مدونة المعارف

08‏/12‏/2016

صياغة الخطبة


أمور يلزم مراعاتُها لحُسن صياغة وجودة مضمون الخطبة:
هناك أمور تجدر مراعاتها لتكون الخطبة ذاتَ مضمون جيد، وأسلوب بليغ، وصياغة راقية، ومنها ما يأتي:
1- وضوحُ الألفاظ، وخلوُّها من الغموض والتعقيد:
ومراعاة هذا الأمر في أسلوب الخطبة وصياغتها على جانب كبير من الأهمية، فينبغي أن لا يستخدم الخطيب ألفاظًا غير معروفة لجمهور المخاطبين، مثل استخدام " التبر " بدلًا من الذهب، وكمن يريد أن يقول: إن هذا الأمر جدير بالملاحظة، فيقول: إن هذا الأمر قمين بالملاحظة، وكمن يقرأ بيتًا من الشعر يحتوي على ألفاظ غير مفهومة، ولا يقوم بتوضيحها للمخاطبين.

ومما يتصل بهذا أيضاً: إصرار بعض ذوي التخصصات العلمية على استخدام تعبيرات في خطبهم ليست متداولة خارج إطار تلك التخصصات، أو أن يعمد الخطيب إلى نقل كلام لأحدهم يتضمن بعض العبارات التخصصية، وينطقها كما هي على الناس الذين لا يفهمون مدلولاتها، ولا معانيها، فتقطع متابعتهم له، وتفاعلهم معه.

هذا؛ ولأنّ خطيب المسجد يتحدث إلى جمهور متفاوت في ثقافته وتعليمه واستيعابه، فإن عليه مهمةً خطيرة وليست هينة، وهي أن يُفهِم الجميع، ويحاولَ التحدث بلغة واضحة للجميع، ولكي يصل إلى هذا الغرض يتحتم عليه أن يتجنب الألفاظ التي لا يعرفها إلا المثقفون، حتى لا يضيع مَن دونهم، كما يتحتم عليه أن يجتنب الألفاظ المبتذَلة، حتى لا ينفر منه المثقفون، ولكن يلتزم الوسطية، فيتخير ألفاظًا فصيحة، وهي في ذات الوقت سهلة الفهم على غير المتعلمين من العوام، وإذا شعر أن اللفظ به شيء من الغموض على بعض فئات الحاضرين، عمد إلى شرحه وتفسيره وبيانه.

والحمد لله فإن اللغة العربية غنية بكثرة مترادفاتها، وإكثارُ الخطيب من القراءة في كتب الأدب يُنشِئ لديه ثروة أدبية، ويثري حصيلته اللغوية، فيتمكن من البراعة والاقتدار على تخير ما يشاء، وما يناسب من العبارات والألفاظ.

ويشير بعض العلماء إلى ملاحظة في هذا الخصوص، وهي: " أن العامة وناشئة المتعلمين يفهمون المعاني الإجمالية رغم أن بعض الجمل والعبارات تخفَى عليهم، ومن هنا كان التكرار والإلحاح على المعنى الواحد بعبارات مختلفة له أهميته، فمن خفيت عليه جملة بينتْها الأخرى " 

وأود أن أؤكد للخطيب على أمر هام، وهو أن لا تحملَه الرغبة في وضوح الأسلوب وخلوِّ تعبيره من الغموض على أن تكون الألفاظ مبتذَلة، نازلة المستوى " فيذهب رواءُ الخطبة، ويضيع جلال معانيها، كاستعمال لفظ " أتعشم " في موضع أرجو وآمل وأطمع، وكاستعمال لفظ " أفْتكر " في موضع أتفكر، أو أفكر أو أتأمل، أو أذكر، ونحو ذلك من الألفاظ العامية أو المبتذلة القريبة منها، التي شاع استعمالها على ألسنة بعض خطبائنا خطأ " 
فعليه أن يختار ألفاظ خطبته بعناية كبيرة، فتكون ألفاظًا مهذبة فصيحة، يسمعها الجمهور فيزداد توقيرًا للخطب، وإكبارًا له.

2- مراعاة آداب الكلام :
وقد ذكر الإمام الماوردي بعض الآداب التي يجب توافرها في كلام المتكلم، حَريٌّ بالخطيب أن يضعها في الاعتبار، نوردها هنا لأهميتها، قال رحمه الله [3]:
واعلم أن للكلام آدابًا إن أغفلها المتكلم أذهب رونق كلامه، وطمس بهجة بيانه، ولها الناسَ عن محاسن فضله بمساوئ أدبه، فعدَلوا عن مناقبه بذكر مثالبه.
فمن آدابه: أن لا يتجاوز في مدح، ولا يسرف في ذم، وإن كانت النزاهة عن الذم كرمًا، والتجاوز في المدح مَلَقًا يصدر عن مهانة، والسرَفُ في الذم انتقاما يصدر عن شر، وكلاهما شَيْن وإن سلم من الكذب، على أن السلامة من الكذب في المدح والذم متعذّرة، ولاسيما إذا مدح تقرّبًا وذمّ تَحنُّقا.

ومن آدابه: أن لا تبعثه الرغبة والرهبة على الاسترسال في وعد أو وعيد يعجز عنهما، ولا يقدر على الوفاء بهما، فإن من أطلق بهما لسانه، وأرسل فيهما عِنانه، ولم يستثقل من القول ما يستثقله من العمل: صار وعْدُه نُكْثًا ووعيدُه عجْزًا.

ومن آدابه: أن يتجافى هُجْر القول ومستقبَح الكلام، ولْيعدل إلى الكناية عما يُستقبَح صريحُه، ويُستهجَن فصيحُه، ليبلُغ الغرض ولسانه نَزِهٌ، وأدبه مصون، وقد قال محمد بن عليّ في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]، قال: كانوا إذا ذكروا الفروج كَنُّوا عنها.

