مدونة المعارف

29‏/04‏/2014

اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ...

الحمد لله القائل: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) {القصص:68}
والاختيار هو الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته.
ومن اختياره وتفضيله اختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرماً قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) {التوبة: 36}

وهي مقدّرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار.
والأشهر الحرم وردت في الآية مبهمة ولم تحدد أسماؤها وجاءت السُنة بذكرها: فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام خطب في حجة الوداع وقال في خطبته: (إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان )رواه البخاري:1741في الحج باب الخطبة أيام منى، ورواه مسلم:1679في القسامة باب تحريم الدماء.

ما سبب تسمية رجب بمضر ؟
وسمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى :
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِه الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّه ) سورة التوبة:37.
وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.

فضّل الله (تعالى) بعض الأيام والليالي والشهور على بعض، حسبما اقتضته حكمته البالغة؛ ليجدّ العباد في وجوه البر،ويكثروا فيها من الأعمال الصالحة، ولكن شياطين الإنس والجن عملوا على صد الناس عن سواء السبيل، فزينوا لطائفة من الناس أن مواسم الفضل والرحمة مجال للهو والراحة، فابتدعوا أموراً وأعمالاً لم ترد على النبي صلى الله عليه وسلم .

إن الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين ،

وكان من أواخر ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة:2].

قال عليه الصلاة والسلام : ((عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، إاياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)).
فلا بد للمسلم إذاً أن يستسلم لشرع وأمر رسوله ويسأل هل فعله الذي يفعل موجود في سنته عليه الصلاة والسلام أم عمل به سلف الأمة وخيارها؟
فإن لم يجد من ذلك شيئا فلا يغتر بكثرة الهالكين ، ولا يكن دليله أنه وجد الناس يعملون هذا العمل،فهو لهم تبع، فالله تعالى يقول: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ).
قال حسان بن عطية: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ولا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة"الحلية ، 6/73.

قال أيوب السختياني: "ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا زاد من الله بعداً" الحلية ، 3/9.

من أبرز تلك المواسم البدعية: ما يقوم به بعض العباد في كثير من البلدان في شهر رجب، لذا سنذكر بعض الأمور تخص ذلك.

من الأمور البدعية في شهر رجب: صلاة الرغائب، صلاة أم داود في نصف رجب،الاحتفال بالاسراء والمعراج، التصدق عن روح الموتى في رجب، أدعيه مخصوصة ومبتدعة لشهر رجب، وتخصيص تلك الليلة بزيادة عبادة كقيام ليل أو صيام نهار، تخصيص زيارة المقابر في رجب وهذه بدعة محدثة أيضا فالزيارة تكون في أي وقت من العام.

هل لـ (رجب) فضل على غيره من الشهور؟:
قال ابن حجر: "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه....)

وقال أيضاً: "وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب ، أو في فضل صيامه ، أو صيام شيء منه صريحة: فهي على قسمين: ضعيفة ، وموضوعة...)

بدعة صلاة الرغائب:

أولاً: صفتها: وردت صفتها في حديث موضوع عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من أحد يصوم يوم الخميس (أول خميس من رجب) ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و((إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ)) ثلاث مرات، و((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) اثنتي عشرة مرة ، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة ، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين، فيقول في سجوده سبعين مرة: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) ، ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت العزيز الأعظم ، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى ، ثم يسأل الله (تعالى) حاجته ، فإنها تقضى".. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ، ما من عبد ولا أَمَة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر ، وعدد الرمل ، ووزن الجبال ، وورق الأشجار ، ويشفع يوم القيامة في سبعمئة من أهل بيته ممن قد استوجب النار. (إحياء علوم الدين ، للغزالي)

من فتاوي ابن تيمية رحمه الله :
وقال ابن تيمية: "وأما صلاة الرغائب: فلا أصل لها ، بل هي محدثة ، فلا تستحب ، لا جماعة ولا فرادى؛ فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام أو يوم الجمعة بصيام..)

وقد كان الرؤساء من أهل الكتاب يمنعهم الإسلام خوف زوال رئاستهم ، وفيهم نزل
(( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاًً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ)) [البقرة:

الإسراء والمعراج:
من أعظم معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-: الإسراء به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثم العروج به السماوات السبع فما فوقها ، وقد انتشر في بعض البلدان الاحتفال بذكراها في ليلة السابع والعشرين من رجب ، ولا يصح كون ليلة الإسراء في تلك الليلة...

فروي أن النبي عليه الصلاة والسلام وُلد في أول ليلة منه، وأنه بعث في ليلة السابع والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي كان في السابع والعشرين من رجب..

قال ابن حجر عن ابن دحية: "وذكر بعض القصاص أن الإسراء كان في رجب ، قال: وذلك كذب" )تبيين العجب ص 6)

على أنه لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج لما شرع لأحد تخصيصها بشيء؛ لأنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن غيرها ، فضلاً عن أن يقيموا احتفالاً بذكراها ، بالإضافة إلى ما يتضمنه الاحتفال بها من البدع والمنكرات. (ذكر بعض تلك المنكرات: ابن النحاس في تنبيه الغافلين ، ص 497)
فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الاحتفال بليلة ( 27 ) اعتقادا أنها ليلة الإسراء والمعراج ، كل ذلك بدعة لا أصل له في الشرع ، وليلة الإسراء والمعراج لم تعلم عينها ، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها ، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها .

والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم كما قال الله عز وجل : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) سورة التوبة :100)
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق على صحته "

الذبح في رجب وما يشبهه:
مطلق الذبح لله في رجب ليس بممنوع كالذبح في غيره من الشهور ، لكن كان أهل الجاهلية يذبحون فيه ذبيحة يسمونها: العتيرة .
العتيرة: كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها لأوثانهم. فلما جاء الإسلام بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية، وليس لذلك كله أصل في السنة.
وقد اختلف أهل العلم في حكمها: فذهب الأكثرون إلى أن الإسلام أبطلها ، مستدلين بقوله كما عند الشيخين عن أبي هريرة (رضي الله عنه): "لا فرع ولا عتيرة" رواه البخاري ومسلم.

