مدونة المعارف

26‏/09‏/2011

انصروا إخوانكم في سوريا

قيام هذه الثورة السورية السلمية المباركة ضد هذا النظام فيها نصرة لدين الله تعالى، ونصرة للمظلومين، ونصرة للمغيبين في السجون منذ سنين، ونصرة للمشردين من أهل سوريا في أنحاء الأرض فرارًا بدينهم من هذا النظام الطاغوتي الشيعي العثي الحاقدكما اتضحى من قتله لاهل السنة والجماعة..
ولذا وجب الوقوف معها ومناصرتها بكافة وسائل الدعم المشروعة كلٌّ بحسبه؛ فالعالم بفتواه وتشجيعه، والسياسي بميدانه، والتاجر بماله ودعمه، والإعلامي بنقل الحدث للعالم، والصحفي بقلمه، والشاعر بشعره، والأديب بأدبه، والإمام بقُنُوتِهِ في مسجده وجامعه، والأم في تشجيع أولادها على المناصرة والمشاركة.. وهكذا جميع الأطياف تتعاون لإقامة دولة الإسلام على أرض الإسلام سوريا بإذن الله تعالى .....


أما على مستوى الحكومات، فالواجب على الدول الإسلامية عمومًا الوقوف مع الشعب السوري الأبيّ؛ لرفع الظلم عنه ومساندته بكل الإمكانات الممكنة والمتاحة...
:: وجوب مساندة ثوار سوريا ::

:: ضيعت الأمة .. فذبح إخواننا في ليبيا وسوريا ::

:: أحداث ســــــوريـــا ::

:: الأحداث الجارية في سوريا ::


ولذا وجب الوقوف معها ومناصرتها بكافة وسائل الدعم المشروعة كلٌّ بحسبه؛ فالعالم بفتواه وتشجيعه، والسياسي بميدانه، والتاجر بماله ودعمه، والإعلامي بنقل الحدث للعالم، والصحفي بقلمه، والشاعر بشعره، والأديب بأدبه، والإمام بقُنُوتِهِ في مسجده وجامعه، والأم في تشجيع أولادها على المناصرة والمشاركة.. وهكذا جميع الأطياف تتعاون لإقامة دولة الإسلام على أرض الإسلام سوريا بإذن الله تعالى .....

25‏/09‏/2011

فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه


قال الله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) [الإسراء: 109] . وقال تعالى: ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ ) [لنجم: 59 ، 60] .

1/446 ـ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي القرآن )) قلت: يا رسول الله أقرأ عليك ، وعليك أنزل ؟ ! قال : (( إني أحب أن أسمعه من غيري )) فقرأت عليه سورة النساء ، حتى جئت إلى هذه الآية : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً )[النساء:41] قال : (( حسبك الآن )) فالتفت إليه ، فإذا عيناه تذرفان . متفق عليه(299) .

2/447 ـ وعن أنس رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً )) قال فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين . متفق عليه (300) ، وسبق بيانه في باب الخوف .

3/448 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)) رواه الترمذي(301). وقال حديث حسن صحيح .

4/449 ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله تعالى ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) متفق عليه(302) .



الـشـرح

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب فضل البكاء من خشية الله عز وجل ، يعني خوفاً منه وشوقاً إليه تبارك وتعالى ، وذلك أن البكاء له أسباب : تارة يكون الخوف ، وتارة يكون الألم ، وتارة يكون الشوق ، وغير ذلك من الأسباب التي يعرفها الناس .

ولكن البكاء من خشية الله إما خوفاً منه وإما شوقاً إليه تبارك وتعالى ، فإذا كان البكاء من معصية فعلها

الإنسان ؛ فهذا البكاء سببه الخوف من الله عز وجل ، وإذا كان عن طاعة فعلها ، كان هذا البكاء شوقاً إلى الله سبحانه وتعالى .

وذكر المؤلف رحمه الله آيتين : آية فيها الثناء على الذين يبكون من خشية الله وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) [الإسراء: 107] أي أوتوا العلم من قبل القرآن ، وهم أهل الكتاب ( إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ) [الإسراء: 107 ، 108] ، يعني إن وعد ربنا واقع لا محالة ، فإن هنا للتوكيد .

( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ) يعني عليها ، والمراد المبالغة في السجود ، حتى تكاد أذقانهم تضرب بالأرض من شدة المبالغة في سجودهم ( وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) خشوعاً في القلب يظهر أثره وعلامته على الجوارح .

والآية الثانية قوله تعالى : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) [لنجم: 59 ، 60] ، وهذا ذم لهم أن يضحك الإنسان من القرآن ويعجب منه عجب استنكار وسخرية ولا يبكي منه ، والقرآن أعظم واعظ ، يعظ الله به القلوب ، لكنه إذا ورد على قلوب كالحجارة والعياذ بالله ؛ فإنها لا تلين ولكنها تزداد صلابة . نسأل الله العافية .

