مدونة المعارف

28‏/05‏/2008

الوجه الآخر للشيخ أبوزيد محمد حمزة

لشيخ أبو زيد محمد حمزة .. أحداث مواقف ذكريات


,, وضعني في السجن مع امرأة مخمورة بغرض الإهانة .......................... الرئيس نميري اعتقلني بسبب آية (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء) ,,

( ليس لدي أوقات فراغ اقضيها في غير العبادة والعلم والدعوة إلى الله) هذا ما قاله الشيخ أبوزيد حينما سئلناه عن وقته كيف يقضيه وزاد على ذلك (ما تسأل عن أبوزيد إلا يقولوا ليك عندو درس .. عندو محاضرة). فكانت أوقات الشيخ وزمنه كلها مسخرة في سبيل مرضاة الله، وحينما أردنا أن نكتشف وجهه الآخر في الحياة .. بعيداً عن أجواء الخلاف و المشاكل في أوساط أنصار السنة كان لنا هذا الحوار مع الشيخ أبوزيد محمد حمزة الذي ساح بنا عبر مواقف وأحداث وأماكن وذكريات ومحطات عديدة في حياته وكانت الجلسة شيقة وما يشد المتابع لكلامه يجد في سرده للأحداث السابقة كأنها ماثلة أمامه من فرط قوة ذاكرته ... لمعرفة الوجه الآخر من حياة الشيخ أبوزيد تابع ثنايا الحوار:

ما الذي لا نعرفه عن الشيخ أبوزيد؟

ألما بتعرفوا عني!.. يعني عمري كم؟!.. وحالتي الاجتماعية؟!.. دا العايزين تعرفوا عني؟

مثلاً ما هي المهن التي عملت بها من قبل ؟

اشتغلت داعية فقط، لم أشتغل حاجة غير كدا، وتنقلت بين حلفا ورفاعة والإسكندرية، اشتغلت داعية بمساجد أنصار السنة بالقاهرة، ثم عدت إلى السودان متفرغًا للدعوة بمسجد الحارة الأولى (الثورة، أم درمان)

إذا رجعنا بك إلى الوراء... حدثنا عن ذكريات ما زالت عالقة بذهنك عن أماكن تكن لها الحنين؟

حلفا القديمة ... اتربينا فيها نشأنا فيها، فيها أصحاب تعرَّفنا عليهم.. كما شهدت فترة دراستي الأولية بمدارسها المختلفة.

حيث كانت بداية الإنطلاقة في الدعوة إلى الله.. مناطق ومدن مختلفة زرتها لتقديم الدعوة مازالت ذكرياتها عالقة بذهني.

الشيخ أبو زيد ..(أحداث) أو (مواقف) حصلت في سنين مضت، تمنيت لو استطعت أن تصححها؟

هنالك أحداث كثيرة ومواقف متعددة حصلت في مسيرة الدعوة إلى الله منها ما كان يمثل عقبات ومتاعب، وفي الدعوة يواجه الداعية أنماط مختلفة من السلوك والتعامل، ولو لم يعرف الداعية حال الناس وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقياتهم لا يستطيع أن يواصل المشوار في الدعوة.


,, بهرتني أوروبا بجمالها و حزنت لانحطاط أخلاق أهلها ,,

سبق أن قمت بزيارة دعوية لعدد من الدول الغربية تحديدًا في أوربا ... ما هو الانطباع الذي خرجت به عن تلك الدول؟

سبق أن ذهبت في رحلة دعوية إلى دول مثل هولندا، بليجيكا، فرنسا وألمانيا، وقمنا بإلقاء محاضرات في مراكز إسلامية ومساجد في تلك البلاد. وهذه البلاد جميلة وحلوة... نظيفة والناس جادون في عملهم ولكن بيئتهم وأخلاقياتهم منحطة ... صحيح أن بلادهم واسعة وعمرانهم جميل لكن خباياهم ومعتقداتهم منحطة وأشياء كثيرة لم تعجبني وأشياء أعجبتني..مثلاً معاملة كبار السن وتخصيص ملاجئ خاصة لهم، و لا توجد أسرة ملتئمة.. كلٌ يمشي على هواه سواء الزوج أو الزوجة أو الأبناء!!.. وكذلك في أوروباالقبر يؤجر للموتى ومن لا يؤجر من الأوربيين يمكن أن يحرق جثة قريبه المتوفى!.. وتوضع رفاة الجثة المتوفاة في (برطمانه) تسلم لذوي المتوفى.. وكل هذه الأفعال قيم منحطة تتنافى مع مبادئ الإسلام التي تكرم الإنسان حياً وميتاً.. وكذلك لم يعجبني صور ومشاهد الناس في الطرقات.