ومما يجري مجرى فحشِ القول وهُجْرِه في وجوب اجتنابه، ولزوم تنَكُّبه: ما كان شنيعَ البديهة مستنكَرَ الظاهر، وإن كان عقب التأمل سليمًا، وبعد الكشف والرويّة مستقيمًا، كالذي رواه الأزدي عن الصوليّ لبعض المتكلفين من الشعراء:
إنني شيخ كبير  
كافرٌ بالله سيري  
أنت ربي وإلهي  
رازق الطفل الصغير  

يريد بقوله: كافر؛ أي لابس، لأن الكفر التغطية، ولذلك سُمِّي الكافر بالله كافرًا، لأنه غطى نعمة الله بمعصيته، وقوله: بالله سيري؛ يقسم عليها " أي على ناقته " أن تسير، وقوله: أنت ربيّ؛ يعني ربي ولدك، من التربية، وإلهي رازق الطفل الصغير، كما أنه رازق الولد الكبير، فانظر هذا التكلف، والتعمق البشيع، ما اعتاض من حيث البديهة إذا سلِم بعد الفكر والروية إلا لؤمًا، إن حسُنَ فيه الظن، أو ذمًّا إن كثُرَ فيه الارتياب.

ومن آدابه: أن يجتنب أمثال الغوغاء، ويتخصص بأمثال العلماء والأدباء، فإن لكل صنف من الناس أمثالًا تشاكلهم، فلا نجد لساقط إلا مثَلًا ساقطًا، وتشبيهًا مستقبحًا.
ولذلك علتان، إحداهما: أن الأمثال من هواجس الهمم وخطرات النفوس، ولم يكن لذي الهمة الساقطة إلا مَثَلٌ مرذول وتشبيهٌ معلول.
والثانية: أن الأمثال مستخرَجة من أحوال المتمثلين بها، فبحسب ما هم عليه تكون أمثالهم.
فلهاتين العلتين وقع الفرق بين أمثال الخاصة وأمثال العامة.
وربما أَلِف المتخصص مثلًا عامّيًا أو تشبيهًا ركيكًا، لكثرة ما يطرق سمعَه من مخالطة الأراذل، فيسترسل في ضربه مثلًا فيصير به مثلًا، كالذي حُكي عن الأصمعي أن الرشيد سأله يومًا عن أنساب بعض العرب، فقال: على الخبير سقطت يا أمير المؤمنين، فقال له الفضل بن الربيع: أسقط الله جنبيك، أتخاطب أمير المؤمنين بمثل هذا الخطاب؟ فكان الفضل بن الربيع - مع قلة علمه - أعلمَ بما يُستعمَل من الكلام في محاورة الخلفاء من الأصمعي الذي هو واحد عصره وقريع دهره. أ.هـ.

3- متانة الأسلوب :
" ومما ينبغي رعايته أن يعمد الخطيب بعد استحضار المعاني إلى الألفاظ التي يريد أداءها بها، فيفرغَ المعنى في قالب يناسبه، فالمعاني الجزلة لابد لها من جمل وتراكيب في غاية الضخامة والفخامة، والمعاني الرقيقة المستملَحة لابد لها من ألفاظ تناسبها رقة وسلاسة، ليحصل التشاكل بين النوعين، مع إعطاء كل موضوع حقه من شدة العبارة ولينها في النطق، ليكون ذلك أدلَّ على المعنى المقصود " 

وقد أشار الماوردي كذلك إلى هذا، فمعاني الترهيب والتخويف والإنذار والوعيد، تتطلب صياغتَها في ألفاظ جزلة قوية، ومعاني الترغيب والتبشير والوعد والرجاء تصاغ في ألفاظ لينة ولطيفة، فاختلافُ المعنى أوجبَ اختلافَ الأسلوب، وهذا النهج واضح في أساليب القرآن الكريم، لا يخفى على المتأمل.

ومن أمثلة ذلك أسلوب القرآن الكريم في حديثه عن فِرية نسبة الولدَ لله -تعالى-، حيث قال سبحانه: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا* أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 88 - 92].
" والمعنى إن هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها بحيث لو تَصوَّر بصورة محسوسة لم تتحملها هذه الأجرام العظام وتفرقت أجزاؤها من شدتها، أو أن حق تلك الكلمة لو فهمَتْها تلك الجماداتُ العظام أن تتفطر وتنشق وتخِرّ من فظاعتها، وقيل: المعنى كادتِ القيامةُ أن تقوم، فإن هذه الأشياء تكون حقيقة يوم القيامة، وقيل: الكلام كناية عن غضب الله تعالى على قائل تلك الكلمة وأنه لولا حلمه سبحانه وتعالى لوقع ذلك وهلك القائل وغيره، أي كدت أفعل ذلك غضباً لولا حلمي " 

" إن جَرْس الألفاظ وإيقاع العبارات ليشارك ظلال المشهد في رسم الجو: جو الغضب والغيرة والانتفاض! وإن ضمير الكون وجوارحه لتنتفض، وترتعش وترجف من سماع تلك القَوْلة النابية، والمساس بقداسة الذات العلية، كما ينتفض كل عضو وكل جارحة عندما يغضب الإنسان للمساس بكرامته أو كرامة من يحبه ويوقره.
هذه الانتفاضة الكونية للكلمة النابية تشترك فيها السماوات والأرض والجبال، والألفاظ بإيقاعها ترسم حركة الزلزلة والارتجاف.
وما تكاد الكلمة النابية تنطلق: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴾ حتى تنطلق كلمة التفظيع والتبشيع: ﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴾ ثم يهتز كل ساكن من حولهم ويرتج كل مستقر، ويغضب الكون كله لبارئه. وهو يحس بتلك الكلمة تصدم كيانه وفطرته، وتجافي ما وقر في ضميره وما استقر في كيانه، وتهز القاعدة التي قام عليها واطمأن إليها: ﴿ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً * وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً" ﴾

4- خلوّ الكلام من العيوب اللغوية التي تهبط بمستواه :
فينبغي على الخطيب أن تكون تعبيراته مجافية لتلك العيوب، سواء ما كان يتصل منها بعلم النحو، أو علوم البلاغة والصرف، فيتجنب اللحن، والوقوع في الأخطاء الإعرابية، أو الخطأ في بنية الكلمة، وأن تكون تعبيراته فصيحة، خالية من التعقيد اللفظي، أو التنافر في الكلمات والحروف.

يقول الأبشيهي: " ومن المستحسن في الألفاظ تباعدُ مخارج الحروف، فإذا كانت بعيدة المخارج جاءت الحروف متمكنة في مواضعها غير قلقة ولا مكدودة، والمعيب من ذلك كقول القائل:
لو كنتَ كنتَ كتمْتَ الحُبَّ كنتَ كما ♦♦♦ كنا وكنتَ ولكن ذاك لم يكنِ!

