مدونة المعارف

29‏/08‏/2014

مفهوم الدعوة الى الله تعالى :


الدعوة إلى الله شرف وعبادة، وهي مصدر عظيم لأجر الله وثوابه، وهي وسيلة لفتح القلوب الغلف، وتبصير الأعين العمي، وإسماع الآذان الصم.. ولكن حتى تكون عبادة نرجو ثوابها، وتؤتي ثمارها فلابد من معرفة فقهها، والتزام قواعدها وأصولها، والسير على منهاج داعيها الأول صلى الله عليه وسلم، وهو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن .

ومن حق المدعوين بجميع طوائفهم واختلاف طرائقهم ومشاربهم وأماكنهم أن يطالبوا الدعاة بتوضيح دعوتهم، وبيان مقاصدها، وحتى وسائلهم وضوحا يرفع اللبس ويقيم الحجة ويقطع المعاذير.. فبقدر وضوح الغاية والمقصد والهدف والوسيلة لدى المدعو، بقدر سهولة اقتناعه وسرعة قبوله .

ومن هنا كان لابد للداعية أن يكون عالما بدعوته، محيطا بمقاصدها ووسائلها وطرائق نشرها، ودعوة الناس إليها وإقناع الناس بها إحاطة شاملة، وأن يكون مؤمنا بقدرتها على تسيير حياة أتباعه وعلى حل جميع مشاكلهم، وبقدر فهم كل داعية واتساع مداركه وإلمامه بدعوته يكون أثره ويؤتي أكله.

مفهوم الدعوة :
ومفهوم الدعوة أحيانا يكون شموليا، وأحيانا تعرف تعريفا تبسيطيا أو تفصيليا، وقد تعرض العلماء لهذا الجانب بالتوضيح والبيان: ففي كتاب أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان يقول:
"والدعوة إلى الله إنما هي الدعوة إلى دينه الذي هو الإسلام {إن الدين عند الله الإسلام}.. فموضوع الدعوة وحقيقتها هي دين الإسلام.. ثم عرفه بما مختصره:
1 ـ هو ما فسره به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل حين سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان.. فالدعوة هي الدعوة إلى تلك الأصول جميعها (الإسلام، والإيمان، والإحسان) بتفصيلها الذي فصله النبي عليه الصلاة والسلام..

2ـ هو الاستسلام لله تعالى والخضوع والانقياد لأمره: ويقصد بالخضوع الخضوع الطوعي الاختياري؛ لأن الخضوع الإجباري كل المخلوقات مشتركة فيه {إن كل من في السموات والأرض إلا آت الرحمن عبدا }.
وقد عرفه بذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقوله: "الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك"..
وهو بهذا دين جميع الأنبياء والمرسلين من لدن آدم ونوح إلى خاتمهم محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم.. ثم صار علما على الدين الخاتم الذي جاء به النبي الخاتم {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} وهو المعنى الذي صار مقصودا عند إطلاق لفظة الإسلام..

3 ـ هو الدعوة إلى النظام العام والقانون الشامل لحياة الإنسان وسلوكه، كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

4ـ هو مجموع ما أنزله الله على رسوله من أحكام في العقيدة والأخلاق والعبادات والمعاملات وغيرها.

5 ـ هو الإجابة عن الأسئلة الثلاثة التي شغلت عقول البشر: من أين جئنا؟ ولماذا خلقنا؟ وإلى أين المصير؟
فإجابة السؤال الأول: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين .... الآيات.
كنت عدما فأوجدك الله من تراب، وجعلك في أجمل هيئة وأحسن صورة {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}

وإجابة السؤال الثاني: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، {يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}.. والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة" كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.

وإجابة السؤال الثالث : {يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه}، {وأن إلى ربك المنتهى}، {إن إلى ربك الرجعى}... فالمصير إلى الذي بدأك وخلقك وأوجدك، ليجزيك على ما أوجدك من أجله {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى}

وربما يعرف الإسلام أو الدعوة بأنها الروح الحادي، والنور الهادي، والشفاء الكافي، والدواء الوافي لكل أمراض البشرية {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم . صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}، {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة}. وهذا تعريف للإسلام ببعض أوصافه.

ومعلوم أننا يمكننا أن نعبر عن الدعوة وعن الإسلام بتعبيرات ومعان أخرى كالدعوة إلى دين الفطرة، ودين التوحيد، ودين العدل، والدين الحق.. وهذا باب واسع .

والمقصد من تعدد تعريفات الدعوة أن يجد الداعي أمامه جملة من الطرق والوسائل التي يمكنه أن يختار منها ما يناسب حال المدعو.. فليس كل إنسان يدعى بنفس الطريقة التي يدعى بها غيره.. فالمثقف يختلف عن الجاهل، والملحد يختلف عن المشرك، والمنكر للبعث يختلف عن المتحير والمتشكك.. وهكذا .

وخلاصة الأمر هو ما قاله صاحب كتاب "الدعوة قواعد وأصول / "32: أن الدعوة هي "دعوة الناس إلى دين الإسلام بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني إسلام الوجه لله في صغير الأمر وكبيره، دعوة إلى الإسلام بشموله وعمومه، بدينه ودولته، بعقيدته وشريعته، بنظامه وأخلاقه بقيادته وريادته، بجهاده وعبادته، بدنياه وآخرته، بكل ما أنزل الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من فعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور.. مقتفين في ذلك أثره، ومتبعين خطاه، سائرين على نهجه، متبعين لا مبتدعين، مخبتين لله، متميزين برسالته، محققين لقوله تعالى: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم، وقل أمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله بينا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا جدة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير}(اهـ).
واضعين نصب أعيننا القاعدة الكبرى في الدعوة وهي قوله تعالى آمرا نبيه: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}.

د.عصام البشير يقلد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

محاضرة قصة سيدنا موسى عليه السلام الشيخ محمد بن على الشنقيطى

24‏/08‏/2014

كيف تخاطب الآخرين وتؤثِّر فيهم؟! *


الحمد لله, والصلاة والسلام على خير خلق الله, معلم الناس الخير نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد/
فقد أرسل الله نبيه شعيب عليه السلام داعيًا لقومه, مُخرجٌ إياهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والإيمان, مدعمًا إياه بحجة وبيان, فكان سلاحه هو الخطابة؛ لذلك سميّ شعيبٌ عليه السلام بخطيب الأنبياء, فالخطابة والحديث مع الآخرين من أهم الأساليب التي يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله تبارك وتعالى.. ولنا في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة في ذلك, فهو خير معلم وخير مربي عرفته البشرية جمعاء.
وللمهارة في الحديث والخطابة أساليب وطرق لابد من معرفتها حتى يتم المقصود, فقد يتم دعوتك في أي وقت من الأوقات إلى إلقاء خطبة في أي من الاجتماعات التي تشارك فيها أو المؤتمرات التي تحضرها، سواء كانت هذه الاجتماعات خاصة بأعمالك أو حياتك الاجتماعية أو المهنية أو الدعوية، وقد تكون في أحد الاحتفالات ويطلب منك توجيه كلمة إلى الحاضرين، وفي كثير من اجتماعات الأعمال قد يطلب منك طرح عرض تقديمي عن تطور العمل في أحد المشروعات التي تشارك فيها أو تشرف عليها.
ومن خلال هذه الدقائق القليلة سنحاول – بحول الله وقوته – الحديث عن أهم هذه الأساليب والمهارات التي تجعلك خطيبًا مفوهًا وناجحًا.. من خلال التجارب المشاهدة من الواقع, ومن نصائح ذوي الخبرة في هذا المجال المهم.

