مدونة المعارف

25‏/01‏/2009

راقب نفسك

من راقب الناس مات هماااا

لذلك اعتني بنفسك أولا وأخيرا

انتقل رجل مع زوجته الى منزل جديد وفي صبيحة اليوم الاول

وبينما يتناولان وجبة الافطار

قالت الزوجة

مشيرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الحديقة المشتركة

بينهما وبين جيرانهما


انظر يا عزيزي


ان غسيل جارتنا ليس نظيفا .. لابد انها تشتري مسحوقا رخيصا


ودأبت الزوجة على القاء نفس التعليق في كل مرة ترى


جارتها تنشر الغسيل


وبعد شهر اندهشت الزوجة


عندما رأت الغسيل نظيفا على حبال جارتها


وقالت لزوجها


انظر .. لقد تعلمت اخيرا كيف تغسل


فأجاب الزوج


عزيزتي لقد نهضت مبكرا هذا الصباح ونظفت


زجاج النافذة التي تنظرين منها .. !!!


أصلح عيوبك قبل أن تصلح عيوب الاخرين

20‏/01‏/2009

بوابة النصر: الانتصار على النفس

يقول الله تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21). ويأتي مصداق هذه الآية تمكين يوسف بعد محن عظام، فكيف مكن ليوسف في الأرض؟ يأتي هذا السؤال، وأمتنا تعيش هذه الظروف الصعبة من تسلط الأعداء، ومن ظلم الظالمين، حتى بلغ اليأس مبلغه في نفوس كثير من المسلمين. فيأتي التساؤل، هل لهذه الأزمة من مخرج؟ هل لهذا البلاء من نهاية؟ هل يمكن أن ينتصر الدعاة، تنتصر المؤسسات، رغم ما يحاك لها؟ ورغم واقعها! ولماذا فشلت كثير من المؤسسات والدعوات في هذا العصر. لماذا؟ لأنها أخلت بأركان الانتصار. إن هناك عوامل التزمها يوسف عليه السلام فظهر وانتصر، وما التزم بها فرد أو جماعة أو أمة إلا انتصرت. الانتصار العاجل والانتصار الآجل. وسأقف مع أبرز هذه العوامل والأسباب التي كانت ظاهرة في سورة يوسف.إن أول انتصار حققه يوسف عليه السلام، هو انتصاره على نفسه. ومن لا ينتصر على نفسه لن ينتصر على غيره، فالمهزوم من هزمته نفسه قبل أن يهزمه عدوه. إن بداية انتصار يوسف عليه السلام هي انتصاره على نفسه. عندما تفاجأ إخوانه، بأن الذي أمامهم هو عزيز مصر، (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (يوسف:88) (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ) (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ،قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا)(يوسف: من الآية91)، فانتصر يوسف عليه السلام على نفسه عندما انتصر، وانتصر لأنه انتصر على نفسه فلم يحمل حقداً جراء ما حصل، وبعض الناس يعميه الحقد أو الحسد فتغلي نفسه يقوم ويقعد ولاهم له إلاّ النيل ممن أخطأ في حقه فيخطئ بذلك درب المعالي وعزم الأمور وينشغل بالسفاسف والقضايا الشخصية وبنيات الطريق (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور).ومن مظاهر انتصار يوسف عليه السلام على نفسه قصته مع امرأة العزيز، فقد انتصر فيها انتصارات متعددة، (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه)، فانتصر على نفسه في مراودة امرأة العزيز له، ويبين هذا الانتصار قوله صلى الله عليه وسلم، في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله" [متفق عليه]. فقوله إني أخاف الله انتصار عظيم. يوسف عليه السلام قال: (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون). وذلك انتصار وأي انتصار على النفس في هذه المعركة الشرسة ومع من! مع امرأة العزيز.ثم بعد ذلك انتصر يوسف على نفسه ولسانه بعفة منطقه العجيبة! أتريد أن تعرف عظم هذا الانتصار؟ قسه بمقداره تمكنك من سيطرتك على لسانك. وعندما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أمسك عليك لسانك. قال له الصحابي الجليل أو نحن مؤاخذون بما نتكلم به؟ قال له ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ [رواه الحاكم وصححه].لقد رأيت عجباً في سيرة يوسف عليه السلام من عفة منطقه ولسانه؛ مع إخوانه، ومع العزيز، ومع امرأة العزيز. عفة ندركها عندما نرى ضعف الآخرين في سيطرتهم على ألسنتهم. وإليك بعض الأمثلة التي تدل على عفته وانتصاره على لسانه بينما عجز كثير عن ذلك:لما أرسل له الملك يطلب منه الخروج من السجن في المرحلة الأولى، قال للرسول: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن). أين العفة؟ لم يقل له ارجع إلى ربك فاسأله عن امرأة العزيز التي راودتني، لم ينطق بها. قال: (ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، من أجل ألا يحرجها، وألا يحرج النسوة، وألا يحرج زوج المرأة. هذه عفة وتعبير عن المراد بأسلوب عجيب. انتصر على نفسه عندما جاءه إخوانه وقالوا له في قصتهم مع أخيه، قالوا: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل). هذه القضية تهمة اتهم بها يوسف وهو منها بريء عليه السلام، وذلك عندما كان صغيرا. وقد ذكر المفسرون أقوالا لعله يتأتى المرور عليها في حينها إن شاء الله. والآن وهو عزيز مصر، وهم لا يعلمون أنه يوسف، وبعدما فعلوا به ما فعلوا، وهو يدرك أن كل ما مر به من محن في تاريخه بسببهم؛ من بعد عن أبيه، ومن رمي في البئر، ومن سجن، في قصة امرأة العزيز، ومرة أخرى يكررون تهمة باطلة. ماذا فعل؟ هل ضربهم؟ هل سجنهم؟ هل رد عليهم أمام الملأ؟ لا .. (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ )(يوسف: من الآية77)، (قال أنتم شر مكانا). فأسرها في نفسه ولم يبدها لهم. وأي انتصار على النفس هذا الانتصار!ومن انتصاره على نفسه أيضا وهو تبع لهذا الموضوع، الدقة العجيبة في التعبير عما يريد دون أن يقع في الكذب إطلاقا. وكل منا يحاسب نفسه وينظر مدى قدرته على حفظ لسانه وإبعاده عن الزور. لما قال له إخوانه ولم يعلموا أنه يوسف، (أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين). ماذا قال؟ قال: (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده). لم يقل معاذ الله أن نأخذ إلا من سرق. وإنما قال: (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده)، لأن أخاه لم يسرق، وهو يعرف أن أخاه لم يسرق. فكيف يعبر بتعبير يتخلص من مطلبهم دون أن يقول كلمة زور واحدة، بل قال الحقيقة: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده. وهم قد وجدوا متاعهم عند بنيامين حقاً، لكنه لم يسرق، وهذا التعبير دقيق، انتصار على النفس والشيطان والهوى، وأعظم ما يكون عندما يكون من رجل في السلطة يستطيع أن ينفذ ما يريد ويقول ما يشاء، وقد لا يحاسبه أحد في الدنيا، ومع ذلك يحاسب يوسف عليه السلام نفسه قبل أن يحاسبه الناس. ومن انتصار عليه السلام على نفسه، عفوه عن إخوانه. هل تريد، أن تعرف مقدار هذا الانتصار؟ لنتأمل أحوالنا، قد يسيء إلينا بعض الناس، إساءات قد نكون سببا فيها، أو قد نشارك في نسبة من سبب تلك الإساءة، ومع ذلك نعجز عن العفو أو الصفح! بل أعجب من هذا إذا عفونا أو صفحنا أتبعنا ذلك بالإساءة لهم عن طريق المن عليهم، بعفونا عنهم! مع أن ما يمر بنا قد لا يعادل جزءا يسيرا مما حصل ليوسف عليه السلام، ابتداء من أول القصة إلى هذه المرحلة. فماذا كانت النتيجة وكيف كان تصرفه؟ (قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين). (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم). دون تأنيب ودون عذل ودون سجن. تسامح، وصفح، وعفو..
وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحوهم

وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

ولا أحمل الحقد القديم عليهم
وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا
إنه الانتصار على النفس، إذا هذه المسائل بمجموعها تدل على أن يوسف عليه السلام انتصر على نفسه،فولج بوابة الانتصار.نسأل الله أن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يهدينا لأحسن الأفعال والأخلاق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نقلا من موقع الشيخ/
أ.د. ناصر بن سليمان العمر

19‏/01‏/2009

أحداث غزة جراح وأفراح


إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في كتابه العزيز: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [سورة آل عمران: 169]، والقائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران: 200].وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، خير من جاهد وقاتل حتى أتاه اليقين، والقائل في سننه: «واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» [رواه البخاري ومسلم]، والقائل: «جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري» [البخاري تعليقا ووصله أحمد والطبراني]، والقائل: «لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة و جرحه يثعب –أي يجري – اللون لون دم والريح ريح المسك» [متفق عليه].أما بعد فإن أصدق الكلام كلام الله عز و جل، وخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ : أما بعد معشر الإخوان من المؤمنين و المسلمين، أظن أنه قد بلغكم وترامى إلى مسامعكم، وشاهدت عيونكم، خبر هذه الداهية الدهياء، والمصيبه الصلعاء، وبحور الدماء، وتناثر الأشلاء، ونسف الطرق والبناء، ودك المساجد وأماكن الشفاء، كل ذلك رأيناه صباحا و مساء، من هؤلاء المجرمين اليهود الملاعين على إخواننا أهل غزة الصابرة، جبر الله مصابهم، وربط عز و جل على قلوبهم، وشد سبحانه أزرهم، وسدد رميهم، وتقبل شهداءهم، وداوى جرحاهم، وفك حصرهم، وأمن خائفهم، وأطعم جائعهم، وكسى عاريهم، ووحد كلمتهم، وقوى عزمهم، ونصرهم على عدوهم، وحقن دماءهم، وصان أعراضهم، وخذل عدوهم، و جعل الدائرة على اليهود، وألقى الرعب في قلوبهم، اللهم آمين.وهذه أيها الإخوة الأحباب إشارات سريعة لما ظهر لي من جراح وأفراح في أحداث غزة، فإليكم ما يلي:-الجرح الأول:هذا الانقسام والتفرق والتشرذم بين صفوف الإخوة الفلسطينيين و هذا بشؤم الرايات الجاهلية المرفوعة، كالعلمانية، والقومية، والوطنية ...الخ. ولا شك أن هذه الرايات المناوئة للإسلام مما يزيد في ضعفهم، ويطمع فيهم أعداءهم، ويؤخر الظفر على أعدائهم، وهذا التفريق و الاختلاف أيضا موجود في مواقف الدول العربية و الإسلامية تجاه قضية فلسطين، وتجاه ما يجب عمله لأهل غزة خاصة، فمن يرى الحل السلمي والدبلوماسي لا يطيق سماع من يرى أن القضية لن تحل إلا بالجهاد وقتال أعداء الله من اليهود والعكس بالعكس، وسيظل هذا الانقسام موجودا حتي نعود لهدي القرآن والسنة في تحقيق الأخوة الإيمانية امتثالا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة الحجرات: 10]، وقوله جل في علاه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [سورة آل عمران: 103]. وقوله –صلى الله عليه و سلم –: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك النبي بين أصابعه» [متفق عليه]، وقوله: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» [متفق عليه]، وقوله: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يسلمه –أي لا يتركه للأعداء من غير نصره-، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» [متفق عليه].والآيات في هذا المعنى الجليل، والأحاديث كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.الجرح الثاني:إن اليهود أهل مكر وحيلة و هذا مشهور عنهم قديما وحديثا، فقد قام عدد من المجرمين الصهاينة من ذوي المناصب بزيارة عدد من الدول العربية والإسلامية كمصر وتركيا وغيرها قبل هذا الهجوم بيوم أو يومين، بل قامت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني بتوجيه التهديدات الصريحة من أرض الكنانة –جبر الله مصابها –إلى حماس و أهل غزة، وهذا مما فتح الباب على مصراعيه لإلقاء التهم بالخيانة والعمالة، أو على الأقل بعدم المانع من المسؤولين في هذه الدول لهجوم الصهاينة على أهل غزة، ومن العجب أن تكون نتيجة استبيان للرأي أقامه موقع الجزيرة نت مفاده، هل تعتقد أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تمت بتواطئ عربي، نعم أو لا؟المحزن أن النتيجة كانت: 93.7% قالوا نعم؟!!وهذا ما جرأ رئيس الكيان الصهيوني في اليوم الرابع للحرب بأن يقول أن بعض الدول العربية تحثني على مواصلة الحملة العسكرية على غزة، وأن تقول وزيرة الخارجية بأن الحملة العسكرية على حماس تصب في مصلحة الدول العربية حتى لا تظهر عندها منظمات كحماس، ولا سيما حينما تطلع على كلام الدكتور مصطفى الفقي لجريدة الشرق الأوسط 4-12-2008 قال: "إن مصر لا يمكن أن تقبل بما وصفه "إمارة إسلامية " على حدودها مع غزة، معتبرا أن إضفاء الطابع الديني على القضية الفلسطينية يؤدي إلى تفتيتها؟!!"...وصدق المصطفى – صلى الله عليه و سلم – وهو يقول: «إذا لم تستح فاصنع ماشئت» [رواه البخاري]، فأنت قد رضيت يا دكتور طائعا أو كارها بجوار اليهود، فلماذا يضيق صدرك عم جوار حماس وأهل غزة، ولا أدري عن أي تفتيت يتحدث للقضية، فمنذ ستين سنة وأنتم تتداولون القضية الفلسطينية، بعيدا عن الطابع الديني الذي ذكرت –وهو يتحاشى ذكر الإسلام- فماذا فعلتم فيها!!، واستغل ذلك أمين ما يسمى بحزب الله فقام بالتحريض الواضح الصريح للشعب والجيش في مصر بالخروج على حكامه، وأن يفتحوا المعابر بالقوة –الخ، فلماذا لم يقم هذا الجبان بمناوشة إسرائيل من جنوب لبنان حتى يشغلها بفتح جبهة أخرى؟!!، أو على أضعف الإيمان يرسل بعض الأسلحة أو المساعدات ولو في طي الكتمان لأهل غزة؟!!، أو على التنزل بكف شر ميليشياته التي دربها في لبنان لتمارس دورها القذر في قتل أهل السنة في العراق، وطعنهم في ظهورهم؟!!، وشغلهم عم عدوهم؟!!، أم أن الكلام سهل، وإطلاق التصريحات العنترية الجوفاء لا يكلفه شيء ولا من ورائه من الملالي في إيران؟!!الجرح الثالث:قامت مؤتمرات العرب وانتفضت وكما هو معتاد لم تأت بشيء اللهم إلا أن عجزوا عن الاتفاق فيما بينهم فحملوا خلافاتهم لتحل في مجلس الأمن ورجل الشارع كما وضح في وسائل الإعلام كان يعرف هذه النتيجة مسبقا حتى إن بعضهم قال لأحد المذيعين: "أتحب أن أقول لك ما سيقررونه قبل أن ينتهوا؟"!!!، وقد ترأس الوفد العربي إلى مجلس الأمن الرئيس الفلسطيني، وهكذا تنقضي الأيام في سفر ورحلات و مقابلات و مباحثات، وهب أن مجلس الأمن قد أصدر قرارا بوقف الحرب فسيظل حبرا على ورق حتى تنتهي إسرائيل من تحقيق أهدافها من إيقاع أكبر عدد من الشهداء والجرحى وتدمير كل ما تطاله أسلحتها، وحينئذ سنقول بأننا قد انتصرنا، وانتزعنا هذا القرار بفضل هذه التحركات والمباحثات؟!!