ثم ذكر المؤلف حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يقرأ عليه القرآن ، فقال : يا رسول الله ، كيف أقرؤه عليك وعليك أنزل ؟ يعني : أنت أعلم به مني ، فكيف أقرؤه عليك ؟ . قال : (( إني أحب أن أسمعه من غيري )) .

هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ، وفيه إشارة إلى أن الإنسان قد يكون إنصاته لقراءة غيره أخشع لقلبه مما لو قرأ هو ، وهو كذلك أحياناً ، فأحياناً إذا سمعت القرآن من غيرك خشعت وبكيت ، لكن لو قرأته أنت خشعت على هذه الهيئة .

فقرا عليه سورة النساء ، فلما بلغ هذه الآية العظيمة : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ) [النساء:41] ، يعني ماذا تكون حالك ؟ ! وماذا تكون حالهم ؟ !

كيف هنا للاستفهام ، والاستفهام يشد النفس وينبه القلب ( إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيد ) يوم القيامة .

والشهداء طائفتان من الناس :

الطائفة الأولى : الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، كما قال تعالى : ( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) [البقرة: 143] .

والثانية : أهل العلم الذين ورثوا الأنبياء ، فإنهم شهداء بعد ميراث الأنبياء بعد أن يموت الأنبياء ، فالشهداء على الخلق هم العلماء بعد الرسل يشهدون بأن الرسل بلغوا، ويشهدون على الأمة بأن الرسالة قد بلغتهم ، ويالها من ميزة عظيمة لأهل العلم ، أن يكونوا هم شهداء الله في أرضه .

يقول : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ) ، وقد ذكر الله في سورة الجاثية (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ) على ركبها ( كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا ) كتاب الأعمال ، أو إلى كتابها الذي نزل

عليها بالوحي ( تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

يقول : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ ) يعني يا محمد ( عَلَى هَؤُلاء ) الأمم ( شَهِيداً ) ماذا تكون الحال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( حسبك الآن )). قال ابن مسعود : فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

يبكي عليه الصلاة والسلام خوفاً من هذه الحالة الرهيبة العظيمة . ففي هذا دليل على البكاء من قراءة القرآن وأن الإنسان يبكي من قراءة القرآن .

وذكر المؤلف حديثاً آخر سبق لنا شرحه وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً )) يعني لو تعلمون ما أعلم من حقائق الأمور التي أخفاها الله عنكم وعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه أخفاها عن الخلق رحمة بهم وعلمها النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يؤمر بإبلاغها للناس ، وقد يكون المراد بذلك حقائق ما أخبره أنه يعلم شيئاً من الحقائق لا يعلمها الناس ، فالله أعلم .

ولما قال صلى الله عليه وسلم : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قيلا ً ولبكيتم كثيراً )) غطى الصحابة وجوههم ولهم خنين . يعني أصوات بكاء . يبكون لأن المراد بقول الرسول عليه الصلاة والسلام : (( لو تعلمون ما أعلم )) التحذير مما علمه عليه الصلاة والسلام ، فجعلوا يبكون رضي الله عنهم وأرضاهم ، وهذا يدل على كمال إيمانهم ، وكمال تصديقهم بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة المشهور ، وقد سبق أيضاً ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم : (( رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) ذكر الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وأحكامه وآياته ، ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، إما شوقاً إليه ، وإما خوفاً منه ، فهذا من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .

والمراد بالظل هنا : ظل يخلقه الله عز وجل يوم القيامة يظلل فيه من شاء من عباده ، وليس المراد ظل نفسه جل وعلا ؛ لأن الله نور السموات والأرض ، ولا يمكن أن يكون الله ظلاً من الشمس ، فتكون الشمس فوقه وهو بينها وبين الخلق ، ومن فهم هذا الفهم فهو بليد أبلد من الحمار ؛ لأنه لا يمكن أن يكون الله عز وجل تحت شيء من مخلوقاته ، فهو العلي الأعلى ، ثم هو نور السموات والأرض .

قال النبي عليه الصلاة والسلام (( حجابه )) يعني حجاب الله (( النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) (303) ، يعني لو كشف هذا الحجاب ـ والحجب أيضاً من نور ، لكنها نور دون نور البارئ عز وجل . لو كشف الله هذا النور لأحرقت سبحات وجهه أي بهاؤه وعظمته ونوره ، ما انتهى إليه بصره من خلقه ، وبصره ينتهي إلى كل شيء .

والمعنى لو كشفه لأحرق هذا النور كل شيء ، كيف يكون المراد بالظل ظل الرب عز وجل ؟! لكن كما قلت : بعض الناس أجهل من الحمار ، لا يدري ما يترتب على قوله الذي يقوله في تفسير كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن يريد الرسول عليه الصلاة والسلام هذا .