يقول " ويدنر " في كتابه كيفية مخاطبة الآخرين: (إن مهارات الاتصال تعد إحدى المهارات الأساسية التي يجب أن تتحلى بها القيادات، فإذا فشل المستمعون في فهم كلمتك، أو إذا انصرف عدد كبير منهم عن الإنصات لك نتيجة الإحساس بالملل مما تقوله، تكون قد افتقدت القدرة على التواصل مع الجمهور).

أخي الحبيب- إذا لم تجعل منك خطيبًا مفوهًا، فإنها ستعينك حتمًا على تجنب الكثير من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الكثيرون عند مخاطبة الآخرين, لاحظ أن هذه النصائح تعتمد بشكل رئيسي على محاولة التقليل من العادات التي تعوق قدرة الفرد على مخاطبة الآخرين بطريقة واضحة تؤثِّر فيهم..فإذن,,

عليك بالبساطة :
يعتقد الكثيرون أن نمط حديثهم لا بد أن يكون تفصيليًا ومعقدًا، إلا أن الواقع أظهر أن أفضل الخطباء عادة ما يتسم خطابهم بالبساطة، فالهدف الرئيسي من خطابك هو التواصل مع الآخرين، وعليه حاول أن تتجنب ما يمكن أن يشتت أذهان المستمعين عنك، وعند إعداد كلمتك اجعل الأفكار التي تريد توصيلها إلى الآخرين هي محور تفكيرك وقم ببناء كلمتك حول هذه الأفكار.

تحدث بشكل طبيعي :
أنت لست ممثلاً، بل متحدث، وعليه كن على طبيعتك ولا تحاول تقمص أي شخصية أخرى، وفي هذا الصدد يقول "ويدنر" إن هناك عدداً كبيراً من الخطباء الذين يحاولون محاكاة وتقليد نمط الكلام ولهجة خطباء آخرين يريدون أن يتشبهوا بهم، تحدث فقط بالطريقة التي تعودت أن تتحدث بها دومًا، فأنت لست مضطرًا لكي تكون خطيبًا مفوهًا أن تبني أنماط الآخرين في الحديث.

الاتصال بالعين :
خلال تلقيك دروسًا في القيادة، فإن مدرب القيادة يوجهك إلى ضرورة النظر في المرايا بشكل مستمر، ولذا فأنت طوال عملية القيادة تنظر في المرآة اليمنى فاليسرى، ثم المرآة التي في المنتصف، كذلك الأمر عند إلقاء كلمتك، لا تركز بصرك على مركز القاعة فحسب، بل اعمل على تقليب بصرك في شتى أرجاء القاعة التي تلقي فيها كلمتك محققًا التواصل مع المخاطبين في مختلف أنحاء القاعة، تماما مثلما تقلب عينيك بين شتى المرايا أثناء القيادة.

تحكم في يديك :
تعد اليدان إحدى الوسائل الرئيسية للتواصل مع الجمهور المخاطب بعد الوجه، ومن المفضل عند استهلال الخطبة إراحة اليدين على المنصة التي تلقي منها كلمتك، وإذا لم تكن هناك منصة يمكن طي اليدين أمامك أو خلفك، فمن بين الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثير من المتحدثين الإكثار من تحريك اليدين بسبب وبدون سبب مما يشتت ذهن المستمعين ويحول دون الإنصات بتركيز لما يقوله المتحدث، ومن المؤسف أن الإكثار من تحريك اليدين هو الأمر الذي سيبقى في أذهان المستمعين، بدلًا من الأفكار التي كنت ترغب في توصيلها إليهم.. وقد يكون ذلك نافعًا في بعض الأحيان, لتوصيل الفكرة أو إيضاح الصورة, كما كان يحكى عن أخد الخطباء على المنبر أنه حين أراد الحديث عن فرعون فتلا قول الله تعالى: " إن فرعون علا في الأرض.." الآية, فقام برفع إصبعه عند قوله " علا " ثم قام بخفضها إلى الأرض عند قوله " في الأرض " وكأن علوه في الأرض كان علوًا متدنيًا لم يتجاوز الثرى إلى الثريا, وهو العلو المحمود –أي العلو للثريا-.

