مدونة المعارف

27‏/02‏/2009

الصدمات العاطفية عند الشباب وكيفية التعامل معها؟ -----


* مقدمة:
يتعرض الشباب إلى صدمات عاطفية متنوعة بعد فشل في العلاقة مع الجنس الآخر أو تعثر هذه العلاقة .. وبعضهم يعاني من آثار الصدمة أسابيعاً أو شهوراً، وبعضهم تتطرف ردود فعله النفسية والسلوكية ويصاب باضطراب نفسي، وبعضهم الآخر يعتبر الصدمة تجربة مفيدة تعلمه دروس الحياة وتزيده خبرة ونضجاً وصلابة.
* أعراض الصدمة العاطفية:
تشمل الصدمة العاطفية أعراض وهي:1- القلق.2- التوتر.3- نقص التركيز.4- العزلة.5- تذكر المحبوب ومحاولة الاتصال به ورؤيته والحديث معه.6- تذكر الأحداث الماضية ومختلف أنواع الذكريات المرتبطة بالحبيب المفقود.7- يكون المزاج عادة متوتراً وحزيناً.8- تقل الشهية للطعام وتضعف الطاقة والهمة.9- بعضهم يهمل مظهره ويطيل ذقنه.10- بعضهم تتأثر دراسته أو عمله بشكل سلبي ويمكن له أن يرسب في دراسته وامتحاناته أو يتوقف عن الدراسة أو يستقيل من عمله.11- يمكن أن يصاب الشاب بنوبة اكتئابية شديدة أو يحاول الانتحار... وغير ذلك.
* الصدمة العاطفية الاعتيادية:
هي رد فعل مفهوم ومؤقت على فقدان الحبيب ولاتسمى مرضاً أو اضطراباً إذا لم تتجاوز الحدود الواقعية، وهي تستمر أسابيعاً أو أشهراً.
يمكن اعتبار الصدمات العاطفية أمراً طبيعياً لأن مرحلة الشباب نفسها تمتاز بحدة الانفعالات والاندفاعات العاطفية تجاه الجنس الآخر وهي تتميز أيضاً بتقلب العواطف وحب التجريب والاكتشاف، كما أن ضعف الخبرة في التعامل مع الجنس الآخر ومع الواقع العملي والظروف، يجعل من الطبيعي حدوث علاقات عاطفية غير متناسبة مماينتج عنها فراق وألم وصدمات.
وفي الحالات المرضية يمكن أن تكون ردود الفعل شديدة ومعطلة، أو أنها تستمر فترات طويلة ويرافقها تغيرات عاطفية وسلوكية تجاه الجنس الآخر كأن يبتعد الشاب عن الفتيات تماماً، أو على العكس من ذلك يمكن أن يصبح عدوانياً وانتقامياً من الجنس الآخر كأن تقوم الفتاة بإقامة علاقات متعددة تزعج فيها الشباب وتؤذيهم واحداً بعد الآخر، بعد أن تعرضت هي نفسها إلى صدمة عاطفية من شاب معين.
تختلف ردود الأفعال تجاه الصدمات العاطفية بين الشباب.. وفقاً لشخصية الشاب أو الفتاة وتجاربه السابقة وثقته بنفسه وكلما كان الشاب أو (الشابة) أكثر ثقة بنفسه كلما ازدادت قدرته على تجاوز الصعاب.وترتبط ردود الفعل أيضاً بظروف العلاقة نفسها وطريقة انتهائها. والقاعدة العامة أن النهاية المفاجئة غير المتوقعة تحدث أثراً سلبياً أكبر وأقوى من النهاية المتوقعة أو المفهومة.ويحتاج الإنسان إلى تعقيل الصدمة وفهمها وشرح أسبابها وظروفها.. والغموض وعدم الوضوح في أسباب انتهاء العلاقة يخلق قلقاً شديداً غير مفهوم ولايسهل تعقيله وهضمه وبالتالي التكيف معه وتجاوزه.
في حال الصدمة العاطفية يلجأ كثيرون إلى أساليب وممارسات روحية ودينية للتخفيف من وطأة الأزمة التي يعيشونها، وهي تفيد في مثل هذه الحالات، وبعضهم ينكب على أعماله أو هواياته ويشغل نفسه بشكل مبالغ فيه كتعويض عن الفقدان الذي تعرض له وكأنه يهرب من تجربة الفقدان ولايعترف بها، وبعضهم يحاول أن ينسى الحبيب من خلال الابتعاد المكاني كأن ينتقل من مكان إقامته أو عمله أو كليته كي لايرى المحبوب أو يسمع عنه.. وهو يحاول مقاومة نفسه ومشاعر الضعف والألم والفقدان بالهروب منها.. وقد يفيد ذلك مؤقتاً ولكنه أسلوب طفولي أو غير ناضج للتعامل مع الصدمة مباشرة، كما أنه يمكن أن يترك آثاراً سلبية عديدة على المدى البعيد . وبعضهم يقفز إلى مغامرة عاطفية أخرى بشكل سريع وفقاً لمبدأ " داوها بالتي كانت الداء " ولايفيد ذلك غالباً ولابد أن يبرأ الشاب من أزمته وصدمته قبل أن يقوم بعلاقة أخرى ناجحة .
ومن النواحي النفسية يمكننا أن نقول أنه من المفيد التحدث عن الأزمة العاطفية والتعبير عن الألم والأسى والفقدان والإقرار بهذه العواطف والانفعالات بهدف تجاوزها، ومن المفيد أيضاً هضم التجربة من النواحي المنطقية العقلانية وإيجاد التفسيرات المناسبة والأسباب التي أدت إلى انتهاء العلاقة.. ويمكن أن يكون ذلك بشكل ذاتي يقوم به الشاب مع نفسه، أو من خلال الحوار مع أصدقائه ومعارفه أو مع المعالج النفسي.
ويفيد الابتعاد المؤقت عن الحدث مثل إجازة قصيرة أو رحلة للابتعاد عن الجو المؤلم مما يعطي فرصة لتقويم الحالة برؤية مختلفة إيجابية بدلأ عن الانغماس في مشاعر الألم والإحباط والشوق.
بعض الحالات تحتاج للمزيد من العلاج الاختصاصي النفسي أو الدوائي إذا كانت أعراض الصدمة شديدة أو طالت مدتها وتعطيلها.
ومن ناحية الوقاية.. لابد من القول أن الوضوح مطلوب دائماً في التعامل مع الذات ومع الآخر، ولابد للشاب أن يراجع نفسه وعلاقاته وسلوكه وأولوياته.. ويمكن الاستفادة من قصص الحياة ومن الأصدقاء والأهل، ومن الثقافة والكتب، ومن وسائل الإعلام المختلفة فيما يتعلق بالقضايا العاطفية ومشكلاتها.
* مواجهة المشكلة:
لابد من مواجهة المشكلات مع الطرف الآخر منذ بدايتها بدلاً عن تركها تستفحل وتكبر وتؤدي إلى الانفصال.. ولابد من وضع النقاط على الحروف في حال استحالة استمرار العلاقة والتفاهم والحوار العاقل على أسباب الفراق، حفاظاً على الود والصداقة حتى وإن انتهى الحب وانتهت العلاقة.. مما يؤدي إلى تعقيل الفراق وهضمه ويخفف من آثار الصدمة العاطفية.
ولابد من ثقافة الحب الواقعية التي تؤكد على تنمية المهارات الشخصية والتفاهم والحوار والامتداد للآخر والنضج والمسؤولية العاطفية والعملية. وكثير من المستهترين من الجنسين يشكلون مصدراً مولداً للأزمات العاطفية للآخرين.
كلمة أخيرة.. لابدمن القول أن "الأزمة فرصة" وفقاً للمثل الصيني، ويمكن أن تتحول المحنة العاطفية إلى فرصة للنمو واختبار للحياة وللذات، مهما كانت الآلام المرافقة لمعاناة الصدمة العاطفية ويمكن أن تشكل دروساً للشاب وللشابة وتجعلهما أكثر صلابة وأكثر نضجاً من النواحي العاطفية والحياتية.