(من حديث أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة قال:
نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا. قال : ( اذبحوا في أي شهر كان ) الحديث.

قال ابن حجر: فلم يبطل رسول الله عليه الصلاة والسلام العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب (

روي عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيداً"
(لطائف المعارف ، ص 227)

تخصيص رجب بصيام أو اعتكاف:
وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال: ( رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية ) [الإرواء:957 وقال الألباني: صحيح.
قال الإمام ابن القيم: ( ولم يصم عليه الصلاة والسلام الثلاثة الأشهر سرداً "أي رجب وشعبان ورمضان" كما يفعله بعض الناس ولا صام رجباً قط ولا استحب صيامه.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ: "لم يثبت في شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام أيام معينة منه ولا في قيام ليلة معينة فيه حديث صحيح يصلح للحجة", (لطائف المعارف ، ص 228.)
وقال ابن القيم: "كل حديث في صيام شهر رجب وصلاة بعض الليالي فهو كذب مفترى",
وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ: "جميع ما ورد فيه من النصوص إما موضوع مكذوب وإما ضعيف شديد الضعف".
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: ( أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلاً في الشرع).

العمرة في رجب:
يحرص بعض الناس على الاعتمار في رجب ، اعتقاداً منهم أن للعمرة فيه مزيد مزية ، وهذا لا أصل له ، فقد روى البخاري عن ابن عمر (رضي الله عنهما) ، قال: "إن رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب ، قالت (أي عائشة): يرحم الله أبا عبد الرحمن ، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهِدُه ، وما اعتمر في رجب قط" صحيح البخاري.

وقد نص العلامة "ابن باز"على أن أفضل زمان تؤدى فيه العمرة: شهر رمضان؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عمرة في رمضان تعدل حجة" ، ثم بعد ذلك: العمرة في ذي القعدة؛ لأن عُمَرَه كلها وقعت في ذي القعدة ، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأحزاب: 21 - فتاوى إسلامية(

وقال ابن العطار: "وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له ، بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجباً أو غيره"

لا حوادث عظيمة في رجب:
قال ابن رجب: "وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك ، فروي أن النبي ولد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في السابع والعشرين منه ، وقيل في الخامس والعشرين ، ولا يصح شيء من ذلك..."( لطائف المعارف ، ص233)

ما حُكم الزيادة في العبادات وغيرها لقولنا أن شهر رجب شهر مُحرم ؟
فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وقد ورد في هذا الشهر صلوات وأذكار لكنها ضعيفة لا تثبت بـها حجـة، ولا تثبت بـها سُنّـة وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهرٌ محرم سأزيد فيه من صلاتي وسأزيد فيه من ذِكْرِي، وأزيد فيه من صيامي أو ما أشبه ذلك.
لمــاذا لا يجــوز؟
لأن النبي صلى الله عليه على وآله وسلم أدرك هذا الشهر... أليس كذلك؟
هل زاد فيه على غيره؟.... لا.
إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول إنه شهرٌ محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متّبعون ولسنا مبتدعين......)
إذاً علينا أن لا نخص شهر رجب إلا بما خصّـه الله به ورسوله، أنّه شهر محرم يتأكّد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار، فإنه شهرٌ محرم، والأشهر الحُرُم لا قتال فيها إلا إذا بدؤونا بالقتال، أو كان ذلك سلسلة قتالية امتدّت إلى الشهر المحرم.
كذلك نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب مقبلون على شهر شعبان.. فهل لشهر شعبان مزيّـة على غيره؟
الجواب: نعـم، فيه مَزِيّـة على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يُكثر من صيامـه حتى كان يصومـه كلّه إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السُّـنّـة، أما في رجب فـلا ... ))

نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 
======================= 
المصادر الالكترونية التي تم الجمع والترتيب بفضل الله من:
www.saaid.net
http://www.alminbar.net
http://www.binbaz.org
http://www.islam-qa.com/
http://www.kalemat.org

20‏/04‏/2014

حادثة الإفك | خطبة الجمعة د.محمد العريفي

كن جبلا والحكاية كاملة للشيخ العريفي حفظه الله



في بداية سلوكي في طريق الدعوة.. دعيت لإلقاء محاضرة في إحدى القرى..
استقبلني المسئول عن الدعوة هناك.. ركبت سيارته.. كانت قديمة متهالكة.. تحدثت معه.. أخبرني أنه حديث عهد بزواج..
ثم اشتكى إليَّ من غلاء المهور في قريتهم.. حتى إنه لم يستطع أن يشتري سيارة جديدة.. أو على الأقل أحسن من سيارته..
دعوت له بالتوفيق.. ثم دخلت وألقيت المحاضرة.. وفي آخرها.. قرئت عليَّ الأسئلة.. وكان من بينها سؤال عن غلاء المهور..
ففرحت به وقلت : جاءك يا مهنا ما تتمنا!!

وانطلقت أتكلم عن غلاء المهور وتأثيره على الشباب والفتيات..
ثم ذكرت إن رسول الله عليه السلام ما زوج بناته بأكثر من خمسمائة درهم.. ثم رفعت صوتي قائلاً : يعني بناتكم أحسن من بنات النبي عليه السلام ؟!!

فصرخ رجل مُسن من طرف الصف قائلاً : إيش فيهم بناتنا ؟ فثار آخر وقال : يتكلم على بناتنا!! ونهض الثالث جاثياً على ركبتيه وقال : أوووه تتكلم على بناتنا ؟!

كنت في حال لا أحسد عليه.. وكنت في أوائل طريق الدعوة.. وحديث التخرج من الجامعة..

بقيت ساكتاً لم أنبس ببنت شفة.. نظرت إلى الأول لما تكلم وتبسمت.. فلما تكلم الثاني.. نظرت إليه أيضاً وتبسمت.. وكذلك الثالث..

كان بعض الشباب في آخر المسجد يتضاحكون.. وبعضهم قاموا وقوفاً ينظرون.. وكأني بهم يقولون : وقف حمار الشيخ في العقبة!!

لما رأوا هدوئي.. هدؤوا.. ثم قام أحدهم وقال : يا جماعة.. خلوا الشيخ يوضح قصده..

فسكتوا.. فشكرت له عمله.. ثم اعتذرت وأثنيت عليهم – وعلى بناتهم - ووضحت مرادي..

عند تعاملك مع الناس.. أنت في الحقيقة تصنع شخصيتك.. وتبني في عقولهم تصورات عنك.. يبنون على أساسها أساليب تعاملهم معك..

واحترامهم لك.. تأكد أن الأشجار الثابتة لا تقتلعها الرياح.. مهما اشتدت.. وإنما النصر صبر ساعة..

كلما زاد عقلك.. قل جهلك.. وإذا زاد قدرك.. قل غضبك..

كالبحر لا يحركه أي شيء.. ويا جبل ما تهزك ريح..

بل إنك لو استثارك شخص ما.. في مجلس.. أو بيت.. أو قناة فضائية.. أو محاضرة عامة..

فإنك إذا بقيت هادئاً لم تغضب ولم تثر.. مال الناس معك ضده..

كان أبو سفيان بن حرب مقبلاً بقافلة تجارة من الشام.. فخرج إليهم المسلمون لقتالهم..

ففر أبو سفيان بالقافلة.. وأرسل إلى قريش فخرجت بجيش عرمرم..

ووقعت معركة بدر بين المسلمين وقريش.. وانتصر المسلمون..

قتل من كفار قريش سبعون.. وأُسِر منهم سبعون..

رجع من تبقى من جيش قريش.. وهم جرحى.. وجوعى..

ثم وصل أبو سفيان بقافلته إلى مكة..

فمشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان ابن أمية..

في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر..

فكلموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة..

فقالوا : يا معشر قريش.. إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم.. فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأراً.. ففعلوا..

وقد قال الله فيهم : " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون " .

فخرجت قريش.. بحدها وحديدها.. وجدها وأحابيشها..

وخرج معها من تابعها من بني كنانة وأهل تهامة.. وخرجوا معهم بالنساء لئلا يفر الرجال من القتال..

فخرج أبو سفيان بزوجته هند بنت عتبة..

وخرج عكرمة بن أبي جهل بزوجته أم حكيم بنت الحارث..

وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة..

فأقبل الكفار.. حتى نزلوا على شفير الوادي مقابل المدينة..

فلما سمع بهم رسول الله عليه السلام.. استشار أصحابه.. ما رأيكم ؟‍

نبقى في المدينة فإذا دخلوها علينا..

فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدراً : نخرج يا رسول الله إليهم نقاتلهم بـ "أحد"

ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة ما أصاب أهل بدر..

فما زالوا برسول الله عليه السلام حتى لبس أداة الحرب..

ثم ندموا.. وقالوا : يا رسول الله أقم.. فالرأي رأيك..

فقال لهم : ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد ما لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه..

فلما نزل أبو سفيان والمشركون بأصل أحد فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدراً بقدوم العدو عليهم..

وقالوا : قد ساق الله علينا أمنيتنا..

ثم قال النبي عليه السلام لأصحابه :

"من رجل يخرج بنا على القوم من كثب -أي من قريب- من طريق لا يمر بنا عليهم" ؟

فقال رجل من بني حارثة بن الحارث اسمه أبو خيثمة :

أنا يا رسول الله..

فسلك به في أرض بني حارثة وبين أموالهم ومزارعهم..

حتى سلك به في مال لرجل اسمه : مربع ابن قيظي..

وكان رجلاً منافقاً ضرير البصر..

فلما سمع حِسّ رسول الله.. ومن معه من المسلمين..

قام يحثي في وجوههم التراب.. ويقول : إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل في حائطي..

ثم أخذ الخبيث حفنة من التراب في يده.. ثم قال :

والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك..

فابتدره القوم..

فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"لا تقتلوه.. فهذا الأعمى.. أعمى القلب.. أعمى البصر.. "

ومضى رسول الله.. ولم يلتفت إلى ذلك المنافق..
نعم..
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار

والكلاب تنبح.. والقافلة تسييييير..

نقلا من : http://arefe.ws/ar/index.php  
com=articles&do=details&id=36

15‏/04‏/2014

إن مع العسر يسرى

فإن مع العسر يسرا ( 5 ) إن مع العسر يسرا ( 6 ) )