كن متحمساً لما تطرحه :
لا يهم الموضوع الذي تطرحه في كلمتك بقدر ما تهم قدرتك على إقناع جمهور المستمعين بمدى إيمانك وتحمسك لهذا الموضوع، لا تحاول أن تتصنَّع، ولكن حاول أن تظهر بشكل تلقائي مدى حماسك وانتمائك للشركة أو المهنة، فالجمهور يعشق المتحدثين الذين يظهرون حماسًا شديدًا للموضوع الذي يتحدثون فيه، أظهر هذا الحماس في صوتك ونظراتك ولهجتك في التحدث إلى الجمهور بحيث تنقل هذا الحماس وهذه العاطفة إلى المستمعين أنفسهم.

كن متوازناً :
لا تحاول أن تضمن العرض التقديمي الكثير من النقاط التي ستتناولها في كلمتك، فقط ضمنه النقاط الأساسية واترك التفاصيل للورق المطبوع الذي يمكن للمستمعين قراءته في وقت لاحق، استخدم برنامج الباور بوينت – مثلاً- لعرض شريحة أو اثنتين تتضمنان النقاط الرئيسية، ولكن لا تسرف في ذلك، فيجب أن تظل عيون المستمعين وآذانهم معلقة بك أنت، لا بشاشة العرض، وبين الفينة والأخرى انقل تركيز المستمعين إلى الشاشة ثم إليك مرة أخرى، لا تجعل عرض أي شريحة يستغرق أكثر من خمس ثوان، وإلا تكون قد ضمنت هذه الشريحة أكثر مما ينبغي، وإذا ما كان هناك أمر يتسم بالتعقيد وترغب في توصيله إلى المستمعين يمكنك أن تقدم لهم فكرة عامة عن هذا الأمر وتترك التفاصيل للورق المطبوع الذي يتم توزيعه على المستمعين.

تول إدارة العلاقات قبل وبعد إلقاء كلمتك :
إن الناس عادة ما تنصت بشكل أفضل إلى المتحدثين الذين يعرفونهم من قبل، فهذه المعرفة توفر قدرًا من الثقة في شخص المتكلم وفيما سيطرحه من أفكار، ولذا قد يكون من المستحب أن تقوم بجولة في القاعة التي ستلقي فيها كلمتك قبل بدء الاجتماع محاولا تعريف المستمعين بك, أو إذا كانت محاضرة أو درس علم فيُنبه إليه قبل البدء بأيام حتى يستعد الحضور لقدوم هذا الضيف أو المربي.

استخدم القصص :
لا تعتمد في كلمتك على مجرد سرد الحقائق، بل اعمل على أن تضمِّن كلمتك قصصًا وخبرات من الحياة تعلق بأذهان المستمعين عند العودة إلى منازلهم، خذ الوقت الكافي الذي يمكنك من رسم صورة في أذهان المستمعين لما تطرحه من أفكار, وهذه من أنجح وأنفع الطرق والأساليب لإيصال المعنى للمستمعين من خلال ربطهم بقصة أو حدث من الواقع, والمُجرب والمُربي يعرف ذلك تمامًا, ويعلم جيدًا مدى تأثيره على من يقوم بدعوتهم.

اعرف جيداً ما تريد أن تطرحه :
لا يوجد أفضل من أن يكون الفرد مستعدًا بكافة المواد والمعلومات التي يحتاج إليها عند إلقاء كلمته، فإن مثل ذلك الأمر يجنبه ما قد يتعرض له من مواقف محرجة إذا ما اعتلى منصة الخطابة دون أن يكون مهيأ لشتى الاحتمالات، تفاعل مع المستمعين.. تعمد من وقت لآخر أثناء إلقاء كلمتك أن تطلب رأي المستمعين فيما تقول, وأن تمنحهم فرصة طرح أسئلة، فإن مثل ذلك الأمر يكسر الرتابة ويمنحك استراحة، كما يوفر في ذات الوقت أيضًا فرصة للمستمعين للتواصل معك, ومع بعضهم البعض.