وكقول بعضهم أيضا:
ولا الضِّعفُ حتى يبلغَ الضِّعفُ ضِعْفَه ♦♦♦ ولا ضِعْفُ ضِعْفِ الضِّعفِ بل مِثْلُه ألْفُ

وكقول الآخر:
وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكانٍ قَفْرٍ ♦♦♦ وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ

قيل إن هذا البيت لا يمكن إنشاده في الغالب عشر مرات متوالية إلا ويغلط المنشد فيه لأن القرب في المخارج يحدث ثقلاً في النطق به "
" ويحكى عن بعض الوعاظ أنه قال في جملة كلام أورده: جَنَى جنَّاتِ وجْنَاتِ الحبيبِ. فصاح رجلٌ من الحاضرين في المجلس وماد وتغاشى. فقال له رجل كان إلى جانبه: ما الذي سمعْتَ حتى حدث بك هذا؟ فقال: سمعت جيما في جيم في جيم فصِحْت. وهذا من أقبح عيوب الألفاظ " 
فحريٌّ بالخطيب أن يبتعد عن مثل هذا التنافر اللفظيّ الذي يجعل وقع الكلام على الأذن ثقيلًا، بل ونطقه على اللسان عسيرًا.

5- حسن اختيار المقاطع والجمل :
" ويجب أن يختار الخطيب المقاطع التي يقف عليها بحيث يكون وقوفه عند نهاية جزء تام من المعنى الذي يريده، وبأن يكون المقطع ذا رنين قوي، يملأ النفس، ويوجهها نحو الغرض الذي يريده الخطيب " 
وليجتهد الخطيب في أن تكون الجمل قصيرة بقدر الإمكان، وأن لا يوجد ما يطيل الفاصل بين أجزاء الجملة ويباعد بين طرفيها، كفعل الشرط وجوابه، والمبتدأ والخبر، ونحو ذلك، كي لا يشتت الأذهان، فتقلَّ الفائدة أو تضيع.

6- التنويع في الأسلوب :
وينبغي أن لا يثبت الخطيب على وتيرة في الأسلوب، بل ينتقل من فن إلى فن، ويتصرف في الأسلوب، فتارة يأتي بأسلوب الاستفهام، وأخرى بأسلوب التعجب، وثالثة بأسلوب خبريّ، وهو في كل هذا يتفنن في سوْق معانيه وتخير التعابير والأساليب الحاملة لها، فيدفع عن السامعين الملل والرتابة التي تصاحب الثبات على أسلوب واحد، والسير على وتيرة محددة في الخطبة.

7- وأخيرًا: مراعاة حسن الإلقاء :
وفي مرحلة التعبير في الخطبة ينبغي مراعاة كل ما ذكرناه في موضوع الإلقاء وعناصر إجادته، مثل حسن توظيف الصوت والإشارة، وغيرهما، حتى يتهيأ للخطبة جودةُ الأداء، كما تهيأ لها جودةُ المضمون.

06‏/12‏/2016

الارتقاء بالهمة

أسبــاب الارتقـــاء بالهمـــــــة :

* العلم والبصيرة .. العلم يصعد بالهمة، ويرفع طالبه عن حضيض التقليد، ويُصفِّي النية.
* إرادة الآخرة، وجعل الهموم همَّا واحداً.. قال تعالى: ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا )
وقال صلى الله عليه وسلم: ( من كانت همّه الآخرة، جمع الله له شملَه، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة، ومن كانت همّه الدنيا، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له)
* كثرة ذكر الموت .. عن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون .
* الدعاء.. لأنه سنة الأنبياء، وجالب كل خير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء )
* الاجتهاد في حصر الذهن، وتركيز الفكر في معالي الأمور.. قال الحسن: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
* التحول عن البيئة المثبطة.. إذا سقطت الجوهرة في مكان نجس فيحتاج ذلك إلى كثير من الماء حتى تُنَظَّف إذا صببناه عليها وهي في مكانها، ولكن إذا أخرجناها من مكانها سهل تنظيفها بالقليل من الماء .
* صحبة أولي الهمم العالية، ومطالعة أخبارهم..قال صلى الله عليه وسلم: ( إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر)
* نصيحة المخلصين .. قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) 
* المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف..قال تعالى: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )

أطفالنـــــــــا وعــــلو الهمــــــــة
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وإن عُوِّد الشر، وأُهْمِل إهمالَ البهائم شقي وهلك.. وصيانته بأن يؤدِّبَه، ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق ..
وقال ابن خلدون: التعليم في الصغر أشد رسوخاً، وهو أصل لما بعده.
كِبَارُ الهمَّةِ النَّابغُون .. مُخْتَصَرُ الطريق إلى المَجْد..
إن المرء لا يولد عالماً، وإنما تربيه جماعة، وتصنعه بيئة، و تتعهده بالرعاية والتعليم،  حتى يمتلك ناصية العلم الذي يطلبه . 
.........
إن الأمة التي تهتم بالنابغين، تصنع بهم مستقبلها المشرق، لأنهم يُصْلِحون أمرها، ويسهمون في ازدهارها، والأمة التي تهمل رعاية نابغيها سوف تشقى حين يتولى أمورها جهلة قاصرون يوردونها المهالك،أو مرضى نفسيون معقدون يسومونها سوء العذاب، أو سفلة أصحاب نفوس دنيئة وهِممٍ خسيسة يبيعونها لأعدائها بثمن بخس .
أثر عُلُـــــــــوّ الهمَّة في إصلاح الفــرد والأمَّـــــة
أصحاب الهمة العالية هم الذين يقوون على البذل في سبيل المقصد الأعلى، و يبدلون أفكار العالم، ويغيرون مجرى الحياة بجهادهم وتضحياتهم، ومن ثَمَّ فهم القلة التي تنقذ الموقف، وهم الصفوة التي تباشر مهمة " الانتشال السريع " من وحل الوهن، و وهدة الإحباط.
...............
زاحم بكتفيك وساعديك قوافل العظماء المجددين من السلف والخلف، ولا تؤجل فإن مرور الزمن ليس من صالحك، وإن الطغيان كلما طال أمده، كلما تأصَّلت في نفوس المتميعين معاني الاستخذاء، ولابد من مبادرة تنتشل،  ما دام في الذين جرفهم التيار بقية عرق ينبض، وبذرة فطرة كامنة .
..........
هذا زمان لا توسُّط عنده ***  يبغي المغامر عالياً وجليلا
كن سابقاً فيه أو ابق بمعزلٍ *** ليس التوسط للنبوغ سبيلا 
..........
إن أمتك المسلمة تترقب منك جذبة " عُمَرِيَّة " توقد في قلبها مصباح الهمة في ديجور هذه الغفلة المدلهمة، وتنتظر منك صيحة " أيوبية " تغرس بذرة الأمل، في بيداء اليأس، وعلى قدر المئونة؛ تأتي من الله المعونة، فاستعن بالله ولا تعجز .