( فإن مع العسر يسرا ) أي مع الشدة التي أنت فيها من جهاد المشركين يسر ورخاء بأن يظهرك عليهم حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به ، " إن مع العسر يسرا " كرره لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء .
وقال الحسن لما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبشروا ، قد جاءكم اليسر ، لن يغلب [ ص: 465 ] عسر يسرين " .
قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل ، إنه لن يغلب عسر يسرين .
قال المفسرون : ومعنى قوله : " لن يغلب عسر يسرين " أن الله تعالى كرر العسر بلفظ المعرفة واليسر بلفظ النكرة ، ومن عادة العرب إذا ذكرت اسما معرفا ، ثم أعادته كان الثاني هو الأول ، وإذا ذكرت نكرة ثم أعادته مثله صار اثنين ، وإذا أعادته معرفة فالثاني هو الأول ، كقولك : إذا كسبت ، درهما أنفقت درهما ، فالثاني غير الأول ، وإذا قلت : إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم ، فالثاني هو الأول ، فالعسر في الآية مكرر بلفظ التعريف ، فكان عسرا واحدا ، واليسر مكرر بلفظ [ التنكير ] ، فكانا يسرين ، فكأنه قال : فإن مع العسر يسرا ، إن مع ذلك العسر يسرا آخر .
وقال أبو علي [ الحسن ] بن يحيى بن نصر الجرجاني صاحب " النظم " تكلم الناس في قوله : " لن يغلب عسر يسرين " ، فلم يحصل منه غير قولهم : إن العسر معرفة واليسر نكرة ، فوجب أن يكون عسر واحد ويسران ، وهذا قول مدخول ، إذا قال الرجل : إن مع الفارس سيفا [ إن مع الفارس سيفا ] ، فهذا لا يوجب أن يكون الفارس واحدا والسيف اثنين ، فمجاز قوله : " لن يغلب عسر يسرين " أن الله بعث نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو مقل مخف ، فكانت قريش تعيره بذلك ، حتى قالوا : إن كان بك طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كأيسر أهل مكة ، فاغتم النبي لذلك ، فظن أن قومه إنما يكذبونه لفقره ، فعدد الله نعمه عليه في هذه السورة ، ووعده الغنى ، ليسليه بذلك عما خامره من الغم ، فقال : " فإن مع العسر يسرا " ، مجازه : لا يحزنك ما يقولون فإن مع العسر يسرا في الدنيا عاجلا ثم أنجزه ما وعده ، وفتح عليه القرى العربية ووسع عليه ذات يده ، حتى كان يعطي المئين من الإبل ، ويهب الهبات السنية ، ثم ابتدأ فضلا آخر من أمر الآخرة ، فقال : إن مع العسر يسرا ، والدليل على ابتدائه : تعريه من الفاء والواو ، وهذا وعد لجميع المؤمنين ، ومجازه : إن مع العسر [ ص: 466 ] يسرا ، أي : إن مع العسر في الدنيا للمؤمن يسرا في الآخرة ، فربما اجتمع له اليسران يسر الدنيا وهو ما ذكره في الآية الأولى ويسر الآخرة وهو ما ذكره في الآية الثانية ، فقوله - عليه السلام - : " لن يغلب عسر يسرين " أي : لن يغلب عسر ، الدنيا اليسر الذي وعده للمؤمنين في الدنيا واليسر الذي وعدهم في الآخرة ، وإنما يغلب أحدهما ، هو يسر الدنيا ، وأما يسر الآخرة فدائم غير زائل ، أي لا يجمعهما في الغلبة ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : " شهرا عيد لا ينقصان " أي لا يجتمعان في النقصان .

حكم مشاهدة الأفلام الجنسية؟

11‏/04‏/2014

الأمير د.فيصل المشاري في لقاء الجمعة مع عبدالله المديفر - إختبار القدرات...

مشاهد 4 / الحلقة الـ12 : تاريخ البوسنة والهرسك

جنان - البوسنة والهرسك | الحلقة الثانية

جنان - البوسنة والهرسك | الحلقة الأولى

جنان - البوسنة والهرسك | الحلقة الثالثة

خطبة سلامة الصدر

لماذا تنتهي الحرب على الإخوان المسلمين دائما إلى الفشل؟


ولدت جماعة الإخوان المسلمين مصر في 1928، ومنذ مطلع الأربعينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، كانت الجماعة قد انتشرت في معظم البلاد العربية، ووسط التجمعات العربية – الإسلامية في المهجرين الأوروبي والامريكي.

كما شهدت دول إسلامية عديدة، مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، بروز جماعات إسلامية تأثرت بالإخوان المسلمين، وإن لم تحمل اسمها. ولأن الإخوان المسلمين حملوا منذ البدايات توجهاً سياسياً إصلاحياً، فقد تعرضوا لحملات قمع منذ نهاية الأربعينات، في مصر ودول عربية أخرى، تحولت أحياناً إلى حملات إبادة واستئصال، كما في مصر الخمسينات والستينات، وعراق السبعينات، وسوريا منذ منتصف الثمانيات.

ويتعرض الإخوان المسلمون، المصريين منهم على وجه الخصوص، والحركة على وجه العموم، لحملة واسعة النطاق، في مصر وخارجها، تستهدف تقويض القواعد التنظيمية والاقتصادية التي ترتكز إليها الجماعة، وكسر إرادة وولاء أعضائها، وإخراجهم كلية من الحياة السياسية، سواء بكونهم قوة فاعلة ومؤثرة، أو شركاء في الحكم.

ليس من السهل معرفة حجم حركة الإخوان المسلمين، لا في مصر ولا في المجال العربي ككل، ولكن، إن وضعنا في الاعتبار عضوية الحركة، والمتعاطفين معها، ومن ينتمون للتيار الإخواني فكرياً وسياسياً، بدون أن يكونوا أعضاء في تنظيماتها المختلفة، فإن التقديرات تدور حول أكثر من عشرة ملايين من العرب. هذه ليست أكبر قوة سياسية فعالة في العالم العربي وحسب، بل وبين أقدمها وأرسخها جذوراً وميراثاً. في بعض من البلدان العربية، بما في ذلك مصر، لا تكاد توجد قوة سياسية فعالة، ذات انتشار وطني، سوى الإخوان المسلمين. والمؤكد أن الحرب الشعواء التي أعلنتها دول عربية على الإخوان ستخفق، ولن تنتهي إلى نتيجة ما، اللهم إلا إيقاع بعض الأذى بالإخوان والكثير من الأذى بالدول التي تتعهدها.

ولكن هذا الفشل لا يعود إلى حجم وانتشار الإخوان وحسب، بل إلى أسباب أعمق وأكثر أهمية وتعقيداً. هذه هي الأسباب الثلاثة الأكثر أهمية:

الأول، أن الإخوان المسلمين يمثلون التيار العريض، الأقرب إلى الصورة الجامعة لأهل السنة. أطلق اسم أهل السنة والجماعة على الفقهاء والمحدثين من أهل الحديث في نهايات القرن الثاني ومطلع الثالث الهجري، مثل عبد الله بين المبارك، أحمد بن حنبل، يحيى بن معين، ابن راهوية، ويحيى المديني.

