مدونة المعارف

31‏/07‏/2008

موعظة مودع

بسم الله الرحمن الرحيم
لا تشرك بالله شيئا، وإن قتلت أو حرقت. ولا تعقن والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك. ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدًا،
فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدًا فقد أتى بابًا عظيمًا من الكبائر. ولا تشربن خمرًا، فإنه رأس كل فاحشة. وإياك والمعصية، فإن المعصية تحل سخط الله.


وعليك بالتقوى فإنها جماع كل خير. واعتزل شرور الناس تنج من أذاهم. واترك ما لا يعنيك، فإن ذلك أمر محمود.


واطلب العلم لله، يكفيك القليل. وانظر إلى العلماء بعين الإجلال، وأنصت لهم عند المقال، واجعل مراجعتك لهم تفهمًا، لا تعنتًا.


واعرف زمانك وأقبل على شأنك، واحفظ لسانك، وتحرز من إخوانك. ولا تغتر بمدح الناس لك، ولا تصدقهم على خلاف ما تعرف من نفسك.


وسلم على من لقيته أو دخلت عليه أو مررت به من المسلمين. وإذا دخلت منزلك فسلم على أهلك ومن فيه، فإن لم يكن فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ولا تبدأ أحدًا من أهل الكتاب بالسلام، ولا تقصدهم بتهنئة ولا تعزية، وإذا سلم عليك أحد منهم فقل له: وعليك.


واستأذن على أمك وذوات محارمك إذا أردت الدخول عليهن. واستأذن دائمًا بقولك: السلام عليكم، أأدخل؟ فإن أذن لك، وإلا فارجع.


ولا تنظر إلى عورة أحد إلا لضرورة، ولا تظهر عورتك لأحد إلا زوجتك. ولا تخل بامرأة أجنبية عنك ليست من محارمك، حتى لا يكون للشيطان عليك سبيل.


وأمر أولادك بالصلاة إذا بلغوا سبعًا واضربهم عليها إذا بلغوا عشرًا، فإنك مسؤول عنهم أمام الله. وغض بصرك عما حرم الله، تجد حلاوة الإيمان في قلبك. ولا تحدث الناس بما يكون بينك وبين زوجك، فإن ذلك عليك حرام.


وعليك بالسواك، فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب.


وأكرم جارك، وضيفك، فإن ذلك من أخلاق المسلمين. وإياك والكذب والنميمة، فإن كليهما خلة ذميمة. ولا تهجر أخاك فوق ثلاث ليال، وخيركما الذي يبدأ بالسلام.


ولا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي.


وإذا انتهيت إلى مجلس فسلم واجلس حيث ينتهي بك المجلس، وإذا أردت الانصراف فسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة.


وإذا شربت فناول من عن يمينك، وإذا سقيت قومًا فكن آخرهم شربًا. وإياك أن تأكل أو تشرب بشمالك، فإن ذلك من فعل الشيطان. وإذا أردت أن تأكل فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، ولا تنفخ في طعام أو شراب، واحمد الله في آخره.


وإذا أردت قضاء الحاجة فاستتر من الناس بعيدًا عنهم ولا تحدث أحدًا ما دمت تقضي حاجتك، فإن ذلك ممقوت.


وإذا تثاءبت فاكظم ذلك ما استطعت، وضع يدك على فمك، واغضض من صوتك إذا تكلمت. وإذا عطست فاحمد الله بصوت مسموع، وإذا عطس عندك أحد فقل له: يرحمك الله، ويقول هو لك: يهديكم الله ويصلح بالكم.


وإذا كنت في ثلاثة، فلا تتناجى مع أحدهما دون الثالث، لأن ذلك يحزنه.


وإياك أن تتداوى بالحرام، فإن الله لم يجعل الشفاء في حرام. وحافظ على عيادة المريض، ولا تطل الجلوس عنده.


ولا تكلف أجيرك من العمل ما لا يطيق.


وارفق بالدواب في ركوبها والحمل عليها، فإنها لا تستطيع الشكوى، ولك في الإحسان إليها أجر وفي الإساءة إليها وزر.


ولا تلبس الحرير أو الذهب، فإن ذلك على الرجال حرام، والبس القصير من الثياب فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك.


وإياك والقمار فإنه موجب لغضب الله. ولا تأكل من حرام، فإن ذلك يرد الدعاء.


ولا ترفع صوتك في بيت الله ولا تنشد به ضالة، فإن ذلك منهي عنه.


وإذا تكلمت فقل خيرًا أو اصمت، فإن في السكوت سلامة.


وعليك بالجليس الصالح فإنه خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء.


وإذا فتح لك باب خير فسارع إليه، واثبت عليه.


وإياك أن تمشي بين الناس بالنميمة، فإن ذلك يو جب عذاب القبر. وإياك والحسد والغل والحقد والبغضاء وسوء الظن، فإنها أمور مذمومة.