الجرح الرابع:حصرت كثير من الدول العربية والإسلامية العون الذي يمكن أن يقدم لإخواننا في غزة فيما يسمى "المساعدات الإنسانية" فأقول إن الدول حتى غير المسلمة لا تمانع في هذا، بل إنها يمكن أن تكون أكثر عطاءا، وأسرع إرسالا منا في هذا السبيل، ولعلكم سمعتم بقارب الكرامة الذي أبعدته الزوارق اليهودية إلى لبنان ومن المضحك المبكي في آن واحد أن هذه المساعدات لم يتيسر دخولها في أحيان كثيرة، حتى إن دولة قطر اتفقت مع المسؤولين في دولة اليهود على أن ترسل المساعدات عن طريق مطار بن جوريون في تل أبيب ثم تحمل برا بعد ذلك إلى أهل غزة؟!!كأننا نقول لأهل غزة على لسان اليهود: كلوا واشربوا وتداووا حتى يحين الوقت المناسب لقتلكم، وهدم البيوت على رؤوسكم.الجرح الخامس:أراد بعض أهل الضفة الغربية ومنهم خبراء عسكريون مسلمون الذهاب إلى أهل غزة لنصرتهم وتقديم العون لهم، فمنعتهم السلطة في الضفة الغربية و هذا من أعجب العجب والله، فإذا كنتم تمنعون أهل فلسطين من مساعدة إخوانهم، فلماذا تطلبون العون من خارج فلسطين؟، وحتى الأسرى لمنظمة حماس لم تفرجوا عنهم، فحينئذ يكون من الواضح أنكم تسعون للقضاء على حماس للانفراد بالحكم والسلطة، وأي خير تأملون بعد هذا القتل والهدم. يا عباد الله أفيقوا من سكرتكم رحمكم الله.الجرح السادس:وصل عدد الشهداء إلى أربعين وأربعمائة و العدد يزداد كل ساعة و كل يوم، و عدد الجرحى إلى ثلاثمئة و ألفين والعدد يزداد أيضا ومنهم النساء والأطفال الشيء الكثير، و أن اليهود يستهدفون الآن القياديين البارزين في حماس ومن آخرهم استشهادا الدكتور نزار ريان أستاذ علم الحديث، فقد قتل في منزله ومعه زوجاته الأربع و أولاده التسعة حينما ألقيت قنابل وصواريخ تحمل آلاف الأطنان على منزله فماتوا جميعا نسأل الله أن يتقبلهم قي الشهداء وأن يرحمهم.الجرح السابع:أقدم اليهود الجبناء على استهداف المساجد فدكوا أكثرها بالصواريخ، ولم تسلم منهم حتى المستشفيات، وسيارات الإسعاف، ومن يقومون بداواة الجرحى من الأطباء والممرضين.الجرح الثامن:المعيشة الصعبة التي يعيشها أهل غزة فلا كهرباء، ولا مياه، و نقص حاد في السلع الغذائية، ونقص شديد في الأدوية والأجهزة الطبية، وهذا مع البرد الشديد، والترقب من القصف الصاروخي كل وقت من ليل أو نهار، فحسبنا الله ونعم الوكيل...الأفراحويعجب القارئ من هذا العنوان ويقول أي فرح يكون في هذه الدواهي والمصائب؟!، فأقول: إن رحمة الله على عباده إذا اشتدت الكراب وازدادت المحن أن يرسل لطفا من عنده، و يبشر عباده، ليثبت أهل البلاد ويحتسبوا، و اعتبر أيها الحبيب بما كان يوم بدر، والأحزاب وحنين وغيرها من الوقائع العظام.الفرح الأول:عودة هذه الروح المفقودة من زمن بعيد إلى جماهير المسلمين فيما يلم بإخوانهم في غزة و غيرها، روح الأخوة الإيمانية، وهذه العواطف الملتهبة التي رأيناها، وهذا الغضب العارم المؤذن بتغير الأمور، وأقول فإنه وإن لم يبن عمل مثمر حتى الآن على هذه العواطف وإنما أغلبها في صورة مظاهرات ولقاءات و نحوها، لكنه يمكن أن تؤثر إذا أحسن أهل العلم والدعوة توجيه هذا الجماهير إلى عمل فاعل بدلا من هذه المظاهرات والتي لا نحصل منها خيرا في الجملة والغالب على ما فيها من حرج شرعي عند كثير من أهل العلم، لكن نقول هذا التطور الجارف من الناس بأنه لا بد عمل شيء لوقف الحرب يمكن استثمار ذلك بالتبرع بالدماء، وجمع الأموال، وغير ذلك مما يحتاجه أهل غزة، ومن يدري فلعله يأتي اليوم الذي يكون من السهل على أهل الإسلام إذا غزيت بلد مسلم أن يذهبوا إليها ويجاهدوا مع أهلها بأنفسهم، وهذا و الله من أعظم البشريات في هذه المحنة بعد أن تسكعت الأمة مشرقا ومغربا طوال القرن الماضي في استيراد هذه الأفكار الجاهلية التي مزقت قلوب الأمة، ونافرت بين دولها و أفرادها، ولم يسلم منها إلا من سلمه الله تعالى، ويمكن مراجعة هذه الرسالة اللطيفة للعلامة ابن باز رحمه الله "نقد القومية العربية" ففيها خير كثير، و كذلك مراجعة بحث "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" في أضواء البيان، و كذلك رسالة "الإسلام و الحضارة الغربية" للدكتور محمد محمد حسين رحمه الله، ولكن هذا يحتاج من هذه الجماهير أن تراجع كل شيء في حياتها وأن تصحح عقيدتها، و عبادتها، ومعاملاتها، وأخلاقها، وتصوراتها، وأفكارها على منهاج الكتاب والسنة بهدي الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.الفرح الثاني:وضوح قضية أهل غزة عندهم وقد ظهر من كثير منهم أنهم مستهدفون لأنهم مسلمون، وهذه الصور التي نقلت في وسائل الإعلام عمن يجودون بأنفسهم وهم يرفعون إصبع السبابة ويجأرون بكلمة التوحيد واضحة بحمد الله، ولا أنسى مشهد هذه البنت الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها عشر سنوات وهي تقول لأخواها وقد سمعت صوت القصف الصاروخي: "ارفعوا السبابة وتشهدوا تشهدوا حتى تموتوا على ذلك؟!!".فالحمد لله ونرضى بقضاء الله، ومن مات في سبيل دينه، و ختم له بالتوحيد فلا يضره بعد ذلك شيء إن شاء الله!!الفرح الثالث:هذا الصبر العجيب الذي رأيناه من أهل غزة من الرجال الشيب ومن النساء العجائز، ومن الأمهات المكلومات في أزواجهن و أبنائهن، وهذا الإصرار على الصمود، وعدم الهزيمة، وهذه أم الدكتور نزار تقول: "مات أولادي وتركوا لي بندقية سأحملها وأدافع بها و قتل بها اليهود إذا أتوا إلينا" والصبر مفتاح النصر إن شاء الله!!الفرح الرابع:هذه الصواريخ التي يطلقها أهل غزة على عدوهم وأصبحت تصل إلى مدى ستين كيلو مترا مما لم يكن في حسبان اليهود، ووصلت هذه الصواريخ إلى مدن مثل عسقلان، وبئر السبع، والنقب، وغيرها من المدن التي يحتلها اليهود، فأثارت فيهم الرعب بفضل الله، واختبأ كثير منهم في الملاجئ و رؤي مسؤول يهودي ينام كالفأر المذعور تحت سيارته خوفا من قصف الصواريخ {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [سورة المدثر: 31]، فبرغم أن هذه الصواريخ ليست بالمتطورة، لكن اليهود أجبن الخلق وبهم من الرعب ما يفوق مئات المرات ما عند أطفال غزة فكيف برجالها؟!! فالحمد لله!!الفرح الخامس:إن رفع راية الجهاد ومقاومة اليهود إيذان بقرب تحقق النبوءة النبوية وهي: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله...» [رواه مسلم].الفرح السادس:نبشر أهل غزة أن اليهود رغم كفرهم وجبنهم عن المواجهة فإن معهم من أسباب السقوط والهزيمة ما هو كاف بأهون وأيسر الأسباب فمن ذلك:
1-أنهم أهل مكر، وقد قال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [سورة فاطر: 43].2-أنهم أهل غدر، وقد قال تعالى: {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [سورة الفتح: 10].3- أنهم أهل بغي، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم} [سورة يونس: 23].4- أنهم أهل ظلم، وقد قال تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} [سورة الإسراء: 33]، وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [سورة هود: 102]، وقوله تعالى: {وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} [سورة الفرقان: 19].