محاضرة (رحلة الطموح) كاملة - للشيخ الدكتور علي الشبيلي

محاضرة ● ادارة الذات سر النجاح ● الشيخ علي محمد الشبيلي

علو الهمة - الشيخ علي الشبيلي

28‏/11‏/2016

{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ}

من أجل الحكم والمواعظ في القرآن الكريم بيان أفضلية الآخرة وعظيم عاقبة من تزود لها، قال الله تعالى:{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:17]، وفي ذلك يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: "وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء، فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة، بترحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة" (تفسير السعدي).

وفي السنة النبوية منبع عذب للارتواء بمثل كريم لمعرفة قدر الآخرة والسعي لها، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها: " أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ: بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا»(الألباني)، فما أجمل الألفاظ النبوية في تقرير هذه الحقيقة التي يدركها المخلصون ويتسابق في تفعيلها المؤمنون، وذلك إدراكا للأجر وتحصيلا للثواب واستعدادا ليوم الحساب، فلنسارع بعمل الخير، ولنكرس أموالنا وأوقاتنا ومواردنا للموعد العظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ولنعلم يقينا أن الآخرة خير وأبقى.

نسأل الله الملك القدوس أن يرزقنا الحكمة والعمل الصالح، والحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

03‏/11‏/2016

تفسير ميسر لفاتحة الكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن العظيم, وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة, ولها أسماء أخر. أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به, (اللهِ) علم على الرب -تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه, وهو أخص أسماء الله تعالى, ولا يسمى به غيره سبحانه. (الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين, وهما اسمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله.

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)

(الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال, وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه, فهو المستحق له وحده, وهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم, المربي لجميع خلقه بنعمه, ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.

الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)

(الرَّحْمَنِ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ), بالمؤمنين, وهما اسمان من أسماء الله تعالى.

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة, وهو يوم الجزاء على الأعمال. وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر, وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح, والكف عن المعاصي والسيئات.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

إنا نخصك وحدك بالعبادة, ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا, فالأمر كله بيدك, لا يملك منه أحد مثقال ذرة. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده, وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير اله, ومن أمراض الرياء والعجب, والكبرياء.

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

دُلَّنا, وأرشدنا, ووفقنا إلى الطريق المستقيم, وثبتنا عليه حتى نلقاك, وهو الإسلام، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته, الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم, فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)

طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين, فهم أهل الهداية والاستقامة, ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم, الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به, وهم اليهود, ومن كان على شاكلتهم, والضالين, وهم الذين لم يهتدوا, فضلوا الطريق, وهم النصارى, ومن اتبع سنتهم. وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال, ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام, فمن كان أعرف للحق وأتبع له, كان أولى بالصراط المستقيم, ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام, فدلت الآية على فضلهم, وعظيم منزلتهم, رضي الله عنهم. ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة: (آمين), ومعناها: اللهم استجب, وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء; ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف.

سورة يوسف بصوت الشيخ خليفة الطنيجي حفظه الله

سورة يوسف بصوت الشيخ خليفة الطنيجي حفظه الله

30‏/10‏/2016

وقفات مع سورة التكاثر : الخطبة الأخير لشهر الله المحرم 1438هــــ


الحمد لله الأول والآخر، والظاهر والباطن، واهب النعم، واسع الكرم، أحمده حمد من يعلم أنه مسبب الأسباب، وأشكره شكر من تاب إليه وأناب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العزيز الوهاب، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله النبي المصطفى الأواب، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما طلع نجم وغاب، وعلى آله وأصحابه الأخيار الأحباب، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أيها المؤمنون: سورة التكاثر من سور القرآن الكريم التي اشتملت على كثير من الدروس والعظات، والعبر والتوجيهات، التي لا يستغني عنها الإنسان في عقيدته وعباداته، وأخلاقه ومعاملاته، قال الله سبحانه:ألهاكم التكاثر* حتى زرتم المقابر* كلا سوف تعلمون* ثم كلا سوف تعلمون*كلا لو تعلمون علم اليقين* لترون الجحيم* ثم لترونها عين اليقين* ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) فمن أبرز ما تناولته السورة بيان حال بعض الناس في  التنافس على الدنيا ونسيان الآخرة.
وقوله سبحانه:ألهاكم التكاثر* حتى زرتم المقابر) أي انشغلتم بكثرة المال والعدد عن طاعة الله تعالى حتى متم ودفنتم في المقابر.
وقد حذر القرآن الكريم من طغيان حب المال على قلب المرء، فينسيه طاعة الله تعالى ويشغله عن ذكره، قال عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)
وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كيفية التعامل مع المال، فقال لمن يتفاخر بماله:« يقول ابن آدم مالي مالي. وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت».
وحذر صلى الله عليه وسلم من التنافس في الدنيا فقال:« والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم»
وبين صلى الله عليه وسلم أن ميدان التنافس يكون بالأعمال الصالحة التي يدخر الإنسان ثوابها لآخرته فقال :« يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله».
وقال بشر بن الحارث رحمه الله: لابن آدم في ماله ثلاث حسرات: يجمعه كله، ويتركه كله، ويسأل عنه كله.
أيها المسلمون: وتناولت سورة التكاثر مسألة اليقين في الله عز وجل، قال تعالى:كلا لو تعلمون علم اليقين* لترون الجحيم) أي لو تعلمون ما يكون في يوم القيامة من الأهوال كالبعث والحشر والحساب لشغلكم ذلك عن التنافس في الدنيا والمباهاة بزخرفها.