وأحسن قراءة القرآن، واستمع إليه، وتدبر معانيه، واعمل بما فيه، وسارع دائمًا إلى امتثال أمر الله، واجتناب نهيه.


كن صادق الكلمة فلا تكذب، ووفي العهد والوعد فلا تخلف.


عليك بالصبر والشجاعة وكتمان السر والصراحة في الحق، واعترف دائمًا بخطئك. عليك بالوقار وإيثار الجد دائما و لا تمزح إلا صادقًا، وتواضع للناس في غير ذلة ولا خضوع ولا قلق، وخير التواضع ما كان لفقير ويتيم ومسكين وأرملة.


أكثر من المشورة تصل إلى الصواب. وعليك بالقناعة فإنها مال لا ينفد.


واعلم أن الموت آت، وكل آت قريب، فأكثر ذكره واجعله يصرفك عن الرغبة في الدنيا ويحملك على التقوى.


أخي القارئ: بإمكانك الانتفاع في نفسك ونفع غيرك فترشدهم إلى الخير، والدال على الخير كفاعله، وذلك بكتابة هذه النصائح على لوحات ووضعها في الأماكن العامة والمساجد أو قراءتها في المحاضرات أو على جيرانك وأهليك، وقبل ذلك كله على أسرتك أو بأي طريقة أخرى تراها مناسبة.


انتهى من كلام الشيخ رحمه الله، ونسأل الإخوة والأخوات ألا يبخلوا على الشيخ بالدعاء له بالمغفرة والرحمة والفوز بالجنة والنجاة من النار.









23‏/07‏/2008

الإقناع: القوة المفقودة!