وما هي الأشياء التي أعجبتك في تلك الدول؟

أعجبتني صور المراعي الخضراء في أوربا على امتداد البصر والغريب أن الأبقار في تلك المزارع على درجة من النظام - وهي تعقل ذلك لوحدها- حيث أنه عندما يحين وقت الحليب للأبقار في الأمسيات تصطف الأبقار دون أن ينظمها أحد، فكل واحدة تدخل إلى المكان المخصص لحلبها ومن ثم تنصرف دون ازدحام أو فوضى.. وكذلك عجبت لواقع الغرب في بنائه للكنائس الشامخة والعملاقة، ولكنها مطبَّلة-مغلقة بالطبلة- لا أحد يدخلها، لا في الأحد ولا غيره!.. وأنا أتعجب لماذا يصرون على فتح كنائس في بلادنا الإسلامية!؟.. هذا يدل على أن لديهم غرضاً في ذلك.. وكذلك أعجبني نهر (الراين) بجماله وروعته وجسوره المعلقة عليه، وما عليه من مناظر جملية وحلوة.. والدعوة الإسلامية منتشرة والحمد لله. ولكن للأسف الآذان مداه لا يتعدى محيط المسجد لأن الحكومات تمنع أن يتعدى صوت المؤذن حرم المسجد.

أكثر الأيام قسوة وصعوبة في حياة الشيخ أبوزيد؟

أكثر أيام كانت صعبة ولكنها كانت جميلة في نفس الوقت، هي أيام الدعوة في الستينيات والثمانينيات كانت أيام صعبة للدعوة وكنا في خطر دائم وكانت أيام جهاد وعمل إسلامي ودعوة إلى التوحيد وكان الاقتناع بالسلفية صعبًا لأن الناس كانوا يعتقدون في طرقهم ومشايخهم ويتمسكون بالخرافة.. وكانت الدعوة تحتاج إلى صبر وتحمل، أصابنا الأذى العقلي والقولي والإساءة.

طريق الدعوة إلى الله ليس مقروشاً بالورود والرياحين.. هل سبق أن تعرض الشيخ أبوزيد محمد حمزة للسجن والمحاكمة في حياته؟

حصل ذلك في زمن نميري .. دخلت السجن، وسبب دخولي السجن كان آية قرآنية قرأتها في المسجد.. وحاصر عساكر النميري منزلي وتم تفتيش المنزل ووضعت في الزنزانة عشرة أيام، ومثلت أمام محكمة مكونة من قاضيين.. وسألوني ليه بتبدأ الخطبة بالآية القرآنية (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك مِن مَن تشاء).. فرددت أنني ليس لدي قصد وإنما في كل خطبة أبدأ بهذه الآية.. فرد عليَّ القاضي: ما في آية غير دي تقرأها... فقلت له :الآية دي عيبها شنوا؟!.. ومن إهانات النميري لي أن وضع معي في السجن امرأة (سكرانة)... وكذلك عمر محمد الطيب في عهد نميري كانت الأمور عنده مهزلة، يسجن دون سبب.. قام بسجني أنا والشيخ (مصطفى ناجي) عليه رحمة الله.

وسجنت شهر كامل في أحداث ودنوباوي في عهد نميري مع الإتحاديين والأنصار وكنت إمامًا للصلاة لقرابة الـ 300 معتقل داخل السجن..وفي أحد الجمع حينما خطبت قام (حاج نور) علية رحمة الله بالتعقيب على الخطبة وقام بالتعريض على نميري ونظامه، وحينما وصلت الأخبار إلى نميري اشترطوا علينا أن أخطب أنا دون أن يعقب أحدًا وإلا تمنع الصلاة الجماعية. وقبلنا بذلك.. أما في أيام الحادث المشهور بمسجدي سجنت شهرين كان سجن النميري أرحم منها.

و ماذا في برنامجك اليومي ... خلاف العلم والعبادة والدعوة إلى الله ؟

ليس عندي شغلة غير الذي قلته من علم وعبادة ودعوة، ما تسأل عن أبوزيد إلا يقولوا ليك عندو درس .. عندو محاضرة.. أما الاجتماعيات، فأنا لا أذهب إلاّ إلى العزاء أو مباركة الزواج ولا آخد زمن كثير فيها وزمني كله موظف للدعوة إلى الله.. و أقضي قدراً كبيراً من زمني في الدعوة.. أشعر بأنني أحيانًا أقصر في اجتماعياتي.

طيب.. في وقت القيلولة.. أو في أوقات الفراغ، ألا تستغل هذا الوقت في قراءات أخرى غير العلم الشرعي، أو في ممارسة هواية ما؟!

المصحف بتاعي في سريري البنوم عليهو.. وكتبي كذلك، أبحث فيها عن المسائل الشرعية وأقرأ القرآن .. ما عندي أوقات فراغ أقضيها في غير ذلك.

في مسيرتك الدعوية هل سبق أن التقيت بأهل السلطة من الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكم أياً منهم؟

مرةً كنت أخطب في المملكة العربية السعودية (بمنى) في مسجد نمرة بعرفات.. دخل الملك فيصل وكان الجمع كبيرًا وكان الإمام الهادي حينها موجوداً.. وكنت أتكلم وأخطب بانفعال وحينما دخل الملك لم أغير من نبرتي في الخطبة، فقام أحدهم يجر جلبابي حتى أخفف نبرتي وواصلت دون أن التفت أو أهتم بمقدم الملك حتى انتهت الخطبة.. وكذلك التقيت بالرئيس جعفر نميري في احد احتفالات أعياد المملكة السعودية، وجلس معي بالقرب مني، ولم أحب أن أذكره بما فعله معي من أشياء غير طيبة..أما زيارتي ولقائي مع الرؤساء فدائماً ما تكون في حدود الضرورة ..

وتعاملك داخل الأسرة.. كيف هو؟

الحمد لله متزوج من ثلاثة نساء ولدي أولاد وبنات، زوجتي الأولى تزوجتها منذ عام 1946م، وهي الآن كبيرة في السن، وأنا احترمها وأضعها في (عيوني) وأقدرها ولم أقصر معها في شيء، وتزوجت الثانية من شرق السودان، أما زوجتي الثالثة فقد تزوجتها قبل 9 سنوات من أم روابة.. والحمد لله أبنائي كلهم عندي سواء وليس لدي أي مشاكل أسرية وإنما جميعهم يكنون لي الاحترام والتقدير. وأنا من الذين لا يحتقرون المرأة وأقدرها جدًا.

أشياء يتمنى الشيخ أبو زيد أن تتحقق؟!

أن يزدهر الإسلام أن يرجع إلى سيرته الأولى.. التمكين في الأرض، والسيادة، والأمن والأمان والرخاء وبذلك تسعد البشرية.. وحال الأمة الإسلامية هذه الأيام يدعو إلى الحزن والشفقة؛ في بغداد عاصمة الرشيد..و في السودان.. من يصدق أن يتقسم السودان؟!.. وكذلك حالة الشقاق بين الأحزاب في البلدان الإسلامية والخلاف الذي يدب بينها.. الوفاق أصبح مفقوداً، وأتمنى أن يعيد الله للعالم أمنه، لأنه – العالم – أصبح يعيش عذابًا حسيًا.. ومن المقلق اضطراب العالم الإسلامي بسبب بعد الأمة عن القرآن تنكبها الصراط مع إن مصدر الهداية موجود، وحالها كما وصفها الشاعر:

كالعير في البيداء يقتلها الظمأ

والماء فوق ظهورها محمول

والغريب أن تضل الأمم والهداية موجودة. وأسباب زوال عذاب العالم هو الرجوع إلى الله (ولو أنهم أقاموا التوراة وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) .. وأتمنى أن ترجع الأمة إلى هدي الإسلام.

