مدونة المعارف

16‏/05‏/2009

شرط الشروط

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام ، أيتها الأخوات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أسأل الله أن تكونوا أنتم ومن تحبون على أحسن حال ...
فإن شروط الفلاح في أعمال الآخرة والنجاح في أعمال الدنيا كثيرة ، لكن تلك الشروط جميعاً تظل مرتكزة على شرط واحد هو (المجاهدة ) مجاهدة النفس في ذات الله ـ تعالى ـ ومن الواضح أيها الإخوة والأخوات أن الإنسان من غير مجاهدة يكون أشبه بجندي من غير سلاح ، وذلك لأننا لو سمحنا لأنفسنا بمجاراة أهوائنا ورغباتنا ومصالحنا من غير قيود وحدود ، فإن العاقبة ستكون الهلاك والخسران في الدنيا والآخرة ، وقد أخبرناـ ربنا سبحانه ـ أن عاقبة المجاهدة هي الهداية والفوز حيث يقول : (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) . ويمكن أن نعدّ من أنواع المجاهدة الآتي:
1ـ مجاهدة من أجل فعل الصالحات ، فالتكاليف الشرعية شاقة على النفوس ، ومن الذي يقول إن الاستيقاظ إلى صلاة الفجر والذهاب إلى المسجد في ليلة باردة ، هو أمر سهل ؟ ومن ذا الذي يقول : إن إخراج زكاة المال حين تبلغ الملايين هو أمر هين على النفوس ؟
... إن العبادات بأنواعها المختلفة تنطوي على ابتلاء واختبار وبالمجاهدة وتصبير النفس على الاستمرار في العبادة نحرز النجاح بحول الله ـ تعالى ـ في ذلك الاختبار
2ـ مجاهدة للانتهاء عن المنكرات والفواحش ،وهذا النوع من المجاهدة مهم للغاية في زمان نتعرض فيه لاجتياح تيار شهواني رهيب : كل شيء من حولنا يغرينا بالفساد والوقوع في المحرمات ، وإن المطلوب قبل المجاهدة على هذا الصعيد هو تجنب المواقف والبيئات الفاسدة ، فالبعد عن قرناء السوء وأماكن اللهو والفجور ومواضع الشبه والمشتبهات هو خط الدفاع الأول ، وإذا اضطر الإنسان إلى الولوج في شيء من ذلك فليكثر من ذكر الله ، وليعتصم به ويسأله الحفظ ، ثم إن عليه بعد ذلك أن يغادر البيئة الموبوءة بأسرع وقت ممكن .
3 ـ جهاد لمخالفة العادات ، حيث إن منا من تعود عادات غير حميدة ، ويكون التقدم الشخصي مرهوناً بالخلاص منها ، وذلك مثل كثرة النوم وكثرة الأكل والتسويف في إنجاز الأعمال والفوضى والمخاطرة غير المحسوبة ...
4 ـ مجاهدة للحد من الرغبات ، إذ إن رغبات الإنسان ستظل جامحة وطامحة نحو المزيد من الاستحواذ ، وما أجمل قول أحدهم : إن ما في الأرض من رزق وخير كاف لسد حاجات كل الناس لكنه ليس كافياً لتلبية رغبات شخص واحد !.
إن لدى الإنسان رغبة جامحة للاستزادة من المال والجاه والاستزادة من كل المتع والشهوات ، وإن المطلوب منه دائماً أن يُثبت أنه قادر على جعل كل تطلعاته ورغباته خاضعة لآداب الشريعة ومؤطرة بمرادات الله ـ تعالى ـ من عباده .

ليست هناك تعليقات: