مدونة المعارف

26‏/12‏/2012

عاما مضى لم يبقى منه الا النذر اليسير :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على على أشرف الانبياء والمرسلين محمد بن عبدالله عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
                                               ثم أما بعد :
أحبتي في الله أخاطبكم من هذا المنبر ومن هذه المدونة التي أسميتها ( المعارف )
     كما ختمنا عامنا الهجري ها نحن نختتم هذا العام الميلادي  عام 2012م لكن السؤال الذي يطرح نفسه الى متى نحن في غفلة من أمرنا ؟
كلما مضى عام إقتربت أعمارنا الى النهاية فهل من متعظ ؟
    ووالله حين ما ترى الناس وهم في لهو وعبث لتشعر بأن الناس ويأتيك الشك بأنهم لا يموتون
ولكن ما قاله ربنا في مطلع سورة الانبياء حيث قال رب العزة الجلال :( إقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون )
والايات القرءانية واضحة والاحاديث النبوية تدلالة واحدة قرب الساعة فقد قال عليه الصلاة والسلام ( بعثت أنا والساعة كهاتين وأشاربالسبابة والوسطى )
فاللهم  كن  لنا معينا وناصرا ومؤيدا ووفقنا لما تحب وترضى .

02‏/12‏/2012

ليس من سمِع كمن لُسِع

هل تخيلت يوماً وأنت تضع رأسك على الوسادة لتنام، أن بيتك قد يُقصف في أي لحظة؟ ماذا اعتراك حينها، إن كان خطر لك هذا الخاطر أصلاً؟ وهل الخاطر سينقل لك إحساس التجرِبة؟ إذا أردت أن تعرف، فاسأل من عاش أو يُعايش هذا الفزع، ولكن اعلم أنه ليس من سمِع كمن لُسع.

هل تعرف ماذا يعني أن تقضي عشرين أو خمسة وعشرين عاماً في الأسر؟ هل تعرف العذابات التي يعانيها الأسير؟ وحتى لو عرفت، فهل سيسري إليك الإحساس ـ إن كان عندك شعور أو إحساس ـ الذي يحس به من قضى عمره في الأسر؟ لو أُسِرت فستعرف، وستعرف ماذا كان ينتظر منك الأسرى عندما كنت طليقاً.


هل نظرت مرة إلى الفقراء الذين يعيشون في العراء هم وأطفالهم، وأجسادهم وثيابهم ملطخة بالوحل والأوساخ؟ هل تعرف بماذا يفكر هؤلاء وبماذا يشعرون؟ هل تعرف كيف ينظرون إليك يا من تلبَس الثياب النظيفة، وتأكل الطعام النظيف، وتنام على الفراش الوثير؟ وتنعم ببيت يسترك ويقيك حر الصيف وبرد الشتاء؟ هل تخيلت مرة أنك قد تكون مكانهم أنت وأطفالك؟ هل خالجك مثل هذا الشعور يوماً؟ حاول أن تضع نفسك مكانهم، وأن تحس بإحساسهم، وما أظنك تفلح؛ فليس من رأى أو سمع كمن لُسع.


قيل: «قد يرى الناس الجرح الذي في رأسك، لكنهم لا يشعرون بالألم الذي تعانيه»، فأن ترى أو تسمع، هذا شيء، ولكن أن يسري إليك إحساس المُبتلى بالفقر أو الجوع أو الألم أو الفزع أو القهر أو الظلم، فهذا ما لن تستطيعه ـ حتى لو كنت مُرهَف الحِس ـ إلا إذا مررت بنفس التجربة، عندها فقط ستعرف بماذا يشعر الفقير والمظلوم والمقهور والأسير.


تماماً كما لو أن امرأة جلست تحكي لامرأة أخرى عن متاعب الحمل وآلام المخاض، فلن تحس المرأة الأخرى بأي من تلك الإحساسات التي مرت بها تلك التي حملت ووضعت، إلا عندما تمر هي أيضاً بهذه التجربة.

المصدر/http://www.saaid.net/daeyat/lubna/104.htm 

29‏/10‏/2012

نظرية الموزة !!

عندما كنت طفلا، أعطتني أمي موزة لآكلها، فوضعتها في جيب حقيبتي المدرسية.. وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لآكل الموزة فوجدتها

مسحوقة تماماً.. تركت الموزة مكانها على أمل أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً.. لكني، وبسبب عطلة نهاية الأسبوع، نسيتها.. وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت

الموزة وقد أصابها العفن.. أغلقت الجيب، ولم أخبر أحداً.. وبقيت الموزة سرّي الدفين لثلاثة
أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق.. حتى رفاقي كانوا يتسائلون من أين تنبعث

هذه الرائحة الكريهة في الصف مما زاد في إحراجي.. فقررت عندها مواجهة الوضع وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفّنة ونظّفت حقيبتي وأنهيت المشكلة..

=====

هذا ما يحصل معنا تماماً..نسحق مشاعرنا من جرّاء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها.. فنبقيها مخبّئة في جيب حقيبتنا الشعورية..

ولا نخبر أحداً عنها.. فتصاب مشاعرنا بالتلف.. رغم إنكارنا، وتجاهلنا لها، وإحكام الإغلاق عليها..

لكن "رائحة" اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا، تنتقل من داخل "حقيبة" مشاعرنا إلى الخارج.. فتحوّلنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره، بالحقد، بالذنب، أو بالظلم..

الحل الوحيد لهذه المشكلة هو مواجهة الأمر.. وفتح "حقيبتنا" الداخلية ونتظيفها وإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة..

كيف؟ بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا.. فالكبت والإنكار.. ولفلفة المشاعر الدفينة والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء معنا هو على ما يرام.. وبأننا مسيطرون على الوضع، لا تنفع، بل تُفاقِم المشكلة..

فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا، تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجّانين دائمين لآلامنا الدائمة..

فلنفتح "حقائبنا"، ولننظّفها من العفن.. ولندع نور الشمس يدخل عتمتها.. هذه هي "نظرية الموزة" التي طبّقتها على حقيبتي المدرسية..

فلنحاول تطبيقها على "الموز" المتعفّن في "حقائبنا" الداخلية الفكرية، والعاطفية.. ولنبدأ معاً حملة النظافة

منقول

14‏/10‏/2012

فضل أيام عشرة ذي الحجة المباركة


* مقدمة :
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وسراجاً مُنيراً للناس كافةً ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين ، أما بعد ؛
فتمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة ، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ ، وعملٍ صالحٍ ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه ، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلَّها عبادةٌ وطاعةٌ وعملٌ صالحٌ يُقربه من الله تعالى ، ويصِلُه بخالقه العظيم جل في عُلاه في كل جزئيةٍ من جزئيات حياته ، وفي كل شأنٍ من شؤونها .
من هنا فإن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُمثل له منهج حياةٍ شاملٍ مُتكامل؛ فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ تتوزع أوقاتها على ساعات اليوم والليلة ، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة ، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام ، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال ، وهناك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع ، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر ، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى .
وليس هذا فحسب ؛ فهناك عبادة الحج وأداء المناسك ، وأداء العُمرة ، وصيام يوم عرفة لغير الحاج ، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده ، إضافةً إلى إخراج الزكاة على من وجبت عليه ، والحثُّ على الصدقة والإحسان ، والإكثار من التطوع في العبادات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية ، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقُربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً ، زاخرةً بالعبادات المستمرة ، ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه : } فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ { ( سورة الشرح : الآية رقم 7 ) .
من هنا فإن في حياة المسلم مواسماً سنويةً يجب عليه أن يحرص على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق أداء بعض العبادات المشروعة ، والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقربه من الله تعالى ، وتُعينه على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة .


وفيما يلي حديثٌ عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد في حياة الإنسان المسلم ، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص ، وبيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة فيها؛ إضافةً إلى بعض الدروس التربوية المستفادة منها .










* فضل الأيام العشر :
= أولاً / في القرآن الكريم :
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : " عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر " ( ابن كثير ، 1413هـ ، ج 3 ، ص 239 ) .
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه " ( الطبري ، 1415هـ ، ج 7 ، ص 514 ) .
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : " والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف " ( ابن كثير ، 1414هـ ، ج 4 ، ص 535 ) .

وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.
= ثانياً / في السنة النبوية :
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي منها :
الحديث الأول : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " ( أبو داود ، الحديث رقم 2438 ، ص 370 ) .
الحديث الثاني : عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر "( رواه أحمد ، ج 3 ، الحديث رقم 14551 ، ص 327 ).
الحديث الثالث : عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة ". قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله " ( ابن حبان ، ج 9 ، الحديث رقم 3853 ، ص 164 ) .
الحديث الرابع : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ . قال : " ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه " ( رواه الدارمي ، ج 2 ، الحديث رقم 1774 ، ص 41 ).
الحديث الخامس : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة ". قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال " ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب " (رواه الهيثمي ، ج 4 ، ص 17 ).
وهنا يمكن القول : إن مجموع هذه الأحاديث يُبيِّن أن المُراد بالأيام العشر تلك الأيام العشرة الأُولى من شهر ذي الحجة المُبارك .
* خصائص الأيام العشر :
للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي :
(1) أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2 ). ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها .


(2) أن الله تعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " ، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص فقال سبحانه : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28 ) ، وقد جاء في بعض التفاسير أن الأيام المعلومات هي الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة .


(3) أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها في غيرها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " ( رواه أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ).


(4) أن فيها ( يوم التروية ) ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج .


(5) أن فيها ( يوم عرفة ) ، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-أنها قالت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيع عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3288 ، ص 568 ).


(6) أن فيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .


(7) أن فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام .


(8) أن فيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، الذي يُعد أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1765 ، ص 271 ) .


(9) أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج ، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .


(10) أنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان ؛ لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب : " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة "


( ابن تيمية ، ................... ) .


(11) أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " ( فتح الباري ، .......................) .


(12) أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام ، والمُقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلا للحاج .


* بعض العبادات و الطاعات المشروعة في الأيام العشر :


مما لاشك فيه أن عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالطاعات القولية أو الفعلية من الأمور الواجبة والمطلوبة من الإنسان المسلم في كل وقتٍ وحين ؛ إلا أنها تتأكد في بعض الأوقات والمناسبات التي منها هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة ، حيث أشارت بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيل الاستحباب ، ومن ذلك ما يلي :


= الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).


ولما حث عليه الهدي النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص ؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ) .


وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها .


كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها .


= الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى إذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض ، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه ، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات " ( عبد الله بن جار الله ، 1410هـ ، ص 181 ) .


وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار منها قولاً وعملاً ، وهو ما يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال : سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " عليك بكثرة السجود لله ؛ فإنّك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً ، وحطَّ عنك بها خطيئةً " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1093 ، ص 202).


= ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق ، عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل ، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق ، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء ، والاقتداء بهدي النبوة المُبارك .


= الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية : لما فيها من التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين ، قال تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ( سورة الحديد :الآية 11) . ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع المسلم من خلال تفقد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم . ثم لأن في الصدقة أجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية فقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " على كل مُسلمٍ صدقة " . فقالوا : يا نبي الله ! فمن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " يُعين ذا الحاجة الملهوف " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1445 ، ص 233 ) .


= الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها ، ولما روي عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المُباركة ؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسعَ ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 2437 ، ص 370 ) .


وليس هذا فحسب فالصيام من العبادات التي يُتقرب بها العباد إلى الله تعالى والتي لها أجرٌ عظيم فقد روي عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : " يُكفِّر السنة الماضية والباقية " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 2747 ، ص 477 ) .


= قيام الليل لكونه من العبادات التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على المُحافظة عليها من غير إيجاب ، ولأنها من العبادات التي تُستثمر في المناسبات على وجه الخصوص كليالي شهر رمضان المُبارك ، وليالي الأيام العشر ونحوها. ثم لأن قيام الليل من صفات عباد الرحمن الذين قال فيهم الحق سبحانه : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ( سورة الفرقان :الآية 64) . لأنهم يستثمرون ليلهم في التفرغ لعبادة الله تعالى مُصلين مُتهجدين ذاكرين مُستغفرين يسألون الله تعالى من فضله ، ويستعيذونه من عذابه .


= أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحج حيث إن عُمرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أشهر الحج ، ولما ورد في الحث على الإكثار منها والمُتابعة بينها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العُمرةُ إلى العُمرةِ كفارةٌ لما بينهما " ( رواه البُخاري ، الحديث رقم 1773 ، ص 285 ) .


= زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة وهي من الأعمال الصالحة المُستحبة للمسلم لعظيم أجر الصلاة في المسجد النبوي الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاةٌ في مسجدي هذا ، خيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ؛ إلا المسجد الحرام " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3375 ، ص 583 ) . ولما يترتب على زيارة المسلم للمسجد النبوي من فرصة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما والسلام عليهم وما في ذلك من الأجر والثواب .


= التوبة والإنابة إلى الله تعالى إذ إن مما يُشرع في هذه الأيام المباركة أن يُسارع الإنسان إلى التوبة الصادقة وطلب المغفرة من الله تعالى ، وأن يُقلع عن الذنوب والمعاصي والآثام ، ويتوب إلى الله تعالى منها طمعاً فيما عند الله سبحانه وتحقيقاً لقوله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( سورة النور : من الآية 31 ) .


ولأن التوبة الصادقة تعمل على تكفير السيئات ودخول الجنة بإذن الله تعالى لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .


* بعض الدروس التربوية المستفادة من أحاديث فضل الأيام العشر :


(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه في غيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمام بهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ، وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها من فرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحي الذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك على مواجهة الحياة .


(2) التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ، ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية .


(3) استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيم من خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربوي في التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدر الروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميد الهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) .


(4) شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهو ما يُشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم " العمل الصالح " ؛ ففي التعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ على الإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفاله يتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرى عند الإنسان المسلم .


(5) حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعات حتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعبادات المفروضة ، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعدادات الفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغايات الأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .


(6) تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلم من أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعه للجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمال الحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لا شك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر .


(7) تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوة التي حثت على ذلك ودعت إليه .


وليس هذا فحسب ؛ فهذه الأيام العظيمة زاخرةٌ بكثيرٍ من الدروس والمضامين التربوية ، التي علينا جميعاً أن نُفيد منها في كل جزئيةٍ من جزئيات حياتنا ، وأن نستلهمها في كل شأن من شؤونها ، والله نسأل التوفيق والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .










المراجع :


- القرآن الكريم .


- أبو الفداء إسماعيل بن كثير . ( 1414هـ / 1993م ) . تفسير القرآن العظيم . ط ( 2 ) . دمشق : دار الخير .


- أحمد بن حنبل الشيباني . ( د . ت ) . مُسند الإمام أحمد . مصر : مؤسسة قرطبة .


- أحمد بن نافع المورعي الحربي . ( د . ت ) . فضل الأيام العشر الأول من ذي الحجة ويليها نظرات في خطبة حجة الوداع وصفة الحج والعُمرة . مكة المكرمة : رابطة العالم الإسلامي : هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، مكتب مكة المكرمة .


- سليمان بن الأشعث السجستاني . ( د . ت ) . سُنن أبي داود . حكم على أحاديثه وعلق عليه / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .


- عبد الحميد الهاشمي . ( 1405هـ / 1985م ) . الرسول العربي المربي . ط ( 2 ) . الرياض : دار الهدى للنشر والتوزيع .


- عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله . ( 1410هـ / 1990م ) . بهجة الناظرين فيما يُصلح الدنيا والدين . ط ( 4 ) . جدة : مكتبة السوادي للتوزيع .


- عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي . ( 1407هـ ) . سُنن الدارمي . تحقيق / فواز أحمد زمرلي و خالد السبع العلمي . بيروت : دار الكتاب العربي .


- علي بن أبي بكر الهيثمي . ( 1407هـ ) . مجمع الزوائد ومنبع الفوائد . القاهرة ، بيروت : دار الريان للتراث و دار الكتاب العربي .


-محمد بن إسماعيل البخاري . ( 1417هـ / 1997م ) . صحيح البخاري . الرياض : دار السلام .


- محمد بن جرير الطبري . ( 1415هـ / 1994م ) . تفسير الطبري من كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن . هذبه وحققه بشار عواد معروف و عصام فارس الحرشاني . بيروت : مؤسسة الرسالة .


- محمد بن حبان بن أحمد التميمي البُستي . ( 1414هـ / 1993م ) . صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان . تحقيق / شعيب الأرناؤوط . ط ( 2 ) . بيروت : مؤسسة الرسالة .


-محمد بن عيسى بن سورة الترمذي . ( د . ت ) . سُنن الترمذي . تعليق العلامة المُحدِّث / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .


- مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري . ( 1419هـ / 1998م ) . صحيح مُسلم . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .







10‏/10‏/2012

معرفة الرب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين :
فإذا قيل لك:من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه
.
والدليل قوله تعالى: الحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْن [الفاتحة:2] وكل من سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم.
فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات السبع، والأرضون السبع، ومن فيهن وما بينهما
.
والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].