موقع المشكاة الاسلامية حاوره حيدر عبد الحفيظ

26‏/05‏/2008

نصر الله يؤكد قرب إتمام صفقة تبادل الأسرى

أكد الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، اليوم الاثنين، أن الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار "بات قريبًا جدًا"، وذلك في إطار صفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل.
جاء ذلك خلال الخطاب الذي ألقاه نصر الله بمناسبة ذكرى تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في مايو 2000. وكانت مصادر سياسية لبنانية كشفت في وقت سابق اليوم أن المفاوضات غير المباشرة برعاية الأمم المتحدة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني حول تبادل الأسرى حققت تقدمًا كبيرًا.
وقالت المصادر: إن وسيطًا ألمانيًّا أجرى محادثات مع مسئولين في حزب الله في بيروت الأسبوع الماضي، وإن حدوث انفراجة بات وشيكًا.
وتجري مفاوضات سرية بوساطة الأمم المتحدة لتأمين إطلاق سراح جنديين إسرائيليين مقابل الإفراج عن أسرى لبنانين وعرب. وكان الجنديان قد أُسرا في هجوم على الحدود في 12 يوليو تموز عام 2006 وهو ما أثار حربًا دامت 34 يومًا بين إسرائيل وحزب الله.
وكان المفاوض الألماني الذي عينته الأمم المتحدة قد بدأ مهمته في أواخر عام 2006، ومنذ ذلك الحين لم يسمع إلا القليل عن تلك المفاوضات. وتقول إسرائيل: إن الجنديين أُصيبا بجروح بالغة عندما أُسرا، لكن حزب الله رفض إعلان ما إذا كانا على قيد الحياة.
من جانبها، أفادت عائلة الأسير اللبناني في السجون الإسرائيلية سمير القنطار بأن هناك "إشارات إيجابية" إلى قرب الإفراج عن القنطار وأسرى آخرين لا يزالون في سجون الاحتلال.
وقال بسام شقيق القنطار، الذي يعتبر عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية لوكالة فرانس برس: "تم إبلاغي أن أمرًا ايجابيًا سيحصل لشقيقي ولجميع المعتقلين في السجون الإسرائيلية في غضون شهر". وأضاف أن "هناك إشارات إيجابية على هذا الصعيد".
وفي الإطار نفسه أفاد مصدر لبناني يتابع الملف أنه "سيتم الإفراج خلال فترة وجيزة عن الأسير (في إسرائيل) نسيم نسر". لكن مصدرًا في حزب الله رفض التعليق على هذه المعلومات.
ويعتبر القنطار ونسر ويحيى سكاف أبرز الأسرى اللبنانيين الذين بقوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي رغم حصول عمليات تبادل سابقة.
وتعود آخر عملية تبادل بين الجانبين إلى أكتوبر 2007، وشملت أسيرًا لبنانيًا واحدًا هو حسن نعيم عقل، وجثتي مقاتلين من حزب الله في مقابل جثة مستوطن إسرائيلي ومعلومات عن "قضايا إنسانية" تتعلق بالطيار الإسرائيلي رون آراد الذي فقد في لبنان العام 1986.
المصدر موقع اسلام اليوم

25‏/05‏/2008

البداية البدية

الحمدلله على نعمة الاسلام ولن يقبل الله دينا سواه قال تعالى :(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) الأية من سورة ال عمران .
والصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم) القائل: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أوينصرانه أويمجسانه....) الحديث .

ثم أمابعد...

أيها القراء الكرام الكل يعلم أن صلاح البدايه صلاح النهاية والإنسان الذي تربى تربية جيدة فلن يحتاج إلى تربية جديدة في الكبر.
والعلم في الصغر كالنقشى في الحجر ومن صلحة بدايته نجحت نهايته وكان من الناجحين في حياته .
وهكذا من كان مسلما مؤمن بربه وخالقه في الدنيا ومات على ذالك كا من السعداء في الاخرة .
وهذه وصية الله للمسلمين قال تعالى :( يايها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن الاوانتم مسلمون) سورة ال عمران .