16‏/01‏/2009

قصة نبي الله يوسف عليه السلام

ولد سيدنا يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.--------------------------------------------------------------------------------سيرته:قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور. أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة. قال تعالى في سورة (يوسف): نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف)واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز. لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث. المشهد الأول من فصل طفوله يوسف: ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها. أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له. استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته. فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.المشهد الثاني: اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص منه، فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.المشهد الثالث:توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟ أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته!المشهد الرابع:خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بإلقائه في البئر.. وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.المشهد الخامس:عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع، وقد كان أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها. فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس! وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا بالدم.. وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله. أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة، أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛ وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَالمشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام: أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها إلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة.. توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم للبئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه.. ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبدا لمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد. فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية.انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم، لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم من أبيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان.. غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما. ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه.. وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وليس هذا السيد رجلا هين الشأن.. إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر.. سنعلم بعد قليل أنه وزير من وزراء الملك. وزير خطير سماه القرآن "العزيز"، وكان قدماء المصريين يطلقون الصفات كأسماء على الوزراء. فهذا العزيز.. وهذا العادل.. وهذا القوي.. إلى آخره.. وأرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر.وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم. وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤى.. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) (يوسف)كان يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال. وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة وأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه.. وأوتي نبلا وعفة، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم.وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه.. اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه.ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته: في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابه الكريم:وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف)لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه، فلننظر في ذلك من باب التقدير. لقد أحضر يوسف صبيا من البئر، كانت هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا، وكان هو في الثانية عشرا. بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين ووصل عمره إلى الخامسة والعشرين. أغلب الظن أن الأمر كذلك. إن تصرف المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة. والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.(وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها. مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها. خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه.ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما بلباسها أو كلماتها أو حركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء.يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه.ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه. فمنهم من أخذ بالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له، أو جبريل نزل إليه، لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه الزوايات الإسرائيلية. ومن قائل: إنها همت به تقصد المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل: إنها همت به لتقبله وهم بها ليضربها، ومن قائل: إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية داخل نفس يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة. ثم صرف الله عنه. وأفضل تفسير تطمئن إليه نفسي أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية. قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت على قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير. بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان. قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه. لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة وعدم احتفالهم بالحس. إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه، عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي، ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه، تدفهعا الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها. وهنا تقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز. وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية، أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه.. كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز. وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق. فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب. فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما. وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق. ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها وتمزيق قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).انتهى الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها.. كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير أن هذا الموضوع بالذات. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات.