والرب هو: المعبود
.
والدليل قوله تعالى: يَأيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا ربَّكُمُ الذَِّي خَلَقَكُم وَالذِّينَ مِن قَبلكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(21) الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِرَاشًا وَالسَّمآءَ بِنآءً وَأنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَاَءً فَأخرَجَ بِهِ مِن الثَّمراتِ رِزقًا لّكُم فَلاَ تَجعَلُواْ لَلَّهِ أندَادًا وَأنتُم تَعَلُمونَ [البقرة:22،21].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (
الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة ).
وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها
.
والدليل قوله تعالى: وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً [الجن:18].
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر
.
والدليل قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
وفي الحديث: { الدعاء مخ العبادة }.
والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
ودليل الخوف قوله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران:175].
ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [المائدة:23]، وقوله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
ودليل الخشية قوله تعالى: فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [البقرة:150].
ودليل الاستعانة قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1].
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9].
ودليل الذبح قوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163].
ومن السنة { لعن الله من ذبح لغير الله }.
ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7].
هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين 

المصدر /
http://www.twbh.com/index.php/site/article/readaleslam1/ 

08‏/10‏/2012

أفكار للباحث والمجتهد في طلب المعالي أكثر من 30فكرة

مرحلة التفكير
1/ كن شاملاً في تفكيرك.
2/ قم بتسجيل أفكارك كتابةً.
3/ لاتتاثر اكثر من اللازم في هذه المرحلة بما يتوقعه منك الآخرون.
4/ حاول وضع أهداف واقعية.
5/ ضع جدولاً زمنياً منساباً.
6/ إذا كنت تعمل خذ إجازة من العمل عندما تكون في حاجة ماسة لذلك.
7/ حاول إعداد دراسة أولية لتساعدك على إيضاح البحث.
إعداد خطة البحث
8/ اقرأ خطط بحوث أخرى.
9/ قم بإعداد مراجعة شاملة للأدبيات.
10/ قم بتصوير المواضيع ذات الصلة.
11/ الخطة يجب أن تمثل الفصول الثلاثة الأولى من الأطروحة.
12/ اجعل بحثك محدداً.
13/ ضمِّن خطتك عنواناً لبحثك.
14/ نظم بحثك حول حزمة من الأسئلة.
15/ بعض الاعتبارات التي تجب مراعاتها في تصميم البحث.
أ/ صمم بحثك بصورة تخدم مجتمع البحث.
ب/ اختر منهجك بحكمة.
ج/ فكر في مزج أكثر من منهج.
د/ اختر مكان البحث بعناية.
ه/ تجنب إجراء البحث بالاشتراك مع جهة أخرى.
16/ حاول الاستفادة من اللجنة بطريقة فعالة.
أ/ اختر الخبرات التي تدعمك.
ب/ مشرفك الأساس حليفك.
ج/ قدم للجنة خطة بحث مكتوبة بشكل جيد.
د/ خطط جيداً لاجتماع مناقشة الخطة.
كتابة الأطروحة
17/ أبدا بكتابة الفقرات التي تعرفها بصورة اكثر من غيرها.
18/ أعد كتابة الخطة كأجزاء من الأطروحة.
19/ في المسودات الأولية من الأطروحة استعمل الأسماء الحقيقية.
20/ اطبع كل مسودة على ورق ذي لون مختلف.
21/ استعمل الرسم اليدوي لإعداد الرسوم البيانية والجداول في المسودات الأولى.
22/ اجعل كتابتك واضحة وغير غامضة.
23/ قم بمطالعة بعض الاطروحات الأخرى قبل أن تبدأ الكتابة.
24/ قدم للجداول داخل النص، اعرضها ثم قم بوصفها.
25/ استعمل كلمات متشابهة أو متوازية متى ما كان ذلك ممكناً.
26/ دع قائمة المحتويات تساعدك في تحسين مسودة أطروحتك.
27/ اكتب الخلاصات والتبعات الحقيقية ولا تعد طرح نتائج بحثك.
28/ تأكد أن مقترحاتك للبحث المستقبلي ذات معنى.
29/ الفصل الأول يجب كتابته في آخر مرحلة الكتابة.
الدفاع عن الأطروحة
30/ احضر بعض الجلسات لمناقشة أطروحات أخرى قبل أن يأتي دورك.
31/ ناقش بحثك مع الآخرين.
32/ لا توزع أجزاء من بحثك على أعضاء لجنة المناقشة.
33/ الدفاع يجب أن يكون جهد فريق عمل – أنت ومشرفك.
34/ لاتكن دفاعياً في دفاعك.
35/ نظم دفاعك كعرض تربوي.
36/ فكر في تسجيل دفاعك على شريط صوتي.
37/ قم بإعداد ورقة علمية عن حصيلة بحثك.

24‏/09‏/2012

والله لتُسألن عن الفيس بوك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مسبب الأسباب، وخالق الناس من تراب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على النبي الحبيب والآل والأصحاب، وبعد:
شئنا أم أبينا أصبح هنالك عالَم كبير ضخم، مترامي الأطراف متشعب الأوصال، سهل المنال شديد الإقبال، فرضه الواقع والتطور الهائل المتسارع، في تكنولوجيا وتقنيات الشبكة العنكبوتية، بات يُعرف بعالم" الفيسبوك" بلغ مستخدميه في العالم قرابة 900 مليون، منهم قرابة 43 مليون عربي.
بعيدا عن فكرة الفيسبوك التجارية والاجتماعية ومؤسسيه، وطريقة عرض البيانات وأرشفتها وسرعة التواصل، وما فيه من وسائل استخباراتية، ينبغي علينا نحن المسلمون أن نقف العديد من الوقفات، التي قد تمس عقيدتنا وأخلاقنا وديننا وشرعنا الحنيف، ولابد من التأمل فيه من جوانب متنوعة، وإعادة النظر في طريقة وكيفية وآلية الاستخدام، بعد أن استغرقنا في استخدامه، حتى وصل إلى حد الإدمان في حالات كثيرة.

الفيسبوك سلاح ذو حدين :
مما لا شك فيه أن هذا العالم المتداخل، وتلك التقنية المنتشرة، كسائر الوسائل المستخدمة في حياتنا اليومية؛ سلاح ذو حدين إما أن ينفعك في دينك ودنياك، إن أحسنت استثماره واستخدامه واتقيت الله فيه وجعلته نصب عينيك، وراقبته في كل حرف أو نظرة أو تغريدة أو مشاركة، بخلافه سيكون وبال عليك وستندم على كل لحظة قضيتها فيه.
فكل ما فيه مُسطّر مؤرشف مسجل موثق، لدى الشركة المؤسسة على هاردات وسيرفرات ضخمة غير محددة السعة، فقد يتم التلاعب بها أو الاختراق أو التغيير، لكن هنالك أرشيف وسجلات محفوظة عند رب الأرض والسماوات، لا تتغير ولا تتبدل، قال تعالى( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )[1]، من الأفعال قليلاً كان أو كثيراً ويضبطونه نقيراً أو قطميراً[2].
فالله الله في استثمارها بأحسن الأوجه وأنفعها وإياك ومغرياتها، فإما تكون نعمة تحصد ثمارها في جنات النعيم، أو تصبح نقمة تجني ويلاتها في أسفل سافلين – عياذا بالله- فهي بين النعمة والنقمة، والنتيجة إما ( فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ )[3]، وإما ( في ضَلَالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ )[4]، نسأل الله العافية.

يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور :
فلا يقل قائل لعلي أشترك بحساب وهمي في تلك الصفحة، وبالتالي أغوص فيه بما لذ من المحرمات والمنكرات والعلاقات المشبوهة والصور المنكرة والمقاطع الماجنة!! بلا رقيب ولا حسيب، أو قد أفتح صفحتي من جهازي المحمول أو الآيفون، فلا يراني أحد كلا وحاشا.. فمن خلقك وخلق الكون بأسره مُطّلع على كل حركة وسكنة، ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ )[5]، ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )[6]، و كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتنا ضجوا إلى الله من الصغائر قبل الكبائر.
قال سبحانه( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ )[7]، وهذه الآية عبارة عن علم الله تعالى بجميع الخفيات، فمن ذلك كسر الجفون والغمز بالعين أو النظرة التي تفهم معنى، أو يريد بها صاحبها معنى[8]، وقال مجاهد: خائِنَةَ الْأَعْيُنِ: مسارقة النظر إلى ما لا يجوز[9].
والله لو كانت هنالك مراقبة حقيقية لله عز وجل لما تمادينا بكثير من المعاصي التي تتعلق بهذه الصفحة التي باتت فتنة، لم يسلم منها إلا من رحم الله، تأملوا أن الله عز وجل يعلم ( ما تخفي الصدور ) مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى[10].


إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ *** خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة *** وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ *** ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ

الفيسبوك منبر خطابة :
تخيل وأنت في طريق سفرك مررت بقرية أو مدينة أو ناحية قبيل صلاة الجمعة، وانتدبوك للخطابة إذ تخلف خطيبهم، أو كنت في مجلس فيه عشرين أو ثلاثين أو أكثر أو أقل وتركوا لك الحديث، بالله عليك هل يستقيم أن تتحدث عن سفاسف الأمور!! أو تتكلم عن أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع!! أم أنك ستحرص على ذكر ما هو نافع ومفيد للحضور.
فكم صديق لديك في صفحتك ( 100، 500 ) أكثر أو أقل، وكل صديق له أصدقاء فكل ما تكتبه أو تنشره من صور ومقاطع فيديو أو مشاركات، سيطلع عليه ولو نسبة ضئيلة من هؤلاء على أقل تقدير، فكأنك في مجلس أو منبر خطابي وطرحت فكرتك وكلماتك أمامهم، فهل من العقل مثلا الطعن في العلماء أو استثمارها في الغيبة والنميمة والكذب؟! وهل من الأدب والأخلاق نشر الصور الماجنة والمناظر المشينة أو كتابة تغريدات بعيدة عن الحياء والعفة؟! وهل من الفطنة والكياسة تضييع الأوقات بقضايا هابطة بعيدة عن أدنى القيم؟!
فلا تخرج منك إلا الدرر والنفائس، ولا تُسطر يداك إلا الفرائد والعبر، فخير الناس أنفعهم للناس كما قال عليه الصلاة والسلام[11]، وليكن شغلك الشاغل في صفحتك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تسكت عن منكر أبدا، ولا تبخل بنشر معروف إطلاقا، فأنت مؤتمن وإياك والمجاملة على حساب الدين أو الخوض مع الخائضين والتمادي في أعراض المسلمين.
ولما كانت صفحتك منبر خطابة، فإياك أن تكون كالشمعة التي تضيء لغيرها وتحرق نفسها، فكثير من الناس ينشرون كلمات طيبة وحِكم جميلة وقصص معبرة، لكن سلوكه على أرض الواقع مغاير وفعاله مخالفة، فيخشى على كثير من مستخدمي الفيسبوك وغيرها من صفحات التواصل الاجتماعي أن ينطبق عليهم قول ربنا( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ )[12].

لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عـــظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فـــــإذا انتهت فأنت حــكيم
فهناك يُسمع ما تقول ويُشتفي *** بالقول منك وينفع التعليم
ولخطورة الأمر لنتأمل معاً حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وعقوبة الخطيب الذي خالفت أقواله أفعاله، يقول عليه الصلاة والسلام( أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون و يقرءون كتاب الله و لا يعملون به)[13].
فالحذر كل الحذر من مخالفة التغريدات الأفعال، ومباينة الأقوال حقيقة ما نحن عليه بأرض الواقع، وألا نكون كالمنافقين الذين ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ )[14]، وكذلك يقول عليه الصلاة والسلام محذرا من هذه الظاهرة الخطيرة التي أشبه ما تكون بالفصام النكد؛ ( مثل العالم الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه )[15]، فكل من بلغ آية أو حديثا أو موعظة وحكمة وفائدة فهو عالم بها، ينبغي عليه تطبيقها حتى تلقى صدى حقيقيا وتخرج من القلب إلى القلب.

إياك والخوض مع الخائضين:
كثير من مستخدمي الفيسبوك أو عموم الشبكة العنكبوتية، يريدون إثبات وجودهم من خلال الإدلاء بالرأي في كل شيء، أو نشر ما هب ودب، وتناقل المقولات والأخبار والقصص بل بعض الأحيان الأحكام الشرعية وغيرها دون أدنى تثبت أو روية، مما يوقع الكثير في المخالفات الشرعية التي بعضها يصل إلى الكفر أو الفسق أو البدعة والمعصية دون معرفة أو استشعار.
ما ينبغي أن نحرص عليه هو التثبت أولا مما نكتبه وننشره، وتمحيص ما نقرأه ونطلع عليه، وغربلة ما نتناقله عبر التغريدات أو حتى الرسائل الخاصة، والتحقق ومطابقة ما نود التعليق عليه أو الإعجاب به، هل هو حق أو باطل؟ صدق أو كذب؟ موافق أم مخالف للشرع؟!
مما لا شك فيه أن عالم الانترنت عالم كبير مفتوح ويحوي الغث والسمين، الصالح والطالح، النافع والضار، فمن ليس لديه حصانة شرعية أو حصافة فكرية أو تعامل عقلاني، فإنه سيزل لا محالة، لذلك يجب أن لا نستعجل في تناقل كل ما هو منشور دون روية أو تأني، ولا حتى الإعجاب بكل ما هو منشور تمشيا مع أهواء الناشر أو بحسب اسم الناشر ومدى قربنا منه ومحبتنا له، فالحق لا يعرف بالرجال أعرف الحق تعرف أهله.
احرص على استقلاليتك وشخصيتك الواضحة بعيدا عن التقليد الأعمى، ولا تكن إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت معهم، ولا تُعجب إلا بكل ما هو حق، ولا تجامل على حساب دينك، ولا تنقل كلمة أو معلومة حتى تعرضها على شرع الله، فإن وافقت فلك بذلك الأجر وإن خالفت فستحمل وزر كل من يقرأها أو يطلع عليها ويتضرر منها.
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كنّا في الجاهليّة نعدّ الإمّعة الّذي يتبع النّاس إلى الطّعام من غير أن يدعى، وإنّ الإمّعة فيكم اليوم المُحقِب[16] دينه.
يقول اللّيث: رجل إمّعة يقول لكلّ أحد: أنا معك، ورجل إمّع وإمّعة للّذي يكون لضعف رأيه مع كلّ أحد.
كم رأينا أخوة أفاضل وأخوات فضليات سارعوا لنقل ما بلغهم دون تمحيص، فوافقوا باطلا وأيدوا محرما!! بحسن نية دون قصد منهم، وكم شاهدنا من أحبابنا من أعجب بتغريدة فيها مخالفة دون دراية منه، والبعض قد نشر بدعة أو سكت عن باطل نتيجة للاستعجال.

كل أمتي معافى إلا المجاهرين :
احذر أخي رعاك الله أن تجهر بأي معصية أو ذنب أو مخالفة شرعية في صفحتك؛ من خلال نشر الصور المخلة أو المقاطع الفاضحة، وكذلك نشر الأغاني والموسيقى والكلمات المحرمة، فالعجب كل العجب ممن يتباهى بنشر الرذيلة ويفتخر بإشاعة الفاحشة، والحذر كل الحذر من نشر صور أو تغريدات خاصة فيها مجاهرة بمعصية أو خطيئة.
يقول عليه الصلاة والسلام( كل أمتي معافى إلا المجاهرين و إن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح و قد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا و كذا و قد بات يستره ربه و يصبح يكشف ستر الله عنه)[17].
وهنا لابد من التنبيه على بعض الصور المنشورة كتوقيع أو خلفية، تخدش الحياء أو صورة امرأة سافرة متبرجة، وقد وقع هذا الأمر من قبل بعض الأخوات وحتى لا تضع صورتها فتقوم بنشر صورة امرأة فاتنة متبرجة فتفتن غيرها وعليها بذلك وزر كل من نظر إليها، لذلك يجب التنبه لهذه القضية وعدم التساهل والتهاون بها.
فمن ابتلاه الله بمثل تلك المعاصي والإدمان عليها، يجب عليه التوبة منها وعدم نشرها والافتخار بها وهتك ستر الله عليه، عندها يتعدى ضرر وأثر تلك المعصية إلى غيرك بعد أن كانت متعلقة بك فحسب.
اغتنم أوقاتك :
كثير من الناس أصبح لديه إدمان وإفراط في استخدام الفيسبوك، حتى أصبح يستيقظ معه وينام جنبه، حتى منعه من تلاوة القرآن وأداء الصلوات في وقتها، وشغلته تلك الصفحة عن أعماله ومهامه الدنيوية، وحتى الدينية لمن كان لديه طلب علم أو دعوة إلى الله أو ما شابه، حتى أصبحت غاية لدى الكثيرين مع أنها لا تعدو أن تكون وسيلة!
يقول عليه الصلاة والسلام( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه ؟ و عن شبابه فيم أبلاه؟ و عن ماله من أين اكتسبه؟ و فيم أنفقه؟ و ماذا عمل فيما علم ؟ )[18].
ولا أبالغ إذا قلت أن صفحة الفيسبوك جمعت هذه الأمور الخمسة، فهي أصبحت جزء من العمر لأنك تقضي أمامها الساعات الطوال أو أقل من ذلك، والغالب على الشباب المتحمس استخدامها فاعدد لذلك جوابا عند الله!!
كما أن تلك الصفحة تحتاج للانترنت وهذا قطعا تُصرف عليه أموال، فكما أنك ستسأل من أين اكتسبتها كذلك تسأل كيف أنفقتها!! والفيسبوك تعتبر موسوعة علمية وبستان لتبادل المعلومات بيسر وسهولة، فكل معلومة تقرأها سوف تكون عليك حجة يوم القيامة ماذا عملت بها؟!
وكتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي يخيل لك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تساق مع ذلك سوقا حثيثا، الموت موجه إليك، والدنيا تطوى من ورائك، وما مضى من عمرك، فليس بكار عليك.
قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.
فلا تضيّع وقتك مع تلك الصفحة إلا بكل خير، ولا تستهوينك فإنها مغرية ولا تخدعنّك فإنها براقة، وليكن وقتك مقسما مرتبا مجدولا ولا تلتفت إلا لما ينفعك في دينك ودنياك، واجعلها جسر مودة ومحبة وصلة رحم ودعوة وطلب علم، ولا تجعلها مكان خصومة وجدال ومِراء وقيل وقال.