تروي بعض الأساطير أن الشمس والرياح تراهنتا على إجبار رجل على خلع معطفه؛ وبدأت الرياح في محاولة كسب الرهان بالعواصف والهواء الشديد والرجل يزداد تمسكاً بمعطفه وإصراراً على ثباته وبقاءه حتى حل اليأس بالرياح فكفت عنه؛ واليأس أحد الراحتين كما يقول أسلافنا. وجاء دور الشمس فتقدمت وبزغت وبرزت للرجل بضوئها وحرارتها فما أن شاهدها حتى خلع معطفه مختاراً راضياً...
إن الإكراه والمضايقة توجب المقاومة وتورث النزاع بينما الإقناع والمحاورة يبقيان على الود والألفة ويقودان للتغيير بسهولة ويسر ورضا. إن الإقناع كما هو الحوار لغة الأقوياء وطريقة الأسوياء؛ وما التزمه إنسان أو منهج إلا كان الاحترام والتقدير نصيبه من قبل الأطراف الأخرى بغض النظر عن قبوله.
والقرآن والسنة وهما نبراس المسلمين ودستورهم وفيهما كل خير ونفع قد جاءا بما يعزز الإقناع ويؤكد على أثره، فآيات المحاجة والتفكر كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها وكالملك الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه وكمناقشة مؤمن آل فرعون قومه؛ وأما الأحاديث فمن أشهرها حديث الشاب المستأذن في الزنا؛ وحديث الرجل الذي رزق بولد أسود؛ وحديث الأنصار بعد إعطاء المؤلفة قلوبهم وتركهم ؛ كل هذه النصوص مليئة بالدروس والعبر التي تصف الإقناع وفنونه وطرائقه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
- ما هو الإقناع؟
للإقناع عدة تعريفات منها:
استخدام المتحدث أو الكاتب للألفاظ والإشارات التي يمكن أن تؤثر في تغيير الاتجاهات والميول والسلوكيات.
تعريف آخر:
عمليات فكرية وشكلية يحاول فيها أحد الطرفين التأثير على الآخر وإخضاعه لفكرة أو رأي.
تعريف ثالث:
تأثير سليم ومقبول على القناعات لتغييرها كلياً أو جزئياً من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة وواضحة.
ويظهر جلياً من التعريفات السابقة أن الإقناع فرع عن إجادة مهارات الاتصال والتمكن من فنون الحوار وآدابه.وتتداخل بعض الكلمات في المعنى مع الإقناع مع وجود فوارق قد تكون دقيقة إلى درجة خفائها عن البعض؛ ومن أمثال هذه الكلمات: الخداع، الإغراء، التفاوض. فبعضها تهييج للغرائز وبعضها تزييف للحقائق وبعضها مجرد حل وسط واتفاق دون اقتناع وهكذا.
- عناصر الإقناع:
1- المصدر: ويجب أن تتوافر فيه صفات منها:
الثقة: ويحصل عليها من تأريخ المصدر إضافة إلى مدى اهتمامه بمصالح الآخرين.
المصداقية: في الوعود والأخبار والتقييم.
القدرة على استخدام عدة أساليب للإقناع: كلمة، مقالة، منطق، عاطفة،...
المستوى العلمي والثقافي والمعرفي.
الالتزام بالمبادئ والقناعات التي يريد إقناع الآخرين بها.
2- الرسالة: لابد أن تكون:
- واضحة لا غموض فيها بحيث يستطيع جمهور المخاطبين فهمها فهماً متماثلاً.
- بروز الهدف منها دون حاجة لعناء البحث عنه.
- مرتبة ترتيباً منطقياً مع التأكيد على الأدلة والبراهين.
- مناسبة العبارات والجمل حتى لاتسبب إشكالاً أو حرجاً ولكل مقام مقال.
- بعيدة عن الجدل واستعداء الآخرين؛ لأن المحاصر سيقاوم ولا ريب!
3 – المستقبِل: ينبغي مراعاة ما يلي:
- الفروق العمرية والبيئية.
- الاختلافات الثقافية والمذهبية.
- المكانة العلمية والمالية والاجتماعية.
- مستوى الثقة بالنفس.
- الانفتاح الذهني.
- يعتمد نجاح االإقناع على:
1- القدرة على نقل المبادئ والعلوم والأفكار بإتقان.
2- معرفة أحوال المخاطبين وقيمهم وترتيبها.
3- الجاذبية الشخصية بأركانها الثلاثة: حسن الخلق، أناقة المظهر، الثقافة الواسعة.
4- التفاعل الإيجابي الصادق مع الطرف الآخر.
5- التمكن من مهارات الإقناع وآلياته من خلال إمتلاك مهارات الاتصال وإجادة فنون الحوار مع الالتزام بآدابه.
6- التوكل على الله ودعائه مع حسن الظن به سبحانه .
- ما يجب عليك فعله:
قبل الإقناع:
1- الإعداد الكامل فالأنصاف إتلاف للجهد ومضيعة للأوقات.
2- البدء بالأهم أولاً خشية طغيان مالا يهم على المهم.
3- اختيار التوقيت المناسب لك وللطرف الآخر.
في أثناء الإقناع:
1- توضيح الفكرة بالقدر الذي يزيل اللبس عنها.
2- المنطقية والتدرج.
3- العناية بحاجات الطرف الآخر.
4- تفعيل أثر المشاعر.
بعد الإقناع:
1- دحض الشبهات والرد على الاعتراضات.
2- التأكد من درجة الإقتناع من خلال إخبار الطرف الآخر أو مشاركته في الجواب عن الاعتراضات أو حماسته للعمل المبني على إقتناعه.
3- التفعيل السلوكي المباشر.
- قواعد الإقناع:
1- أن يكون القيام خالصاً لله سبحانه وتعالى لا يشوبه حظ نفس.
2- الالتجاء لله بطلب العون والتوفيق ووضوح الحق.
3- وجود متطلبات الإقناع الرئيسة وهي:
- الاقتناع بالفكرة.
- وضوحها.
- القدرة على إيضاحها.
- القوة في طرح الفكرة.
- توافر الخصال الضرورية في مصدر الإقناع.
4- معرفة شخصية المتلقي وقيمه واحتياجاته مع تحديد ترتيبها. وقد ينبغي عليك تقمص شخصيته لتتعرف على دوافعه ووجهة نظره.كما يجب معرفة حيله وألاعيبه حتى لا تقع في شراكها.
5- حصر مميزات الفكرة التي تدعو إليها مع معرفة مآخذها الحقيقية أو المتوهمة وتحليل المعارضة السلبية المحتملة وإعداد الجواب الشافي عنها. وأعلم أن أسلم طريقة للتغلب على الاعتراض أن تجعله من ضمن حديثك.
6- اختيار الأحوال المناسبة للإقناع: زمانية ومكانية ونفسية وجسدية؛ مع تحين الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك.
7- تحليل الإقناع إلى:
- مقدمات متفق عليها كالحقائق والمسلمات.
- نتائج منطقية مبنية على المقدمات.
8- الابتعاد عن الجدل والتحدي واتهام النوايا، لأن جعل الطرف الآخر متهماً يلزمه بالدفاع وربما المكابرة والعناد.
9- إذا كنت ستطرح فكرة في محيط ما: فروج لها عند أركان ذلك المحيط قبل البدء بنشرها.
10- تعلم أن تقارن بين حالين ومسلكين لتعزيز فكرتك.
11- حدد مسبقاً متى وكيف تنهي حديثك.
12- لخص الأفكار الأساسية حتى لا تضيع في متاهة الحديث المتشعب.
13- اضبط نفسك حتى لا تستثر؛ وراقب لغة جسدك حتى لا تخونك.
14- أشعر الطرف المقابل باهتمامك من خلال:
- ربط بداية حديثك بنهاية حديثه ما أمكن.
- تعزيز جوانب الاتفاق .
- أشعره بمحبتك وعذرك إياه.
- عوائق الإقناع:
1- الاستبداد والتسلط: لأن موافقة الطرف الآخر شكلية تزول بزوال الاستبداد.
2- طبيعة الشخص المقابل: فيصعب إقناع المعتد برأيه وتتعاظم الصعوبة إذا كان المعتد بنفسه جاهلاً جهلاً مركباً.
3- كثرة الأفكار مما يربك الذهن.
4- تذبذب مستوى القناعة أو ضعف أداء الرسالة من قبل المصدر.
5- الاعتقاد الخاطئ بصعوبة التغيير أو استحالته: وهذه نتيجة مبكرة تقضي على كل جهد قبل تمامه.
6- اختفاء ثقافة الإشادة بحق من قبل المصدر تجاه المستقبل.
- وقفات مهمة:
1- " ماكان الرفق في شيء إلا زانه ".
2- الصدق في الحديث خلة حميدة يكافئ عليها الصادق حتى لو كان في حديثه ما لا ينبغي؛ فلا تعارض بين تصحيح الخطأ ومكافأة الصادق.
3- سوف تمتلك مهارة الإقناع بدراية وتمكن من خلال متانة المعرفة وسلامة الممارسة؛ وإذا وجدت الموهبة فخير على خير وإلا فالمقدرة وحدها تفي بالغرض.
أحمد عبد المحسن العساف