13‏/01‏/2009

الدروس والعبر المستفادة من رمي اليهود بالحجر

الحمد لله القائل في كتابه: { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [الأنفال: 60] والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر الميامين الذي جاهد في الله حق جهاده، فأقام به الملة ورفع آية التوحيد وحذر أمته من تركه فقال: « ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا ».وعلى آله وصحبه أجمعين الذين ضربوا بجهادهم أروع الأمثلة وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السير قدماً في مسيرة الجهاد فقالوا:
نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما حيينا أبداً
وعلى من اقتفى أثرهم في مسيرة الجهاد إلى يوم الدين أما بعد:يتعرض الشعب الفلسطيني المسلم اليوم وعلى تراب الأرض المقدسة إلى أبشع ألوان القتل والتعذيب والتنكيل والتشريد من أحفاد القردة والخنازير اليهود، وهذا القتل وهذه المجازر تعرض لها شعبنا علي مدار تاريخه الجهادى وفي مقدمتها مذابح المسجد الأقصى، وما من قرية ومدينة في فلسطين إلا وكان لها نصيب من هذه المجازر على مرأى ومسمع العالم، ولا تمر سنة من السنين إلا ويرتكب فيها اليهود مجازر جماعية ومجازر فردية، وها هي المجازر اليوم ترتكب في كل مدينة وقرية وشارع وزقاق على أرض الإسراء والمعراج، ولكن مع بشاعة الجريمة التي يرتكبها اليهود بكل غطرسة إلا أن جميع أفراد الشعب مصممون على مواصلة الطريق حتى يندحر على الأقل أذى الاحتلال عن أرض فلسطين فضلاً عن تحرير كل شبر من أرض فلسطين بما في ذلك المسجد الأقصى ومدينة القدس.وبات واضحاً لكل الشعوب الإسلامية وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يواجه غطرسة الاحتلال وهمجيته أن لا بديل عن مواصلة الجهاد لأن الاتفاقيات التي تسمى باتفاقيات السلام لم تحقق على أرض الواقع إلا مزيداً من القتل والتعذيب والاعتقال ومصادرة الأراضي وتدنيس المقدسات والدمار الاقتصادي والفساد الاجتماعي وتمزيق شمل الأمة الواحدة.ولذا فإن الأمر الذي يترسخ لدى الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة نتيجة الشعور بالاضطهاد والظلم هو مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ومواصلة الطريق ولو أريقت الدماء وأزهقت الأرواح.وقد تحققت للأمة العربية والإسلامية دروس وعبر وثمرات جلية تعتبر بمثابة معجزة يجنيها ذوو العقول والأبصار، لو رسمت لها خطة وبدأ بتنفيذها ما كان ليتحقق لها بعض هذه العبر، ولو أمضت فيها عقوداً من الزمن ومليارات من الدولارات ولكن قبل الخوض في بيان هذه الدروس والعبر نريد أن نبين السبب الحقيقي للصراع على أرض فلسطين.السبب الحقيقي للصراع بيننا وبين اليهود على أرض فلسطين:يحلو للبعض أن يصور الصراع بين المسلمين في فلسطين وبين اليهود صراعاً سياسياً واقتصادياً ويغفلون أو يتغافلون عن السبب الحقيقي للصراع ألا وهو اختلاف الدين كما قال الله تعالى: { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } [البقرة: 217] وقال تعالى: { وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ } [البقرة: 253] والذين يريدون إبعاد الناس عن السبب الحقيقي للصراع يظلمون أنفسهم وغيرهم ويورطون الأمة في مصائب لا حصر لها ويحرمونها من ثواب الدنيا بالنصر والتمكين، ومن تراب الآخرة برضوان الله ودخول جنات النعيم، ففكرة حصر هذه القضية في الفلسطينيين وحدهم أو في منظمة هي فكرة خبيثة، الهدف من ورائها تجنب الصراع مع مليار مسلم على وجه الأرض ولكن اقتضت حكمة الله جل وعلا أن يكون المسجد الأقصى بؤره الصراع لينال كل مسلم على وجه الأرض شرف المشاركة في الجهاد للدفاع عن المسجد الأقصى والأرض المقدسة، فلم تأت قدسية المسجد الأقصى والأرض المقدسة من كوننا فلسطينيين أو كنعانيين، وإنما ترسخت هذه القدسية في قلوبنا لأننا مسلمون نؤمن بما جاء في كتاب ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من مكانة للمسجد الأقصى والأرض المقدسة وبيان ذلك فيما يلي:1) منزلة المسجد الأقصى والأرض المقدسة في دين الله:إن لفلسطين والمسجد الأقصى بمدينة القدس مكانة عظيمة عند المسلمين فقد سمى الله أرض فلسطين بالأرض المقدسة وهي جزء من الأرض المباركة في عدة مواضع في القرآن قال سبحانه عن نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 71]ولما خرج موسى بقومه بني إسرائيل من مصر قاصداً أرض فلسطين قال لهم: { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ } [المائدة: 21] ولما نكلوا عن دخولها حرمها الله عليهم أربعين سنة وضرب عليهم التيه في أرض سيناء، فلما نشأ فيهم جيل على شظف العيش ومكابدة الصحراء وأصبحوا مؤهلين للجهاد في سبيل الله استحقوا الدخول إلى الأرض المقدسة وتحقيق موعود الله على يد نبي الله يوشع بن نون عليه السلام: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } [الأعراف: 137]وبين القرآن بركة أرض فلسطين بجبالها وسهولها وطيورها بالتسبيح والتهليل والتكبير إذ أسمع الله نبيه داود ذلك بقوله: { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ } [سبأ: 10]وبتسخير الريح لسليمان { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } [الأنبياء: 81]وعظمت بركة أرض فلسطين وازداد شرفاً بمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتبط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام بأوثق رباط إلى يوم القيامة وبقيت أرض فلسطين وستبقى مرتبطة بمنهج الإسلام وعقيدة التوحيد، هذا المنهج هو منهج الأنبياء في رحاب المسجد الأقصى، يقول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } [الإسراء: 1]وتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن رحلة الإسراء والمعراج فقال: « أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت ركعتين ثم عرج بي إلى السماء » رواه مسلم.والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المساجد بعد الحرمين (1) فقد توجه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته إليه في صلاتهم ثمانية عشر شهراً ثم حولت القبلة إلى المسجد الحرام كما قال تعالى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ } [البقرة: 144]والمسجد الأقصى أحد المساجد التي تشد إليها الرحال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى » رواه البخاري ومسلم.ويعظم أجر الصلاة فيه كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: " حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فقال النبي: أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطى الثالثة » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.وأرض فلسطين قلب أرض الشام التي جاءت الأحاديث تبين فضلها ومكانتها ومن ذلك قول رسـول الله صلى الله عليه وسلم: « طوبى للشام طوبى للشام، قال زيد بن ثابت راوي الحديث: قال ما بال الشام؟ قـال: الملائكة باسطوا أجنحتها على الشام » رواه الترمذي وأحمد والحاكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة » رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.2) أرض فلسطين تتنازعها الديانات:يتنازع على أرض فلسطين المسلمون واليهود والنصارى، أما اليهود فيزعمون حسب كتبهم المحرفة أنهم أصحاب الحق في هذه الأرض ومن هذه النصوص:أن نوحاً قال لسام الذي يعتبره اليهود أباهم: " ملعون كنعان (جد قبائل فلسطين الكنعانية) عبد العبيد يكون لأخويه، فقال: مبارك الرب إله سام، وقال: ليكن كنعان عبداً لهم" (سفر التكوين / الأصحاح 9)ومنها أن الله قال لإبراهيم " أقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبدياً لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك، أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكاً أبدياً " (سفر التكوين / الأصحاح 12)ويرون أن هذا الوعد خاص بأبناء إسحق دون أبناء إسماعيل فقد جاء في التوراة قولها : ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده سارة في هذا الوقت من السنة الآتية) (سفر التكوين / الأصحاح 17).