعلم لا يبذل إلا لمن يريده ويحرص عليه.

كتابة العلم :
وتميز بعضهم بالحرص على كتابة العلم إذ كانت الكتابة وسيلة لحفظه وضبطه، فن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب". [رواه البخاري 113].
ويحدثنا هو - رضي الله عنه - عن ذلك فيقول: "كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق". [رواه أحمد، وأبو داود 3646، والدارمي 490].

الحرص على السؤال :
ومن صور حرصهم على العلم - رضوان الله عليهم - السؤال، فتحفل السنة النبوية بالعديد من النصوص التي فيها سؤالهم له صلى الله عليه وسلّم عن مسائل من العلم وإجابته لهم صلى الله عليه وسلّم ومن ذلك:
ما يرويه لنا معاذ - رضي الله عنه - قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت".
ولما كان صلى الله عليه وسلّم مدركاً لحرصه - رضي الله عنه - زاده مما لم يسأل عنه - ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل. قال ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ...) حتى بلغ: (... يَعْمَلُونَ). [ السجدة: 16- 17] ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت له: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه فقال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". [رواه أحمد 22077، والترمذي 2616].
ويسأل أنس بن مالك - رضي الله عنه - النبي صلى الله عليه وسلّم عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها، قال: "ليصلها إذا ذكرها". [رواه أحمد 13267].
وحين تواجه أحدَهم واقعةٌ يبادر بالسؤال عن الحكم الشرعي فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فتى شاب من بني سلمة فقال: إني رأيت أرنباً فحذفتها، ولم تكن معي حديدة أذكيها بها، وإني ذكيتها بمروة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم: "كل". [رواه أحمد 14499].
وحين تفوت أحدَهم سنة عن النبي صلى الله عليه وسلّم يسأل غيره عنها كما يحكي لنا عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه في يوم فتح مكة "دخل صلى الله عليه وسلّم على ناقة لأسامة بن زيد، حتى أناخ بفناء الكعبة، فدعا عثمان بن طلحة بالمفتاح، فجاء به ففتح، فدخل النبي صلى الله عليه وسلّم وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة، فأجافوا عليهم الباب ملياً، ثم فتحوه، قال عبد الله - ابن عمر -: فبادرت الناس، فوجدت بلالاً على الباب قائماً، فقلت: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ قال: بين العمودين المقدمين، قال: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟". [رواه أحمد 2/ 33 4890].
ويبلغ السؤال عن مسائل العلم عند بعضهم قدراً من الأهمية يجعله يبادر فيه كما يحكي لنا ابن عمر - رضي الله عنهما - عن نفسه قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلّم وهو يريد أن يدخل حجرته فأخذت بثوبه، فسألته فقال: "إذا أخذت واحداً منهما بالآخر فلا يفارقنك وبينك وبينه بيع". [رواه أحمد 5554].

العلم أهم حوائجهم :
والسؤال عن العلم أولى عند بعضهم من حوائجه الخاصة فحين قدم قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ومعهم شاب هو عبد الله بن واقد السعدي وكان أصغرهم سألوه حوائجهم أما هو فكان له شأن آخر، فلنستمع إليه يحدثنا عن حاجته:
وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في وفد كلنا يطلب حاجته، وكنت آخرهم دخولاً على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، إني تركت من خلفي وهم يزعمون أن الهجرة قد انقطعت، قال: "لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار".
وفي رواية: "فدخل أصحابي فقضى حاجتهم، وكنت آخرهم دخولاً، فقال: حاجتك".... [رواه أحمد 22387، والنسائي 4172].