14‏/07‏/2008

ليس عيبا انت تكون فقيرا


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد؛
فليس عيباً أن تكون فقيراً ..
فإنك ما افتقرت إلا بقدر الله ، أوما قدَّر الله عليك أن تكون فقيراً ؟ أولا نؤمن بأنَّ مقادير الخلائق قد فُرغ منها قبل خلق السماوات والأرض ، وخلق الخلق بخمسين ألف سنة ؟ فأين العيب في ذلك ؟!
يقول الوليد ابنُ الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه : دخلتُ على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت ، فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي . فقال : يا بني ، إنك لن تَطْعَمَ طعمَ الإيمان ، ولن تبلغ حقَّ حقيقةِ العلم بالله تبارك وتعالى ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره . فقال له الوليد : يا أبتاه ، فكيف لي أن أعلم ما خَيْرُ القدر وشرُّه ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إنَّ أولَ ما خلق الله تبارك وتعالى القلمُ ، ثم قال: اكتب ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» ، يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار [1>.
ليس عيباً أن تكون فقيراً ؛ لأن الله هو الذي فاضل بين عباده في الرزق ، لحكم عظيمة قد تخفى علينا .
قال تعالى :}وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ{ [النحل : 71> ، وقال: } قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ{ [سبأ: 36> .
ليس من العيب في شيء أن نكون – أخي وأختي- من الفقراء ؛ لأن المال ليس بمعيار للتفاضل عند الله تعالى .. } وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى{ [سبأ :37> ، وثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»[2>.
إنّ الناس يتفاضلون عند الله بالتقوى ، لا بحسب ، ولا بنسب ، ولا بجاه ، ولا بمكانة ، ولا بمال ، ولا بولد ، ولا برئاسةٍ ، فقط : }إن أكرمك عند الله أتقاكم{ [الحجرات :13>، التقوى ، ولا شيء سواها .
أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ»[3>؟
ما من عيبٍ في ذلك ؛ لأن الفقر الحقيقي هو فقر القلب ، وليس قلةَ المال ، ولكننا في زمان انتكست فيه المفاهيم ، وطغت الماديات ، واستحوذت على الكثير منَّا استحواذ السبع الضاري على فريسته التي لا تملك من أمرها شيئاً!