وتوضح التوراة حدود الأرض التي منحت لبني إسرائيل " لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " (سفر التكوين / الأصحاح 15).ويعتبرون أن سكناهم في أرض فلسطين تغفر لهم ذنوبهم حيث جاء في التوراة عن أرض فلسطين (الشعب الساكن فيها مغفور الاثم " (سفر أشعيا / الإصحاح 33). ولذا تقول جولد مائير رئيسة وزراء دولة اليهود: " ومن يعيش داخل أرض إسرائيل يمكن اعتباره مؤمناً، وأما المقيم خارجها فهو إنسان لا إله له".ولذا يرتكب اليهود أبشع الجرائم وينتهكون الأعراض ويدنسون المقدسات ويقتلون الأطفال والشيوخ وينهبون الأموال ويصادرون الأرض من سكانها الفلسطينيين المسلمين ظلماً وعدواناً ويعتبرون أنهم بذلك يرضون إلههم.وهنا سأذكر عبارتين من كتبهم المحرفة تشكلان العقيلة اليهودية الإجرامية.في التوراة " وكلم الرب الإله إسرائيل قائلاً: سأنزل يا إسرائيل، وأضع السيف في يدك، واقطع رقاب الأمم واستذلها لك" وعبارة التلمود " الأمميون (2) هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار وكلما نفق حمار ركبنا حماراً آخر ".أما النصاري فإنهم على الرغم من اختلافهم الكبير مع اليهود في الدين فإنهم يؤمنون بحق اليهود في فلسطين وبظهور المسيح ثانية في فلسطين ليقودهم إلى النصر المبين، ويرون أن قيام دولة إسرائيل شرط في رجوع المسيح الذي سيحكم أرض إسرائيل في رجوعه الثاني، فيما يعتبر اليهود أن القادم ليس هو مسيح النصارى بل آخر يأتي لأول مرة، وفي التبشير بهذا القادم تقول التوراة " يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أبدياً رئيس السلام، لنمو رياسة وللسلام، لا نهاية على كرسي داود (عرش فلسطين) وعلى مملكته ليثبتها ولا يعضدها، بالحق والبر، من الآن إلى الأبد، وغيرة رب الجنود تصنع هذا " (سفر إشعيا / الإصحاح التاسع).يقول المبشر المسيحي أوين: " إن إرهابيين يهوداً سينسفون المكان الإسلامي المقدسي وسيستفزون العالم الإسلامي للدخول في حرب مقدسة مدمرة مع إسرائيل ترغم المسيح المنتظر على التدخل".ويقول رونالد ريجان رئيس أمريكا الأسبق: " أجد في التوراة أن الله سيلم شمل بنى إسرائيل في أرض المعاد، وقد حدث هذا بعد قرابة ألفى سنة، ولأول مرة فإن كل شيء مهيأ لمعركة مجدو والمجيئ الثاني للمسيح" ومعركة مجدو هي (المعركة النهائية التي يتوقع النصارى أن ينتصروا فيها هم واليهود على عدوهم).أما نحن المسلمين فنقول: " إن الله وعد إبراهيم عليه السلام ببركة واستخلاف في ذريته حين طلب ذلك من الله: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة: 124] وكـان هذا الوعد الإلهي مشروطاً بالصلاح، وقد تكرر هذا الشرط عندما سأل إبراهيم ربه أن يرزق أهل البلد الحرام من كل الثمرات: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [البقرة: 126] فالتمييز يكون باعتبار الصلاح والفساد، قال الله عن اسماعيل { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } [الصافات: 113] وعلى ذلك نقول إن الصالحين المؤمنين من ذرية إبراهيم هم الذين يستحقون البركة والاستخلاف وهذا لا يتحقق إلا فيمن آمن برسالات جميع الأنبياء وآخرهم محمد، وبين الله كذب اليهود في ادعاء أن لهم خصيصة وميزة على الناس بقوله تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105] وقوله تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [المائدة: 18].وقد كان استخلاف بني إسرائيل في الأرض المقدسة مشروطاً بإقامة منهج الله في الأرض، أما وقد كفروا بالله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم وناصبوه العداء وألبوا عليه قوى الكفر والطغيان وحسدوه على نبوته وعملوا جاهدين على قتله والتخلص منه فإنهم بذلك فقدوا استحقاقهم لاختيار الله واصطفائه، ونقل هذا الاصطفاء والاختيار إلى الأمة الإسلامية التي تعبد الله وحده وتقيم دينه وشريعته قال الله سبحانه: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 110]وتمضي الآيات توضح حال اليهود وبيان السبب الذي من أجله نزع الاصطفاء والتفضيل منهم فتقول: { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } [آل عمران: 112]الدروس والعبر المستفادة من قذف اليهود بالحجر:بعد هذا الإيضاح المختصر جداً عن بعض المفاهيم المتعلقة بحديثنا نود أن نستقي الدروس والعبر مما ابتلينا به لنواصل معاً وسوياً سبيلنا لتحرير أرضنا المقدسة ومسجدنا الأقصى من دنس اليهود.فإن الله تعالى قص علينا في القرآن قصة يهود بني النضير وما أحل بهم غضبه عليهم وإجلائهم عن ديارهم ثم أرشدنا قائلاً: { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } [الحشر: 2] ولا خير فينا إن لم نتعظ ونعتبر وننظر في سنن الله في الأرض:1) إن طريق الجهاد هو طريق عزة المسلمين: وقد أمرنا الله جل وعلا به في آيات كثيرة في كتابه منها قوله تعالى: { انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [التوبة: 41]. وحذر سبحانه عن التقاعس والنكول عن الجهاد فقال: { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التوبة: 39]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ماترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا » وقال صلى الله عليه وسلم: « إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم » أخرجه أبو داود والبيهقي وهو حديث حسن. وحينما نتكلم عن الجهاد إنما نعني به الجهاد الوارد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومنهج سلف الأمة، الجهاد الذي ترفع به راية التوحيد وتحمى به الديار وتأمن به السبل وتحفظ به الأرواح والدماء والأعراض والأموال، وتهيأ به السبل للدعوة إلى الله لينعم الناس بالعيش في ظلال الإسلام { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107].فإن منهج الإسلام هو المنهج الحق الذي من سار عليه لا يضل ولا يشقى ومن خالفه فإن له معيشة ضنكى، وذلك كله { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } [الأنفال: 422] أن الأمة الإسلامية تملك قدرات وإمكانيات هائلة لو أحسنت استغلالها لساهمت مساهمة فعالة في تغيير واقع الأمة من الضعف إلى القوة: فهاهم الأطفال والشباب في فلسطين على الرغم من سوء الأوضاع التي يعيشونها وقلة ذات اليد إلا أنهم لا يهملون أي وسيلة تردع العدو عن غطرسته ولو كان حجراً لا يقدم ولا يأخر بالنسبة للأسلحة الفتاكة التي يستعملها اليهود ولكنه علامة خزي وعار لأعداء الله، وللمجاهدين أسوة في ذلك نبي الله داود عليه السلام حينما وقف في وجه عدو الله جالوت وقذفه بمقلاع كان في يده فأصابه في أم رأسه فقتله، ولذا فإن المسلم لن يعدم الوسيلة في قتال الأعداء مهما بدت في نظر الآخرين ضعيفة وغير مجدية، فالمهم أن ينالوا من عدوهم ويشعروه بأنه مهدد دائماً قال الله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ .. } [التوبة: 120] ومن هنا نجد التركيز القرآني على الثقة بالنفس والثبات على الحق، فإن شر الهزيمة هي الهزيمة النفسية التي تعقبها الهزيمة العسكرية، والأمة الإسلامية تملك إلى جانب الأمور المادية قواعد إيمانية دونها الجبال الراسيات قال الله تعالى: { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران: 139]وقال سبحانه: { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [التوبة: 51].3) أن السلام مع اليهود ضرب