ومعنى اليقين في الله تعالى هو التصديق الجازم بأسماء الله تعالى وصفاته وحسن تدبيره، فيرضى العبد بقضائه وقدره، ليصل إلى أعلى مراتب الإيمان، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.

وإذا وصل اليقين بالله تعالى إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا، وخشية منه ومحبة وخوفا منه، ورضا وشكرا، وانتفى عنه كل ريب وشك، قال صلى الله عليه وسلم:« أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه».
عباد الله: ومن اليقين أن تكون العلاقة بين العبد وربه قائمة على الثقة المطلقة، فقد حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل ممن كان قبلنا سأل رجلا أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم. فقال: كفى بالله شهيدا. قال: فأتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فلما حل أجل السداد خرج إلى البحر يلتمس مركبا يركبها، فلم يجد، فأخذ خشبة، فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم دفع بها إلى البحر... فخرج الدائن ينتظره فإذا بالخشبة التى فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة».
فانظروا عباد الله إلى يقين هذا الرجل، وكمال ثقته في الله، وكيف أن الله تعالى سخر له أمواج البحر لتنقل أمانته وتؤدي دينه.

اللهم هب لنا يقينا يربط قلوبنا بحبك، ولا يلهينا عن ذكرك، اللهم وفقنا لطاعتك وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ،  فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن.

أيها المؤمنون: وختمت سورة التكاثر بالدعوة إلى المحافظة على نعم الله تعالى، وحسن تقديرها، وتمام تدبيرها، وعدم إتلافها أو الإفراط في استخدامها، قال الله سبحانه وتعالى:( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم)

فالإنسان مسؤول بين يدي مولاه، عما أنعم عليه، وقد ورد في هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال:« ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟». قالا: الجوع يا رسول الله. قال:« وأنا والذي نفسى بيده لأخرجني الذى أخرجكما قوموا». فقاموا معه فأتى رجلا من الأنصار ... فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب ... وذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر:« والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم».
فلينظر كل منا إلى ما منحه الله تعالى من النعم التي بين يديه، من العافية والمال والولد والعلم والاستقرار والرفاهية، وليحمد الله عليها ويشكره، ويذكر فضله ولا يجحده، وليسأله دوام النعم مع حلول البركة فيها، فإن الشكر يديم النعم ويبقيها.  

عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته وثلث بكم  فقال  تعالى:(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم عرفنا نعمك بدوامها، وألهمنا شكرها، ولا تعرفنا عليها بزوالها، اللهم إنا نسألك قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا، وعلما نافعا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية، اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا، اللهم اجعل زادنا التقوى، وزدنا إيمانا ويقينا وفقها وتسليما، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