الفهم والفقه :
والعلم لا يقف عند مجرد الحفظ والسؤال، بل لابد من الفقه والفهم؛ إذ هو الوسيلة لأن يتحول العلم إلى عمل ويبدو أثره على صاحبه، لذا فقد كان لشباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم نصيب ورصيد من ذلك، سأل صلى الله عليه وسلّم أصحابه يوماً، فقال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟. فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: هي النخلة". [رواه البخاري 131، ومسلم 2811].
وعن علي - رضي الله عنه - قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، قال: فلما خرجوا قال: وجد عليهم في شيء فقال: قال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن تطيعوني؟ قال: قالوا: بلى، قال: فقال: اجمعوا حطباً ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، قال: فهمَّ القوم أن يدخلوها، قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلّم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا، قال: فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فأخبروه فقال لهم: "لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً إنما الطاعة في المعروف". [رواه أحمد 624، وهو في الصحيحين دون موضع الشاهد].
إن هذا الشاب مع فقهه وفهمه - رضي الله عنه - يضرب لنا مثلاً في التأني وعدم التعجل في إصدار الأحكام، وأن تكون مواقف المرء موزونة بميزان الشرع الدقيق، لقد تعارض لديه أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بطاعة هذا الأمير، وكونه قد اتبع النبي صلى الله عليه وسلّم فراراً من النار، فلم يقل لا نطيعه، إنما قال: لا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلّم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا.
فما أجدر طالب العلم أن يتحلى بالاتزان والتأني في إصدار الأحكام، ومراعاة الأمر من جميع جوانبه.
ويناقش أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أحد أصحابه فيقره صلى الله عليه وسلّم على ما ذهب إليه، فعنه - رضي الله عنه - قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال رجل: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو مسجدي، وفي رواية: فقال رجل من بني خدرة.
وقد بينت رواية مسلم أن الرجل من بني خدرة هو أبو سعيد، إذ هو الذي دخل على النبي صلى الله عليه وسلّم فسأله، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: "هو مسجدكم هذا" لمسجد المدينة، قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره. [رواه مسلم 1398].
إن الفهم والفقه هو الذي يعين على تحول العلم إلى عمل، واستثمار هذا العلم والاستفادة منه، وهو الذي يعين على الانضباط وعدم الجمود على ظاهر نص لم يفهمه المرء ولم يفقهه ومعارضة النصوص الأخرى به.
ولهذا أثنى المعلم الأول صلى الله عليه وسلّم على أولئك الذين يفقهون فعن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". [رواه البخاري 79، ومسلم 2282].

شهادته صلى الله عليه وسلّم لهم بالعلم :
ويعطي صلى الله عليه وسلّم شهادة عظيمة - وهو الذي لا ينطق عن الهوى - بأن أعلم هذه الأمة بالحلال والحرام هو أحد شباب الصحابة - رضوان الله عليهم - ألا وهو معاذ بن جبل رضي الله عنه .
وشهادة لآخر من الشبان هو زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فيشهد له صلى الله عليه وسلّم أنه أفرض الأمة. يقول صلى الله عليه وسلّم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". [رواه الترمذي 3790، وابن ماجه 155].
ومن جوانب عناية هؤلاء بالعلم، وسبقهم في تحصيله أن غالب المكثرين في الرواية هم من الشباب كجابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - جميعاً.
ولئن كان من أسباب تميز هؤلاء بكثرة الرواية تأخر موتهم فهل هذا وحده هو السبب الأوحد؟. إننا حين ندرك أن الكثير من الصحابة غيرهم تأخر موتهم ومع ذلك لم تبلغ مروياتهم مبلغ هؤلاء، ندرك أن ثمت سبباً آخر يضاف لذلك ألا وهو عناية هؤلاء وحرصهم على السماع منه صلى الله عليه وسلّم أو السماع ممن سمع منه من كبار الصحابة، ويتضح ذلك من خلال سيرتهم وحرصهم على تتبع أحواله صلى الله عليه وسلّم. 


الاجتهاد وتحمل المشاق :
العلم مطلب نفيس لا يستطال ولا يدرك براحة الجسد، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم كانوا من أكثر الناس إدراكاً لهذه الحقيقة، وإليك هذا الشاهد من جلد وصبر حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - كما يروي ذلك بنفسه فيقول:
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجباً لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي عليه السلام من ترى؟ فترك ذلك وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح علي التراب، فيخرج فيراني، فيقول: ياابن عم رسول الله، ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني. [رواه الطبراني كما في المجمع 9/ 277، وقال: رجاله رجال الصحيح].