24‏/05‏/2008

مسائل علمية او عادات اجتماعية


ظهرت في الآونة الأخير قضايا الأسهم المالية، واختلف العلماء فيها؛ بين مبيح ومحرم، وآخر يرى أنها محاربة لله ورسوله، وغيره يرى أنها ابتغاء من فضل الله، والعلماء بينهم يقدِّرون هذا الاختلاف، ويرونه من باب الاجتهاد في الرأي، ولا إنكار في مسائل الخلاف، وكل واحد يدلي بدلوه، بنَفَس علمي هادئ، وعامة الناس تلقَّوْا هذا الخلاف بالقبول، وتربَّوْا عليه، ولم يرَوْا فيه ما يهدد كيان التوحيد، أو فساد المجتمع!
وربما جلستَ في مجلس فيتحدث أحدهم بأنه سمع الشيخ فلاناً يقول بجواز أسهم كذا، وآخر يعترضه بأن غيره فلاناً أفتى بتحريمها، فيأخذ بعضهم بهذا وبعضهم بذاك، بما يرون أنه أوفق لدينهم ودنياهم.
وكم أنا سعيد بهذه التربية العلمية لدى العامة، وقبل هذا لدى العلماء، ولئن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على بيئة صحية علمية يسودها غير قليل من التفهّم والوعي المعرفي لقضايا الاجتهاد.
وبالمقابل فهناك الكثير من المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها السلف الصالح، ولا تزال مسائل اجتهادية تقبل الرأي وغيره، ومع ذلك فالمجتمعات الإسلامية بمختلف طوائفها وأرجائها تتشنج ضدّ مخالفيها، وهذا من التفرّق المذموم الذي نهانا الله عنه، والذي هو مقدمة بين يدي البغي والظلم والعدوان.
والأمثلة كثيرة، وكم سمعنا بمضايقات علمية وتعصّبات حزبية -عبر التاريخ الإسلامي- سببها مسألة اجتهادية يقر الجميع بأن السلف الصالح قد اختلفوا فيها.
وأدهى وأمرّ حينما تحدث شخصاً بأن الشيخ فلاناً يقول بكذا، فيرد عليك قائلاً: (وماذا بقي من الدين؟!)
وهل الدين برسالته الخالدة انتهى على هذه المسألة؟!
أم يريد هذا القائل أن نكون كالذين طبع الله على قلوبهم، واتبعوا أهواءهم، فجعلوا الدين بمقاصده العليا ورسالته العظمى وقفاً على قضية الحسين -رضي الله عنه وأرضاه- وكأن الدين كله جاء ليعلمنا بأن آل البيت هم أولى بالخلافة من غيرهم؟!
وعوداً على بدْء -وعلى سبيل المثال- فهل مسألة الغناء أو الإسبال أو الأخذ من اللحية أشد وأعظم من مسألة الربا؟!
وكل هذه مسائل اجتهادية!
أم أنها عادة اعتدناها فلا ينبغي أن نحيد عنها، إما من باب الإنكار على من لم يتبع الدليل -حسب فهمنا!!- لمن لم يعلم الخلاف، أو من باب المصلحة وحفاظاً على الناس من أن يفلتوا أو يضلّوا لمن يعلم الخلاف؟!
وبالله لو أن الناس -عامتهم وعلماءهم- عندنا اعتادوا في مسائل الأسهم على قول معين، وهو تحريمها؛ لأنها من ربا الجاهلية، ثم جاءنا من يفتي بجوازها لأدلته الخاصة، بالله ماذا نقول عنه؟! وكيف يبسط الناس عليه ألسنتهم وأيديهم بالسوء؟! وودّوا لو كفر بما يدين الله تعالى به في هذه المسألة واتبع أهواءهم، ولسان حالهم:
كيف تفتي بجواز ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!
كيف تسمح لك نفسك بمحاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!
كيف والأدلة والنصوص صحيحة صريحة بتحريم الربا؟!
كيف.. وكيف؟!
ولكن.. الحمد لله الذي وهب لنا علماء أفذاذاً أعطوا المسائل الاجتهادية قدرها من الاختلاف، وربّوْا الناس على تقبل هذا الخلاف، ونشروا بيننا وعياً معرفياً وعلمياً لتقبل المخالفين في المسائل الاجتهادية، وإننا لمدينون لهم بكثير من التقدير والاحترام، وهذا حقهم علينا