عرف هؤلاء بمخالفتهم لمن عرفوا بالفقهاء من أهل الرأي، ورفضهم تأويل آيات الصفات في القرآن الكريم، واعتقادهم بمصداقية الصحابة، وقبولهم أفضلية الخلفاء الراشدين طبقاً لترتيب توليهم الخلافة، ومناهضتهم للفرق التي أخذت في التبلور تدريجياً في معزل عن التيار الغالب لجماعة المسلمين. ولكن أهل الحديث من آباء أهل السنة الأوائل لم يتخذوا موقف الإدانة الجذرية لمن اختلف معهم في بعض الرأي، كأولئك الذين دافعوا عن إثبات الصفات باللجوء ليس للنص وحسب، بل ولمناهج المتكلمين، أو حتى من لجأوا لبعض التأويل في آيات الصفات، مثل المحاسبي وابن كلاب؛ ولا أدانوا التوجهات الصوفية، غير الفلسفية، المبكرة. وبالرغم من توكيدهم على أولوية النص، فقد قبلوا قدراً من القياس المنضبط، أي الاجتهاد العقلي، في استخراج الأحكام الفقهية، للتعامل مع المسائل الطارئة. مع القرن الرابع والخامس الهجري، تبلور هذا الموقف في تيار جامع، يمثل الأغلبية العظمى للجماعة المسلمة، ويضم في صفوفه أتباع المذاهب الفقهية الأربعة الرئيسة، وأصحاب المذاهب العقدية المتنوعة، من سلفية على مذهب أحمد، أشاعرة، وماتريدية، وحتى من مالوا قليلاً لتصورات المرجئة أو المعتزلة أو الشيعة، فيما يتعلق برأي ما من الآراء. ولأن الصراع على روح الأمة سرعان ما حسم نهائياً لصالح أهل السنة، منذ منتصف القرن الخامس الهجري، ظل أهل السنة التيار الجامع، بالغ التعددية والتنوع للأمة الإسلامية.

الإخوان المسلمون هم أقرب الجماعات الإسلامية لهذه السمة الأصيلة لأهل السنة. يوجد في التيار الإخواني من هم أقرب في اعتقادهم للتصور السلفي الحنبلي، للسلفي الوهابي، للسلفية الإصلاحية، للأشاعرة، لمن يقبل شيئاً من أفكار المعتزلة أو المرجئة، أو حتى من لا يكترث كثيراً بالخلافات العقدية التقليدية؛ من يوافق الشيعة في هذه المسألة أو تلك، ومن ينتمي لأحد المذاهب الفقهية، أو من لا يعتبر الحدود الفقهية المذهبية ملزمة؛ من يؤمن بأن القرآن والحديث هما المصدر الأساسي للدين، ومن لا يرى صحة أغلب الأحاديث؛ من يؤمن بضرورة تحويل الدولة الحديثة إلى دولة إسلامية، أو من يرفض منح هذه الدولة حق تمثيل الدين، ولا يطالب سوى بحرية الدعوة للإسلام واحترام الدولة لقيم المجتمع المسلم ومواريثه. ولدت الجماعة من تصور إسلامي إحيائي، يهدف إلى الحفاظ على الهوية والإجابة على سؤال موقع الدين في المجال العام؛ وبتضخم دور الدولة الحديثة وسيطرتها المتسعة على الاجتماع السياسي، تبلورت لدى الإخوان المسلمين في مصر نزعة سياسية، ورثتها كافة فروع الإخوان الأخرى في العالم العربي. بغير ذلك، وكما أهل السنة، فإن الطريق إلى الله والخلاص الإنساني لدى الإخوان فسيح ومتسع، باتساع جسم الأمة الكبير.

السبب الثاني، والذي يرتبط إلى حد كبير بالأول، أن الإخوان لم يولدوا من مسودة أيديولوجية قاطعة، كما حزب التحرير، أو الجماعات السلفية الراديكالية المحدثة، مثلاً. لا المشروع الإحيائي الإسلامي لدى الإخوان، المبرر الأول لوجودهم، ولا النزوع السياسي، الذي تبلور من الإدراك المتزايد لهيمنة الدولة الحديثة وتحكمها في شؤون البلاد وحياة العباد، يرتكز إلى رؤية أيديولوجية مصمتة.

وهذا ما وفر للجماعة مرونة ودينامية بالغة، وجعلها أكثر استعداداً للتطور والاستجابة للتحديات الفكرية والسياسية طوال أكثر من ثمانية عقود. خلال المرحلة الأولى من تاريخ الإخوان، أي من الثلاثينات وحتى السبعينات، كان التوجه السياسي الإخواني أقرب إلى الدستورية منه إلى الديمقراطية. ولكن، ومنذ مطلع الثمانينات، شهدت الجماعة في مصر وعدد آخر من الدول العربية نقاشاً بالغ الجدية حول الخيار الديمقراطي، انتهى إلى صدور وثيقة العمل السياسي في منتصف التسعينات، التي أقرت التعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة ودور المرأة في العمل السياسي. وبالرغم من أن مسألة تطبيق الشريعة في إطار من الدولة الحديثة ظلت تراود الإخوان المسلمين حتى وقت قريب، لعبت الطبيعة الشعبية الواسعة لحركة الثورة العربية، وإدراك الإخوان لتعقيدات النظام والتوازنات العالمية، دوراً هاماً في التراجع عن هذا المطلب في مرحلة ما بعد الثورات. وربما يمكن القول أنه إن كان الإخوان المسلمون يمثلون الجسم الرئيسي لتيار الإسلامي السياسي، فإن هذا التيار لم يحمل يوماً مشروعاً ناجزاً، بل تصورات متغيرة ومتطورة باستمرار، تتصل اتصالاً وثيقاً بالظروف الموضوعية التي تحيط بها وتستجيب لهذه الظروف.