من العبث: فالسلام الذي يريده اليهود هو سلام أمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم، فهم يستترون وراء هذا السلام المزعوم لإخفاء كل أنواع المكر والخديعة للوصول إلى أهدافهم ومآربهم، ولاشك أن أي مسلم يحب السلام ولكنه السلام القوي الذي يستند إلى شريعة الرحمن لا إلى إملاءات اليهود، فاليهود لم يسالموا رب العالمين كما حكى عنهم القرآن { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ } [المائدة: 64] و{قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء } [آل عمران: 181]ولم يسالموا الأنبياء حيث قتلوهم واتهموهم بالفواحش وأثاروا عليهم قوى الكفر والطغيان، فقد أهدوا رأس نبي الله يحيى عليه السلام إلى بغي من بغاياهم، أفننتظر منهم بعد كل هذا أن يسالمونا، هذا شيء عجاب.4) إنقاذ الشعوب الإسلامية من التهور في بناء علاقات مع اليهود: فما يكتوي بناره الشعب الفلسطيني لا نريد أن يكتوي به أي شعب مسلم على وجه الأرض، فاليهود داء عضال يبدأ أول ما يبدأ ضعيفاً ثم يستشري شيئاً فشيئاً حتى يعم الجسم كله، كالشيطان يدلك على سبعين باباً من أبواب الخير ليصل بك إلى باب واحد من أبواب الشر، ولا تستطيع أن تخلص نفسك منه بعد ذلك.5) أن اليهود لايحسبون للمسلمين حساباً ماداموا متفرقين: وهم يسعون جاهدين لتفريق كلمة المسلمين وبث الخلافات بينهم، ولكن الله جل وعلا سيخيب آمالهـم، فها نحن نرى –بحمد الله – كلمة المسلمين بدأت تتوحد وجهودهم تتظافر وخلافاتهم تذوب عملاً بقول الله تعالى { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [آل عمران: 103]وستتوج هذه الوحدة –بإذن الله تعالى – حينمـا تجتمع الكلمة على خليفة واحد، وسيكون ذلك بمشيئة الله كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت » رواه أحمد ، نرجوا أن يكون ذلك قريباً.6) أن إرادة الشعوب لا تقهر إذا ترسخت لديها العزيمة على التغيير: فكيف إذا منحت قدراً كافياً من الوعي والتوجيه فإن القوة ستتضاعف وتأتي بآثار طيبة قال الله تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11]وقال سبحانه: { وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً } [التوبة: 36].7) أن الأمة الإسلامية هي الأمة المؤهلة لقيادة العالم ورعاية شؤونه: فإن الله ائتمنها على ذلك إذ جعلها خير الأمم { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران: 110] وجعلها خيار الأمم والشهيد عليها { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143] وجعلها أمة الدعوة { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108] ، وهي أمة الجهاد في سبيل الله { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج: 78]. ولذا فإن الأمة الإسلامية هي الأمة المؤتمنة على إقامة دين الله في الأرض الذي تحفظ به العهود والمواثيق والمقدسات والأرواح والدماء والأعراض والأموال من العبث والتخريب والدمار.8) أن الأمة مستهدفة في دينها، ودينها هو أساس عزتها وكرامتها: فإن ضيعت دينها كانت لغيره أضيع. وإقامة الدين تحتاج إلى قوة علمية وقوة مادية، وذلك ليتقوى الدين بقوة الحديد، وينضبط الحديد بقوة الدين، وقد وضح الله ذلك في كتابه العزيز بقوله: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحديد: 25].9) تحطمت لدى اليهود فكرة التعايش السلمي مع العرب في فلسطين: حيث كانوا يراهنون على أبناء الجيل الذي نشأ بعد حرب 1967 أن يشكلوهم حسب العقلية اليهودية وقد تحقق لهم بعض ما يريدون ولكن جاءت هذه الأحداث المتلاحقة وإذا بهذا الجيل هو الذي يتصدى لليهود ويقارعه ويواجهه بالحجر ويصرخ في وجهه بالتكبير والتهليل ويكيل له الصاع صاعين.حقاً إن هذا الجيل آية من آيات الله الباهرة، إنه جيل لا يخشى الموت ولا يرهب الردى، جيل يتمنى الشهادة في سبيل الله، جيل يعلو بإيمانه وعزيمته على كل ألوان الغطرسة والهمجية اليهودية، فلعله يكون هو الجيل أو مقدمة للجيل الذي شرفه الله بالإضافة إلى نفسه في جهاد اليهود كما كان سلفهم الأول من الصحابة الكرام رضي الله عنهم { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } [الإسراء: 7]10) أن على الأمة أفراداً ودولاً أن تكون على استعداد تام في حالات السلم والحرب لمواجهة أي طارئ يحدث لها حتى لا تؤخذ على حين غرة: وهذا يعني إعداد العدة التي أمر الله بها في كتابه حيث قال { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [الأنفال: 60]فكل عدو لله فهو عدو لنا، وأشكال الإعداد التي ترفع بها راية الحق وتخفض بها راية الباطل كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر بناء الجامعات والمعاهد والمدارس والمشافي وإقامة الحصون والتدريب المستمر على كافة أنواع السلاح، وبناء مصانع السلاح ومصانع الأغذية واستصلاح الأراضي وزراعتها بالزراعات الأساسية للفرد والتخلي عن سياسة الاستيراد من الدول الأخرى والاهتمام بوسائل الإعلام لتؤدي دورها في نشر الفضيلة والبعد عن الرذيلة، وعلى كل فلن يعدم المسلمون وسائل الإعداد التي يقهر بها العدو ويعز بها الإسلام والمسلمون ويتحقق بها النصر المبين على الكفرة المجرمين أعداء الدين، وما ذلك على الله بعزيز.11) أن ارتكاب المعاصي سبب تسلط اليهود على المسلمين في فلسطين: ودليل ذلك عدم الاستجابة لتحذير العلماء والخطباء والوعاظ والمرشدين والغيورين على الدين من مفاسد الصيف، إذ كثرت الحفلات الموسيقية في الأفراح طوال الليل وكأن الناس ليس فيهم من قتل له قتيل أو أصيب له مصاب مازال يعاني الويلات وهو يتردد على أبواب المؤسسات يسأل عمن يمد له يد العون والمساعدة، ومن أغرب ما أرقنا وقض مضاجعنا وخشينا نزول الغضب علينا هو عدم الاتعاظ والشعور بمصائب الآخرين حينما يقف المشيعون للجنازات على المقابر وهم يدفنون ميتهم وآلات الموسيقى وأصوات المغنين بالليل والنهار تصك آذانهم، وأمام الفساد والانحلال الخلقي الذي بدأ ينخر في جسد الأمة نردد مع أصحاب العاهات والمصائب والنكبات التي أصابت أمتنا وشعبنا في فلسطين قول الله تعالى: { حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 173] وانتشرت الصالات التي ترقص فيها الراقصات شبه عاريات ويدار بكؤوس الخمر فيها على الشاربين، يفعل كل هذا من لا خلاق لهم بينما اليهود في انتفاضة الأقصى الماضية تعلموا درساً قاسياً فحصنوا مستوطناتهم ومواقعهم وأعدوا عدتهم لمواجهة كل طارئ فسارعوا منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها المواجهات إلى الضرب بيد من حديد لكل من يقف في وجوههم فهل نتعظ؟؟ ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.نسأل الله تعالى أن يشتت شمل اليهود، ويفرق كلمتهم ويجعل الدائرة عليهم، ويقينا شرهم، ونسأله تعالى أن يوحد كلمتنا ويسدد رمينا ويصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ويجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وأن يرزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة إنه ولي ذلك والقادر عليه، آمين آمين. كتبه ناصح أمين للإسلام والمسلمين ..=============(1) توسع الناس في إطلاق كلمة الحرم على الكثير من المساجد ومنها المسجد الأقصى بل قالوا عن ساحات الجامعات بأنها حرم وهذا خطا، فالحرم لا يطلق إلا على المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعنى أنها حرام.أنه لايقطع شجرها ولايصاد صيدها ولاينفر طيرها .(2) الأمميون عند اليهود هم غيرهم من الأمم.
المصدر :
موقع صيد الفوائد-->تعليقات القراء :
أضف تعليقك الآنملاحظة هامة : هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها الأسئلة والتعليقات المقتضبة أو تلك التى لا تتعلق بموضوع المحاضرة ستحذف تلقائيا