تعلم الإيمان:
عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه – قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم ونحن فتيان حزاورة. [الحَزَوَّر هو الغلام إذا اشتد وقوي وخدم، وهو الذي قارب البلوغ. اللسان 4/ 187]. فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً". [رواه ابن ماجه 61].
فهو يذكر لنا - رضي الله عنه - جانباً مهماً من جوانب التعلم التي قد غفل عنها كثير من طلبة العلم اليوم، فأهملوا تعلم الإيمان ومسائله، وشعروا أن العلم إنما يتمثل في تعلم مسائل الأحكام وحدها، والعناية بجمع آراء الرجال واختلافهم حول مثل هذه المسائل، ونسي أولئك أصل الأصول وأساس الأسس، لذا فلا نعجب حين ندرك هذا الخلل أن نرى عدم التوافق بين ما يحمله بعض الناس من العلم وبين سلوكه وسمته.
ولقد كان السلف - رضوان الله عليهم - يعنون بذلك فها هو ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: "ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم خشية الله". [جامع بيان العلم وفضله 2/ 52].
ومالك رحمه الله يقول: "العلم والحكمة نور يهدي به الله من يشاء وليس بكثرة المسائل". [جامع بيان العلم وفضله 2/ 52].
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: "هذا أوان يختلس العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء"، فقال زياد بن لبيد الأنصاري: يا رسول الله، وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئه نساءنا وأبناءنا، فقال: "ثكلتك أمك يازياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم؟" قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، قال: قلت: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال، قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت أخبرتك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً. [رواه الدارمي 288]. فهل يعد الخشوع اليوم علماً؟
وقال عبد الأعلى التيمي: "من أوتي من العلم ما لايبكيه لخليق أن لا يكون أوتي علماً ينفعه، لأن الله تعالى نعت العلماء، ثم قرأ القرآن (إن الذين أوتوا العلم... إلى قوله... يبكون). [الإسراء: 107 - 109]". [أخرجه الدارمي 291].
وقيل لسعد بن إبراهيم: "من أفقه أهل المدينة؟ قال: أتقاهم لربه". [أخرجه الدارمي 295].

التأدب في طلب العلم وتوقير أهله : 
إن الطالب قد تسيطر عليه العناية بتحصيل العلم وحرصه عليه فينسى ما رواء ذلك ويقع في سوء الأدب مع من يعلمه.
أما الشباب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم فلهم مع ذلك شأن آخر فعنايتهم - رضوان الله عليهم - بالسؤال وحرصهم عليه لم تكن لتخرجهم عن حدود الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلّم فها هو أحدهم وهو البراء بن عازب - رضي الله عنه - يقول: "إن كان لتأتي علي السنة أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن شيء فأتهيب منه، وإن كنا لنتمنى الأعراب". [رواه أبو يعلى].
ومن صور ذلك ما سبق من أدب ابن عباس - رضي الله عنهما - وتوسده الباب وامتناعه عن طرقه.
ولهذا عني أهل العلم ببيان آداب طالب العلم مع من يعلمه العلم، فيجدر بالشاب أن يتعلم مثل هذه الآداب ويلزم نفسه بها.

العبادة :
لقد كان شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وهم تلاميذ مدرسة النبوة قدوة لمن بعدهم في العبادة والاجتهاد فيها.
ومما حفظته لنا السير من عبادتهم - رضوان الله عليهم - ما حدث به النعمان ابن بشير - رضي الله عنه - على منبر حمص إذ قال: "قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح...". [رواه أحمد 18432].
إن شهود النعمان بن بشير - رضي الله عنه - هذه الصلاة مع ما وصف من حالها وهو صغير ليعطي الشاب المسلم الدافع والعزيمة للتأسي بهم - رضوان الله عليهم - والاجتهاد في عبادة ربه.
ومع شاب آخر من شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وهو عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فيقول: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلّم ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلّم ، وكنت غلاماً أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم ، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل" قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً. [رواه البخاري 3738- 3739].
وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - زوجه أبوه امرأة فكان يتعاهدها، فتقول له: نعم الرجل لم يكشف لنا كنفاً ولم يطأ لنا فراشاً - تشير إلى اعتزاله - فاشتكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فكان معه الحوار الطويل حول الصيام وختم القرآن وقيام الليل، وكان مما قاله - رضي الله عنه -: "دعني أستمتع من قوتي ومن شبابي".
وإنكار النبي صلى الله عليه وسلّم عليه ليس منصباً على حرصه على العبادة، إنما لكونه قد حمل نفسه مالا تطيق، ولهذا فلا غنى للشاب عن التوازن وألا يحمل نفسه مالا تطيق، وفي الوقت نفسه ينبغي ألا يكون ذلك حاملاً له على إهمال العبادة وعدم العناية بها.
وكان محمد بن طلحة - رضي الله عنه - يلقب بالسجاد لكثرة صلاته وشدة اجتهاده في العبادة، ولقد وصفه قاتله بذلك حين رفع عليه السيف فقال له محمد: نشدتك بحم، فأنشأ يقول:

وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
ضممت إليه بالقناة قميصه فخر صريعاً لليدين وللفم
على غير ذنب أن ليس تابعاً علياً ومن لايتبع الحق يَظْلم
يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم.

[أسد الغابة 5/ 93- 94].

وكان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - صواماً قواماً كما قال عنه ابن عمر - رضي الله عنهما - "أما والله إن كنت ما علمت صواماً قواماً وصولاً للرحم". [رواه مسلم 2545].

العبادة لا تفارقهم حتى في البيوت :
ولقد عمر أولئك - رضوان الله عليهم - بيوتهم بالعبادة والطاعة، فكانوا أسعد الناس بوصية النبي صلى الله عليه وسلّم: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر". [رواه مسلم 780].
حين سئل نافع رحمه الله عما يفعله ابن عمر - رضي الله عنهما - في منزله قال: لا تطيقونه: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. [رواه ابن سعد، وانظر:. سير أعلام النبلاء 3/ 215].
واليوم يشعر كثير من الشباب الصالحين أن بقاءه في منزله يكون مدعاة للزلل ومواقعة المعصية فلعل مما يعينه على تجاوز هذه المشكلة أن يأخذ بهذا الهدي النبوي فيكون له نصيب من عبادة الله في بيته ليعتاد العبادة وتصبح ديدناً له وشأناً.

وحتى في السفر :
والعبادة عند شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم ليست في حال الإقامة فحسب بل حتى في السفر فعن ابن أبي مليكة رحمه الله قال: "صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شطر الليل، فسأله أيوب كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ). [ق: 19] فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج". [سير أعلام النبلاء 3/ 342].
والأمر في السفر لا يقتصر على الصلاة بل يمتد إلى الصيام إذ يقول حمزة بن عمرو الأسلمي - رضي الله عنه -: يا رسول الله، أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ فقال رسول الله: "هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه". [رواه مسلم 1121 وفي رواية للبخاري 1943: "وكان كثير الصيام"]. وفي بعض روايات الحديث "إني رجل كثير الصيام، أفأصوم في السفر؟".
والشاهد من هذا الحديث ليس مجرد الصيام في السفر، إنما هو في عناية هذا الصحابي رضي الله عنه بالصيام، كما توضح ذلك الرواية الأخرى، والصيام من العبادات التي يحتاجها كل مسلم والشباب بالأخص إذ أوصاهم صلى الله عليه وسلّم بذلك في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". [رواه البخاري 5065 ومسلم 1400].

الحرص على أعمال الخير:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلّم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلّم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلّم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال: نعم قال: أنس وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لك ثلاث مرار: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق". [رواه أحمد 3/ 166].
وسأل أنس - رضي الله عنه - النبي صلى الله عليه وسلّم أن يشفع له، كما يحدثنا هو عن ذلك: سألت النبي صلى الله عليه وسلّم أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: "أنا فاعل" قال قلت: يا رسول الله، فأين أطلبك؟ قال: "اطلبني أول ما تطلبني على الصراط"، قال قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: "فاطلبني عند الميزان"، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: "فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن". [رواه الترمذي 2433، وأحمد 12831].
واليوم لسنا بحاجة إلى أن نتبع فلاناً لننظر ماذا يفعل، ولن نستطيع أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلّم أن يشفع لنا ونسأله أين نلقاه، لكن أبواب الخير وطرقه والأسباب التي يحصل بها المرء بإذن الله على الشفاعة قد بينها لنا صلى الله عليه وسلّم أتم بيان، فلم يبق إلا العمل.
ومن رحمة الله بعبادة أن وسع لهم أبواب التقرب والعبادة من تلاوة وذكر وصيام وصدقة، فيشعر المسلم أن أبواب الخير واسعة، ومجالات الإحسان ليست قاصرة على نوع من أنواع الطاعات.
فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة".
قال حسان: "فعددنا ما دون منيحة العنز، من رد السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة". [رواه البخاري 2631].