أما السبب الثالث، فيتعلق بطبيعة المعسكر الذي يقود الحرب على الإخوان المسلمين، والذي يضم بقايا جماعات قومية عربية، تجمعات من رجال الأعمال والليبراليين العرب، عدد قليل من الأنظمة العربية، سيما أنظمة دول نفطية، وعدد من الأجهزة الأمنية والعسكرية والعدلية والإعلامية في دول عربية محددة. مشكلة أغلب هؤلاء، أولاً، أن لا قاعدة شعبية لهم، وأن علاقتهم بعموم الشعب علاقة نخبوية بحتة؛ وثانياً، أنهم متهمون بالفساد واستباحة ثروات البلاد وحقوق الناس؛ وثالثاً، أنهم سيطروا على الحكم والسلطة، من طور إلى آخر، طوال القرن الماضي، وكانت نتيجة سيطرتهم على مقاليد الحكم والسلطة كارثة كبرى، لم يعد من الممكن قبول الشعوب باستمرارها؛ ورابعاً، أن هناك شكاً عميقاً لدى الأغلبية الشعبية في مصداقية ولاء هؤلاء للإسلام واحترامهم لقيمه وتقاليده. في الحرب على الإخوان، تقوم أجهزة الدولة بالزج بخيرة طاقات وخبرات وشبان البلاد في السجون، وتندفع الأصوات الليبرالية والعلمانية إلى الهجوم على تقاليد الإسلام وقيمه، وتضطر أنظمة عربية تقليدية إلى توسيع الهوة التي تفصلها عن شعبها. هذا المعسكر، باختصار، لا يملك الشرعية الكافية ليخوض حرباً ضد جماعة تقف على أرضية أخلاقية أعلى، سواء بنضالاتها من أجل الاستقلال والحرية، بدعوتها إلى الإصلاح، أو بتجذرها في صفوف الشعب بكافة طبقاته وسجل خدمتها الطويل له.

بيد أن هذا لا يعني، بالطبع، أن الحرب لن تترك أثراً ما على الإخوان. الأرجح أنها ستفعل. عندما يعتقل عشرات الآلاف من جماعة إسلامية سياسية، حتى وإن كانت بحجم الإخوان المسلمين، ويجد آلاف آخرون نفسهم في المنفى؛ عندما تصادر المئات من الجمعيات الخيرية والمدارس الأهلية؛ عندما يطرد كبار الأساتذة الجامعيين من مناصبهم التعليمية، ويجد آلاف من المهنيين أنفسهم وقد فقدوا وظائفهم؛ عندما يضيق على الجماعة في البلاد الغربية، حيث تنشط منذ عقود في مناخ الحريات والقانون المتاح؛ وعندما تجد أحزاب تنتمي للجماعة نفسها في مواجهة مليارات الدولارات النفطية التي تصب للتآمر عليها، فلا بد أن تتأثر. ليس ثمة شك في ذلك. ولكن الأثر الذي ستتركه هذه الحرب على الأنظمة والدول التي تتعهدها سيكون أكبر وأعمق بكثير، بداية من تعميق الانقسام المجتمعي، مروراً بفقدان الاستقرار وإحباط روح التنمية والنهوض، وليس نهاية بالمزيد من تآكل أسس الشرعية.

الحياة تكون قصيرة لمن يعش لذاته ...


عندما نعيش لذواتنا فحسب ، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة  ، تبدأ من حيث بدأنا نعي ، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ! أما عندما نعيش لغيرنا  ، أي عندما نعيش لفكرة  ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض !
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة  ، نربحها حقيقة لا وهما ،  فتصور الحياة على هذا النحو  ،  يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا.. فليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر، وما يسميه الواقعيون في هذه الحالة وهما  ! هو في الواقع حقيقة أصح من كل حقائقهم ! لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة.. جَرِد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي ! ومتى أحس الإنسان شعورا مضاعفا بحياته  ،  فقد عاش حياة مضاعفة فعلا.


القائل : سيد قطب (رحمه الله )

07‏/04‏/2014

الأربعاء 1432/4/18| يوم جديد | إبراهيم النقيب وفريد جوهر| 4-5

2012-02-14 برنامج يوم جديد قناة المجد

لقاء فريق سراج | برنامج يوم جديد - قناة المجد

يوم جديد سامي الثنيان موضوع الحلقة التخسيس 1

شباب مكة في برنامج يوم جديد على قناة المجد

السبت 29//1/1433| يوم جديد | د.علي باحدح | 1-1

يوم جديد مع الشيخ سلمان العودة 2012\01\17

الشيخ عبدالله غيلان في برنامج يوم جديد ـ على شاشة قناة المجد الفضائية

لقاء الشيخ توفيق الصائغ في برنامج يوم جديد - قناة المجد

الأستاذ ضيف برنامج يوم جديد على قناة المجد

04‏/04‏/2014

تلاوة مختارة ( من سورة الحجرات ) الشيخ / عبد الولي الأركاني

من روائع السلف ( الحياء )

حلقة يوم الاثنين 30 / 5 / 1435 هـ ( السُخرية من الآخرين )

حلقة يوم الثلاثاء 1 / 6 / 1435 هـ ( جراحة العظام )

03‏/04‏/2014

فضل القران وأهله

الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، الحمد لله علم القران ، خلق الإنسان ، علمه البيان ، الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل القرآن هداية للناس ، ونبراساً يضيء لهم الطريق ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأكرم ، علم القرآن فكان خير معلم ، فصلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين . . أما بعد :
فأحييكم بتحية الإسلام ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فنحن جميعاً نوظف جميع الإمكانات والطاقات لخدمة هذا الدين العظيم ، إلا وإن من أعظم ما يُخدم به هذا الدين كلام الله عز وجل .