09‏/01‏/2009

مناشدة لأهل العلم ...

نناشدهم أن يفتونا مأجورين، في حكم من يمنع إخواننا الفلسطينيين من الالتجاء إلى بلادنا، وقد أتوا إلى حدودنا مستنجدين مستغيثين، تحت وقع الضربات القاسية والجحيم المستطير، إما نجاة بأنفسهم، أو إغاثة لجرحاهم، أو طلباً للمعونة والدعم ...
فهل يجوز للموظف أو الضابط أو الجندي العامل بحرس الحدود، أن يرد هؤلاء المستغيثين من إخواننا على أعقابهم رداً غير جميل، بل بإلحاق الأذى بهم، والذي قد يصل ـ في بعض الأحيان ـ إلى جرحهم أو قتلهم !؟؟
إن حدود ديار الإسلام ذاتها ليست لها حرمة تحول دون المسلم ودون اجتيازها، بل إن الكافر إذا جاء إلى ديار الإسلام ملتجئاً طالباً للأمان (مستأمناً) لا يمنع من ذلك، فكيف يحل منع المسلم المستجير، سيما وإن كان في وضع اضطراري، كالذي يعيشه أهل غزة ؟
فكيف بنا وهم لم يطلبوا حتى اللجوء بل جل ما طلبوه من إخوانهم معونات دوائية وغذائية وكوادر طبية فحتى السلاح لم يطلبوه كما اللجوء كذلك بل نحول دون وصول ذلك إليهم
.

05‏/01‏/2009

أقل القليل


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة الكرام ، أيتها الأخوات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : أسأل الله أن تكونوا أنتم ومن تحبون على أحسن حال ... هذا عام جديد .. أدامكم الله أملاً ونوراً وأفقاً وضيئاً على مدى الشهور وتطاول الأعوام، أرض خضراء لا نهاية لها ... إخواني في الله القدس لنا والمستقبل لنا والرايات الخضراء لنا، ولليهود العابرين على الأرض المقدسة الخزي والعار واليأس والهزيمة المؤكدة بحول الله وطوله . قامت دولة اليهود وهي تحلم بنفوذ يمتد من النيل إلى الفرات ، وهي اليوم تبني حول نفسها الجدران تعبيراً عن فقد الأمل في التوسع وخوفاً من الفناء ، هذه هي الإشارة الاستراتيجية إلى الزوال القريب إن شاء الله. إخوتي وأخواتي غداً تسكن المدافع ، وتخمد معها الاحتجاجات والمظاهرات ، ويستيقظ أهل غزة الأشراف المقاومون على عشرات الألوف من الأيتام والأرامل والمعوقين والمنكوبين نحن نريد لجذوة المناصرة ألا تخمد ، فقضية فلسطين قد تستمر عشرات السنين ، والشعار الذي يجب أن نرفعه في النصرة المستمرة هو: (( أقل القليل من كل مسلم ولأمد طويل )) إذا كان في إمكانك أن تدفع مئة ريال في الشهر ، فلا تفعل ، ادفع عشرين ريالاً فقط ، لكن مع التزام صادق وأكيد بأن تستمر في ذلك ، ما دمت حياً وما دامت قضية فلسطين موجودة . انصروا إخوانكم بالدعاء وبنشر أخبارهم وبالمال، المال، المال ، المال، يمكّنهم بحول الله وطوله من حل الكثير من المشكلات .... إخوانكم يعملون على تدمير خلايا السرطان قبل أن تمتد إلى أجسادكم وبلادكم، فساعدوهم، رفعكم الله، وزادكم من فضله. في 3 / 1 / 1430هـ