اغتنم في الفراغ فضل ركوع *** فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح رأيت من غير سقم *** ذهبت نفسه صحيحة فلتة
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم ارحم في الدنيا غربتنا، وارحم في القبر وحشتنا، وارحم موقفنا غدا بين يديك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



منقول من موقع /
http://www.sudanorphans.org/vb/showthread.php?s=4189ab23bd9fdc5c12b3816a9485c920&t=10728

12‏/09‏/2012

سب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم سب لجميع المرسلين

الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير الخلق، سيد ولد آدم، حامل لواء الحمد، نبي الهدى والرحمة، وعلى آله وصحبه، الذين جاهدوا معه، وبلغوا رسالة اللَّه للناس، رضي اللَّه عنهم أجمعين.
وبعد:
(عن ابن عباس رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ أعْمَى كانت له أُمُّ وَلِدٍ كانت تَشْتِمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فيه، فَيَنْهَاهَا فلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فلا تَنْزَجِرُ! قال: فلما كان ذاتَ ليلةٍ جعلتْ تَقَعُ في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغْول فوضعه في بطنها واتكأ عليه فقتلها فوقع بين رِجْلَيْهَا طِفلٌ، فَلَطَخَتْ ما هنالك بالدَّمِ ! فَلمَّا أصبحَ ذُكِرَ ذلك لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس فقال: (أَنْشُدُ اللَّهَ رجلاً فَعَلَ ما فَعَلَ، لي عليه حقٌّ إلاَّ قامَ). فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يَتَزَلْزَلُ حتى قعد بين يَدَيِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّه، أنا صاحِبُهُا، كانت تَشْتِمُكَ وتقعُ فيك فأَنْهَاها فلا تَنْتَهي، وأزْجُرُها فلا تَنْزَجِرُ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقةً، فلما كان البارحةَ جعلت تشتُمِكَ وتقعُ فيك، فأخذتُ المغْولَ فوضعته في بطنها، واتكأْتُ عليها حتى قتلتها ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا اشْهَدُوا أنَّ دَمَها هَدرٌ).
هذا الحديث أخرجه الإمام أبو داود في سننه في كتاب الحدود، باب الحكم فيمن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (4361)، وأخرجه الإمام النسائي في سننه في كتاب المحاربة باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم برقم (4075)، وأخرجه الحاكم في المستدرك برقم (8044)، والدارقطني والطبراني في الكبير، وصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل (5/92) برقم (1251) وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.
شرح ألفاظ الحديث
(أُمُّ وَلَدٍ): أي غير مسلمة ولذلك كانت تجترئ على ذلك الأمر الشنيع.
(تقع فيه): أي تَعِيبه وتذمه؛ يقال: وقع فيه أي عابَه وذمَّه.
(فلا تنزجر): أي: فلا تمتنع.
(فأخذ المِغْوَلَ) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة؛ شِبْهُ سيفٍ قصير يشتمل به الرجلُ تحتَ ثِيابِه فَيُغَطِّيه، وقيل حديدةٌ دقيقةٌ لها حدٌّ ماضٍ، وقيل هو سَوْطٌ في جوفه سيف دقيق يشده الفاتِكُ على وَسَطِه ليغتالَ به الناسَ، وقد جاء في بعض نسخِ أبي داود (المعول) بالعين المهملة، وهو آلة حديدية تستعمل في الخطر.
(واتكأ عليها): أي تحامل عليها.
(فوقع بين رجليها طفل) لعله كان ولدًا لها، والظاهر أنه لم يمت.
(فَلَطَخَتْ) أي لوَّثَتْ.
(ما هناك) أي من الفراش.
(ذُكِرَ ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أي ذُكِرَ ذلك القَتْلُ.
(فقال: أَنْشُدُ اللَّهَ رجلاً) أي أسأله بالله وأُقْسِمُ عليه.
(لي عليه حق): أي يجب عليه طاعتي وإجابة دعوتي.
(يَتَزَلْزَلُ): وفي النسائي (يدلدل). وكلاهما بمعنى يتحرك ويضطرب في مِشْيته.
(قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم) أي قعد أمام النبي صلى الله عليه وسلم.
(مثل اللؤلؤتين) في الحسن والبهاءِ وصفاء اللون.
(أَلاَ اشْهَدُوا أنَّ دَمَهَا هَدَرٌ): أَلاَ بالتخفيف أداة تنبيه، وإهدار دمها، أي إبطاله، وأنه لا قصاص عليه في قتلها. قال السندي في شرحه على سنن النسائي: لعل النبي صلى الله عليه وسلم علم بالوحي صدق قوله. واعتذار السندي هنا بقوله (لعل النبي صلى الله عليه وسلم علم بالوحي صدق قوله لبيان أن لا يجوز لآحاد الناس فعل هذا الرجل الأعمى لأن هذا من وظائف إمام المسلمين).
أقوال العلماء في قتل من سَبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال السندي رحمه اللَّه: في الحديث دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن اللَّه ورسوله فلا ذمة له، فيحل قتله.
قال المنذري: فيه أن سَابَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقتل، وقد قيل: إنه لا خلاف في أن سابه من المسلمين يجب قتله، وإنما الخلاف إذا كان ذميًا، فقال الشافعي: يقتل وتبرأ منه الذمة، وقال أبو حنيفة: لا يقتل؛ ما هم عليه من الشرك أعظمُ (أي أنَّ الشرك أعظم من سب النبي صلى الله عليه وسلم) وقال مالك: مَنْ شَتَمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قُتل، إلاَّ أن يسلم. انتهى كلام المنذري. نقلاً عن عون المعبود.
ولقد روى أبو داود أيضًا من حديث عليّ رضي الله عنه: (أن يَهُوديَّة كانت تشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقع فيها فخنقها رجلٌ حتى ماتتْ فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها)، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء تحت رقم (1251) 5/91، وقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين، ويشهد له حديث ابن عباس رضي الله عنهما - الذي معنا.
قال صاحب عون المعبود: فيه دليل على أنه يقتل من يشتم النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال: وقد نقل ابن المنذر الاتفاق على أن من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم وجب قتله. وقال الخطابي: لا أعلم خلافًا في وجوب قتله إذا كان مسلمًا. وقال ابن بطال: اختلف العلماء في من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فأما أهل العهد والذمة كاليهود فقال ابن القاسم عن مالك: يقتل من سبه صلى الله عليه وسلم منهم إلا أن يسلم، وأما المسلم فيُقتل من غير استتابة. ونقل ابن المنذر عن الليث والشافعي وأحمد وإسحاق مثله في حق اليهودي ونحوه. وروى عن الأوزاعي ومالك في المسلم أنها ردة يستتاب منها، وعن الكوفيين إن كان ذميًا عُزِّرَ وإن كان مسلمًا فهي ردة.
موقف اليهود من النبي محمد صلى الله عليه وسلم
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان اليهود أول من أظهروا الحقد والحسد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم، عاهدهم ووادعهم، وكان المنتظر من أمثالهم أن يكونوا أول من يصدقه ويتبعه، وقد كانوا يستفتحون به على المشركين، ويخبرونهم أنه أظلهم زمان آخر الأنبياء، وأنهم إن ظهر فسوف يتبعونه ويقاتلونهم معه، وهم يعرفون ذلك؛ يعرفون أن محمدًا حق وأن الإسلام حق كما يعرفون أبناءهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، ولقد جاءهم الأمر من اللَّه عز وجل أن يؤمنوا به، وأن يفوا بعهده ليوفي بعهدهم، ونهاهم أن يكونوا أول كافر به، لكن هيهات، فإن قلوبهم قد امتلأت بالحسد عليه صلى الله عليه وسلم، وكانوا حقًا أول من كفر بمحمدٍ ودين محمدٍ صلوات اللَّه وسلامه عليه، ولم يكتفوا بالكفر به، بل حاولوا قتله بكل ما يستطيعون، وبكل ما أوتوا من قوة ومن مكر ودهاء وكيد للإسلام ولنبي الإسلام.
موقف بني قينقاع من الرسول صلى الله عليه وسلم
فأول قبائل اليهود نقضًا للعهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هم بنو قينقاع وذلك في شوال من السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة بدر مباشرة، فحاربهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزلوا على حكمه، وأراد قتلهم فاستوهبهم منه عبد اللَّه بن أبيِّ - وكانوا حلفاءه - فوهبهم له، وأخرجهم من المدينة إلى أذرعات.
موقف بني النضير مع النبي صلى الله عليه وسلم
ثم نقض بنو النضير العهد، وقد أرادوا الغدر برسول صلى الله عليه وسلم عندما خرج إليهم يستعين بهم في دية رجلين من بني عامر قتلهما عمرو بن أمية على سبيل الخطأ، وكان بين بني عامر وبني النضير عقد وحلف، فلما أتاهم يستعينهم قالوا: نعم، ثم خلا بعضهم ببعض وعزموا على قتله صلى الله عليه وسلم بإلقاء صخرة على رأسه وهو جالس بجوار جدار من جدرهم، فأوحي اللَّه تعالى إليه بذلك، فقام منصرفًا، ثم حاصرهم وأجلاهم إلى خيبر والشام. وفي رواية لابن مردويه: أن اليهود بعد غزوة بدر كاتبتهم قريش، فأجمعوا على الغدر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثة من أصحابك، ويلقاك ثلاثة من علمائنا، فإن آمنوا بك اتبعناك، ففعل صلى الله عليه وسلم، فاشتمل اليهود الثلاثة على الخناجر، فأرسلت امرأة من بني النضير إلى أخ لها من الأنصار مسلم تخبره بأمر بني النضير، فأخبر أخوها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يصل إليهم، فرجع وصبحهم بالكتائب فحصرهم ثم أجلاهم.
موقف بني قريظة من الرسول صلى الله عليه وسلم
تمالأت قريظة مع قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحزبت مع الأحزاب، مُجْمِعةً على قتاله وقتال من معه من المسلمين، ناقضة عهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في غزوة الأحزاب، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن توجه إليهم بأمر من اللَّه تعالى، حين نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم مخبرًا إياه أن الملائكة لم تضع أسلحتها، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنًا يؤذن في الناس: من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلاَّ في بني قريظة.
موقف يهود خيبر معه صلى الله عليه وسلم
كان يهود خيبر من أكبر المحرضين للمشركين الوثنيين على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كانوا من أهم الأسباب في تجميع الأحزاب للقضاء على الإسلام ونبي الإسلام، فلذلك بعدما استقر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهدأت أحوال المسلمين بها تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم وتوجه إلى خيبر، لتأديبهم بسبب نقضهم العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد بيّن القرآن الكريم موقف اليهود من الإسلام والمسلمين في أكثر من آية منه، ومن أجمعها قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 82، 83]، هذا موقف اليهود من الإسلام ونبي الإسلام عند ظهوره، وبداية انتشار دينه.
فما موقف أعداء الإسلام اليوم ؟
لقد تفنن أعداء الإسلام في كل مكان باتهام الإسلام بأنه دين الإرهاب، وذلك يرجع إلى إساءة ربما صدرت من بعض المنتمين إلى هذا الدين ! وهؤلاء الأعداء؛ ألا يعرفون عن الإسلام إلاَّ هذه التصرفات التي يتبرأ منها الإسلام وأهله؟ إنهم صموا آذانهم وأغلقوا عقولهم وتغابَوْا - وهم يظهرون للناس أنهم أهل العقل والذكاء والفهم - عن أن يتعرفوا على الإسلام وسماحته، وأنه الدين الحق الذي ارتضاه اللَّه تبارك وتعالى لعباده، وأنهم - أعداء هذا الدين - ما نهضوا ولا عرفوا تطورًا ولا رقيًا إلا باقتباسهم من هذا الدين ما جعلهم يصلون إلى ما وصلوا إليه من رقي ورفعة.
ثم تجرأ أعداء الإسلام على نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، فصوروه بصور لا تليق بأرازل الناس وسفهائهم فضلاً عن المؤمنين الصالحين، وفضلاً عن رسل اللَّه وأنبيائه الذين هم خير البشر، بل خير الخلق.
سبب جرأة أعداء الإسلام على نبي الإسلام
إن هذه الجرأة إنما نشأت وظهرت بسبب ضعف المسلمين وجهل الكثير منهم بهذا الدين الحق، الذي قال اللَّه جل جلاله فيه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ}، وقال سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ}. بل إن كثيرًا من المسلمين انبهروا بما عليه أعداء الإسلام من زخرف الحياة الدنيا، فنظروا إلى الدين على أنه أمرٌ هامشي، لا يهتمون به إلا بعد أن يفرغوا من أمور الدنيا، ولو علموا أن سعادتهم في الدنيا والآخرة إنما هي في نسبتهم إلى هذا الدين وتمسكهم به، لتمسكوا به وعَضُّوا عليه بالنواجذ، ولم يفرطوا في شيء منه أبدًا.
سبُّ النبي صلى الله عليه وسلم سبٌّ لجميع المسلمين وطعن في دينهم
معلوم أن رسل اللَّه عليهم صلوات اللَّه وتسليماته يأتون برسالات اللَّه ليبلغوها إلى أقوامهم، فهم واسطة بين اللَّه وبين عبادة، فمن سبَّ نبيًا من الأنبياء فقد طعن في رسالته، ولا شك أن الطعن في الرسول والرسالة طعن في المرسل - سبحانه - وبذلك نستطيع أن نعرف لماذا أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم اليهودية التي آذته وسبته، وإذا كان المشرك لا يعرف لله عز وجل حقًا ولا يرجو له وقارًا فلا يستغرب منه سبٌّ لنبيٍّ من الأنبياء، أما اليهود فإنهم أهل كتاب، أرسل اللَّه تعالى إليهم رسولاً وأنزل عليهم كتابًا، وفي كتابهم تعظيم شأن هذا النبي، فمن آذاه أو سبه فإنما يكفر بما عنده من العلم، ويكتم الحق وهو يعلم.
وحينما يسب الكفار المعاصرون نبي الإسلام فإن هذا السب والاستهزاء والسخرية إنما هو طعن في دين الإسلام وسبٌّ للمسلمين جميعًا الذين يدينون بدين الإسلام، لذلك وجب على المسلمين أن يهبوا دفاعًا عن أنفسهم وعن دينهم وعن نبيهم.
قال شيخ الإسلام في (الصارم المسلول): وضرر السبِّ في الحقيقة إنما يعود إلى الأمة بفساد دينها وذل عصمتها وإهانة مستمسكها، وإلاَّ فالرسول صلوات اللَّه وسلامه عليه في نفسه لا يتضرر بذلك. اهـ. (ص443).
واجب الأمة تجاه نبيها صلى الله عليه وسلم
يجب على كل مسلم من المسلمين تجاه نبيّه صلى الله عليه وسلم ما يأتي:
1- التعزير والتوقير، والذب عن سنته صلى الله عليه وسلم، والتعزير كما في التفسير تأييده بالمعونة والنصرة ولا يكون ذلك إلا باتباع سنته.
2- تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه.
3- حبه صلى الله عليه وسلم، وتقديم محبته على النفس والوالد والولد والناس أجمعين، ويظهر ذلك في اتباعه والاقتداء به وحده.
4- الحذر من الاستهزاء بشيء من سنته، أو رَدّ شيء منها بالعقل.
5- محبة آل بيته وأزواجه وأصحابه، والتقرب إلى اللَّه تعالى بحبهم.
6- بيان حال من يطعن في صحابته أو أهل بيته.
7- تربية أبناء المسلمين على محبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، وتعريفهم حقوقه صلى الله عليه وسلم على الأمة.
8- التخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به في سلوكه.
9- التعرف على سيرته صلى الله عليه وسلم وجهاده من أجل تبليغ رسالة ربه.
10- وعلى العلماء أن يعملوا على:
أ- إحياء سنته صلى الله عليه وسلم في نفوس الناس.
ب- التمييز بين الصحيح والضعيف مما يُنقل عنه من سنته.
جـ- التحذير من البدع في الدين التي أساءت إلى الإسلام.
د- التحذير من الغلو فيه صلى الله عليه وسلم، بل ينزل منزلته التي أنزله اللَّه تعالى إياها.
هـ- الرد على الشبهات والأباطيل التي يثيرها أعداء الإسلام وتفنيدها.
11- على الأمة الإسلامية أن تتصدى للإعلام الغربي واليهودي، والرد على ما يثيرونه من شبهات حول الإسلام ونبي الإسلام.
12- وعلى الأمة أيضًا أن تُعنى عناية فائقة بالدعوة إلى الإسلام، ودعم الدعاة ليقوموا بواجبهم تجاه الدين.
نسأل اللَّه تعالى أن يرد كيد الأعداء وأن يبطل مكرهم، وأن يعز دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق المسلمين للدفاع عن دينهم، والذود عن نبيهم، والذب عن سنته صلى الله عليه وسلم، وأن يجمع كلمتهم على الحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين.