أيها الأكارم :
عند ابن حبان في صحيحه سؤالٌ طرحه نبينا صلى الله عليه وسلم على أبي ذر رضي الله عنه .. قال صلى الله عليه وسلم :« يا أبا ذر ، أترى كثرة المال هو الغنى » ؟ فقال أبو ذر رضي الله عنه : نعم يا رسول الله ، فجاء السؤال الثاني : « فترى قلة المال هو الفقر» ؟ قال : نعم يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم :« إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب » .
الله أكبر ..
وفي رواية الطبراني في الكبير : «الْغِنَى فِي الْقَلْبِ ، وَالْفَقْرُ فِي الْقَلْبِ ، مَنْ كَانَ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ لا يَضُرُّهُ مَا لَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ كَانَ الْفَقْرُ فِي قَلْبِهِ فَلا يُغْنِيهِ مَا أَكْثَرَ لَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ شُحُّها» .
وفي الصحيحين :« «ليسَ الغِنى عن كثرةِ العَرَض [4> ، إنما الغِنى غِنى النّفس».
إن المرء لو جمع من الدنيا ما جمع قارونُ منها ، ولم يقنع بما قسم الله له فهو فقير قد أتعب نفسه ، ونأى بها على موطن راحتها ، فلم يعرف الشكر لقلبه سبيلاً ؟ ولا الطمأنينة لنفسه طريقاً .
أعود بك – أيها القارئ الكريم – إلى حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر فإنّ فيه لَبقيةً ، وباقيه كسابقه ، في الدلالة على أنه ما من عيب في أن نكون من الفقراء ..
قال أبو ذر رضي الله عنه : ثم سألني عن رجل من قريش ، قال :« هل تعرف فلاناً» ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : «فكيف تراه»؟ قلت : إذا سأل أُعطي ، وإذا حضر أُدخل» - لأن له جاهاً ومالاً - قال : ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال :«هل تعرف فلاناً» ؟ قلت : لا والله ما أعرفه يا رسول الله . فما زال يجليه وينعته حتى عرفته ، فقلت : قد عرفته يا رسول الله . قال :«فكيف تراه» ؟ قلت : هو رجل مسكين من أهل الصفة . فقال :«هو خير من طِلاعِ الأرض من الآخر» .
وطلاعها : ملؤها ، فلو امتلأت الأرض بمثل هذا القرشي لكان ذاك الفقير خيراً منهم .
وشبيه بهذا خبر سهل رضي الله عنه ، قال : مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا» ؟ قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ . قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ :«مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا» ؟ قَالُوا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«هَذَا – يعني الفقير - خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا»[5>.
ومثله كذلك حديث الترمذي :«كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ [6> ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، مِنْهُمْ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ» .
أين العيب في فقرنا وإن الفقير من أهل الجنة ليدخلها قبل الغني بأعوام طويلة ؟ قال نبي الله صلى الله عليه وسلم :« يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِ مِائَةِ عَامٍ» [7>.
وإنَّ ألمّ بقلبك شكٌّ ، أو رابه ريبٌ في نفي العيب عن كون المسلم فقيراً فتأمل هذه النصوص ..
هل سمعتم بأكرم ثلاثة على الله أخرجهم الجوع من بيوتهم ؟
لنفسح المجال لأبي هريرةَ صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثنا عنهم ..
قال رضي الله عنه : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ :«مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ» ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :«وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا» [8>.
يدخل عمر رضي الله عنه على نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول : رَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ :«مَا يُبْكِيكَ» ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ! فَقَالَ :«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ»؟ [9>.
وهذا الذي أبكى عمرَ رآه ابنُ مسعود – رضي الله عنهما – فقال له : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً ؟ فَقَالَ :«مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» [10> .
أعجيبٌ هذا ؟ فاسمعوا إلى ما هو أعجب منه ..
هل تعلم أيها القارئ الكريم أنّ بيوت النبي صلى الله عليه وسلم تدور عليها ثلاثة أهلة في شهرين كاملين ولا توقد نار فيها ؟ شهران ولا نار توقد للطبخ في بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم !! تحدث عائشة رضي الله عنها بذلك [11> ابنَ أختها عروة ، فلما سألها : ما كان يُعيشُكم ؟ تجيب : الأسودان ؛ التمر ، والماء .
أتمنى أن يرجع كل واحد منّا بهذا السؤال لنفسه : لو أنّ أحدنا حدث له ذلك في أسبوع كيف سيكون حاله ؟ إن أفقر واحد منّا لا يمكن أن يبلغ به الحال مثل ما بلغ بنبينا صلى الله عليه وسلم .
خبر لا يقل غرابة عن سابقه يخبر به أبو هريرة رضي الله عنه ، قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنِّي مَجْهُودٌ[12> ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ : لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ [13>.
ما هذا ؟ بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلو من لقمة العيش ! بيوت خليل الحق وسيد الخلق لا يوجد فيها سوى الماء ! لا إله إلا الله .. ما أحقرَ هذه الدنيا ! وما أكثرَ الغرورَ بها !!
قال أبو طَلْحَةَ رضي الله عنه : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ ، وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَجَرَيْنِ [14>.
إنّ أبا هريرة رضي الله عنه - وعاء العلم - كان يتلوى من الجوع على الأرض ، اسمعه وهو يحدث عن نفسه فيقول :" لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الْجَائِي ، فيضع رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ ، وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ ، مَا بِي إِلَّا الْجُوعُ" [15>.
وابن مسعود كان فقيراً تنفق زوجته عليه [16> ، وأهل الصفة من أفقر الناس ، فما العيب في ذلك ؟
يا أيها الفقراء ، ختام كلمتي ببيان واجب ، وعزاء :
أما الواجب فأن نقنع بما قسم الله لنا ..
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ ، وَرُزِقَ كَفَافًا ، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ» [17> .
ما الفقر بعيبٍ ، إنما العيب أن يسخط الإنسان على قدر الله .
العيب أن ننظر إلى من فوقنا .
العيب أن نتبرّم من حالنا ولا نشكر ربنا .
العيب أن نأكل حراماً يهلكنا .
العيب أن نتعرض لسؤال الناس ونريق ماء وجوهنا .
يذكر الذهبي رحمه الله في ترجمة الكرخي [18> أنه أُصيب بالفالج في آخر عمره ، وحضر أصحابه فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيخ مقل ، ولا ينبغي أن نبذله للناس، فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان ، فأحسَّ الشيخ بما هم فيه ، فبكى ، وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني ، فمات قبل أن يحمل إليه شيء .
وأما العزاء فحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ . وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ» [19> .

يا فقراء المسلمين :
ليكن في بالكم أنّ الله إنْ حرمنا فقد أعطانا ، وإن منعنا فقد حبانا ، كم في المرضى بفشل الكُلى من ينظر إلى الماء وقد مُنع منه إلا بقدر ما يتناول به دواءه ، وكم من الناس من كُتب عليه أن يلازم فراشه إلى موته، أسأل الله الشفاء لمرضى المسلمين .
إنّ رجلاً من الأغنياء عدّد له الأطباء ما يجب أن يمتنع عن أكله في قائمة طويل ذيلها ، مما سرّب الكآبة إلى نفسه، والحزن إلى قلبه ، فقال : والله لو أجد من أُعطيه كلّ مالي على أن يُخلَّى بيني وبين ما تشتهيه نفسي لفعلت غير حانث!
معشر الفقراء : أكثروا من حمد الله ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا قال العبد : الحمد لله كثيراً ، قال الله تعالى : اكتبوا لعبدي رحمتي كثيراً» [20> .
لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ ، فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ ، فَوَافَتْهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ :«أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ» ؟ قَالُوا : أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :«فَأَبْشِرُوا ، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ» [21>، وفي طريق أُخرى:«فتهلككم كما أهلكتهم » .
أسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ، وأن يغنينا بفضله عمن سواه ، وأن يفرج همّنا ، ويقضي ديننا .
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .


------------------------------------
[1> / مسند الإمام أحمد.
[2> / مسلم .
[3> / البخاري ومسلم .
[4> / ما يُنتفع به من متاع الدنيا .
[5> / البخاري ومسلم .
[6> / الطمر : الثوب البالي .
[7> / الترمذي .
[8> / مسلم .
[9> / البخاري .
[10> / الترمذي .
[11> / في الصحيحين .
[12> / أعياني الجوع وأجهدني .
[13> / صحيح مسلم .
[14> / سنن أبي داود .
[15> / صحيح البخاري .
[16> / البخاري ومسلم .
[17> / مسلم .
[18> / سير أعلام النبلاء 15/426-427 .
[19> / مسلم .
[20> / ابن حبان في صحيحه .
[21> / البخاري .


كاتب المقالة : د. مهران ماهر عثمان ( موقع القران الكريم)

10‏/07‏/2008

دعاء صلاة الاستخارة







عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : ( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) وَفِي رواية ( ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ( رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1166)