06‏/10‏/2016

الخطبة الأولى لشهر الله المحرم

الشَّبَابُ
الْخُطْبَةُ الأُولَى من شهر محرم لعام 1438
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الشَّبَابِ قُوَّةً وَعَمَلاً، وَطَاقَةً وَأَمَلاً، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)([1]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الإِنْسَانَ، وَكَلَّفَهُ أَنْ يُعَمِّرَ الأَرْضَ بِالْخَيْرَاتِ، وَيَسْتَثْمِرَ فِيهَا الطَّاقَاتِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ)([2]). أَيْ لِتَقُومُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَإِعْمَارِ الأَرْضِ، وَنَشْرِ الْخَيْرِ فِيهَا، فَالإِنْسَانُ هُوَ أَسَاسُ الْبِنَاءِ، وَإِنَّ تَقَدُّمَ الأَوْطَانِ يَحْتَاجُ إِلَى طَاقَاتِ الشَّبَابِ، فَهُمْ ذُخْرُ الْوَطَنِ وَعُدَّتُهُ، وَقُوَّتُهُ وَطَاقَتُهُ، وَقَلْبُهُ النَّابِضُ، وَثَرْوَتُهُ الْمُتَجَدِّدَةُ، وَحَاضِرُهُ الْمَشْهُودُ، وَمُسْتَقْبَلُهُ الْمَوْعُودُ، وَهَلِ الْخَيْرُ إِلاَّ فِي الشَّبَابِ([3]). نَعَمْ فَالْخَيْرُ كُلُّ الْخَيْرِ فِي الشَّبَابِ، فَلَدَيْهِمْ آمَالٌ وَطُمُوحَاتٌ، وَقَضَايَا وَتَحَدِّيَّاتٌ، وَبِهِمْ تَنْهَضُ الْمُجْتَمَعَاتُ، وَتَتَحَقَّقُ الإِنْجَازَاتُ، وَفِيهِمُ الْهِمَّةٌ وَالعَطَاءُ، وَالْخَيْرُ وَالْبِنَاءُ، وَلَدَيْهِمْ مُؤَهَّلاَتٌ وَقُدُرَاتٌ؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِاغْتِنَامِهَا، فَقَالَاغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ...»([4]). وَإِنَّ اغْتِنَامَ الشَّبَابِ يَجْعَلُهُمْ أَهَمَّ قُوَّةٍ وَطَنِيَّةٍ لِبِنَاءِ الْحَاضِرِ، وَرُكْنًا أَسَاسِيًّا فِي رِحْلَةِ الاِنْتِقَالِ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ قِيَادَتَنَا الرَّشِيدَةَ تَضَعُ الشَّبَابَ فِي أَوْلَوِيَّاتِ اهْتِمَامَاتِهَا، وَتَثِقُ بِقُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّحَدِّي وَالتَّمَيُّزِ وَالنَّجَاحِ، فَخَصَّصَتْ لَهُمْ وِزَارَةً لِلشَّبَابِ، وَأَقَامَتْ مَجْلِسَ الإِمَارَاتِ لِلشَّبَابِ، وَاسْتَثْمَرَتْ فِي تَعْلِيمِهِمْ وَتَثْقِيفِهِمْ وَصَقْلِ خِبْرَاتِهِمْ، وَتَنْمِيَةِ مَهَارَاتِهِمْ، وَالاِرْتِقَاءِ بِمُعَدَّلاَتِ أَدَائِهِمْ؛ وَتَأهِيلِهِمْ عَلَى أُسُسٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ مُسْتَدَامَةٍ، وَتُشَجِّعُهُمْ عَلَى الإِبْدَاعِ وَالاِبْتِكَارِ، وَرَفْعِ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ؛ لِيَنْطَلِقُوا بِقُوَّةٍ إِلَى آفَاقِ الْمُسْتَقْبَلِ؛ وَيَتَحَمَّلُوا مَسْؤُولِيَّتَهُمْ كَامِلَةً نَحْوَ وَطَنِهِمُ الَّذِي يَفْخَرُ بِهِمْ، وَمِنْ وَاجِبِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي الْمُضِيِّ بِهِ قُدُمًا لِتَحْقِيقِ طُمُوحَاتِهِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى:( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)([5]).
وَإِنَّ رَدَّ الْجَمِيلِ إِلَى الْوَطَنِ يَحْتَاجُ مِنَ الشَّبَابِ إِلَى الْعَمَلِ الْجَادِّ، وَالْحِرْصِ عَلَى الاِرْتِقَاءِ بِاسْتِمْرَارٍ، وَتَقْدِيمِ رُؤًى إِبْدَاعِيَّةً لِتَطْوِيرِ الأَفْكَارِ، وَالتَّزَوُّدِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَقَدْ قَدَّمَ لَنَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ أُنْمُوذَجًا شَابًّا فِي الاِجْتِهَادِ فِي الْعِلْمِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ:( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)([6]). أَيِ: الْفَهْمَ وَالْعِلْمَ وَالْجِدَّ وَالْعَزْمَ، وَالإِقْبَالَ عَلَى الْخَيْر، وَهُوَ فِي رَيْعَانِ الشَّبَابِ([7]).
وَالشَّبَابُ هُمْ سُفَرَاءُ أَقْوَامِهِمْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، حَتَّى يَرْجِعُوا بِهِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ، فَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ r وَنَحْنُ شَبَابٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً([8]). فَكَانُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفْدًا مِنْ طُلاَّبِ الْعِلْمِ. وَهَكَذَا الشَّبَابُ يَجْتَهِدُونَ فِي دِرَاسَتِهِمْ وَيُخْلِصُونَ فِي وَظَائِفِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَيَحْتَرِمُونَ قَانُونَ دَوْلَتِهِمْ، وَيُحَافِظُونَ عَلَى تَلاَحُمِ وَطَنِهِمُ الْغَالِي، فَهُوَ أَمَانَةٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِنَّ اللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ»([9]). وَإنَّ الشَّبَابَ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَمَانَةَ الْوَطَنِ يَسْعَوْنَ إِلَى إِسْعَادِ النَّاسِ جَمِيعًا، وَتَقْدِيمِ النَّفْعِ لَهُمْ؛ قَالَ نَبِيُّنَا rأَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»([10]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ دَوْلَةٌ شَابَّةٌ قَامَتْ عَلَى الشَّبَابِ، لأنَّهُمْ سِرُّ قُوَّتِهَا، وَإن الذي يَعْرِفُ تَارِيخَ قِيَامِ الاِتِّحَادِ يُدْرِكُ جَيِّدًا أَنَّ الشيخ/ زايد بن سلطان آل نهيان طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ وَإِخَوَانَهُ الْمُؤَسِّسِينَ وَضَعُوا ثِقَتَهُمْ فِي الشَّبَابِ، وَحَفَّزُوهُمْ عَلَى التَّعَلُّمِ وَتَطْوِيرِ أَنْفُسِهِمْ لِخِدْمَةِ وَطَنِهِمْ، فَأَغْلَبُ الْمُتَعَلِّمِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ خِرِّيجِي الْجَامِعَاتِ كَانُوا مِنَ الشَّبَابِ فِي الْعِشْرِينَاتِ مِنْ أَعْمَارِهِمْ، فَتَوَلَّوْا الْمَهَامَّ، لِبِنَاءِ دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ بِكُلِّ إِخْلاَصٍ وَعَزْمٍ، وَعَمِلُوا بِلاَ كَلَلٍ وَلاَ مَلَلٍ، وَكَانُوا عَلَى قَدْرِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَإِنَّ الشَّبَابَ الْيَوْمَ مُطَالَبُونَ بِمُوَاصَلَةِ مَسِيرَةِ الآبَاءِ، وَالْحِفَاظِ عَلَى إِنْجَازَاتِهِمْ، فَبِالشَّبَابِ الْوَاعِي تَرْقَى الأُمَمُ, وَبِالأَخْلاَقِ تَدُومُ مَكَانَتُهَا، وَبِالْقِيَمِ النَّبِيلَةِ, وَالأَخْلاَقِ الْفَاضِلَةِ نُحَافِظُ عَلَى حَضَارَتِنَا, وَنَحْمِي مُنْجَزَاتِ وَطَنِنَا.
فَاللَّهُمَّ احْفَظْ شَبَابَنَا، وَأَدِمْ سَعَادَتَنَا، وَأَسْبِغْ عَلَيْنَا نِعَمَكَ، وَأَكْرِمْنَا بِفَضْلِكَ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الأَمِينِ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلاً بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)([11]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ،
 وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
 فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ، إِنَّ أَهَمَّ مَا نَتَوَاصَى بِهِ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرْسِيخُ الْقِيَمِ النَّبِيلَةِ فِي الشَّبَابِ لِتَثْبِيتِ هُوِيَّتِهِمْ، وَتَعْزِيزِ تَلاَحُمِهِمْ، وَتَعْمِيقِ رُوحِ الاِنْتِمَاءِ لِوَطَنِهِمْ، وَالْوَلاَءِ لِقِيَادَتِهِمْ وَحُكَّامِهِمْ، وَالتَّحَلِّي بِالأَخْلاَقِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ الرِّسَالَةُ الَّتِي بُعِثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَنْهَا:« إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»([12]). وَإِنَّ الشَّبَابَ بِكَرِيمِ أَخْلاَقِهِمْ، وَجَمِيلِ صَنِيعِهِمْ، وَحُسْنِ فِعَالِهِمْ؛ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْمَبَادِئِ الأَصِيلَةَ لِلْوَطَنِ الْمُسْتَمَدَّةَ مِنْ دِينِنَا الْحَنِيفِ، وَأَخْلاَقِ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ، وَيَحْرِصُونَ عَلَى نَشْرِ عَادَاتِهِ وَتَقَالِيدِهِ  بَيْنَ الأَجْيَالِ لِتَدُومَ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ.
فَيَا أَيُّهَا الشَّبَابُ: هَلِ اسْتَثْمَرْتُمُ الإِمْكَانَاتِ وَالْفُرَصَ الَّتِي وَفَّرَتْهَا لَكُمُ الدَّوْلَةُ؟
وَيَا أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ: هَلْ قُمْتُمْ بِدَوْرِكُمْ فِي تَوْجِيهِ وَدَعْمِ الشَّبَابِ إِنَاثًا وَذُكُورًا لِتَحْقِيقِ طُمُوحَاتِكُمْ؟
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([13]).