04‏/09‏/2012

الاعمال الصالحة خلال شهر شوال

من أجل العبادات مواصلة الصيام ( من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر كله )
عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) -- متفق عليه
فالصيام عبادة عظيمة وله فوائد جمة .
وكذلك من العبادات المهمة التي يجدر بالمؤمن  أن يحافظ عليها وأن يستمر عليها  : (تلاة القراءن الكريم )
فالمؤمن عمله ديمة لا يقطعه بإنقطاع رمضان
فاللهم تقبل منا رمضان  صيامه وقيامه .
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين

01‏/08‏/2012

خواطر رمضانية وداعية


خواطر رمضانية
ايها الضيفُ تمهّل .. كيفَ ترحل ؟!
والحنايا مُثقلات ، وَ المطايا تَترجّل !
كيف ترحل ؟
هل عُتِقنا؟ !
...أم بقينا في المعاصي نتكبل ؟!
أيُّها الشهر الفضيل تمهّل ،
خذ فؤادي حيث سرت َ،
فحنيني يتنَقّل !
أي فوزٍ غير فوزك والأماني حين نُقبَل*
يَ رَبّ بلِغنا ليله القدر ولا تَحرمنا ثوابها
ربـــى إمنُن علينا بِجميل عَفوك ولا تُخرجنا من شَهركَ الكريم إلا وقَد غَفرت لنا ..
يــــــــاآآآآآرب ....