20‏/02‏/2009

كريم ابن كريم

بسم الله الرحمن الرحيم اخواني الكم قصة نبي الله يوسف عليه السلاميوسف عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم". وقد ذكره الله في عداد مجموعة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} [غافر: 34]. حياة يوسف عليه السلام في فقرات: (أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي: -1 هو يوسف بن يعقوب من زوجته راحيل، ولد في "فدان آرام" بالعراق حينما كان أبوه عند خاله (لابان)، ولما عاد أبوه إلى الشام - مهجر الأسرة الإِبراهيمية - كان معه حدثاً صغيراً. قالوا: وكان عمر يعقوب لما ولد له يوسف (91) سنة، وإن مولد يوسف كان لمضي (251) سنة من مولد إبراهيم. -2 توفيت أمه وهو صغير، فكفلته عمته وتعلقت نفسها به، فلما اشتد قليلاً أراد أبوه أن يأخذه منها، فضنَّت به وألبسته منطقة لإِبراهيم كانت عندها وجعلتها تحت ثيابه، ثم أظهرت أنها سُرقت منها، وبحثت عنها حتى أخرجتها من تحت ثياب يوسف، وطلبت بقاءه عندها يخدمها مدةً جزاءً له بما صنع، وبهذه الحيلة استبْقَتْه عندها، وكف أبوه عن مطالبتها به. -3 كان يوسف أثيراً عند أبيه من بين إخوته، وقد رأى يوسف -وهو غلام صغير- رؤيا قصها على أبيه، فقال له أبوه: {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [يوسف: 5]، وذلك خشية عليه من حسدهم. وخلاصة الرؤيا: أنه رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له، فعرف يعقوب أنها تتضمن مجداً ليوسف يجعل إخوته وأبويه يخضعون لسلطانه. -4 حسده إخوته على ولوع أبيهم به وإيثاره عليهم، فدبروا له مكيدة إلقائه في الجب، فمرت قافلة فأرسلت واردها إلى البئر فأدلى دلوه، فتعلق يوسف به، فأخذوه عبداً رقيقاً وانتهى أمره إلى مصر فاشتراه رئيس الشرطة فيها، واحتل عنده مكاناً حسناً اكتسبه بحسن خلقه وصدقه، وأمانته وعبقريته. قالوا: ودخول يوسف إلى مصر يمكن تحديده قريباً من سنة (1600) ق.م في عهد الملك أبابي. -5 عشقته زوجة سيده وشغفت به، فراودته عن نفسه فاستعصم، فدبرت له مكيدة سجنه إذا لم يُلَبّ رغبتها منه، فقال: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33]. -6 أعطاه الله علم تعبير الرؤى، وكشف بعض المغيبات، فاستخدم ذلك في دعوة السجناء معه إلى توحيد الله، وإلى دينه الحق. -7 كان معه في السجن فتيان: رئيسُ سُقاةِ الملك، ورئيس الخبازين، فرأى كل منهما في منامه رؤيا وعرضها على يوسف. أما رئيس سقاة الملك: فقد رأى أنه يعصر خمراً، فقال يوسف: ستخرج من السجن وتعود إلى عملك فتسقي الملك خمراً. وأما رئيس الخبازين: فقد رأى أنه يحمل فوق رأسه طبقاً من الخبز، والطير تأكل من ذلك الخبر، فأخبره يوسف: أنه سيصلب وتأكل الطير من رأسه. وأوصى يوسف رئيس السقاة أن يذكره عند الملك. وقد تحقق ما عبر به يوسف لكل من الرجلين، إلا أن ساقي الملك نسي وصية يوسف. -8 لبث يوسف في السجن بضع سنين، حتى رأى الملك رؤيا البقرات السمان والبقرات العجاف، والسنابل الخضر والأخر اليابسات، فعرض رؤياه على السحرة والكهنة فلم يجد عندهم جواباً، عند ذلك تذكر ساقي الملك ما أوصاه به يوسف في السجن فأخبر الملك بأمره، فأرسله إلى يوسف يستفتيه في الرؤيا، فكان جواب يوسف بأن البلاد سيأتيها سبع سنوات مخصبات ثم يأتي بعدها سبع سنوات قحط وجدب. ثم يأتي بعد ذلك عام يغاث فيه الناس وتعم فيه البركة. -9 أُعجب الملك بما عبر به يوسف، فدعاه للخروج من السجن، ولكن يوسف أراد أن يعاد التحقيق في تهمته قبل خروجه، حتى إذا خرج خرج ببراءة تامة، فأعاد الملك التحقيق، فاعترفت المرأة بأنها هي التي راودته عن نفسه. عند ذلك خرج يوسف من السجن، وقربه الملك واستخلصه لنفسه، وجعله على خزائن الأرض، ويشبه هذا المنصب منصب (وزارة التموين والتجارة)، وسماه الملك اسماً يألفونه في مصر