06‏/07‏/2008

كيف اتوب ومن اين ابدأ؟؟؟

أخي الحبيب:
كأني بك تقول: إن نفسي تريد الرجوع إلى خالقها، تريد الأوبة إلى فاطرها، لقد أيقنت أن السعادة ليست في اتباع الشهوات والسير وراء الملذات، واقتراف صنوف المحرمات... ولكنها مع هذا لا تعرف كيف تتوب؟ ولا من أين تبدأ؟
وأقول لك: إن الله تعالى إذا أراد بعبده خيراً يسر له الأسباب التي تأخذ بيده إليه وتعينه عليه، وها أنا أذكر لك بعض الأمور التي تعينك على التوبة وتساعدك عليها:
(1)أصدق النية وأخلص التوبة: فإن العبد إذا أخلص لربه وصدق في طلب التوبة أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصده عن التوبة.. ومن لم يكن مخلصاً لله استولت على قلبه الشياطين، وصار فيه من السوء والفحشاء ما لا يعلمه إلا الله، ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام: [كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ].[يوسف:24].
(2)حاسب نفسك: فإن محاسبة النفس تدفع إلى المبادرة إلى الخير، وتعين على البعد عن الشر، وتساعد على تدارك ما فات، وهي منزلة تجعل العبد يميز بين ما له وما عليه، وتعين العبد على التوبة، وتحافظ عليها بعد وقوعها.
(3)ذكّر نفسك وعظها وعاتبها وخوّفها: قل لها: يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ فإن الموت يأتي بغتة، وذكّرها بموت فلان وفلان.. أما تعلمين أن الموت موعدك؟! والقبر بيتك؟ والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟... أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟ هل ينفعك ساعتها الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟ ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك.. وهكذا تظل توبخ نفسك وتعاتبها وتذكرها حتى تخاف من الله فتئوب إليه وتتوب.
(4)اعزل نفسك عن مواطن المعصية: فترك المكان الذي كنت تعصي الله فيه مما يعينك على التوبة، فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفساً قال له العالم{ إن قومك قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم}.
(5)ابتعد عن رفقة السوء: فإن طبعك يسرق منهم، واعلم أنهم لن يتركوك وخصوصاً أن من ورائهم الشياطين تؤزهم إلى المعاصي أزاً، وتدفعهم دفعاً، وتسوقهم سوقاً.. فغيّر رقم هاتفك، وغيّر عنوان منزلك إن استطعت، وغيّر الطريق الذي كنت تمر منه... ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: { الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل } [رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني].
(6)تدبّر عواقب الذنوب: فإن العبد إذا علم أن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى، وأن الجزاء بالمرصاد دعاه ذلك إلى ترك الذنوب بداية، والتوبة إلى الله إن كان اقترف شيئاً منها.
(7) أَرِها الجنة والنار: ذكّرها بعظمة الجنة، وما أعد الله فيها لمن أطاعه واتقاه، وخوّفها بالنار وما أعد الله فيها لمن عصاه.
(8)أشغلها بما ينفع وجنّبها الوحدة والفراغ: فإن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والفراغ يؤدي الى الانحراف والشذوذ والإدمان، ويقود إلى رفقة السوء.
(9)خالف هواك: فليس أخطر على العبد من هواه، ولهذا قال الله تعالى:[ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ] [الفرقان:43]. فلا بد لمن أراد توبة نصوحاً أن يحطم في نفسه كل ما يربطه بالماضي الأثيم، ولا ينساق وراء هواه.
(10)وهناك أسباب أخرى تعينك أخي الحبيب على التوبة غير ما ذُكر منها: الدعاء إلى الله أن يرزقك توبة نصوحاً، وذكر الله واستغفاره، وقصر الأمل وتذكر الآخرة، وتدبر القرآن، والصبر خاصة في البداية، إلى غير ذلك من الأمور التي تعينك على التوبة.
شروط التوبة الصادقة:
أخي الحبيب: وللتوبة الصادقة شروط لا بد منها حتى تكون صحيحة مقبولة وهي:
أولاً: الإخلاص لله تعالى: فيكون الباعث على التوبة حب الله وتعظيمه ورجاؤه والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تقرباً إلى مخلوق، ولا قصداً في عرض من أعراض الدنيا الزائلة، ولهذا قال سبحانه:[ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ].[النساء:14].
ثانياً: الإقلاع عن المعصية: فلا تتصور صحة التوبة مع الإقامة على المعاصي حال التوبة. أما إن عاود الذنب بعد التوبة الصحيحة، فلا تبطل توبته المتقدمة، ولكنه يحتاج إلى توبته جديدة وهكذا.
ثالثاً: الاعتراف بالذنب: إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شيء لا يعده ذنباً.
رابعاً: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي: ولا تتصور التوبة إلا من نادم حزين آسف على ما بدر منه من المعاصي، لذا لا يعد نادماً من يتحدث بمعاصيه السابقة ويفتخر بذلك ويتباهى بها، ولهذا قال : { الندم توبة :رواه حمد وابن ماجة وصححه الألباني.
خامساً: العزم على عدم العودة: فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع الى الذنب بعد التوبة، وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألا يعود إليه في المستقبل.
سادساً: ردّ المظالم إلى أهلها: فإن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين وجب عليه أن يرد الحقوق الى أصحابها إذا أراد أن تكون توبته صحيحة مقبولة ؛ لقول الرسول : { من كانت عنده مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه } [رواه البخاري].
سابعاً: أن تصدر في زمن قبولها: وهو ما قبل حضور الأجل، وطلوع الشمس من مغربها، وقال : { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } [رواه أحمد والترمذي وصححه النووي]. وقال: { إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها } [رواه مسلم
علامات قبول التوبة :
أخي الحبيب: وللتوبة علامات تدل على صحتها وقبولها، ومن هذه العلامات:
1- أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها: وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه، فمن كان بع التوبة مقبلاً على الله، عالي الهمة قوي العزيمة دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها.
2- ألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب مصاحباً له: فإن العاقل لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر حتى يسمع الملائكة الموكلين بقبض روحه: [أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ][فصلت:30]، فعند ذلك يزول خوفه ويذهب قلقه.
3- أن يستعظم الجناية التي تصدر منه وإن كان قد تاب منها: يقول ابن مسعود رضي الله عنه: { إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال له هكذا }. وقال بعض السلف: (لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت )
4- أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذلاً وتواضعاً بين يدي ربه: وليس هناك شيء أحب إلى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً منيباً، رطب القلب بذكر الله، لا غرور، ولا عجب، ولا حب للمدح، ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم. فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته، وليرجع إلى تصحيحها.
5- أن يحذر من أمر جوارحه: فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام، ويشغله بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه. ويحذر من أمر بطنه، فلا يأكل إلا حلالاً. ويحذر من أمر بصره، فلا ينظر الى الحرام، ويحذر من أمر سمعه، فلا يستمع إلى غناء أو كذب أو غيبة، ويحذر من أمر يديه، فلا يمدهما في الحرام، ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما إلى مواطن المعصية، ويحذر من أمر قلبه، فيطهره من البغض والحسد والكره، ويحذر من أمر طاعته، فيجعلها خالصة لوجه الله، ويبتعد عن الرياء والسمعة.
احذر التسويف :
أخي الحبيب:إن العبد لا يدري متى أجله، ولا كم بقي من عمره، ومما يؤسف أن نجد من يسوّفون بالتوبة ويقولون: ليس هذا وقت التوبة، دعونا نتمتع بالحياة، وعندما نبلغ سن الكبر نتوب. إنها أهواء الشيطان، وإغراءات الدنيا الفانية، والشيطان يمني الإنسان ويعده بالخلد وهو لا يملك ذلك. فالبدار البدار... والحذر الحذر من الغفلة والتسويف وطول الأمل، فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً.
فسارع أخي الحبيب إلى التوبة، واحذر التسويف فإنه ذنب آخر يحتاج إلى توبة، والتوبة واجبة على الفور، فتب قبل أن يحضر أجلك وينقطع أملك، فتندم ولات ساعة مندم، فإنك لا تدري متى تنقضي أيامك، وتنقطع أنفاسك، وتنصرم لياليك.
تب قبل أن تتراكم الظلمة على قلبك حتى يصير ريناً وطبعاً فلا يقبل المحو، تب قبل أن يعاجلك المرض أو الموت فلا تجد مهلة للتوبة.
لا تغتر بستر الله وتوالي نعمه :
أخي الحبيب: بعض الناس يسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، فإذا نُصح وحذّر من عاقبتها قال: ما بالنا نرى أقواماً يبارزون الله بالمعاصي ليلاً ونهاراً، وامتلأت الأرض من خطاياهم، ومع ذلك يعيشون في رغد من العيش وسعة من الرزق. ونسي هؤلاء أن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، وأن هذا استدراج وإمهال من الله حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، يقول : { إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا قوله عز وجل:[ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ].[الأنعام:45،44] [رواه أحمد وإسناده جيد .
وأخيراً... !!
أخي الحبيب: فِر إلى الله بالتوبة، فر من الهوى... فر من المعاصي... فر من الذنوب... فر من الشهوات... فر من الدنيا كلها... وأقبل على الله تائباً راجعاً منيباً... اطرق بابه بالتوبة مهما كثرت ذنوبك، أو تعاظمت، فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فهلمّ أخي الحبيب الى رحمة الله وعفوه قبل أن يفوت الأوان.
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من التائبين حقاً، المنيبين صدقاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