16‏/07‏/2012

أهلاً بشهر الخير


بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً بشهر الخير، شهر أختصه الله بفضائل عظيمة ومكارم جليلة، فهو كنز المتقيين، ومطية السالكين، قال المولى عز وجل:(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ )).
شهر أختصه الله بتنزل الرحمات والبركات من رب الأرض والسماوات، يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )).
فالحمد لله أن بلغنا شهر رمضان بنعمة منه وفضل، ونحن في صحة وعافية وأمن وإيمان، فهو أهل الحمد والفضل.
فرحنا برؤية هلاله، فهلاله ليس كبقية الأهلة، هلال خير وبركة، عم ببركته أرجاء العالم، ونشر في النفوس روح التسامح والألفة والمحبة والرحمة، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عند رؤية الهلال: (( اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ )).
ما أشبه الليلية بالبارحة، وما أسرع مرور الأيام والليالي، كنا نعتصر ألماً لوداع أيامه ولياليه، وها هي الأيام والليالي قد مرت بنا ونحن في استقباله من جديد؛ بفرحة العازمين على نيل أجره وفضله.
فلنجدد النية والعزم على استغلال أيامه ولياليه، لاغتنام فرصه وجني ثماره، وليرى الله فينا خيرا في شهرنا، وليكن التقوى هو هدفنا وشعارنا، ولنتسابق للخيرات من أول أيامه، فالنفوس مهيأة لذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فتّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهنّم، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وينادَى مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ )).
ومن بين أسمى الغايات التي يجب أن يسعى المسلم لتحقيقها في هذا الشهر الكريم إصلاح النفس وتغيرها نحو الأفضل، فرمضان فرصة عظيمة للتغيير، فكل ما في رمضان يتغير، سلوك وعبادة وخلق، فهو يمضي بنا وتتغير فيه بعض أحوالنا، ونسعى جاهدين إلى تغيير أنفسنا، وما أن نودع آخر لياليه إلا ونرجع إلى ما كنا عليه قبل رمضان " إلا من رحم الله "، ندخل رمضان بعزم وجد على تغيير أنفسنا وأحوالنا وعلاقاتنا، ولكننا نفشل في الاستمرار بعد رمضان.
فلكي نُبقي صلتنا بخالقنا ممتدة، غير محصورة بزمان ولا مكان، فلابد من وسائل وطرق لحصوله، فالتغيير لا يحصل بالتمني، فلابد من أن يتحرك دافع التغيير الكامن في النفس من خلال الإرادة والعزيمة والعمل الجاد على التغيير، ليس للتغيير فحسب، بل لتكون نتيجته هي الباقية حتى بعد رمضان، وهذا هو التغيير الحقيقي.
فلنغتنم شهر التغيير من أول أيامه، ولنستغل ساعاته ولحظاته، لننعم برضا خالقنا، ولنفوز بخيري الدنيا والآخرة.

08‏/07‏/2012

كيف نستقبل شهر رمضان ؟؟؟؟

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه أجمعين 
ثم أما بعد : 
قال تعالى :( شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدا للناس وبينات من الهدى والفرقان .....)
شهر مضان فرص العمر كله فلهذا إضاعته إضاعة العمر فالنغتمه وذالك بالامور التالية :
1/ المحافظة على الصلوات المكتوبة 
2/المحافظة على صيامه كامل  و الابتعاد عن المفسدات 
3/المحافظة على قراءة القران ليلا ونهار لأنه شهر القران .
4/ الابتعاد عن المعاصي جملة وتفصيلا .
5/ المحافظة على الاكثار من النوافل وخاصة قيام الليل والتراويح .
6/ النصح والارشاد للمسلمين وتقديم يد العون للمحتاجين .
7/ إفطار الصائم والاكثار من الصدقات .