التطوير الثقافي، وتحديد الهوية في المنطقة العربية

كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الثقافة والتطوير الثقافي بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وتناول حديث التطوير المناهج الدراسية في معظم الدول العربية وبخاصة المناهج الدينية، كما تناول حديث التطوير وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المرئية والمقروءة والمسموعة، كي يُحذف منها كل ما يتعلق بالتحريض على الكراهية والعنف... الخ. وتبلورت مشاريع عدة تناولت التطوير الثقافي في المنطقة، وأبرزها مشروع الشراكة الثقافية بين أمريكا والشرق الأوسط الذي طرحه كولن باول في 12/12/2003، كما تحدّث مشروع الشرق الأوسط الكبير عن برامج ثقافية أيضاً للمنطقة العربية، وكلما جاءت كوندوليزا رايس وغيرها من القيادات الغربية كانوا يلقون محاضرات في الجامعات والمؤتمرات والندوات تدعو إلى نشر ثقافة الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان... الخ.
ومن الملاحظ أن مثل هذا الحديث عن الثقافة والتطوير الثقافي تجاهل أمراً أساسياً وهو أن الحديث قديم، وهو قد بدأ منذ أن ذهب رفاعة رافع الطهطاوي في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى باريس، وعاد وهو الشيخ الأزهري بملاحظات عدة عن باريس والمجتمع الفرنسي والحضارة الغربية، وكان ثمرة ذلك أموراً ثقافية، أبرزها: إنشاؤه داراً للترجمة ودعوته إلى تعليم البنات؛ إذ ألف كتاباً يحمل عنوان «المرشد الأمين إلى تعليم البنات والبنين»، ثم تلاه محمد عبده الذي عمل في مجالات عدة، لكن أبرزها المجال الثقافي، فقدّم مذكرة بإصلاح الأزهر، وقدّم مذكرة إلى شيخ الأستانة بإصلاح التعليم، وعمل على إنشاء جمعية لإحياء اللغة العربية، كما عمل على تحقيق كتب عدة، ثم تابع محمد رشيد رضا الذي أصدر مجلة «المنار» خطط محمد عبده، وأكمل تفسير «المنار» الذي بدأه محمد عبده، وأصدر كتباً عدة رفدت الأمة بتوجهات كان لها أثر في تعديل التيار الديني بشكل عام. هذا عن العمل الثقافي في مصر وحدها، أما عن الدول العربية الأخرى فهناك دور ثقافي لعبد الحميد بن باديس في الجزائر، والزهاوي في العراق، وابن عاشور في تونس، وعلال الفاسي في المغرب، ومحمد بهجة البيطار ومحمد كرد علي في سورية... الخ.