حتى الرواية التي وردت في ظل عرشه فيها نظر ؛ لأن المعروف أن العرش أكبر من السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ، فكيف يكون العرش تحت الشمس يظل الناس ؟!

لو صح الحديث لقلنا : ربما يكون طرف العرش مثلاً ، والله عز وجل على كل شيء قدير ، لكن هذه اللفظة في صحتها نظر ، والصواب أنه ظل يخلقه الله عز وجل في ذلك اليوم ؛ إما من الغمام أو من غير ذلك ، الله أعلم ، لكنه ظل يستر الله به من شاء من عباده حر الشمس .

وإنما قال : (( يوم لا ظل إلا ظله )) ؛ لأننا في الدنيا نستظل بالبناء الذي نبنيه ، ونستظل بالأشجار التي تغرس ، ونستظل بسفوح الجبال ، وبالجدران ، وبغير ذلك ، نستظل بأشياء نحن نصنعها بأيدينا وبأشياء خلقها الله عز وجل .

لكن في الآخرة ليس هناك ظل ، قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً )[طـه:105]، كل الجبال تنسف مهما عظمت، أكبر الجبال وأعظمها تنسف ؛ تكون رملاً ، هباءً منثوراً ، تطير في الجو ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) [النمل:88] ، تطير في الهواء وإن كنت تظنها جامدة لا تتحرك .

وقد سمعت عن بعض الناس المتأخرين يقول : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً ) يعني في الدنيا ، وأن هذا دليل على أن الأرض تدور ، وعلل ذلك بان يوم القيامة يقين ليس فيه شيء من الحسبان .

وهذا من جهله وعدم معرفته ؛ لأن الله تعالى قال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (ا1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) [الحج: 1 ، 2] ، هذا من يراهم على خلاف الواقع ، فالأمر إذا ذهل الإنسان ولو كان أمامه شيء متيقن ، فإنه تضيع حواسه وإدراكا ته .

المهم أن قوله (( يوم لا ظل إلا ظله )) أي : إلا الظل الذي يخلقه الله عز وجل ، يظل به من شاء من عباده . وهذا هو الشاهد .

قوله : (( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) فأنت يا أخي إذا ذكرت الله فاذكر ربك خالي القلب ، لا تفكر في شيء ، إن فكرت في شيء لم يحصل لك أن تبكي من خشية الله أو الشوق إليه ؛ لأنه لا يمكن أن يبكي الإنسان وقلبه مشغول بشيء آخر ، كيف تبكي شوقاً إلى الله وخوفاً منه وقلبك مشغول بغيره؟! ولهذا قال( ذكر الله خالياً)) يعني : خالي القلب مما سوى الله عز وجل ، خالي الجسم أيضاً، ليس عنده أحد حتى يكون بكاؤه رياء وسمعه، فهو مخلص القلب ، فهذا أيضاً ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . أسأل الله أن يظلني وإياكم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .



* * *



5/450 ـ وعن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء .))

حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي(304) في الشمائل بإسناد صحيح .

6/451 ـ وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب رضي الله عنه : (( إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) قال : وسماني ؟ قال : (( نعم )) فبكى أبي . متفق عليه(305) . وفي رواية : فجعل أبي يبكي .

7/452 ـ وعنه قال : قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما ، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنهما نزورها كما كان رسول الله يزورها ، فلما انتهينا إليها بكت فقالا لها : ما يبكيك ؟ أما تعلمين أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني أبكي أن الوحي قد أنقطع من السماء ؛ فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها . رواه مسلم(306) . وقد سبق في باب زيارة أهل الخير .

8/453 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ، قيل له في الصلاة ، فقال (( مروا أبا بكر فليصل بالناس )) فقالت عائشة رضي الله عنها : إن أبا بكر رجل رقيق ، إذا قرأ القرآن غلبه البكاء ، فقال : (( مروه فليصل )) .

وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء . متفق عليه(307) .

9/454- وعن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عّوف أنَّ عبدَ الرحمنِ بن عَوف رضي الله عنهُ أتي بطَعام وكان صائماً ، فقال قُتل مًُصعب بن عُمير رضي الله عنه وهو خير مني. فلم يوجد له ما يكفنُ فيه إلا بُردة إن غطي بها رأسهُ بدت رجلاه وإن غُطي بها رجلاهُ بدا رأسُه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بُسِط - أو قال : أعطينا من الدنيا ما أُعطينا- وقد خشينا أن تكُون حسناتنا عُجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعامَ. رواه البخاري



الشـرح

هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في باب البكاء من خشية الله أو من الشوق إليه سبحانه وتعالى، ذكر فيها عدة أحاديث ، منها: حديث عبد الله ابن الشخير رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وكان لصدره أزيز كأزيز المرجل.