05‏/07‏/2008

كوني كالتفاحه



بسم الله الرحمن الرحيم

النساء كثمرة التفاح على الشجر.
التفاحة الأفضل تكون في أعلى الشجرة.
ولكن .. بعض الرجال لا يرغبون في الحصول على الأفضل ...
لأنهم يخافون من الوقوع وإيذاء أنفسهم، او من الفشل.
لذلك فهم يأخذون التفاحة المتعفنة التي سقطت على الأرض.
ورغم أنها غير جيدة إلا أن الحصول عليها سهل.
هنا .. قد يعتقد التفاح الذي في أعلى الشجرة أن هناك شيء ما خطأ فيهن.
والحقيقة هي أنهن في غاية الروعة والكمال.
ببساطة .. يجب أن يكن صبورات ويواصلن انتظار قدوم الرجل الحقيقي،
الرجل الذي لديه الشجاعة الكافية ليتسلق إلى أعلى الشجرة ويحصل عليهن. صاحب الهدف والعزيمة
لا تسقطي.. لتكوني سهلة المنال،
وإذا أحبك شخص ما واحتاج إليك فإنه سيفعل كل شي ليحصل عليك.
فالمرأة خلقت من ضلع الرجل.......
وليس من قدمه لكي تركل........
وليس من رأسه لكي تقوده ........
ولكن من الجانب لكي تكون متساوية له ومن تحت ذراعيه لكي تحصل على الحماية..
وبقرب قلبه لتحصل على الحب .
وأخيرا 
حتى تكوني أكثر طمأنينة أكثري من قول :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شي قدير.
ومن قول : سبحان الله العظيم ,,, وسبحان الله وبحمده  ، 
كلماتان خفيفان على اللسان ثقيلان في الميزان .
ما أجمل هذه الكلمات ومااروعها .....