تجنب الإحباط :
أنت لا تعرف السبب الحقيقي الذي يجعل أحد الحاضرين لا ينصت لما تقول أو لماذا يغادر آخر القاعة، وهناك العديد من الأسباب التي تحول بين هذا وبين الإنصات بشكل جيد لما تقول؛ كما قد تكون هناك أسباب أخرى لا تتصل بك من قريب أو بعيد هي التي دعت البعض إلى مغادرة القاعة، افترض أنها أسباب أخرى هي التي دعت إلى ذلك واستمر في إلقاء كلمتك.

لا تتجاوز الوقت المحدد لك :
وهذه أيضاً من الأمور المهمة جدًا, والتي ينبغي على المتحدث أو المحاضر أو الخطيب مراعاتها والانتباه إليها, فالتحدث لفترات طويلة وتجاوز الوقت المحدد لكلمتك هي أسرع طريقة تفقد بها المستمعين القدرة على التواصل معك, والتركيز فيما تقول، ونصيحتي من خلال التجربة هي محاولة أن تنهي كلمتك في الوقت المحدد لها، بل من الأفضل أن تتمكن من الانتهاء منها قبل الموعد المحدد، فذلك سوف ينال إعجاب المستمعين.
فمن خلال هذه النصائح – أخي الحبيب – إذا التزمت بها أو ببعضها فستجعلك حتمًا خطيبًا ناجحًا, ومربيًا حاذقًا, وداعية فعّال وناجح تستطيع أن تجذب أنظار الناس إليك بمنتهى السهولة واليسر, كما يؤهلك للسير في طريق دعوتك وعملك بنجاح وتقدم.
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح لأمة الإسلام, وجعلنا الله وإياكم من العالمِين العاملين لهذا الدين العظيم, ومن المتبعين لهديّ سيد المرسلين - وخير معلم للبشر أجمعين- بفهم سلف الأمة رضوان الله تعالى عليهم وعلى من سار على دربهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.. آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

هذا المقال للكاتب : محمد بن شعبان أبو قرن

---------------------------
* استفدنا في بحثنا هذا من توجيهات إخواننا الأفاضل في بداية طريق الدعوة إلى الله, من خلال الندوات والمحاضرات حول كيفية مخاطبة الآخرين والجماهير من خلال منابر الخطابة وحلقات ودروس العلم.. مع التصرف البسيط والإضافات من التجارب والخبرات المكتسبة من الآخرين.
المرجع / http://saaid.net/aldawah/346.htm

21‏/08‏/2014

التأهب للموت قبل نزوله .