الخلاصة أن الاهتمام بالثقافة والتطوير الثقافي قديمان، ليس ذلك فحسب، بل هو في بؤرة انشغالات قيادات الأمة السياسية والاجتماعية والدينية، ولكن السؤال:
لماذا لم يؤت الاهتمام بالثقافة ثمرته المرجوّة؟ لماذا لم يعط نتيجة؟
السبب أن المرحلة التي جاءت بعد الحرب العالمية الأولى شهدت اضطراباً غير مسبوق في تحديد الهوية ومعرفة الذات، فبرز سؤال بشكل مفاجئ، وبشكل غير مفهوم: من نحن؟ فكان الجواب: نحن أمة مصرية فرعونية، نحن أمة سورية، نحن ننتمي إلى البحر الأبيض المتوسط، نحن أمة شرقية ننتمي إلى الشرق وليس إلى الغرب، نحن أمة إسلامية... الخ، وحتى نعطي مثالاً أكثر وضوحاً يوضح أبعاد المشكلة، سنتناول كتاباً من أهم الكتب التي صدرت في النصف الأول من القرن العشرين وهو كتاب «مستقبل الثقافة في مصر» لطه حسين، وطه حسين معروف بألقابه العلمية «عميد الأدب العربي» ومعروف بدوره الثقافي البارز في مصر وغيرها من العالم العربي، فماذا جاء في هذا الكتاب؟
تحدث طه حسين في هذا الكتاب عن المعلم والمدرسة والأزهر وعن اللغة العربية واللغة اللاتينية... الخ، ولكن أين الخطأ في حديث طه حسين؟ الخطأ الرئيس في حديث طه حسين هو اعتباره أن مصر تنتمي إلى الغرب، وأن الشعب المصري يشكل أمة مصرية فرعونية بالمعنى الفرنسي للأمة التي تعتبر أن الجغرافيا هي عماد تشكيل الأمة، وأنها لا علاقة لها بالأمة العربية الإسلامية، وأنها أمة مغايرة، وأنها عبّرت عن شخصيتها الحقيقية في زمن ابن طولون وما بعده من الحكام الذين حكموا مصر... الخ، ومن الأخطاء الرئيسة عند طه حسين اعتباره أن العقل المصري ينتمي إلى العقل الغربي... الخ.
لا شك أن الأفكار والأحكام والأقوال السابقة لا تحمل أدنى درجات الصحة؛ إذ كيف يمكن أن نعتبر أن الشعب المصري أمة فرعونية؟
كيف يمكن أن نفهم عادات الشعب المصري وتقاليده وأشواقه وعقائده وعباداته وأخلاقه وقيمه... الخ؟ هل يمكن أن نفهم الأمور السابقة ونفسرها إلاّ بالإسلام الذي أثر في كل جوانب حياة الشعب المصري؟
ثم استمر الضياع الثقافي عندما حكم الفكر القومي العربي مصر والعالم العربي، واعتبر أن المنطقة وجماهير الناس يشكلون أمة عربية بالمعنى الألماني للأمة، والتي تقوم على عنصري اللغة والتاريخ، أي بالتنكر للدين الإسلامي، وعدم اعتباره هذا الدين مقوِّماً من مقوِّمات بناء هذه الأمة، واستمر التنكر للدين في المرحلة الاشتراكية في مصر وغيرها؛ إذ برزت مقولات الصراع الطبقي، والحل الثوري، واستئصال الدين الذي يُغذي الخرافة والوهم والتأخر حسب زعمهم... الخ.

تركز الخطأ في كل المعالجات الثقافية السابقة التي تلت الحرب العالمية الأولى على امتداد القرن العشرين في أنها لم تجب الإجابة الصحيحة على سؤال: «من نحن؟». والجواب الصحيح هو أننا أمة عربية إسلامية يلعب الدين الإسلامي دوراً رئيساً ومحورياً في بناء عاداتها وتقاليدها وأخلاقها ومشاعرها... الخ، وتلعب اللغة العربية دوراً كبيراً في بناء ثقافتها وصوغ تفكيرها... الخ، وقد كان التنكر لتلك الحقائق هو السبب في فشل المعالجات الثقافية، ويظهر أن الخطأ هذا سيستمر؛ إذ إنهم يتحدثون - الآن - عن الشرق الأوسط الكبير والجديد، وكأنهم يتحدثون عن أفراد متناثرين متناقضين، ويريدون أن يصوغوا منهم وحدة متكاملة، مع أن كل حقائق التاريخ والجغرافيا تؤكد أن هذه المنطقة مسكونة بأمة عريقة هي الأمة العربية الإسلامية، وأنها تملك وحدة ثقافية وتاريخية واجتماعية ونفسية وعقلية... الخ، وأنه يجب الاستفادة من تلك الحقائق وعدم تجاهلها، وإلاّ فستنتهي كل معالجات التطوير الثقافي إلى أسوأ ما انتهت إليه سابقاتها.
نقلا / من موقع اسلام اليوم