04‏/03‏/2014

أقوال السف في الصدق :


- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما بويع للخلافة: "أيها الناس، إني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة" (رواه الطبري في (التاريخ) [3/210]، وابن الأثير في (الكامل) [2/192]).
- وقال عمر: "لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وهو محقٌّ، ويدع الكذب في المزاح، وهو يرى أنَّه لو شاء لغلب" ((روضة العقلاء) لابن حبان. ص [55]).
- وعن عبد الله بن عمرو قال: "ذر ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن دراهمك (رواه البيهقي في (الشعب) [7/66] [4653]، وابن حبان (روضة العقلاء) [55]). 
- وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة من الآية:42] أي لا تخلطوا الصدق بالكذب (رواه الطبري في (تفسيره) [1/568]).

- وعن إسماعيل بن عبيد الله قال: "كان عبد الملك بن مروان يأمرني أن أُجنِّب بنيه السمن، وكان يأمرني أن لا أطعم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز -البراز: المكان الفضاء من الأرض البعيد الواسع. انظر: (لسان العرب) لابن منظور [5/309])- وكان يقول: علِّم بنيَّ الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب، وإن فيه كذا وكذا يعني القتل" ((روضة العقلاء) لأبي حاتم البستي. ص [51]). 
- وقال ميمون بن ميمون: "من عُرف بالصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه" ((عيون الأخبار) لابن قتيبة [2/27]).

- وقال الفضيل بن عياض: "ما من مضغة أحب إلى الله من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى الله من لسان كذوب" ((روضة العقلاء) لأبي حاتم البستي. ص [52]).

- وقالوا: "من شرف الصدق أن صاحبه يصدق على عدوه" ((عيون الأخبار) لابن قتيبة [2/26]). 
- وقال الأحنف لابنه: "يا بني، يكفيك من شرف الصدق، أنَّ الصادق يُقبل قوله في عدوه، ومن دناءة الكذب، أن الكاذب لا يُقبل قوله في صديقه ولا عدوه، لكلِّ شيء حِليةٌ، وحليةٌ المنطق الصدق؛ يدلُّ على اعتدال وزن العقل" ((نهاية الأرب في فنون الأدب) للنويري [3/224]).

- وقال إبراهيم الخواص: "الصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه، أو فضل يعمل فيه" ((مدارج السالكين) لابن القيم [3/20]).

- وقيل: ثلاث لا تخطئ الصادق: الحلاوة والملاحة والهيبة" ((مدارج السالكين) لابن القيم [3/20]).

- وقال أبو حاتم: "الصدق يرفع المرء في الدارين كما أنَّ الكذب يهوي به في الحالين، ولو لم يكن الصدق خصلة تحمد؛ إلا أنَّ المرء إذا عرف به قُبل كذبه، وصار صدقًا عند من يسمعه؛ لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه حتى يستقيم له على الصدق، ومجانبة الكذب، والعيُّ في بعض الأوقات خير من النطق؛ لأنَّ كلَّ كلام أخطأ صاحبه موضعه، فالعيُّ خير منه" ((روضة العقلاء) ص [54]). 
- وقال الجنيد: حقيقة الصدق: أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب" ((مدارج السالكين) لابن القيم [3/20]).

- وقال القيني: "أصدق في صغار ما يضرني، لأصدق في كبار ما ينفعني" ((عيون الأخبار) لابن قتيبة [2/28]).

- وقال بعض البلغاء: "الصادق مصان جليل، والكاذب مهان ذليل). وقال بعض الأدباء: (لا سيف كالحق، ولا عون كالصدق ((أدب الدنيا والدين) للماوردي. ص[270]).

- وقال بعضهم: "من لم يؤدِّ الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت، قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق وقيل: من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل، وقيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك؛ فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك؛ فإنه يضرك، وقيل: ما أملق -أملق الرجل، فهو مملق إذا افتقر. ((لسان العرب) [10/ 348])- تاجر صدوق" ((مدارج السالكين) لابن القيم [3/22]).