([1]) آل عمران: 15.
([2]) الأنعام : 165.
([3]) الجامع لأخلاق الراوي: 1/310 ، والقائل هو حُذَيْفَةُ بن اليمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
([4]) السنن الكبرى للنسائي 10/400.
([5]) الرحمن : 60.
([6]) مريم : 12.
([7]) تفسير ابن كثير : (5/216).
([8]) متفق عليه.
([9]) صحيح ابن حبان : 4492.
([10]) الطبراني في المعجم الكبير : 13646.
([11]) النساء : 59 .
([12]) الأدب المفرد : 273، وأحمد:8952.
([13]) مسلم: 384.

الشيخ د.عبدالعزيز الفايز | لاتحرن إن الله معنا | مقطع مؤثر

27‏/09‏/2016

شرح حديث (اتق الله حيثما كنت)


عن أبي ذر ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

هذا الحديث أصل عظيم جامع في باب الوصايا والإرشاد وقد أوصى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث وصايا. وفيه مسائل:

الأولى:
 في الحديث الوصية بالتقوى وهي وصية عظيمة جامعة لحقوق الله وحقوق الخلق. والتقوى وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ). وقال تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). والمعنى اتقوا سخطه وغضبه وهو أعظم ما يتقى. وقال تعالى: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ). وحقيقة التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين من يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين غضب الله وسخطه وقاية من الأقوال والأفعال تقيه من ذلك. ويدخل في التقوى الكاملة فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات وفعل المندوبات وترك المكروهات وذلك أعلى درجات التقوى. قال طلق بن حبيب: (التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله). وقال عمر بن عبد العزيز: (ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير). وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا. وكان يكثر من وصيته لأمته في المجامع العامة والمناسبات الخاصة. ولم يزل السلف يتواصون بها. كان أبوبكر رضي الله عنه يقول في خطبته: (أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو أهله وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الإلحاف بالمسألة فإن الله أثنى على زكريا وعلى أهل بيته فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
الثانية:
 كمال التقوى وتمامها أن يذر العبد ما لا ريب فيه خشية الوقوع مما به ريب فيجعل شيئا من المباح حما وسياجا للحرام. قال أبو الدرداء: (تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه مثقال ذرة حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما يكون حجابا بينه وبين الحرام). وقال الحسن: (ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال خشية الحرام). وفي الحديث: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا باس به حذرا مما به بأس). وهذا يشمل سائر أبواب الدين باب الأموال والفروج ومعاملة الخلق والولايات والاتباع والابتداع وغير ذلك من الأمور. ومن أعظم ما يعين على ذلك طلب العلم والتفقه في الدين لأن أصل التقوى أن يعلم ما يتقى ثم يتقي ولذلك فإن كثيرا من العامة يجترحون الكبائر ويقعون في المعاملات المشكلة ثم بعد ذلك يسألون ويستفتون أهل العلم.
الثالثة:
 قوله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت). مراده في السر والعلانية حيث يراه الناس وحيث لا يرونه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (أسألك خشيتك في الغيب والشهادة). رواه النسائي. ويروى في البزار أنه قال لمعاذ: (استحيي من الله استحياء رجل ذي هيبة من أهلك). وهذا هو السبب الموجب لخشية الله في السر فإن من علم أن الله يراه حيث كان وأنه مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته استحضر ذلك في خلواته وأوجب له ذلك ترك المعاصي في السر. قال بعض السلف لأصحابه: (زهدنا الله وإياكم في الحرام بزهد من قدر عليه في الخلوة فعلم أن الله يراه فتركه من خشيته). وقال الشافعي: (أعز الأشياء ثلاثة الجود من قلة والورع في خلوة وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف). وكان الإمام أحمد ينشد:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل --- خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة --- ولا أن ما يخفى عليه يغيب
وتقوى الله في السر علامة على كمال الإيمان وله تأثير عظيم في انشراح الصدر ونور الوجه وراحة البال وإلقاء الله لصاحبه الثناء والمحبة في قلوب المؤمنين. قال ابن مسعود: (ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله ردائها علانية إن خيرا فخير وإن شرا فشر). وقال سليمان التيمي: (إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته). فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله فإن من فعل ذلك أصلح الله ما بينه وبين الناس وألقى محبته وثناءه على لسان الخلق وجعل له القبول في الأرض. والشقي من أفسد ما بينه وبين الله ومن فعل ذلك أفسد الله ما بينه وبين الناس وألقى بغضه وذمه على لسان الخلق وجعل له الجفاء في الأرض.