بحسب لغتهم (صفنات فعنيح)، وجعله بمثابة الملك مسلّطاً على كلّ مصر، باستثناء الكرسيّ الأول الذي هو للملك. -10 نظم يوسف أمر البلاد، وأدار دفة المنصب الذي وُكل إليه إدارة رائعة، وادَّخر في سنوات الخصب الحب في سنابله، لمواجهة الشدة في سنوات القحط، وجاءت سنوات القحط التي عمت مصر وبلاد الشام، فقام بتوزيع القوت ضمن تنظيم حكيم عادل. -11 علمت أسرته في أرض الكنعانيين بأمر في مصر، فوفد إخوته إلاّ شقيقه بنيامين إلى مصر طالبين الميرة، لأن أباه -سيدنا يعقوب- صار حريصاً عليه بعد أن فقد ولده يوسف، فلما رآهم يوسف عليه السلام عرفهم، وأخذ يحقق معهم عن أسرتهم وعن أبيهم، واستجرَّ منهم الحديث فأخبروه عن بنيامين، فأعطاهم ميرتهم ورد لهم فضتهم في أوعيتهم، وكلفهم أن يأتوا بأخيهم بنيامين في المرة الأخرى، وإلا فليس لهم عنده ميرة، فوعدوه بذلك. -12 ذكروا لأبيهم ما جرى لهم في مصر، والشرط الذي شرطه عليهم العزيز، وبعد إلحاح شديد ومواثيق أعطوها من الله على أنفسهم، أذن لهم يعقوب عليه السلام بأن يأخذوا معهم أخاهم بنيامين. -13 ولما وفدوا على يوسف عليه السلام دبَّر لهم أمراً يستبقي فيه أخاه بنيامين عنده، فكلف غلمانه أن يدسوا الإِناء الفضيّ الذي يشرب به في رحل أخيه بنيامين. ولما حملوا ميرتهم عائدين إلى بلادهم أرسل الجنود للبحث عن سقاية الملك، فوجدوها في رحل بنيامين فأخذوه، وكان أمراً شديد الوقع على قلوبهم، وعادوا إلى يوسف يرجونه ويتوسلون إليه أن يخلي سبيل أخيهم، وعرضوا عليه أن يأخذ واحدا منهم مكانه، إلا أنه رفض. فرجعوا إلى أبيهم إلا كبيرهم رأوبين، وأخبروه الخبر فظن بهم سوءاً، وحزن حزناً أفقده بصره. ثم أمرهم بالعودة إلى مصر والتحسس عن يوسف وأخيه، فعادوا إلى مصر وألحّوا بالرجاء أن يمنَّ العزيز عليهم بالإِفراج عن أخيهم، وخلال محادثتهم معه بدرت منها بادرة أسرها يوسف في نفسه، إذ قالوا: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}، يشيرون إلى الحادثة التي اصطنعتها عمته حينما كان صغيراً لتستبقيه عندها. -14 وبأسلوب بارع عرّفهم يوسف بنفسه، فقالوا: {أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ؟!} قال: {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا!} [يوسف: 90] قالوا: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا!} [يوسف: 91] والتمسوا منه العفو والصفح عما كان منهم، فقال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: 92]. وطلب منهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين، وبذلك انتقل بنو إسرائيل إلى مصر، وأقاموا فيها وتوالدوا حتى زمن خروجهم مع موسى عليه السلام. -15 قالوا: ولما اجتمع يوسف بأبيه - بعد الفراق - كان عمر يعقوب (130) سنة، فيكون عمر يوسف يومئذ (39) سنة، ثم توفي يعقوب بعدها بـ (17)سنة. وعاش يوسف عليه السلام من السنين (110)، ومات في مصر وهو في الحكم ودفن فيها، ثم نقل رفاته إلى الشام أيام موسى عليهما السلام، ودفن بنابلس على الأرجح. قالوا: وكانت وفاة يوسف عليه السلام قبل مولد موسى عليه السلام بأربع وستين سنة، وبعد مولد إبراهيم بـ (361) سنة. ولكن مثل هذه المدة لا تكفي مطلقاً لأن يتكاثر فيها بنوا إسرائيل إلى المقدار الذي ذكر مؤرخوهم أنهم قد وصلوا إليه أيّام موسى عليه السلام. (ب) وقد فصَّل القرآن الكريم قصة يوسف عليه السلام في سورة كاملة مسماة باسمه، وقد أبرزت من حياته مثالاً فريداً من روائع القصص الإِنسانية الهادية المرشدة، مرت في حياة رسول مصلح.

15‏/02‏/2009

صفـــات الداعيـــة

هناك الكثير من الصفات التي تؤهل الداعية لمباشرة الدعوة إلى الله تعالى، ولا بد من توافر تلك الصفات في الداعية؛ لأن الدعوة إلى الله ليست عملاً عادياً باستطاعة؛ كل إنسان مباشرته بل تحتاج إلى صفات معينة.