المرجل: القِدر يغلي على النار وله صوت معروف، وأزيز صدر النبي صلى الله عليه وسلم كان من خَشية الله بلا شك، فهذا بكاء من خشية الله.

وذكر حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأُبي بن كعب" إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (البينة:1) ، فقال : وسماني لك ؟ قال: "نعم". فبكى أُبي.

لكن هذا البكاء يحتمل أن يكون شوقاً إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لأن أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السورة على أُبي تدل على رفعة أُبي بن كعب رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون ذلك من الفرح؛ فإن الإنسان ربما يبكي إذا فرح، كما أنه يبكي إذا حزن.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث كلها تدل على البكاء على الحزن على ما مضى، منها حديث أم أيمن رضي الله عنها حين زارها الصحابيان: أبو بكر وعمر، أتيا إليها كما كان النبي صلى الله عليه وسل يزورها، فلما أتيا إليها بكت فقالا لها :"ما يبكيك"؟ أما عملت أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت بلى إني لا أبكي أني لا أعلم". يعني: بل أنا أعلم" ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء" انقطع الوحي " فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها".

وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين جيء إليه بالطعام وهو صائم، والصائم يشتهي الطعام عادة، ولكنه رضي الله عنه تذكر ما كان عليه الصحابة الأولون، وهو رضي الله عنه من الصحابة الأولين من المهاجرين رضي الله عنهم، لكنه قال احتقاراً لنفسه قال: إن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان خيراً مني.

وكان مصعبٌ رجلاً شاباً، كان عند والديه بمكة وكان والداه أغنياء، وأمه وأبوه يلبسانه من خير اللباس : لباس الشباب والفتيان، وقد دلّلاه دلالاً عظيماً، فلما أسلم هجراه وأبعداه، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مع المهاجرين، وكان عليه ثوب مرقع بعدما كان في مكة عند أبويه يلبس أحسن الثياب، لكنه ترك ذلك كله مهاجراً إلى الله ورسوله.

وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم أحد ، فاستشهد رضي الله عنه، وكان معه بردة- أي ثوب- إذا غطوا به رأسه بدت رجلاه- وذلك لقصر الثوب- وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستر به رأسه وأن تستر رجلاه بالإذخر؛ نبات معروف.

فكان عبد الرحمن بن عوف يذكر حال هذا الرجل ، ثم يقول: إنهم قد مضوا وسلموا مما فتح الله به من الدنيا على من بعدهم من المغانم الكثيرة، كما قال تعالى : (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا) (الفتح:19) .

ثم قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :" قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا"؛ لأن الكافر يجزى على حسناته في الدنيا، وله في الآخرة عذاب النار، والمؤمن قد يجزى في الدنيا وفي الآخرة، لكن جزاء الآخرة هو الأهم.

فخشي رضي الله عنه أن تكون حسناتهم قد عجلت لهم في هذه الدنيا، فبكى خوفاً وفرقاً، ثم ترك الطعام رضي الله عنه.

ففي هذا دليلٌ على البكاء من خشية الله ومخافة عقابه، والله الموفق
.


-----------------------



(299) رواه البخاري ، كتاب التفسير ، باب نساؤكم حرث لكم ، رقم ( 4582 ) ، ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب فضل استماع القرآن . . . ، رقم ( 800 ) .

(300) رواه البخاري ، كتاب التفسير ، باب قوله : ( لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم ) رقم ( 4621 ) ، ومسلم ، كتاب الفضائل ، باب توقيره صلى الله عليه وسلم . . . ، رقم ( 2359 ) .

(301) رواه الترمذي ، كتاب فضائل الجهاد ، باب ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله ، رقم ( 1632 ) .

(302) رواه البخاري ، كتاب الأذن ، باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء ، رقم ( 600 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل إخفاء الصدقة ، رقم ( 1031 ) .

(303) أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب في قوله عليه السلام : إن الله لا ينام ، رقم ( 179 ) .

(304) رواه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب البكاء في الصلاة ، رقم ( 904 ) .

(305) رواه البخاري ، كتاب مناقب الأنصار ، باب مناقب أبي بن كعب ، رقم ( 3809 ) ، ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والخلق ، رقم ( 799 ) .

(306) رواه مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أم أيمن . . . ، رقم ( 2454 ) .

(307) رواه البخاري ، كتاب الأذان ، باب حد المريض أن يشهد الجماعة ، رقم ( 664 ) ، ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ، رقم ( 418 ) [ 94 ] .