- وروي أن بلالًا لم يكذب منذ أسلم، فبلغ ذلك بعض من يحسده، فقال: اليوم أكذبه فسايره، فقال له: يا بلال ما سنُّ فرسك؟ قال عظم، قال: فما جريه؟ قال: يحضر -الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه. ((القاموس المحيط) ص [376])- ما استطاع. قال: فأين تنزل؟ قال: حيث أضع قدمي. قال: ابن من أنت؟ قال ابن أبي وأمي. قال: فكم أَتى عليك؟ قال: ليالٍ وأيامٌ، الله أعلم بعدها. قال: هيهات، أعيت فيك حيلتي، ما أتعب بعد اليوم أبدًا" ((نهاية الأرب في فنون الأدب) للنويري [3/225]).

02‏/03‏/2014

فقه الدعوة الفردية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد  وعلى ءآله وصحبه أجمعين 
أما بعد : 
إنها لسعادة غامرة حقًا، تلك التي يعيشها قلب الداعية المؤمن حين يطرق سمعه نداء نبي الهدى له من وراء السنين: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير مما طلعت عليه الشمس".
إنها سعادة المستبشر الطامع في ذلك الثواب الجزيل الذي وعد الله جل وعلا به كل عامل نشيط أعطى المجهود من نفسه في دلالة الخلق على ربه، ولمثل هذه السعادة كان أحد الصالحين يقول:"إذا رأيت وجه مريد صادق قد أفلح على يدي شبعت وارتويت واكتسيت كيف خرج مثله من تحت يدي".
أجل، فهذا ريّ الداعية الصادق وذاك شبعه وتلك كسوته، يوم أن يوفقه الله في نقل مسلم من ركب الهوى والضلال، إلى رحاب الإيمان والالتزام، محدثًا بذلك اختلالاً في ميزان القوة بين أولياء الرحمن وحزب الشيطان،
ثم تتوالى الانتشالات تجر من بعدُ اختلالات، حتى يأتي ذلك اليوم الموعود الذي يشفي الله فيه صدور دعاة مؤمنين، فتطيش فيه كفة الباطل المزهوة أمام كفة الحق الراسخ التليد، كان ذلك في يقين الدعاة حتمًا مقضيًا "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" (الرعد: 17).
ولكن دون هذا الأجر الجزيل وذاك النصر المأمول مفاوز وفلوات لا يجيد شق طريقها، والسير عبر دروبها إلا كل داعية بصير، ذو رأي سديد، وبصر حديد، تستقبل العقول الضمآى كلماته، وتحتضن القلوب الحيرى توجيهاته وتصويباته، القائمة على منهج الرحمة والتيسير، ...مستلهما كل ذلك من توجيه القرآن: "قُُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف:108).
تأتي هذه المقالة في إطار بيان دور الدعوة الفردية، وأسسها وأساليبها، ومراحلها.علَّها تكون خير دليل لمن يسلك هذا الدرب الصعب، أو يرنو إلى اقتحامه، وإنه يسير لمن يسَّره الله عليه.
1-أهمية الدعوة وضرورتها:
حاجة المسلم إلى توجيه أخيه المسلم وإرشاده حاجة لا تنقطع أبداً، وحاجة الأمة إلى تناصح أفرادها وتآزرهم بما يكفل لهم حفظ أمتهم ويستبقيها رفيعة العماد وطيدة الأركان، تُعدُّ أولى الاهتمامات، وأساس الضروريات.
هذا المدخل يفرض علينا طرح سؤال ملحِّ:من يتحمل عبء التبليغ والتوجيه والتعريف بالله ونبيه، وبالدين إجمالاً ؟
الجواب:إنها الأمة الإسلامية، فوظيفتها أن تدعم الخير، وأن تعلي من صوت المعروف، وأن تحمي قواعد الإيمان، وأن تجعل من كيانها موئلاً للفضائل، وأن تكره الآثام وتنكر لفاعليها، وتعقِّب على أخطائهم وخطاياهم بالتفنيد والرد. وظيفة هذه الأمة حراسة وحي السماء وإبقاء مناره عالياً يومض بالإشعاع الهادي كي يهتدي به السائرون في ظلمات البر والبحر: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران: 104)، بل إن هذه الوظيفة هي دلالة الخيرية الواردة في الآية القرآنية: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (آل عمران 110).
فكما جاء الرسول(ص) من عند الله معلما ومبشراً ونذيراً، وكما أخرج هذه الأمة من العمى إلى الهدى، فعلى أتباعه أن يشيعوا الحق الذي شرفوا به، وأن ينشروا الرسالة التي نزلت بينهم، وأن يكونوا جسراً تعبر عليه الهداية لتعم أرجاء الأرض "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"(البقرة 143).
لقد فهم السلف الصالح هذه الوظيفة وأدرك أبعادها وجليل آثارها: فهم أن آداء الدعوة واجب، وأن إبلاغ رسالات الله حق، وأن حبس أنوار الإسلام عن التائهين والحيارى جريمة...فهموا كل هذا فانطلقوا ينشرون الخير ويوجِّهون الخلق ويرسمون للحائرين المنهج.