إن مسألة إعداد الدعاة غاية في الأهمية؛ لما يترتب على عملية الإعداد من أمور هامة تؤثر تأثيراً مباشراً وفاعلاً على الدعوة إلى الله تعالى ولذا كانت عناية الرسول صلى الله علية وسلم موجهة إلى عملية إعداد الدعاة وتأهيلهم وتربيتهم وتأديبهم وتعليمهم، ويسبق ذلك عملية الاختيار ومن ثم فقد آتت مسألة الإعداد ثمارها التي تمثلت في نشر الدعوة في أرجاء المعمورة.

"إن أهلية الدعاة إلى الله قضية كبرى تشغل بال كل من يتصدى للعمل الإسلامي في كل عصر من العصور، إنها شغلت رسول الله صلى الله علية وسلم نفسه فكان يختار من يكلفهم بالدعوة ويوصيهم وينصحهم ويعلمهم، ثم يبعثهم إلى حيث ينوبون عنه في التبليغ والدعوة إلى الله.

وكانت الأهلية شغلاً شاغلاً للصحابة فكانوا ينتقون من يكلفونهم بهذا العمل الجليل، ثم يتبعون هذا الاصطفاء بالنصائح والوصايا، ثم استمرت هذه الأهلية للدعاة إلى الله شغل العلماء وأهل الغيرة على الإسلام حتى يومنا هذا، ما يمل الحديث عنها، ولا يقلل من شأن الاهتمام بها، ولا تتجاهل بحال من الأحوال.

وهذا هو الإمام ابن قيم الجوزية، يتحدث عن هــذه الأهلية في عصره، وقد توفي عام 751هـ فيقول تحت عنوان صفات المبلغين عن الرسول صلى الله علية وسلم":-

ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد على العلم بما يبلغ والصدق فيه، لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا، إلا لمن اتصف بالعلم والصدق، فيكون عالماً بما يبلغ صادقاً فيه، إن الإمام ابن القيم - رحمه الله - قد أجمل أهلية الداعي إلى الله الذي يفتى الناس في أمر دينهم وما يجب أن يتحلى به من صفات في هذه الكلمات الوجيزة:

أن يكون:

1- عالماً بما يبلغ.

2- صادقاً فيه"(1).

3- "حسن الطريقة في التبليغ.

4- حسن السمعة والسيرة بين الناس.

5- الوضوح في أقواله وأفعاله.

6- الوضوح وتشابه السر والعلانية، في ظاهره وباطنه وجميع أحواله، أي البعد الشديد عن النفاق والرياء.

7- أن يستكمل أسباب الأهلية لهذا العمل.

8- أن يكون مقدراً لجلالة هذا العمل الذي يقوم به.

9- أن يصدع بالحق ولا يكون في صدره حرج منه.

10- أن يكون واثقاً في نصر الله له"( 2).

لقد أصَّل ابن القيم -رحمه الله- الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الداعية حتى يكون مؤهلاً للقيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى، إلا أنه يمكن تقسيم الصفات التي تؤهل الداعية إلى قسمين صفات فطرية وصفات مكتسبة:-

ومن المناسب في هذا الصدد أن نتحدث بإيجاز عن الصفات الفطرية:-

أما عن الفطرة: "فهي ما أبدع الله وركزَّ في الناس من قوة على معرفة الإيمان، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (3).

والفطرة: هي الجبلة القابلة لدين الحق، ومنها قول الرسول صلى الله علية وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء) (4).

ومن الصفات الفطرية: الإيمان – الإخلاص- الصلاح- الذكاء" (5).

1- الإيـمان:

ما أحوج كل إنسان إلى الإيمان بالله تعالى – وخاصة الداعية إلى الله تعالى -لأن الإيمان هو السلاح الأساس الذي يحتاجه الداعية ولا يمكن أن يستغني عنه لحظة، لأنه يدعو غيره إلى الإيمان بالله، فلا بد أن يكون الداعي موقناً بالله، معتمداً عليه، متفانياً في دعوته، وإن جذوة الإيمان هي التي تدفعه إلى ذلك والإيمان منحة من الله، وهبة يهبها لمن يشاء، قال تعالى :{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(6 ).

فالإيمان هداية من الله وليس كسباً من أحد.

وقوة الإيمان تعني أن يكون الداعية إلى الله، قد استكمل صفات المؤمنين أقوياء الإيمان والإيمان يقوى ويضعف.

قال تعالى :{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}(7 ).

إن الداعية إلى الله لا بد أن يكون مفطوراً على الإيمان وأن يحاول - ما وسعه - أن يقوِّي هذا الإيمان ويزيده بالطاعات، حتى يكون أهلاً لحمل أعباء الدعوة إلى الله" (8 ) .

"فلا بد وأن يكون الداعية مؤمنًا بالله إيماناً عميقاً، يؤثر في نفسه ويهز وجدانه ويدفعه إلى العمل والعطاء لهذا الدين.

ولو لم يكن الداعية إلى الله صورة لما يدعو إليه لما تحققت له استجابة من أحد، فإن المؤمن كلما قوى إيمانه بمبادئه وعايشها حياة علمية، ازداد نشاطه وقويت دعوته وكان لها أثر كبير في النفوس.

ولقد كان إيمان جل الصحابة إيماناً عميقاً، فقد دخلوا في الإسلام عن اقتناع وقبول، وحينما تجاوزوا هذه المرحلة ودخل الإيمان في نفوسهم، وخامر شغاف قلوبهم وغيَّر من نفوسهم وحياتهم تغييراً جذرياً، كما حصل ذلك مع عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب وسعد ابن أبي وقاص والطفيل بن عمرو الدوسي ومصعب بن عمير وسلمان الفارسي وبلال ابن رباح وصهيب الرومي وغيرهم من الصحابة " (9 ).

ويحتاج الداعية - بجانب الإيمان - إلى فعل الطاعات واجتناب المعاصي، مما ينهض بهمته في طريق الدعوة، وإنما يكون ذلك بمداومة ذكر الله تعالى والقيام بكافة وظائف الطاعة بقول الإمام ابن القيم رحمه الله:"في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه فاقه لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها، لم تسد تلك الفاقة أبدا" ( 10).