والمبادرة بالعمل الصالح والسعي النافع قبل دهوم البلاء وحلوله، وهو - المقصود الأعظم - إذ هو الفيصل بين هذه الدار وبين دار القرار وهو الفصل بين ساعة العمل والجزاء عليه، والحد الفارق بين أوان تقديم الزاد والقدوم عليه، إذ ليس بعده لأحد من مستعتب ولا اعتذار، ولا زيادة في الحسنات ولا نقص من السيئات، ولا حيلة ولا افتداء ولا درهم ولا دينار ولا مقعد ولا منْزل إلا القبر وهو إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار إلى يوم البعث والجزاء وجمع الأوَّلين والآخرين وأهل السموات والأرضين والموقف الطويل بين يدي القويِّ المتين، يوم يقوم الناس لرب العالمين الحكيم العليم المقسط العدل الحكيم الذي لا يحيف ولا يجور ولا يظلم مثقال ذرة إن ربي على صراط مستقيم، ثم إما نعيم مقيم في جنات النعيم، وإما عذاب أليم في نار الجحيم، وإنَّ لكل ظاعن مقراً ولكل نبأ مستقراً وسوف تعلمون، قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99 – 100] الآيات، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ[الحشر:18] الآيات، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:9 – 11] وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ [الشورى:44] وهذا سؤالهم الرجعة عند الاحتضار، وكذلك يسألون الرجعة عند معاينة العذاب يوم القيامة كما قال تعالى: وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ [إبراهيم:44] الآيات. وكذلك يسألون الرجعة إذا وقفوا على النار ورأوا ما فيها من عظيم الأهوال وشديد الأنكال والمقامع والأغلال والسلاسل الطوال وما لا يصفه عقل ولا يعبر عنه مقال ولا يغني بالخبر عنه ضرب الأمثال كما قال تعالى: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الأنعام:27 – 28] الآيات، وكذلك يسألون الرجعة إذا وقفوا على ربهم وعرضوا عليه وهم ناكسو رؤوسهم بين يديه كما قال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ [السجدة:12] الآيات، وكذلك يسألون الرجعة وهم في غمرات الجحيم وعذابها الأليم كما قال تعالى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37] الآيات، وقال تعالى: قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ [غافر:11] وغيرها من الآيات. ويجمع كل ذلك قوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [الأعراف:53] وغيرها من الآيات. وقال قتادة في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ [المؤمنون:99], قال كان العلاء بن زياد يقول: لينَزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله فليعمل بطاعة ربه تعالى. وقال قتادة: والله ما تمنى إلاّ أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((إذا وضع – يعني الكافر – في قبره فيرى مقعده من النار قال فيقول: ربِّ ارجعون أتوبُ وأعملُ صالحاً، قال فيقال: قد عُمِّرت ما كنت معمراً. قال فيضيق عليه قبرُه ويلتئِمُ فهو كالمنهوشِ ينام أو يفزع تهوي إليه هوام الأرض وحيَّاتها وعقاربها))  . وروى الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أَنَّ الله هداني، فتكون عليه حسرة. قال: وكلُّ أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أَنَّ الله هداني قال فيكون لهم الشكر))  ... وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم ((بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها)) الحديث  .وفي (صحيح البخاري) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصِّحةُ والفراغ))  . وللحاكم عنه رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ وهو يعظه: ((اغتنم خَمْساً قبل خَمْس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)) 
 , يعني: أن هذه الخمس أيام الشباب والصحة والغنى والفراغ والحياة هي أيام العمل والتأهب والاستعداد والاستكثار من الزاد، فمن فاته العمل فيها لم يدركه عند مجيء أضدادها، ولا ينفعه التمني للأعمال، بعد التفريط منه والإهمال، في زمن الفرصة والإمهال، فإن بعد كل شباب هرماً، وبعد كل صحة سقماً، وبعد كل غنىً فقراً، وبعد كل فراغ شغلاً، وبعد كل حياة موتاً، فمن فرط في العمل أيام الشباب لم يدركه في أيام الهرم، ومن فرط فيه في أوقات الصحة لم يدركه في أوقات السقم، ومن فرط فيه في حالة الغنى فلم ينل القرب التي لم تنل إلاّ بالغنى لم يدركه في حالة الفقر، ومن فرط فيه في ساعة الفراغ لم يدركه عند مجيء الشواغل، ومن فرط في العمل في زمن الحياة لم يدركه بعد حيلولة الممات، فعند ذلك يتمنى الرجوع وقد فات، ويطلب الكرة وهيهات، وحيل بينه وبين ذلك وعظمت حسراته حين لا مدفع للحسرات. ولقد حثَّنا الله عز وجل أعظم الحث وحضنا أشد الحضَّ ودعانا إلى اغتنام الفرص في زمن المهلة وأخبرنا أن من فرط في ذلك تمناه وقد حيل بينه وبينه إذ يقول تعالى: في محكم كتابه داعياً عباده إلى بابه يا من يسمع صريح خطابه ويتأمل لطيف عتابهقُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الزمر:53 – 59], الآيات. وقال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ [الروم:43] الآيات. وقال تعالى: اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ [الشورى:47] الآيات. وغيرها. 

‫مناظرات مع الشيعي شوقي يناظره الشيخ العالم : خالد الوصالي