10‏/06‏/2012

شرح الحديث العاشر من أحاديث الأربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنا يستجاب لذلك)) رواه مسلم.
وعن أبي محمد الحسن بن علي سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته -رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) حديث حسن، رواه الترمذي وغيره.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد: 
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنا يستجاب لذلك)) رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
الحديث العاشر:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) الله -جل وعلا- مقدس منزه عن العيوب والنقائص، لا يقبل ما كان بضد ذلك، لا من الأعمال، ولا من الأقوال، ولا من الاعتقادات، ولا أي شيء يمكن أن يوصف بغير هذا الوصف الذي هو الطيب.
((إن الله تعالى طيب)) يخبر عن الله -جل وعلا- بأنه طيب، لكن هل يسمى بالطيب؟ محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من أثبت الطيب في الأسماء الحسنى، ومنهم من قال: إن هذا على سبيل الخبر، وسبيل الإخبار أوسع من باب التسمية والوصف كما هو معلوم.
((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) وحذف المفعول للتعميم؛ ليسرح الذهن في كل مسرح مما يمكن أن يوصف بأنه طيب فيقبله الله -جل وعلا-، أو ما كان بضده من الخبيث والرديء فإن الله -جل وعلا- لا يقبله، ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) لا يقبل من الاعتقادات إلا الطيب، وهو ما دلت عليه النصوص، نصوص الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة، ولا يقبل من الأعمال إلا ما دل عليه الدليل، ولا يقبل من الأقوال إلا الكلم الطيب، ولا يقبل من التصرفات من صدقات وغيرها إلا ما كان طيباً في مورده ومصرفه، لا يقبل إلا طيباً، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالمحرمات خبائث، والرديء خبيث، ((كسب الحجام خبيث)) {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] ولو لم يكن محرماً، يعني النفقة بالمال الرديء لو قدر أن عندك تمر من النوع الجيد، وتمر من النوع الرديء، واحتبست الجيد لنفسك ولأولادك وتصدقت بالرديء هذا {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] لكنها صدقة لها أجرها بقدرها، لكن {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] أنت تحب الطيب فأنفق طيب، يعني لن تنالوا كمال البر إلا بهذا، وإن كانت الصدقة بالدون مقبولة -إن شاء الله تعالى-، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] يعني المال الخبيث الذي هو رديء في هذه الآية، الذي هو الرديء، النوع الرديء من الطعام، ومن سائر الأموال، لكن لا يقال: إن هذا التمر الذي هو دون مما ادخرته لنفسك وولدك، لا تتصدق منه، بل ترميه للمزابل وغيرها، لا، هذا إذا لم تحتج إليه تصدق به تجد من يأكله، لكنه نفقة مفضولة، {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وهذا يدل على سخاء النفس وجودها، وإيثارها لما عند الله -جل وعلا-، على حظ النفس كما هو معلوم.
الطيب يقابله الخبيث، الطيب الحلال والخبيث الحرام في قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالمحرمات كلها خبائث، وقد يرد سؤال وهو أن العين الواحدة قد تكون مباحة في وقت محرمة في وقت كالحمر الإنسية مثلاً، كانت حلال ثم حرمت هل كانت طيبة ثم صارت خبيثة؟ يعني انقلبت عينها؟ أو أن العين لم تتغير ولم تتأثر؟ يعني هل الخبث حسي؟ لا شك أنها رجس، يعني أنها نجسة، ومع ذلك هل كانت طيبة لما كانت حلالاً ثم انقلبت عينها إلى نجاسة بعد أن صارت حراماً؟ وقل مثل هذا في الخمر فيما طرأ عليه التحريم بعد التحليل أو العكس، هل أعيانه انقلبت؟ لأنه لما كانت حلال فهي مندرجة في: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [(157) سورة الأعراف] ولما صارت حراماً اندرجت في: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] أو نقول: إن الطيب والخبث أمر معنوي يتبع النص؟ يتبع النص، فما كان حلالاً فهو طيب، وما كان حراماً فهو خبيث، هل نقول هذا أو نقول: إن الله -جل وعلا- قادر على أن يحيل هذه الأعيان من الطيب إلى الخبث الحسي بعد أن حرمها بعد أن كانت حلالاً؟
أقوال أهل العلم ما فيها بت في مثل هذه المسألة، لكن النص ظاهر في أن الحلال طيب وأن الحرام خبيث، وقد يطلق الخبث على غير الحرام على الرديء من الشيء ((من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين)) يعني الثوم والبصل، ولذا ابن حزم يرى أن أكلهما حرام؛ لأنهما خبيثتان، والنص الصحيح الصريح في صحيح مسلم وغيره قال: أحرام هما يا رسول الله؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) وهما حلال، وإن كانا خبيثتين لكنهما دون، ليست من الطيب الذي هو فاضل مقدم على غيره مرغوب فيه عقلاً وشرعاً وحساً، على كل حال هذه الأمور تفصيلها يطول.
((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)) لا يقبل إلا طيب، الطيب إن كان المراد فيما يقابله الخبيث الحرام فهذا مردود بلا شك، وإن كان فيما دون ذلك مما ليس بحرام وإن كان أقل فنفي القبول هنا لعله ينطبق إلى أو يندرج فيما دون ذلك وهو نفي الثواب المرتب عليه؛ لأنه يطلق نفي القبول ويراد به نفي الصحة، كما أنه يطلق نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العمل، فرق بين ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) و((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) هذا نفي للصحة؛ لأن النفي عاد إلى شرط، إلى شرط مؤثر في العمل، وبين ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) أو((صلاة عبد آبق)) النفي هنا لم يعد إلى شرط، فهنا ينفى الثواب المرتب على العبادة، ومن هذا قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] يعني الثواب المرتب على عباداتهم في مقابل معاصيهم لا يترتب عليها ثوابها، ولم يقل أحد من أهل العلم، ما عرف عن أحد من أهل العلم أن الفساق يؤمرون بإعادة العبادات لأن عباداتهم غير صحيحة، عباداتهم صحيحة ومجزئة ومسقطة للطلب، لكن النظر في الثواب المرتب عليها.
((وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)) قال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [(51) سورة المؤمنون] يعني لا تأكلوا من الخبيث، إنما الإنسان مأمور بأن يأكل من الطيب، ولا يأكل من الخبيث، والمنهي عنه المنهي عن أكله إنما هو الخبيث الذي هو المحرم، أما الدون فكون الإنسان يقصد إلى التمر الرديء أو البر الرديء، أو ما أشبه ذلك لنفسه ويرى أن هذا يعني يمكن يعينه على كسر نفسه، وعدم ترفعه على غيره مع أداء حق الله الذي أوجبه عليه، قد يكون هذا مسلك لبعض الصالحين، وإن كان الأصل أن الله -جل وعلا- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وهنا يقول: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] التي أحلها الله -جل وعلا- وأباحها، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] نفس الأمر {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [(51) سورة المؤمنون] وقال للمؤمنين آمراً لهم: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(57) سورة البقرة] فيستوي في هذا الأمر الرسل وأتباع الرسل، والرسل وأتباعهم.
"ثم ذكر الرجل" ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الرجل "يطيل السفر" وإطالة السفر، السفر في الجملة مظنة لإجابة الدعوة، وجاء ما يدل على ذلك في المرفوع "الرجل يطيل السفر" هذه من أسباب الإجابة "أشعث أغبر" منكسر القلب غير مترفع ولا متكبر، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خرج لصلاة الاستسقاء خرج -عليه الصلاة والسلام- متواضعاً متذللاً متخشعاً متضرعاً؛ ليكون أدعى إلى إجابة الدعوة.
"أشعث أغبر" لأن الإنسان لا شك أنه يتأثر إذا لبس الجديد، أو ركب الفاخر الفاره، أو سكن المسكن الواسع الجميل، لا شك أن نفسيته تتأثر، بينما إذا لبس الوسط لا يقال: يلبس الرديء الخلق بحيث يزدريه الناس، لا، يتوسط في أموره، يركب المتوسط من المركوبات، يسكن المتوسط من البيوت، والدنيا ليست دار مقر وإنما هي ممر، فلا تكون محل عناية الإنسان وهمه الأول والآخر، إنما همه تحقيق ما خلق من أجله، وهو عبودية الله -جل وعلا-، والاستعانة بمتع هذه الدنيا؛ ليصل بذلك إلى تحقيق الهدف: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[(77) سورة القصص] وبعض الناس عكس جعل الهدف اللهث وراء هذه الدنيا، وجمع الحطام، والملبس الفاخر، والمسكن الواسع الفاخر، والمركب الفاره وهكذا.
يعني يأتي الإنسان ليجاور في بيت الله الحرام أو في مسجد رسوله -عليه الصلاة والسلام- ثم يبحث عن أرقى الفنادق، الأمر أقل من ذلك، أهون من ذلك، قد يشغله هذا المسكن عما هو بصدده، وقد لا يعان على اجتماع قلبه، إذا وقف بين يدي الله -جل وعلا- في مثل هذا المسكن، فالتوسط في الأمور هو المطلوب.
((أشعث أغبر يمد يديه)) يعني جاء في الخبر: ((البذاذة من الإيمان)) ولا يعني أن الإنسان يلبس الرديء من كل شيء، أو يأكل الرديء من كل شيء، أو يسكن الرديء بحيث يمقته الناس، ويزدرونه، المسلم عزيز بدينه، عليه أن يتوسط في أموره كلها، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة].
((أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء)) ورفع اليدين في الدعاء جاء في أكثر من مائة حديث، وجُمع فيه أجزاء لأهل العلم، أجزاء في رفع اليدين في الدعاء وهذا هو الأصل ما لم يكن في عبادة، فإن العبادة تؤدى كما جاءت عن القدوة -عليه الصلاة والسلام-، الصلاة ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فلا يرفع يديه في الصلاة إلا فيما جاء فيه الرفع، لا يرفع يديه في الخطبة إلا فيما جاء فيه الرفع وهكذا، أما ما عدا ذلك فالأصل في الدعاء رفع اليدين.
((يمد يديه إلى السماء)) والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد يدي عبده إذا رفعهما إليه صفراً، ((يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء)) من أسباب إجابة الدعوة ((يا رب يا رب)) والدعاء بـ(يا رب) جاء في أكثر الأدعية القرآنية، يا رب، ربنا، ربنا، وجاء في خواتم سورة آل عمران في العشر الآيات الأخيرة منها تكرار ربنا خمس مرات، حتى قال جمع من أهل العلم أن الإنسان إذا ضمن دعاءه المصدر بربنا، أو يا رب خمس مرات فإنه حري بالإجابة؛ لأنه لما تمت الخمس قال الله -جل وعلا-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ}[(195) سورة آل عمران] فاستعمال هذا الاسم من أسماء الله -جل وعلا- من أسباب الإجابة، فعندنا الأسباب متوافرة، يطيل السفر، وأشعث، ويمد يديه إلى السماء، ويستعمل هذه الصيغة: يا رب يا رب، الأسباب متوافرة، لكن الشأن في وجود المانع من قبول الدعاء كما هو الحاصل هنا.
((ومطعمه حرام)) في كسبه لا يتورع عما حرم الله -جل وعلا-، في ما يأكله لا يتورع في أكل ما حرم عليه، أو شرب ما حرم عليه، ((مطعمه حرام، ومشربه حرام)) هذه موانع ((وملبسه حرام)) يعني الحرام محيط به، محدق به من كل وجه، في باطنه وظاهره.
((وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له)) استبعاد ((أنى يستجاب له)) الأسباب متوافرة {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] دعا، وبذل السبب في إجابة الدعوة، لكن المانع من قبولها موجود ((فأنى يستجاب لذلك)) أو ((أنى يستجاب له)) استبعاد لإجابة الدعوة إذا كان هذا وضعه، لوجود هذه الموانع، ((فأنى)) وهو مجرد استبعاد لا استحالة، لا ييأس المسلم من دعاء الله -جل وعلا-؛ لأنه قد يدعو الله -جل وعلا- أن ينفي عنه وأن يبعده عن هذه الموانع، وقد أجاب الله -جل وعلا- دعوة شر الخلق وهو إبليس، أجاب الله دعوته، فليس هنا استحالة لإجابة الدعاء، وإنما هو استبعاد.
بهذا نعرف خطأ من يقول وقد سُمعت من بعض طلاب العلم مع الأسف أننا إذا طُلب منا الاستسقاء، يعني طلب ولي الأمر من المسلمين الاستسقاء قال بعضهم: إن هذا استهزاء، واستخفاف بأمر الله وشأنه، نتخوض في الحرام من كل وجه، ثم بعد ذلك نخرج نستسقي، وقد استسقينا واستسقينا واستسقينا فلم نسق، هذا خطأ شنيع -نسأل الله العافية-، هذا هو الاستحسار من جهة، هذا هو الاستحسار دعوت دعوت فلم أر يستجاب لي، هذا من جهة، الأمر الثاني: أنه استبعاد واستحالة لما عند الله -جل وعلا-، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((فأنى يستجاب له)) ليحرص المسلم على التخلص من هذه الموانع، قال سعد: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، قال: ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) فالمطعم له شأن عظيم في إجابة الدعوة، لكن لا يعني أننا نتفوه بمثل هذا الكلام، وفينا من الأخيار ومن الصالحين من ترجى إجابة دعوته، نعم عموم الناس دخلت عليهم الشبهات، وبعضهم يزاول الحرام، ويأكل الحرام، ويتخبط في الحرام، لكن لا يعني أن هذا معناه استحالة إجابة الدعوة، نعم يسعى المسلم بل عليه أن يسعى لانتفاء هذه الموانع، لكن عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره، ثم بعد ذلك يدعو الناس الأقرب فالأقرب.
((فأنى يستجاب له)) وعرفنا أن هذا مجرد استبعاد لوجود الموانع، وقد يغلب السبب المانع، وقد يغلب المانع فلا يستجاب له حينئذٍ، والله -جل وعلا- يبتلي عباده، فقد يستجيب لهم فوراً حتى مع انتفاء الموانع قد لا يستجاب للإنسان في ظاهر الأمر؛ لأنه ما من دعوة يدعو بها مسلم يعني بغض النظر عن وجود الموانع إلا أنه إما أن يستجاب له بما طلب، أو يدفع عنه من الشر مقدار ما طلب أو أعظم، وقد تدخر له هذه الدعوة إلى وقت هو أحوج بها منه إلى هذا الوقت.
نعم اقرأ الحديث الذي يليه.
لأنه جاءنا اقتراحات من كثير من الإخوان أننا نشرح الأحاديث بطريقة مناسبة لهذا المختصر، ولا نصنع مثلما صنعنا في العام الماضي والذي قبله، فمعدل ثلاثة أحاديث -إن شاء الله- في كل يوم، إن استطعنا أن نشرح أربعة؛ لنقلل المدة التي يشرح بها هذا الكتاب الذي هو أخصر كتاب في الحديث، يعني إذا أخذنا عشر سنوات في هذا الكتاب، فماذا عن الكتب الأخرى؟ لا سيما وأن الأحاديث التي هي القواعد الكلية قد انتهت، يعني بقي أحاديث هي قواعد ومهمة في حياة المسلم، وهي من جوامع الكلم، لكن لعلنا نشرح في اليوم بدلاً من حديث واحد ثلاثة أحاديث، فنكون توسطنا في الأمر، وأنا أعرف واحد من المشايخ شرح الكتاب في ثلاثة دروس، وضعت دورة في أسبوع فانتهى منها في يوم الاثنين، لا هذا ولا هذا، لا عاد صنيعنا الأول كل درس حديث واحد، ولا أن نشرح في كل يوم عشرين حديث أو خمسة عشر حديث، يعني ثلاثة أربعة معدل طيب -إن شاء الله-، وفي سنتين نكون انتهينا منه.