الرابعة:
 لما كان العبد قد يقع منه أحيانا تفريط في التقوى وتقصير في طاعة الله أو انتهاك ما حرم الله لطبعه وغفلته وغلبة الشيطان شرع الله له وأمره فعل ما يمحو هذه السيئات بفعل الحسنات كما قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية فدعاه فقرأها عليه فقال رجل هذه له خاصة قال بل للناس عامة). وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أذنب عبد ذنبا فقال ربي إني عملت ذنبا فاغفر لي فقال الله علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي ثم أذنب ذنبا آخر ..إلى أن قال في الرابعة فليعمل ما شاء). يعني ما دام على هذه الحال كلما أذنب استغفر والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا. وقد أخبر الله أن المتقين قد تقع منهم أحيانا الكبائر وهي الفواحش والصغائر وهي ظلم النفس لكنهم لا يصرون عليها بل يذكرون الله عقب معصيتهم ويستغفرونه ويتوبون إليه وتوبتهم هي ترك الإصرار وقد قال الله عز وجل في معرض الثناء عليهم: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). يعني ذكروا عظمته وشدة بطشه وعذابه فاستغفروا من ذنوبهم ولم يستمروا على فعل المعصية.
وقوله: (أتبع الحسنة السيئة تمحها). ما المراد بالحسنة. فيها قولان:
الأول- يراد بالحسنة هنا التوبة وقد ورد ذلك صريحا في حديث مرسل. وقد ورد هذا المعنى كثيرا في كتاب الله. وظاهر هذه النصوص تدل على أن من تاب إلى الله توبة نصوحا واجتمعت شروط التوبة في حقه فإنه يقطع بقبول توبته كما يقطع بقبول إسلام الكافر وهذا قول جمهور العلماء وهو الصحيح.
الثاني- يراد بالحسنة مطلق العمل الصالح ما هو أعم من التوبة. وقد دلت على ذلك الآيات والأحاديث المتظافرة. والصحيح أن الحسنة في الحديث تشمل كلا القولين فهي تعم كل عمل صالح يكفر الخطايا والتوبة داخلة في ذلك.

الخامسة:
 للخطايا مكفرات دلت النصوص الشرعية على كثرتها وتنوعها ومن ذلك:(1) الوضوء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره). رواه مسلم.(2) الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهم الخطايا). متفق عليه.(3) (4)المشي إلى الصلاة وانتظارها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط).(5) الصوم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). متفق عليه. وقد ثبت أن صوم يوم عاشوراء وعرفة يكفران الذنوب في الماضي والحاضر.(6) القيام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). متفق عليه.(7) العمرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). رواه مسلم.(8) الحج: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدنه أمه). متفق عليه.(9) الصدقة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار). رواه الترمذي.(10) الذكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر). متفق عليه.(11) الصبر على المصائب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه). رواه البخاري.
السادسة: 
اختلف العلماء: هل تكفر الأعمال الصالحة الكبائر والصغائر أم لا تكفر سوى الصغائر فقال بعضهم تكفر الكبائر والصغائر وهو قول ضعيف لا يلتفت إليه. وذهب أكثر العلماء إلى أنها لا تكفر سوى الصغائر أما الكبائر فلا بد لها من توبة خاصة لأن الله أمر العباد بالتوبة وجعل من لم يتب ظالما ولأن الشارع رتب كفارات وحدود لبعض الكبائر ولو كانت مجرد الأعمال الصالحة تكفرها لما شرع ذلك ولقول الله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا). ويفسر الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر). متفق عليه. وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله لكثرة الأدلة عليه وموافقته لقواعد الشرع ومقاصده ولو كانت الكبائر تكفر بفعل الفرائض لم يبق لأحد ذنب يدخل به النار إذا أتى بالفرائض وهذا يشبه قول المرجئة وهو باطل. فعلى المسلم المتلطخ بالكبائر أن لا يغتر بعمله الصالح ويوقن أن هذه الكبائر تتقحم به النار في الآخرة ما لم يتب منها ويقلع عنها في الدنيا وليعلم أن الموقف خطير بين يدي الرب الجليل.
السابعة:
 الخلق الحسن من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به وإنما أفرده النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر للحاجة إلى بيانه فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده لذلك يقصر كثير من الصالحين في حقوق الخلق أو يهملونها بالكلية لاشتغالهم بحقوق الله فجمع النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في وصيته بين حق الله وحق عباده. وقد تكاثرت النصوص على فضل حسن الخلق والأمر به كما قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً). وقال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس). وجماع حسن الخلق بذل الندى وكف الأذى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البر حسن الخلق). رواه مسلم. وقال ابن المبارك: (هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى). وقال الشعبي: (حسن الخلق البذل والعطية والبشر الحسن). ولحسن الخلق أنواع كثيرة تعود إلى معناه منها: التواضع والجود والحلم والأناة والرفق والوفاء والصدق والنصيحة وأداء الأمانة والستر والإصلاح والرحمة وبر الوالدين والصلة والشجاعة والإيثار والعفو والبشر وطيب الكلام والعدل. ولحسن الخلق فوائد جمة ومزايا عظيمة: دخول الجنة وتثقيل ميزان العبد وكمال الإيمان وقرب المجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبلوغ منزلة رفيعة في الدين وزيادة العمر وبسط الرزق وكشف الكرب واندفاع النقم وكسب محبة الخلق في الدنيا. 
الثامنة:
 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ما ترك خيرا إلا تمثل به وما ترك سوءا إلا هجره وكان قدوة حسنة في جميع أبواب الخير وخصال الإيمان كما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وقال أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا) متفق عليه. وقد أثنى عليه الله سبحانه بقوله ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ). وكان يتمثل أخلاق القرآن الفاضلة كما قالت عائشة واصفة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان خلقه القرآن). وكان كلامه وألفاظه من أطيب الكلام كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا) متفق عليه. وكان رفيقا بأهله وولده كما قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). رواه الترمذي. وكان رفيقا بخادمه كما قال أنس: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أفا قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا). رواه مسلم. وكان حليما بأصحابه وكان متواضعا غاية التواضع وكان زاهدا في حطام الدنيا لا ينازع الناس في دنياهم وحظوظهم وكان متفانيا في هداية الخلق لربهم وكان رفيقا عادلا مع الكفار وكان رفيقا في إرشاد الجاهل والفاسق والتائب إلا إذا اقتضت المصلحة في التعنيف عنف وكان لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت محارم الله غضب لله ونصرة لدينه والحاصل أن الله حباه وجبله ووفقه لمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات فينبغي للمسلمين أن يتخذوا حياته وشمائله وفضائله مدرسة وقدوة حسنة للتربية على حسن الخلق ونشرها في الأجيال والمراكز التعليمية والدورات التدريبية. فأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في محبته واتباعه في هديه ظاهرا وباطنا ونصرة دينه والاجتهاد في نشر سنته.