كلمة عن القران :

القرءان هو كلام الله منزل غير مخلوق ، الذي أنزله على نبيه محمد
صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى ، القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد ، ومعجزته الكبرى ، وهداية للناس أجمعين ، قال تعالى : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ "، ولقد تعبدنا الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ " ، فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً ، ولقد أعجز الله الخلق عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه ، قال تعالى : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة ممن مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين " ، القرآن مكتوب في المصاحف ، محفوظ في الصدور ، مقروء بالألسنة ، مسموع بالآذان ، فالاشتغال بالقرآن من أفضل العبادات ، ومن أعظم القربات ، كيف لا يكون ذلك ، وفي كل حرف منه عشر حسنات ، وسواء أكان بتلاوته أم بتدبر معانيه ، وقد أودع الله فيه علم كل شىء ، ففيه الأحكام والشرائع ، والأمثال والحكم ، والمواعظ والتأريخ ، والقصص ونظام الأفلاك ، فما ترك شيئا من الأمور إلا وبينها ، وما أغفل من نظام في الحياة إلا أوضحه ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَة ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ) ، هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [ أخرجه الدارمي ] ، هذا هو كتابنا ، هذا هو دستورنا ، هذا هو نبراسنا ، إن لم نقرأه نحن معاشر المسلمين ، فهل ننتظر من اليهود والنصارى أن يقرؤوه ، قال تعالى : " وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " ، فما أعظمه من أجر لمن قرأ كتاب الله ، وعكف على حفظه ، فله بكل حرف عشر حسنات ، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم .

كلمة للحفظة :
هنيئاً لكم حفاظ كتاب الله الكريم ، هنيئاً لكم هذا الأجر العظيم ، والثواب الجزيل ، فعن أبِى هريرة رضِى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده » [ أخرجه مسلم ] .
فأنتم أهل الله وخاصته ، أنتم أحق الناس بالإجلال والإكرام ، فعن أبِى موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرءان غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط » [ أخرجه أبو داود ] .
أنتم خير الناس للناس ، لقد حضيتم بهذه الخيرية على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فعن عثمانَ بن عفانَ رضيَ اللَّه عنهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « خَيركُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعلَّمهُ " [ أخرجه البخاري ] .
أنتم يا أهل القرآن أعلى الناس منزلة ، وأرفعهم مكانة ، فلقد تسنمتم مكاناً عالياً ، وارتقيتم مرتقىً رفيعاً ، بحفظكم لكتاب الله ، عن عمرَ بن الخطابِ رضي اللَّه عنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ اللَّه يرفَعُ بِهذَا الكتاب أَقواماً ويضَعُ بِهِ آخَرين » [ أخرجه مسلم ] .
حفاظ كلام الله ، أنتم أعظم الخلق أجراً ، وأكثرهم ثواباً ، كيف لا ، وأنتم تحملون في صدوركم كلام ربكم ، وتسيرون بنور مولاكم وخالقكم ، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالتْ : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الَّذِي يَقرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكرَامِ البررَةِ ، والذي يقرَأُ القُرْآنَ ويتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ له أجْران » [ متفقٌ عليه ].
أبشروا يا أهل القرآن ، أزف إليكم البشرى ، بحديث نبي الهدى ، والذي يصور فيه حوار القرآن والشفاعة لصاحبه يوم القيامة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ ، فَيَرْضَى عَنْهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً " [ أخرجه الترْمذي وقال : حديث حسن صحيح ] ، ويصدق ذلك حديث أَبي أُمامَةَ رضي اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإِنَّهُ يَأْتي يَوْم القيامةِ شَفِيعاً لأصْحابِهِ » [ أخرجه مسلم ] .
فيا حفظة كتاب الله ، أينما اتجهتم فعين الله ترعاكم ، فأهل القرآن هم الذين لا يقدمون على معصية ولا ذنباً ، ولا يقترفون منكراً ولا إثماً ، لأن القرآن يردعهم ، وكلماته تمنعهم ، وحروفه تحجزهم ، وآياته تزجرهم ، ففيه الوعد والوعيد ، والتخويف والتهديد ، فلتلهج ألسنتكم بتلاوة القرآن العظيم ، ولترتج الأرض بترتيل الكتاب العزيز ، وليُسمع لتلاوتكم دوي كدوي النحل ، عَن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضيَ اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : «يُؤْتى يوْمَ القِيامةِ بالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذِين كانُوا يعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنيَا تَقدُمهُ سورة البقَرَةِ وَآل عِمرَانَ ، تحَاجَّانِ عَنْ صاحِبِهِمَا » [ أخرجه مسلم ] ، وعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللَّه عنهما قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «إنَّ الَّذي لَيس في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ كالبيتِ الخَرِبِ » [ أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ] .
وكان من وصيته صلى الله عليه وسلم لأمته عامة ، ولِحَفَظَة كتاب الله خاصة ، تعاهد القرآن بشكل دائم ومستمر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتاً من الإبل في عقلها " [ أخرجه مسلم ] ، ومن تأمل هذا الحديث العظيم ، ونظر في معانيه ، أدرك عِظَمَ هذه الوصية ، وعلم أهمية المحافظة على تلاوة كتاب الله ومراجعته ، والعمل بما فيه، ليكون من السعداء في الدنيا والآخرة
، فيستحب ختم القرآن في كل شهر ، إلا أن يجد المسلم من نفسه نشاطاً فليختم كل أسبوع، والأفضل أن لا ينقص عن هذه المدة ، كي تكون قراءته عن تدبر وتفكر، وكيلا يُحمِّل النفس من المشقة مالا تحتمل، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ القرآن في شهر، قلت : أجدُ قوة ، حتى قال : فاقرأه في سبع ، ولا تزد على ذلك " .
وأوصي جميع المسلمين رجالاً ونساءً ، بحفظ كتاب الله تعالى ما استطاعوا لذلك سبيلاً ، وإياكم ومداخل الشيطان ، ومثبطات الهمم ، فاليوم صحة وغداً مرض ، واليوم حياة وغداً وفاة ، واليوم فراغ وغداً شغل ، فاستغلوا هذه الحياة الدنيا فيما يقربكم من الله زلفى ، فأنتم مسؤولون عن أوقاتكم وأعمالكم وأقوالكم ، وإياكم وهجران كتاب الله ، فما أنزله الله إلا لنقرأه ولنتدبر آياته ونأخذ العبر من عظاته ، قال تعالى : " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " ، فمن الناس من لا يعرف القرآن إلا في رمضان ، وبئس القوم الذين لا يعرفون القرآن إلا في رمضان ، ومن الناس من لا يتذكر كتاب الله إلا في مواطن الفتن والمصائب ، ثم ينكص على عقبيه ، فأولئك بأسوأ المنازل ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، وجاهدوا أنفسكم ، وألزموها حفظ كتاب الله ، وتدارس آياته ومعانيه ، فالله لا يمل حتى تملوا .
ومن لم يستطع حفظ كتاب الله تعالى ، ومن لم يكن له أبناء في حلقات التحفيظ ، فليبادر قبل انقضاء الأوقات والأعمار ، ثم لا ينفع الندم ، فميدان السباق مفتوح ، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً .

كلمة للأولياء :
وهذه كلمة لأولياء الأمور ، أيها الآباء والأمهات ، استوصوا بالأجيال خيراً، نشئوها على حب كتاب ربها، علموها العيش في رحابه، والاغتراف من معينه الذي لا ينضب، فالخير كل الخير فيه، وتعاهدوا ما أودع الله بين أيديكم من الأمانات، بتربيتها تربية قرآنية، كي تسعدوا في الدنيا قبل الآخرة، فما هانت أمة الإسلام إلا بهجرها لكتاب ربها وبعدها عنه ، ووالله لو تمسكنا بكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، لأصبحنا أمة عزيزة ، أمة أبية شامخة .
فالله الله أيها الآباء الكرام ، فالأبناء أمانة في أعناقكم ، ولقد ائتمنكم الله عليهم ، فإياكم وخيانة الأمانة ، فخيانتها صفة ذميمة ، وخصلة دميمة ، مقت الله أهلها ، وأبغض فاعليها ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " [ متفق عليه ] ، فمن خان الأمانة فقد صنفه الله من المنافقين ، والله توعدهم بأسفل مكان في النار ، فقال تعالى : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً " ، فكم نرى اليوم من شباب الإسلام وهم يتغامزون ، ويتراقصون ، ويسرقون وينهبون ، ويسهرون ، تركوا الصلاة والصيام ، وعطلوا أغلب الأحكام ، لا يُقدِّرون لإنسان قدره ، ولا يقيمون لجار حقه ، فأي تربية هذه ، وأي أداء للأمانة هذا ، أليس ولي الأمر مسؤولاً عنهم يوم القيامة ؟ بلى والله ، إنه لمسؤول ، قال تعالى : " وقفوهم إنهم مسؤولون " .
وأذكِّر أولياء الأمور بأهمية أداء الأمانة وعدم خيانتها ، فهي منوطة بهم ، وقد حذرهم الله من خيانته أو التساهل في رعايتها ، فقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " ، فهذه الأجيال التي بين أيديكم ستسألون عنها يوم تعرضون على ربكم لا تخفى منكم خافية ، وسيتعلق بكم أبناؤكم يوم العرض والحساب ، فإياكم أن يكون أولادكم أعداء لكم ، فقد قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم " ، فاحذر أيها الأب المبارك ، أن يكون ولدك عدواً لك في دنياك وأخراك ، وأرع هذه الأمانة بكل إخلاص وصدق ، فالأبناء كالبذرة ، إن اخترت لها مكاناً طيباً نشأت طيبة ، وإن كان غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك ، قال تعالى : " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون " [ الأعراف 58 ] ، فإن خنت الأمانة وفرطت فيها ، وتركت الحبل على غاربه لأبنائك ، ولم ترعهم بنصحك ، فوالله لقد أقحمت نفسك مكاناً لا تُحسد عليه أبداً ، واسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " [ متفق عليه ] ، فهل تريد أن تموت وأنت غاش لرعيتك ، تاركاً لأمر ربك ، ثم يكون مصيرك النار وبئس المصير .
ولا أنسى أن أهنئ الأولياء الذين عرفوا أهمية الرعاية السليمة الصحيحة لأبنائهم ، وفق كتاب الله تعالى ، ووفق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقاموا بما أوجب الله عليهم من الرعاية بالأبناء ، وأحاطوهم بالاهتمام والنصح والإرشاد ، فهنيئاً لهم أولئك الأبناء الصلحاء النجباء ، الذين يحملون كتاب الله بين جنباتهم ، وإلى كل أب وأم أدركا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهما ، وأدياها كما يجب ، أُبشرهما بهذا الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه الذي قَالَ فيه رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا " ، فهنيئاً لكم أيها الأولياء هذه البشارة النبوية من الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .
الختام :
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، اللهم اجعله شفيعاً لنا ، وشاهداً لنا لا شاهداً علينا ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ، اللهم حبِّب أبناءنا في تلاوته وحفظه والتمسك به، واجعله نوراً على درب حياتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


نقلا من موقع : http://www.saaid.net/Doat/yahia/37.htm

01‏/04‏/2014

الطيب مصطفى في برنامج بمنتهى الصراحة مع خالد ساتي ( تيار الانفصال)

برنامج مداد مع الشاعر عبد الرحمن العشماوي

برنامج مداد الحلقة (12) د.الطيار (كيفية قراءة الكتب)

شرح باب مخارج الحروف ، من متن الجزرية