2-تعريف الدعوة الفرديَّة: عبارةٌ عن علاقةٍ موجَّهةٍ بين الداعي والمدعو قائمةٍ على الاحتكاك المباشر والاتصال القويِّ الذي يهدف إلى توجيه فكر المدعوِّ وسلوكه وفق المنهج الإسلاميّ.
فهي لا تحتاج إلى خطيبٍ بارع، ولا إلى عالمٍ فقيه، بل تحتاج إلى مسلمٍ ملتزمٍ بإسلامه فهماً وسلوكاً تمثَّل وصف الله تعالى لنبيِّه(ص): "عزيزٌ عليه ما عنتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" (التوبة 128).
فالدعوة بهذا المفهوم كالمستشفى، تعالج المرضى بالمعاصي لا الأصحاء بالطاعات، فهل يُعقل أن يستقبل المستشفى الأصحاء ويترك المرضى! فالداعي كالطبيب، لا يعقل أن يعطي الدواء لصحيح وبترك مريضاً ؟ أو أن يقاطع الطبيب المريض لأنه مريض ؟!
إن العاصي مريض يتألَّم بالأضرار التي يجنيها من معاصيه (كذب، سرقة، زنا،...) ثم هو لا يجد من يلجأ إليه غير الدعاة، أفيلجأ إلى مريض مثله أو أكثر مرضاً ؟
لو قاطع كل الدعاة من يدعونهم، فمن يدعون إذن ؟وكيف ستصل دعوتهم للناس؟! إن الكل سيشقى-دعاة ومدعوين- لغياب نظام الإسلام في حياتهم.
3-ميزات الدعوة الفردية:
هناك ميزات عدة للدعوة الفردية كما يلي:
1- الدعوة الفردية توجِّه المدعو توجيهاً متكاملاً، فلا تقتصر على جانب واحد وتهمل الباقي، وهذا ما يُعرَف بالشمولية في التربية،فمن خلالها يمكن التنبيه على كثير من الأخطاء التي يقع فيها المدعو.
2- تُحدث الدعوة الفردية صلة بين المدعو والداعية مما يهيئ المدعو للاستجابة، بخلاف الدعوة الجماعية التي لا تواصل فيها في غالب الحالات.
3- بالدعوة الفردية يمكن الرد على كثير من الشبهات التي تُلْقى على مسامع الأفراد، والتي لا يمكن التحدث بها في الدعوة الجماعية.
4 - بالدعوة الفردية يمكن إيصال الحق إلى الذين نفروا- أو نُفِّرُوا- عن سماعه وعن مجالسة الدعاة.
5- الدعوة الفردية لا تحتاج إلى غزارة علم بقدر ما تحتاج إلى حكمة في الدعوة، فالطالب في مدرسته، والموظف في مكتبه، والعامل في مصنعه، وهكذا يمكن القيام بها في أي مكان وفي أي وقت، فهي تتميَّز بالحرية المطلقة في كل الحالات والظروف.
6- تُكسب الداعية خبرة ومعرفة بأحوال الناس، وتكسر الحاجز الوهمي الذي تضعه بين الناس.
7 - تتيح للداعية أن يطبق ما تعلمه من مفاهيم؛ كالصبر، والتضحية، وهي في نفس الوقت عملية بناء لشخصيته الاجتماعية.