2- الإخلاص:-

"إن الإخلاص شأنه عظيم يستودعه الله قلب عبده المؤمن، وضده النفاق والرياء، قال تعالى:{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (11 ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم :(قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملاً، أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) (12) .

إن الداعية إلى الله، يتعرض في عمله لكثير من المواقف، التي لو لم يخلص فيها لله لحبط عمله.

ففي الداعية صفات، قد تجره إلى الإعجاب بنفسه، أو الرغبة في أن يعجب الناس به وهذا وذاك طارد للإخلاص، مُوقعٌ في الرياء، فليكن من ذلك حذر، إن الداعي إلى الله ما يبغي من وراء دعوته أجراً من أحد؛ أسوة برسول الله صلى الله علية وسلم ( 13) قال تعالى:{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (14) .

وقوله تعالى:{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} (15).

3- التـقـوى :

والداعية ما لم يكن على درجة من التقوى فلن يستطيع القيام بأعباء الدعوة إلى الله تعالى، لأنه يفقد أهلية القيام بهذا العمل الجليل، لأنه بصلاحه وتقواه يورث هذه الصفات، وتلك الأخلاق إلى من يدعوهم من الناس إلى الله تعالى " (16) .

وهناك صفات كثيرة ينبغي توافرها في الداعية مثل: الذكاء الذي يساعد الداعية على التعامل مع المواقف ومعالجة القضايا المختلفة وغير ذلك من الصفات التي لا يتسع المقام لذكرها الآن، وإذا كانت الصفات المذكورة آنفًا من الصفات الفطرية، فإن هناك صفات مكتسبة يكتسبها الداعية من الممارسات العملية والاحتكاك في المجتمع، هذا فضلاً عن تعلمه إياها. إن الصفات المكتسبة، لازمة للداعية إلى الله، بحيث لا يستطيع أن يمارس عمله في الدعوة إذا فقدها، فهي أساسية في تكوين الدعاة.

ومن أبرز وأهم تلك الصفات ما يلي:-

1- العلم.

2- الفقه في الدين وفي واقع الأمة.

3- النشاط والحركة الدائبة.

4- القوة.

5- الصبر.

6- الثبات والمرونة.

" إن الدعاة إلى الله بحاجة إلى صنوف العلم النقلية الشرعية كلها، فذلك من صميم اختصاصهم مثل: القرآن الكريم والتفسير وعلم القراءات والسنة وعلوم الحديث، وعلم أصول الفقه، وعلم الكلام والعلوم اللسانية كلها، ثم هم بحاجة إلى أن يعرفوا من العلوم الطبيعية ما يجعلهم قادرين على مواكبة ركب العلوم التقنية وما لم يحصل الداعية قدراً من هذا العلم الطبيعي فسوف يجد نفسه منعزلاً عن الناس وعاجزاً عن أن يصل إلى مواطن اهتمامهم ويخطو نحو محظور يفد إلينا من خارج بيئتنا الإسلامية.
إن الداعية إلى الله لكي يقوم بمهام الدعوة خير قيام، فإن عليه أن يحصل من علوم الدين وعلوم القرآن وما تتطلبه أعمال الدعوة إلى الله.
إن الداعية لا بد أن يكون موصوفاً بالفقه، ولا يوصف بذلك عن جدارة إلا إذا عرف الفقه وتاريخه ورجاله ومارسه وتدرب عليه.
ويستطيع الداعية أن يكتسب صفة الفقه بكل معنى من معانيه، إذا درس كتب الفقه وعاين اجتهادات الفقهاء، ومما هو لازم للداعية إلى الله مع الفقه، أن يكون عارفاً ودارساً لعلم أصول الفقه فهو من أعظم علوم الشريعة وأجلها وأنفعها )) (17) .
ولا شك أن الداعية بحاجة إلى أن تتوافر فيه صفة النشاط والحركة لا سيما في النواحي العلمية والثقافية والاجتماعية التي تتيح له الاحتكاك بالأصناف المختلفة من المجتمع وكل ما يخدم الدعوة إلى الله تعالى، كما أن الدعوة بحاجة إلى دعاة تتوفر فيهم صفة القوة، ولا أعني بالقوة هنا القوة الجسمية وإنما القوة المعنوية في الحق والثبات عليه، وبذل النفس والنفيس في الدفاع عن الحق؛ لأن الدعوة لا تنتفع بالدعاة الضعفاء الذين تخور عزائمهم عند مواجهة قوى الباطل، ولنا في رسول الله صلى الله علية وسلم أسوة حسنة، حيث واجه النبي صلى الله علية وسلم ، قوى الشرك ولم يرهبها رغم الأذى الذي لحقه وأصحابه.

كما أن الثبات على الحق وعلى المبادئ الصحيحة من صفات الداعي، التي يتعلمها من سيرة النبي صلى الله علية وسلم وأصحابه، وإن الداعية بحاجة إلى المرونة التي تكون في إطار الثوابت ولا تخرج عنها، فالدعوة تعالج أوضاع الناس في كل زمان ومكان، والصبر من صفات الدعاة إلى الله تعالى، وقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله علية وسلم أن يصبر كما صبر الأنبياء والرسل من قبله، قال تعالى : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} (18) فكل داعية بحاجة إلى الصبر، نظراً للعقبات والمشكلات التي تعترض مسيرة الدعوة. ومن المناسب في هذا الصدد أن أشير إلى أنني لست بصدد الحديث عن صفات الداعية ولكنني تحدثت بإيجاز شديد عن بعض تلك الصفات لأؤكد من خلال ذلك على أهمية اتصاف الداعية بالصفات التي تؤهله لممارسة الدعوة إلى الله تعالى، وسبق أن أشرت إلى أن هناك صفات فطرية، لا دخل للإنسان فيها، بل إنها تحتاج إلى تنمية ومحافظة عليها من أي أمر يمكن أن يشوبها من خلال البيئة التي يعشيها الإنسان فكما أن الإنسان يولد على الفطرة فإن البيئة قد تؤثر عليه قال صلى الله علية وسلم (ما من مولود إلا يولد علـى الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) ( 19) .

وهناك صفات مكتسبة عن طريق الدراسة والتعلم والاحتكاك والمعايشة.

الحاصل من ذلك أن عملية إعداد الدعاة وتكوينهم ليست عملية عشوائية أو ارتجالية بل تحتاج إلى تخطيط وإلى دراسة متأنية ومتخصصة، ومن ثم كانت هناك جامعات ومدارس ومعاهد وجمعيات ومؤسسات، تقوم على تأهيل الدعاة من ذاك الطراز الذي تحتاجه المجتمعات الإنسانية، لا سيما في العصر الحاضر الذي يتطلب فقه الداعية في أمور الحياة، ولذلك نجد أن هناك ميزانيات ضخمة ترصد للتعليم في الغرب، وهناك خطط ومناهج علمية دقيقة، لإعداد الدارسين، خاصة في مجال التنصير وما تبذل كليات وجامعات اللاهوت في الغرب والتي يتم من خلالها إعداد المنصرين والصفات التي ينبغي أن يكون عليها العاملون في هذا المجال التنصيري.

فإذا كان أرباب الباطل يقومون بإعداد دعاتهم، فمن باب أولى أصحاب دعوة الحق يستلزم أن ينهضوا للقيام برسالتهم وتهيئة القائمين عليها وإعدادهم.

وقد ذكرت سلفاً أن النبي صلى الله علية وسلم اهتم اهتماماً بالغاً بإعداد الدعاة من أصحابه فأعدهم خير إعداد في الفترة المكية والمدنية، فتوافرت فيهم خصائص الدعاة وبرزوا في هذا المجال وفي غيره من المجالات.

ولذا كانت عملية إعداد الدعاة، بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي الكبير وإن الوقف لـه الأثر الكبير والفاعل في عملية إعداد الدعاة، من خلال تبني الإنفاق على المشاريع التعليمية التي يتأهل الدعاة من خلالها.

"إن تكوين جمعيات ومؤسسات إسلامية خيرية، من بعض المسلمين الراغبين في عمل الخير، ومن القادرين على دعم هذه الجمعيات مادياً وأدبياً، وربما علمياً أمر ضروري، حيث يُعهد لهذه الجمعيات، بتولي إعداد الدعاة، بأن تنشئ هذه الجمعيات معاهد خاصة لإعداد الدعاة مع مدّ هذه المعاهد، بكل أسباب النجاح مادياً وعلمياً وأدبياً، إن بعض أسلافنا رحمهم الله، وقفوا الأوقاف، وأجروا الجرايات على طلاب العلم حسبة لله تعالى، وابتغاء مرضاته"( 20).

خلاصة هذا المبحث:

لا يستطيع الناس التعرف على خالقهم والغاية التي لأجلها خلقوا، إلا من خلال معرفة شرع الله تعالى، ومن رحمه الله سبحانه وتعالى بعباده أن أرسل رسله إلى خلقه مبشرين ومنذرين، وأرسل نبيه محمداً صلى الله علية وسلم رحمة للعالمين، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لقد كلفت هذه الأمة بالدعوة إلى سبيل الله ولا بد إن تكون الدعوة على بصيرة وهدى قال تعالى : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(21) .

وإن ذلك يستلزم أن يكون الدعاة مؤهلين، لينهضوا بتبعات الدعوة، والمجتمعات اليوم في أمس الحاجة إلى نوع من الدعاة المستوعبين لرسالتهم، المدركين لحجم التحديات التي تحيط بالإسلام.
وقد ركَّزت في هذا المطلب على حاجة الناس إلى الدعوة الإسلامية وعلى أهمية تأهيل الدعاة ليتسنى لهم القيام بواجبهم حيال دينهم، وعلى أهمية توافر الصفات المطلوبة في الداعية وتحدثت عن كيفية تأهيل النبي صلى الله علية وسلم للدعاة، وإعدادهم الإعداد الذي يتناسب مع حجم ما يناط بهم من مسؤوليات عظيمة، وكيف كان هذا الجيل العظيم من الصحابة ، قدوة للدعاة من بعدهم وإن أي عملية تأسيس وإعداد للدعاة في عصرنا الحاضر، لن يكتب لها النجاح إلا إذا جعلت التأهيل النبوي للدعاة هو الأساس الذي ينبغي أن يتبع أنه لا بد من استدعاء الخصائص والصفات والمعاني، التي جعلت من الصحابة وقرنهم خير القرون.
لقد اختلطت وتضاربت المناهج الوضعية التي يدعي واضعوها أنها أفضل المناهج التربوية في التأهيل والإعداد.
لكن ما أنجح منهج النبي صلى الله علية وسلم ، في تأهيل الدعاة وتمحيصهم وتأصيل روح الاستعلاء بالعقيدة في نفوسهم مما جعلهم يحتقرون ما عظَّم الناس من زخارف الحياة في سبيل نشر دينهم، إنهم لم يهنوا ولم يحزنوا وما أحوج الدعاة والمدعوين في عصرنا هذا إلى روح الاستعلاء بالعقيدة والثقة في الإسلام بعد أن تتابعت الهجمات الشرسة على الدعاة وعلى الإسلام والتشكيك في صلاحية وملاءمته الإسلام لمواكبة تطورات وتغيرات العصر.
إن الدعوة بحاجة إلى دعاة مؤهلين تتوافر فيهم صفات تمكنهم من التعامل مع تحديات هذا العصر ولا شك أن ذلك يحتاج إلى دعم متواصل وكبير لتأهيل الدعاة والارتقاء بمستواهم، وإن نظام الوقف لجدير بتلبية تلك المتطلبات الهامة والملحة، فلتتضافر جهود المحسنين في هذا المجال.
بقلم د. خالد المهيدب
_______________________________________

13‏/02‏/2009

عـــيــــد الـحــــب

عيد الحب" ، هكذا يسميه بعض المسلمين والكفار، وأما اسمه الأصلي فهو يوم أو عيد القديس "فالنتاين" (VALENTINE''S DAY) وقد حدده النصارى في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من العام الإفرنجي، لعقيدة محددة عندهم ليس هذا محل سردها.
وما كان لنا أن نقف أو نلتفت لهذا العيد فهو من جملة عشرات الأعياد عندهم، ولكن لوجود من تأثر به من المسلمين والمسلمات؛ فقد وجب أن يعرف إخواننا وأخواتنا ممن يحاول المشاركة فيه بقيامهم ببعض الطقوس الخاصة به، وهم لا يدرون أن هذا العيد وهو ما يسمى (عيد الحب) عيد ديني لها ارتباط وثيق بعقيدة النصارى، وهم ـ اعني النصارى ـ متخبطون في نسبته هل هو من ارثهم، أو من ارث الرومان الذين كان لهم من الآلهة ما يشتهون، فجعلوا للحب إلهاً على طريقتهم في الاعتداد بآلهة أخرى، كما لهم من الآلهة المزعومة للنور وللظلماء وللنبات وللأمطار وللبحار وللأنهار وهكذا... نسأل الله أن يحصن المسلمين والمسلمين وأن يرزقهم اتباع الهدي القرآني والنبراس النبوي هو ولي ذلك والقادر عليه ...

09‏/02‏/2009

الترغيب في الإصلاح بين الناس


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسعي للإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال وأجلها، لقول الله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {النساء:114}.
وقال: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فخيرا ما قصدت ونحثك على السعي في هذا السبيل لما علمت فيه من الخير الجزيل.
وأما ما سألت مما يمكنك الإصلاح به بين أخويك أو تحبيب بعضهما إلى بعض فهو ما ورد في كتاب الله من التحذير من إساءة الظن بالناس كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} وفي الحديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه.
وكثير من أسباب البغض والحقد إنما هي بسبب ما يلقيه الشيطان في قلوب الناس ليسيء بعضهم الظن بالبعض الآخر والسعي في التحريش بينهم بذلك، كما في الحديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم.
ومن الأحاديث التي تعينك في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم.
ونحوه من الأحاديث التي تدعو إلى التآخي بين المسلمين ونبذ أسباب البغضاء والتحذير منها والترغيب في التحابب في الله وتغليبه على هوى النفس وإغواء الشيطان

08‏/02‏/2009

الأيــــــــام البيــــــــض

عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال: «‏صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة» رواه النسائي وصححه الألباني.
ويوافق بداية هذه الأيام لشهر صفر يوم الأحد الموافق 8 فبراير 2009. وبالتالي تكون الأيام البيض لهذا الشهر الأحد والإثنين والثلاثاء والله تعالى أعلم .
*قد تختلف بداية الأيام البيض من بلد لأخرى بحسب ابتداء الشهر الهجري لديها وما اعتمدته .
أقبلوا عباد الله على صيام وقيام وطاعة للرحمن في شتاء ليله طويل ونهاره قصير وصومه يسير والأجر كبير -بإذن الله-واسألوا الله جل وعلا أن ينصر إخوانكم في غزة وأن يرفع عنهم الكرب وأن يشفي مريضهم ويداوي جريحهم ويقبل شهيدهم وأن يرفع راية الحق وأن يكشف راية النفاق وأن يدمر الصهاينة اليهود تدميرا هو ولي ذلك والقادر عليه .
:: الأيــــــــام البيــــــــض::
:: صيام ثلاث كل شهر هل يجب أن يكون في الأيام البيض؟::
:: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ::
:: جدول الأيام البيض ل 1430 هجرية ::

07‏/02‏/2009

نبذة عن الندوة العلمية لشباب


الندوة العالمية للشباب الاسلامي

معلومات للاتصال
الفئة
بلد المنشأ
تاريخ التأسيس
لمحة موجزة عن الجمعية
اهدافها
الشركاء
وسائل التواصل
الانشطة
البرامج
المنشورات


معلومات للاتصال
العنوان: الرياض 11443
الهاتف: (966) 1/4641669
الفكس: (966) 1/4641710
البريد الالكتروني:
info@wamy.org
موقع الشبكة: www.wamy.org
صندوق البريد: 10845


الفئة: منظمة دولية مستقلة


بلد المنشأ: السعودية


تاريخ التأسيس: 1972



لمحة موجزة عن الجمعية
ان الندوة العالمية للشباب الاسلامي منظمة دولية مستقلة ومنتدى اسلامي يدعم عمل المنظمات الاسلامية والمجتمعات الفقيرة في العالم. مقرها الرئيسي في الرياض، السعودية. للندوة فروع اقليمية متنوعة داخل المملكة وخارجها. تأسست سنة 1972، تتواجد في 55 دولة وهي عضو منتسب في اكثر من 500 منظمة شبابية في العالم. الندوة العالمية للشباب الاسلامي عضو في المنظمات غير الحكومية التابعة للامم المتحدة ومعروف عنها اطار عملها الانساني الذي يشمل حوالى 60% من العالم الاسلامي.


الاهداف
الحفاظ على هوية الشباب المسلم ومساعدته على تخطي المشاكل التي يواجهها في المجتمع الحديث
تعليم الشباب وتدريبهم بحيث يصبحون مواطنين ناشطين في دولهم
تعريف غير المسلمين بالدين الاسلامي في شكله الانقى، على انه نظام شامل وطريقة عيش.
مساعدة المنظمات الاسلامية حول العالم من خلال التدريب، التواصل والتعاون
اقامة علاقة حوار، تفاهم وتنسيق بين المنظمات الاسلامية والمجتمعات الغربية


الشركاء

الشركاء: منظمة الامم المتحدة
النوع العلاقة: عضو في منظمة الامم المتحدة



وسائل التواصل: رسائل اخبارية



الانشطة

تنظيم المخيمات المحلية، الاقليمية والدولية للشباب والطلاب المسلمين

العمل الكشفي
المساهمة في انشاء الجماعات الكشفية الاسلامية حيث امكن ذلك والتنسيق مع الجمعيات الكشفية في دول العالم المختلفة. الهدف من ذلك تشجيع الشباب المسلم على الاستفادة من الانشطة والبرامج المتوفرة في الحياة الكشفية.