المصدر موقع الشيخ رحمه الله
http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18200.shtml

20‏/09‏/2011

الفرصة لازالت متاحة

احمد الله الذى بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين أفضل من صلا وصام القائل : من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر صلى الله وسلم وبارك عليه واله وصحبه  ومن اهتدى بهديه واستقام على شرعه.
وبعد: ايها المسلمون الكرماء يامن وفقكم الله وصمتم رمضان ها انتم في خواتيم  شهرشوال فالنبادر بإكمال الست والنسارع في ذالك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم  حيث قال :(من صام رمضان واتبعه بستة من شوال كان كصيام الدهر كله )وصياهذه الايام تعادل بصيام شهرين .
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل 

12‏/09‏/2011

وبشر المخبتين


بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : \" وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) سورة الحج.
وقال تعالى :\" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) سورة هود .

قال الرازي :\" { فإلهكم إله واحد } فلا تذكروا على ذبائحكم غير اسم الله { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } أي اخلصوا له الذكر خاصة بحيث لا يشوبه إشراك ألبتة ، والمراد الانقياد لله تعالى في جميع تكاليفه ، ومن انقاد له كان مخبتاً فلذلك قال بعده { وَبَشّرِ المخبتين } والمخبت المتواضع الخاشع . قال أبو مسلم : حقيقة المخبت من صار في خبت من الأرض ، يقال أخبت الرجل إذا صار في الخبت كما يقال أنجد وأشأم وأتهم ، والخبت هو المطمئن من الأرض . وللمفسرين فيه عبارات أحدها : المخبتين المتواضعين عن ابن عباس وقتادة وثانيها : المجتهدين في العبادة عن الكلبي وثالثها : المخلصين عن مقاتل ورابعها : الطمئنين إلى ذكر الله تعالى والصالحين عن مجاهد وخامسها : هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا عن عمرو بن أوس .

ثم وصفهم الله تعالى بقوله : { الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } فيظهر عليهم الخوف من عقاب الله تعالى والخشوع والتواضع لله ، ثم لذلك الوجل أثران أحدهما : الصبر على المكاره وذلك هو المراد بقوله : { والصابرين على مَا أَصَابَهُمْ } وعلى ما يكون من قبل الله تعالى ، لأنه الذي يجب الصبر عليه كالأمراض والمحن والمصائب . فأما ما يصيبهم من قبل الظلمة فالصبر عليه غير واجب بل إن أمكنه دفع ذلك لزمه الدفع ولو بالمقاتلة والثاني : الاشتغال بالخدمة وأعز الأشياء عند الإنسان نفسه وماله . أما الخدمة بالنفس فهي الصلاة ، وهو المراد بقوله : { والمقيمي الصلاة } وأما الخدمة بالمال فهو المراد من قوله : { وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ } قرأ الحسن { والمقيمي الصلاة } بالنصب على تقدير النون ، وقرأ ابن مسعود والمقيمين الصلاة على الأصل .تفسير الرازي 11/199.

وقال ابن عاشور في تفسيره :\" وقد أتبع صفة {المُخْبِتِينْ} بأربع صفات وهي: وجل القلوب عند ذكر الله، والصبر على الأذى في سبيله، وإقامة الصلاة، والإنفاق. وكل هذه الصفات الأربع مظاهر للتواضع فليس المقصود من جمع تلك الصفات لأن بعض المؤمنين لا يجد ما ينفق منه وإنما المقصود من لم يخل بواحدة منها عند إمكانها. والمراد من الإنفاق الإنفاق على المحتاجين الضعفاء من المؤمنين لأن ذلك هو دأب المخبتين. وأما الإنفاق على الضعيف والأصحاب فذلك مما يفعله المتكبرون من العرب كما تقدم عند قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} . وهو نظير الإنفاق على الندماء في مجالس الشراب. ونظير إتمام الإيسار في مواقع الميسر، كما قاله النابغة:

أني أتمم أيساري وأمنحهم * * * مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما
والمراد بالصبر: الصبر على ما يصيبهم من الأذى في سبيل الإسلام. وأما الصبر في الحروب وعلى فقد الأحبة فمما تتشرك فيه النفوس الجلدة من المتكبرين والمخبتين. وفي كثير من ذلك الصبر فضيلة إسلامية إذا كان تخلقا بأدب الإسلام قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} الآية.التحرير والتنوير 17/188.
وقال القرطبي عن عمرو بن أوس، قال: المخبتون: الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا.تفسير القرطبي 18/527.
وقال البقاعي :\" أي المخبتين الذين هم في غاية السهولة واللين والتواضع لربهم بحيث لا يكون عندهم شيء من كبر وينظرون عواقب الأمر وما أعد عليها من الأجر. نظم الدرر 1/85.
وقال القشيري :\" أي اسْتَسلموا لِحُكمه بلا تعبيسٍ ولا استكراهٍ من داخل القلب . تفسير القشيري 5/194.
وقال صاحب الدر المنثور :\" وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان اذا رأى الربيع بن خثيم قال : وبشر المخبتين وقال له : ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين .السيوطي : الدر المنثور 6/49.

دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَدِينَةَ ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثًا ، فَقَالَ : مَا هَا هُنَا رَجُلٌ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا ؟ فَقِيلَ لَهُ : بَلَى ، هَا هُنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أَبُو حَازِمٍ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَجَاءَهُ ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! مَا هَذَا الْجَفَاءُ ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ : وَأَيَّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي ؟ فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ وَلَمْ تَأْتِنِي . فَقَالَ لَهُ : أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ ، مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَعْرِفَةٌ آتِيكَ عَلَيْهَا . فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : صَدَقَ الشَّيْخُ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمُ آخِرَتَكُمْ ، وَعَمَّرْتُمْ دُنْيَاكُمْ ؛ فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ . قَالَ : صَدَقْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ ؟ قَالَ : أَمَّا الْمُحْسِنُ ؛ فَكَالْغَائِبِ يُقْدِمُ عَلَى أهله ، وما الْمُسِيءُ ؛ فَكَالآبِقِ يُقْدِمُ عَلَى مَوْلاهُ . قَالَ : فَبَكَى سُلَيْمَانُ ، وَقَالَ : لَيْتَ شِعْرِي ! مَا لَنَا عِنْدَ اللهِ يَا أَبَا حَازِمٍ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَعْلَمْ مَا لَكَ عِنْدَ اللهِ . فَقَالَ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! أَيْنَ نُصِيبُ تِلْكَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : عِنْدَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ( 13 ) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ( 14 ) ) [ الانفطار : 13 - 14 ] . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللهِ ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ : { قَرِيبٌ من المحسنين } [ الأعراف : 56 ] . قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! مَنْ أَعْقَلُ النَّاسِ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : مَنْ تَعَلَّمَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهَا النَّاسَ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : فَمَنْ أَحْمَقُ النَّاسِ ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ : مَنْ حَطَّ فِي هَوَى رَجُلٍ وَهُوَ ظَالِمٌ فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! مَا أَسْمَعُ الدُّعَاءِ ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ : دُعَاءُ الْمُخْبِتِينَ [ إِلَيْهِ ] . قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! فَمَا أَزْكَى الصَّدَقَةُ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : جُهْدُ الْمُقِلِّ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! مَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اعْفِنَا مِنْ هَذَا . قَال سُلَيْمَانُ : نَصِيحَةٌ بَلَّغْتَهَا . فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : إِنَّ نَاسًا أَخَذُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا إِجْمَاعٍ مِنْ رَأْيِهِمْ ، فَسَفَكُوا فِيهَا الدِّمَاءَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ ارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا قَالُوا وَمَا قِيلَ لَهُمْ ؟ ! فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا شَيْخُ : فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : كَذَبْتَ ! إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! كَيْفَ لَنَا أَنْ نَصْلُحَ ؟ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : تَدَعُوا التَّكَلُّفَ ، وَتَتَمَسَّكُوا بِالْمُرُوءَةِ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! كَيْفَ الْمَأْخَذُ لِذَلِكَ ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ : تَأْخُذُهُ مِنْ حَقِّهِ وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ . فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : اصْحَبْنَا يَا أَبَا حَازِمٍ وَتُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْكَ . فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذلك . فقال سُلَيْمَانُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : أَخَافُ أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلا فَيُذِيقَنِي ضَعْفُ الْحَيَاةِ وَضَعْفُ الْمَمَاتِ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : فَأَشِرْ عَلَيَّ يَا أَبَا حَازِمٍ . فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اتَّقِ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ ، وَأَنْ يَفْقِدَكَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكَ . قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! ادْعُ لنا بخير . فقال أَبُو حَازِمٍ : اللهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ ؛ فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ ؛ فَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِهِ . قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : عِظْ . قَالَ : قَدْ أَوْجَزْتَ ، إِنْ كُنْتَ وَلِيَّهُ ، وَإِنْ كُنْتَ عَدُوَّهُ ؛ فَمَا يَنْفَعُكَ أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ بِغَيْرِ وَتَرٍ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا غُلامُ ! إِيتْ بمئة دِينَارٍ . ثُمَّ قَالَ : خُذْهَا يَا أَبَا حَازِمٍ . فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : لا حَاجَةَ لِي بِهَا ، إِنِّي أَخَافُ أن يكون لِمَا سَمِعْتَ مِنْ كَلامِي ، إِنَّ مُوسَى [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] لَمَّا هَرَبَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ، وَجَدَ عَلَيْهَا الْجَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمَا عَوْنٌ ؟ قَالَتَا : لا . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ، فَقَالَ : { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خير فقير } [ القصص : 24 ] ، وَلَمْ يَسَلِ اللهَ أَجْرًا عَلَى دِينِهِ ، فَلَمَّا أَعْجَلَ بِالْجَارِيَتَيْنِ الانْصِرَافُ ؛ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُوهُمَا ، وَقَالَ : مَا أَعْجَلُكُمَا الْيَوْمَ ؟ ! قَالَتَا : وَجَدْنَا رَجُلا صَالِحًا فَسَقَى لَنَا . فَقَالَ : فَمَا سَمِعْتُمَاهُ يَقُولُ ؟ قَالَ : قَالَتَا : سَمِعْنَاهُ يَقُولُ : { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ من خير فقير } [ القصص : 24 ] . قَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا جَائِعًا ، تَنْطَلِقُ إِلَيْهِ إِحْدَاكُمَا فَتَقُولُ لَهُ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا . فَأَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ - قَالَ : عَلَى إِجْلالٍ - ؛ قَالَتْ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا . قَالَ : فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ طَرِيدًا فِي فَيَافِي الصَّحْرَاءِ ، فَأَقْبَلَ وَالْجَارِيَةُ أَمَامَهُ ، فَهَبَّتِ الرِّيحُ ، فوصفتها له ، وكانت ذا خُلُقٍ ، [ فَقَالَ لَهَا : كُونِي خَلْفِي ] ، وَأَرِينِي السَّمْتَ . فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ دَخَلَ ، إِذَا طَعَامٌ مَوْضُوعٌ ، فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلامُ : أَصِبْ يَا فَتًى مِنْ هَذَا الطَّعَامِ . قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : أَعُوذُ بِاللهِ . قَالَ شُعَيْبٌ : وَلِمَ ؟ قَالَ مُوسَى : لأَنَّا فِي [ أَهْلِ ] بَيْتٍ لا نَبِيعُ دِينَنَا بِمِلْءِ الأَرْضِ ذَهَبًا . قَالَ شُعَيْبٌ : لا وَاللهِ ! وَلَكِنَّهَا عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي ، نُطْعِمُ الطَّعَامَ وَنُقْرِي الضَّيْفَ . فَجَلَسَ مُوسَى ، فَأَكَلَ ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ عِوَضًا لِمَا سَمِعْتَ مِنْ كَلامِي ، فَلأَنْ أَرَى أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آخُذَهَا . فَكَأَنَّ سُلَيْمَانَ أُعْجِبَ بِأَبِي حَازِمٍ . فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! أَيَسُرُّكَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِثْلُهُ ؟ قَالَ الزُّهْرِيُّ : إِنَّهُ لَجَارِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً ، مَا كَلَّمْتُهُ بِكَلِمَةٍ قَطُّ . فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ : صَدَقْتَ ، إِنَّكَ نَسِيتَ اللهَ فَنَسِيتَنِي ، وَلَوْ أَحْبَبْتَ اللهَ ؛ لأَحْبَبْتَنِي . قَالَ الزُّهْرِيُّ : أَتَشْتِمُنِي ؟ فَقَالَ سُلَيْمَانُ : بَلْ أَنْتَ شَتَمْتَ نَفْسَكَ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلْجَارِ على جاره حَقًّا ؟ فَقَالَ أبَوُ حَازِمٍ : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا كَانُوا عَلَى الصَّوَابِ ، وَكَانَتِ الأُمَرَاءُ تَحْتَاجُ إِلَى الْعُلَمَاءِ ؛ فَكَانَتِ الْعُلَمَاءُ تَفِرُّ بِدِينِهَا مِنَ الأُمَرَاءِ ، فَاسْتَغْنَتِ الأُمَرَاءُ عَنِ الْعُلَمَاءِ ، وَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ؛ فَشُغِلُوا وَانْتَكَسُوا ، وَلَوْ كَانَ عُلَمَاؤُنَا هَؤُلاءِ يَصُونُونَ عِلْمَهُمْ لَمْ تَزَلِ الأُمَرَاءُ تَهَابُهُمْ . قَالَ الزُّهْرِيُّ : كَأَنَّكَ إِيَّايَ تُرِيدُ وَبِي تُعَرِّضُ ؟ ! قَالَ : هُوَ مَا تَسْمَعُ . قَالَ : وَقَدِمَ هِشَامٌ المدينة مرة أخرة ، فَأَرْسَلَ إلى أَبِي حَازِمٍ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! عِظْنِي وَأَوْجِزْ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ : اتَّقِ اللهَ ! وَازْهَدْ فِي الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ حَلالَهَا حِسَابٌ ، وَحَرَامَهَا عَذَابٌ . قَالَ : لَقَدْ أَوْجَزْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ . فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! ارْفَعْ حَوَائِجَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ : هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ! قَدْ رَفَعْتُ حَوَائِجِي إِلَى مَنْ لا تُخْتَزَلِ الْحَوَائِجُ دُونَهُ ؛ فَمَا أَعْطَانِي مِنْهَا قَنِعْتُ بِهِ ، وَمَا مَنَعَنِي مِنْهَا رَضِيتُ ، وَقَدْ نَظَرْتُ فِي هَذَا الأَمْرِ ؛ فَإِذَا هُوَ نِصْفَانِ : أَحَدُهُمَا لِي ، وَالآخَرُ لِغَيْرِي ؛ فَأَمَّا مَا كَانَ لِي ؛ فَلَوِ احْتَلْتُ فِيهِ بِكُلِّ حِيلَةٍ مَا وَصَلْتُ إِلَيْهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الَّذِي قُدِّرَ لِي فِيهِ ، وَأَمَّا الَّذِي لِغَيْرِي ؛ فَذَلِكَ الَّذِي لا أُطْمِعُ نَفْسِي فِيمَا مَضَى ، وَلَمْ أطعمها فِيمَا بقي ، وَكَمَا مُنِعَ غَيْرِي رِزْقِي كَذَلِكَ مُنِعْتُ رِزْقَ غَيْرِي ؛ فَعَلَى مَا أَقْتُلُ نَفْسِي ؟ !. ابن عبد البر : المجالسة وجواهر العلم 8/149.