تنظيم المؤتمرات، الندوات وحلقات الابحاث
التطرق الى قضايا الشباب

دورات كرة القدم
الاحداث الرياضية تعد من بين الوسائل الفضلى للترفيه عن الشباب المسلم، تثقيفه وجذبه.



البرامج

المشروع الخيري والتربوي
انشاء المشاريع الخيرية والتربوية لمصلحة المجتمعات الاسلامية الفقيرة في الدول المختلفة (ومنها بناء المستشفيات والمدارس، رعاية الايتام، مشاريع التطوير، بناء الجوامع، حفر الآبار..)

برامج التبادل
تنظيم زيارات التبادل، رحلات الحج واداء العمرة للمسلمين حول العالم.




المنشورات:

كتيبات اكتشف الاسلام

الرسائل الاخبارية والمجلات
عرض اعمال الندوة وانجازاتها حول العالم

الكراسات ومواد المعارض
تعريف غير المسلمين على الدين الاسلامي.


يمكن الحصول على المنشورات من المقر الرئيسي للندوة في الرياض او من مكتبها في غرب اوروبا.

الشعور بالهناء


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام ، أيتها الأخوات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أسأل الله أن تكونوا أنتم ومن تحبون على أحسن حال ...
فإن السعي إلى الشعور بالهناء والسعادة شيء فطر الله ـ تعالى ـ العباد عليه ، وقد حار الحكماء والعقلاء في تحديد طبيعته وبيان أسبابه ، والحقيقة أن نصف الشعور بالسعادة يعود إلى أسباب ملموسة والنصف الآخر يعود إلى أشياء وهمية ، أو أشياء يمكن أن تصنع صناعة من خلال الخيال واللغة ، وهذا شيء رائع : أن نشعر بشعور الأثرياء وليس لدينا مال ، وأن نشعر بشعور الأقوياء ، وليس لدينا قوة ....
لا أريد أن أتحدث عن هذا ، اليوم ، فربما خصصت له رسالة مستقلة.
السعادة تدفق داخلي وشعور خاص يرتبط في أحيان كثيرة بأسباب واضحة وملموسة ، ولعل من أهم تلك الأسباب الآتي :
1ـ الانسجام الذاتي وشعور المرء بأنه على الطريق الصحيح ، وأنه يفعل ما عليه أن يفعله ، وهذا يعني بالنسبة إلى المسلم الاستقامة على شرع الله ـ تعالى ـ والإكثار من ذكره ومناجاته والتذلل بين يديه . والحقيقة أن الفجوة التي تفصل بين عقائدنا وسلوكاتنا هي دائماً مصدر للشعور بالخوف ومصدر للتوبيخ الذاتي ، وإذا كان المرء لا يشعر بذلك وهو يعتقد أنه منحرف ، فهذا يستحق الإشفاق ، وقد قطع مسافة طويلة على طريق التدهور التام ، وما أجمل قول الله ـ تعالى ـ :
"من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" (النحل: 97).
2ـ وجود قدر مناسب من الصحة ومن الاكتفاء المادي والاستغناء عن الناس ، وذلك لأن الفقر المدقع يجعل المرء يشعر أنه محاط بالضرورات ، وأنه مغلوب ، كما أن الفقر الشديد يجعل المرء يشعر بضعف الكفاءة الشخصية وانحسار الذات ، وقد ثبت أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأل الله الغنى واستعاذ به من الفقر .
3ـ بناء علاقات اجتماعية ناجحة على صعيد الأسرة والأصدقاء ، وعلى صعيد الأقرباء والزملاء والجيران .... ومن الواضح أن الإخفاق في بناء علاقات اجتماعية جيدة والانكفاء على الذات من أهم أسباب الشعور بالشقاء والضعف والعزلة ، بل إنني أشعر أن الشخص الانطوائي هو أقل من درجة إنسان .
العلاقات الناجحة هي مصدر تعليم وتهذيب لنا ، ونحن ننجح فيها على مقدار ما نمتلك من الكياسة والذوق والإحساس المرهف تجاه الآخرين ، وعلى مقدار ما نملك من القدرة على التضحية والبذل ، فالعطاء غير المشروط هو قوتُ العلاقات الجميلة والمستمرة .
4ـ الشعور بالإنجاز والتقدم الشخصي ، وهو مهم جداً للشعور بالسعادة ، لأن الإنجاز يجعلنا نشعر بالجدارة والكفاءة كما أن الإنجاز يساعدنا على ملء الفراغ الذي لدينا ، وملء الفراغ يعني التخلص من الملل والسأم ، وهما عدوان لدودان للشعور بالسعادة .
5ـ الإحسان إلى الخلق والتعاطف معهم وتشجيعهم ومنحهم الرؤية ونصرة المظلوم منهم، إن الكلمات الجميلة التي نتلفظ بها تشبه العطر النفيس حيث إنك لا تستطيع أن ترشه على من حولك دون أن ينالك منه شيء.
المهم دائماً أن لا نقع في الوهم الذي وقع فيه كثير من الناس ، وهو أن هناك شيئاً بمفرده يحقق السعادة كالمال أو الجمال أو الذكاء أو العلم أو القوة ....
إن أسباب السعادة أشبه بحبل مفتول من عدد كبير من الخيوط الدقيقة ، وإن علينا معرفة ذلك وتوفيره حتى نعيش في هناء وسرور.
جعل الله أيامكم كلها مسرات عامرة بذكر الله والعطاء و النقاء .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في 11 / 2 / 1430