وذكر ابن حبان في صحيحه باب \" ذِكْرُ الإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ مُحَاسَبَةِ اللهِ جَلَّ وَعَلاَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْبِتِينَ مِنْ عِبَادِهِ فِي الْقِيَامَةِ\".ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم , عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ صَفْوَانِ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، إِذْ عَارَضَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ النَّجْوَى ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّ أَعْرِفُ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، ثُمَّ يُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ ، فَيُنَادَى عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ : {هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود].

وعن أبي سعيد المقبري قال لما طعن أبو عبيدة قال يا معاذ صل بالناس فصلى معاذ بالناس ثم مات أبو عبيدة بن الجراح فقام معاذ في الناس فقال يا أيها الناس توبوا إلى الله من ذنوبكم توبة نصوحا فإن عبد الله لا يلقى الله تائبا من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له ثم قال إنكم أيها الناس قد فجعتم برجل والله ما أزعم أني رأيت من عباد الله عبدا قط أقل غمزا ولا أبر صدرا ولا أبعد غائلة ولا أشد حبا للعاقبة ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه رحمه الله ثم أصحروا للصلاة عليه فوالله لا يلي عليكم مثله أبدا فاجتمع الناس وأخرج أبو عبيدة وتقدم معاذ فصلى عليه حتى إذا أتى به قبره دخل قبره معاذ بن جبل وعمرو بن العاص والضحاك بن قيس فلما وضعوه في لحده وخرجوا فشنوا عليه التراب فقال معاذ بن جبل يا أبا عبيدة لأثنين عليك ولا أقول باطلا أخاف أن يلحقني بها من الله مقت كنت والله ما علمت من الذاكرين الله كثيرا ومن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ومن الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وكنت والله من المخبتين المتواضعين الذي يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الخائنين المتكبرين.الحاكم في مستدركه ج3/ص296 ح5148.

وعن زر بن حبيش قال : قرأت القرآن من أوله إلى آخره على على بن أبى طالب ، فلما بلغت الحواميم قال : لقد بلغت عرائس القرآن ، فلما بلغت رأس ثنتين وعشرين آية من حمعسق {والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات} الآية بكى حتى ارتفع نحيبه ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : يا زر أمن على دعائي ، ثم قال : اللهم إني أسألك إخبات المخبتين ، وإخلاص الموقنين ، ومرافقة الأبرار واستحقاق حقائق الإيمان ، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم ووجوب رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار يا زر إذا ختمت فادع بهذه فإن حبيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن. (ابن النجار) [كنز العمال 4221]أورده الذهبي في الميزان (3/108) ، والحافظ في اللسان (2/480) .

عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ) ومن قرأ مائة آية كتب له قنوت ليلة ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين ومن قرأ أربع مائة كتب من المخبتين ومن قرأ ألف آية أصبح وله قنطار ألف ومائتا أوقية الأوقية خير مما بين السماء والأرض ومن قرأ ألفي آية كان من الموجبين ). أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (2/268) قال الهيثمى : فيه يحيى بن عقبة بن أبى العيزار وهو ضعيف . وأخرجه الضياء (8/278 ، رقم 341) .
المصدر صيدالفوائد :د. بدر عبد الحميد هميسه